الكتابة، ابتداءً،عملية ذاتية. إنّها أيضا جهد تراكميٌّ يخضع، إلى حد بعيد، لمؤثرات موضوعية تتصل بالحقل السوسيولوجيّ. ولهذه العملية صفة التركيب. فالظاهر أن الفرد (الكائن الاجتماعي) يحدس بذاتية عالية إذ ينشئ لغة أو خطابا. ويكون نفس هذا الخطاب تعبيرا أو انعكاسا لمجالات واستخدامات لغوية قد تشكلت عبر الجماعات وخلال أمد زمني موغل. إنها استخدامات تتحكّم بالخطاب المفترض، تنوعا أو تفرّدا أو تظهيرا
لا يمكن أن نعزو اختفاء العنف السياسي في الجزائر إلى "المصالحة الوطنية" بقدر ما يأتي كنتيجة لاستراتيجية مكافحة التمرّد التي طُبقت بأساليب وحشية وماكرة كان هدفها كبح جماح المعارضة، وتحديداً الإسلامية، سواء كانت سياسية أم مسلّحة.
يبدي الموريتانيون مخاوفهم من تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب تراجع عالمي في أسعار الحديد والذهب، وهما أبرز أعمدة اقتصاد البلاد. ومع أن موريتانيا تزخر بمقدرات اقتصادية متنوعة، من غاز ونفط وما يكفي لتموين السوق العربي من الثروات السمكية، وأراض خصبة على ضفاف نهر عذب ممتد على سبعمئة كلم، وملايين من رؤوس الأبقار والجمال والأغنام.. إلا أن معاناة أبنائها المتفاقمة منذ عقود صاحبتها معاناة أخرى
عجز نظام السيسي عن تحقيق معظم وعوده للشعب المصري، وأهمها اتخاذ خطوات جادة لتحسين الأوضاع الاقتصادية، وضبط الأسعار، والقضاء على الجماعات الإرهابية المنتشرة في شبه جزيرة سيناء. ولدرء هذه الخيبة، عمل النظام على شن حملة ضد منابع الفساد في الدولة، إقراراً لمبدأي "الشفافية" و"التنافسية" وهما عماد اقتصاد "السوق الحر" الذي ينتهجه. لكن الطابع الإعلامي لمشاهد "محاربة
لطالما تهكم السوريون على بعضٍ من الجيل المولود في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، بإطلاق لقب "جيل الطنطات" عليه. الجيل الذي كان يصعب تمييز ملابس وقصات شعر ذكوره عن صباياه، هو اليوم في طور الاختفاء من سورية. عاش هذا الجيل عقد القرن الحالي الأول في فضاء حرية نسبي. فمع تخفيف القيود الأمنية والانغماس في اقتصاد السوق، بدأ فرز طبقي أدى تدريجياً لتفكك الطبقة الوسطى بنسبة
ظلَّ النظام المصري في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك يقوم بمحاولات مستميتة من أجل إبعاد المواطنين عن السياسة إما بالترهيب أو باستخدام العنف من خلال أجهزته الأمنية، حتى صارت مقولة "إمشي جنب الحيط" التعبير الأبرز عن تلك المرحلة.. وقد شكَّل استفتاء آذار/ مارس2011 لتعديل الدستور، عقب أشهر من الثورة، نقطة فاصلة من خلال مشاركة حوالي 41 في المئة (نحو 45 مليون ناخب)، كما الانتخابات البرلمانية
يسدل الليل ظلامه فوق بيوتات الأحياء الشرقية والغربية، بكل أوجاع أهلها، كأنه يدثّرها بالعتمة، وبغفوة نوم تحلم بها بعد يوم صاخب بالضجيج والعويل والدمار. تصمت أصوات القذائف ولعلعة الرصاص، ويختفي هدير الطائرات الحربية ودويّ البراميل المتفجرة. وكأنّ سماء المدينة تسترجع ألق نجومها، وصفاء ضوء قمرها الذي لا يستثني حياً شرقياً "معارضاً" (الفردوس، الكلاّسة، القصيلة، باب النيرب، الشعّار، كرم
قالت المملكة إن الأمر إنجاز، أن تنتخب النساء وتترشحن، أن تفوز سعوديات في مكة والإحساء والقطيف، ويدخلن العمل البلدي. يتحدث الجميع عن الإنجاز السعودي الذي دخل التاريخ، لكن الإنجاز في الحقيقة هو أن تكون السعودية آخر بلد في العالم سمح للنساء بممارسة حقهن الطبيعي في اختيار ممثلين عنهن. كان يوما عاديا كأي يوم آخر في المملكة، لم يتخلَّ الناسُ عن دينهم، ولم تفقد النساءُ عذريتَهن، صحيح أنهن
سجلت مدينة فاس المغربية تجربة رائدة في استثمار النفايات المنزلية لإنتاج غاز طبيعي وظف في توليد الكهرباء، ليسد ما يقارب 30 في المئة من احتياجات المدينة. وقد أعرب المسؤولون أن الحدث الذي زُف إلينا منذ بضعة شهور كان وليد شراكة بين القطاعين العام والخاص. في الوقت الذي صار فيه التعامل مع النفايات ـ عالمياً ـ يعتمد مبدأ "الاستثمار" فيها وليس فقط عبء التخلص منها، ما زالت أقدام المصريين
باع أحفاد أحد الأعيان الأمّيين الحقل الذي زُرع فيه الشعير لعشرات السنين. تم البيع بثمن جيد بعد أن شقت الحكومة طريقاً بجانب الحقل. في ظرف ستة أشهر بنى مستثمران مدينيان فوق الحقل معصرة زيتون ومزرعة دجاج. صار الفلاح الذي كان يزرع الفول بجوار حقل الشعير بوّاباً للمعصرة وصارت زوجته التي كانت تعجن له بائعة خبز وشاي لزبائن المعصرة الذين ينتظرون دورهم. هكذا صار للرجل وزوجته دخل ثابت غير مرتبط
"الحدود التي رسمت على تلك المرتفعات خاطئة. في الحقيقة إنّها حدود المنطقة التي توجد فيها حقول النفط. الجيولوجيون هم من رسموا تلك الحدود، فجعلوا تركيا تبدأ حيث تنتهي تلك الحدود". سليمان ديميريل (رئيس تركيا للفترة 1993 / 2000) حيث يوجد فراغ، لا بد أن توجد قوة أو عدة قوى تسعى لملئه. نشوء الدول أو تفككها هو قبل كل شيء حدث جيوسياسي. فالدولة (في
لم تعد لبغداد ملامح أثيرة. يَصفن الناس بالصور التي يكشفها تاريخ مدينتهم غير البعيد وهم يخمِّنون أو يؤشِّرون، مرتبكين، إلى هذه السّاحة أو تلك، إلى هذا المَعَلم أو ذاك، بعد أن تغيّر الكثير في العاصمة التي كانت تحلم دولٌ بأن تكون على شاكلتها. هكذا، يفرش أهل بغداد تاريخ مدينتهم. يستعيدون الكلمات التي قالها أناس مشهورون بحقِّها، ويعرف الجَميع أنّها صارت "خرابة كبيرة". لم تحفظ ماضيها
قرار منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) بعدم التطرق لموضوع السقف الإنتاجي، أو، في واقع الأمر "لا ـ قرارها"، في اجتماعها الأخير مطلع الشهر الجاري، وجّه رسالة واضحة للسوق أنّ المنظمة نفضت يدها عملياً من أي محاولة للتأثير، وبالتالي أصبح المجال متاحا للدول الأعضاء أن تنتج ما تشاء وبكل ما يعنيه ذلك من انعكاس على الأسعار التي تراجعت إلى ما دون 40 دولارا للبرميل، وهو أقل مستوى سعري خلال
"على الأحياء تعلّم التعايش مع الماضي ومع الموت، وأن يتعلّموا أبجديّة الحديث مع أشباح الموتى، لكن ليس بالنيابة عنهم أو باسمهم، هذا إن كانوا يرغبون في الوصول إلى ما يقترب من العدالة في المستقبل المستحيل". "أطياف ماركس"، جاك دريدا ثمّة انطباع متّفق عليه ضمنيّاً بتمحور مهمّة المصورين الفوتوغرافيين حول توثيق عالم زائل. فالصور التي نراها
"إحنا بتوع (ننتمي الى) 30 يونيو يا باشا"، قالها موظف خمسيني نصف ريفي موجهاً حديثه لـ "الباشا" - وهو اللقب الشعبي لضباط الشرطة - الذي وقف مع زملائه في حر القاهرة القائظ حائلا دون تظاهر الموظفين ضد قانون الخدمة المدنية الجديد الذي ينظم توظف العاملين في جهاز الدولة. حملت عبارة الموظف استنكاراً حقيقياً مبطناً بدهشةٍ من تصدي ممثلي الدولة لتظاهرة حفنة من مؤيدي الدولة نفسها
الرقيب للصحافي: شوف يا ابني، لا تقل لي فلان قال وعلان قال. ليس لك مصدر للأخبار إلا أنا. انظر إليّ جيداً. وعندما أخبرك بما أرى فعليك أن تعرف أن هذه هي الحقيقة. يا ابني انظر إليّ أكثر قليلاً. وعندما أقول لك إننا قبضنا على عدد كذا من الإرهابيين فعليك أن تكتب أننا قبضنا على عدد كذا من الإرهابيين. وعندما أقول مات من عندنا كذا من الجنود، فهؤلاء هم من ماتوا،...
لعلَّ قدر الشّعوب المضطهَدة أن تخشى على ماضيها. لعلّها الغريزة الوقائية في داخلنا، أو لعلّ الأمر متعلّقٌ بي بكلّ ببساطة، لا أعلم. لكني كلما لوّن السياسيون آفاقاً جديدة لشعبي، خشيتُ على الماضي أكثر من خشيتي على المستقبل. وفي مناسبات تذكارية مثل يوم الأرض، يتضخم هذا الخوف، فأسأل نفسي، إذا ما حلّ السلام يوماً بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ما الذي سيحدث لماضينا؟ ما الذي سيعنيه الاحتفال
الانتخابات الأخيرة للكنيست العشرين وضعت من جديد التمثيل السياسي للفلسطينيين في الداخل بين فأس ليبرمان ومنظار سلاح هرتسوغ. أما رئيس الحكومة فلا يبدو في الأفق أنّه ينوي التنازل عن ورقته الرابحة: التحريض على المواطنين العرب. قدّمت الانتخابات الإسرائيليّة للكنيست العشرين مسلسلاً سياسيًا لا تنقصه الدراما: مناورات إعلاميّة، تحوّلات سياسيّة، ومفاجآت عديدة انتهت إلى تفوّق حزب الليكود،
دعوة تجنيد الفتيات في الجيش المصري واحدة من القضايا التي أخذت مؤخرا حيزا واسعا من الجدل المجتمعي ومن التركيز الإعلامي، فضلا عن مواقع التواصل الاجتماعي، جنبا إلى جنب مع الحديث عن برامج تتناول الشذوذ والجن والعفاريت و"مقهى الملحدين"، في ما يبدو كمحاولة لصياغة أجندة اهتمامات جديدة للمجتمع، بعيدا عن الهم السياسي الذي كان يستحوذ على الأولوية المتقدمة منذ انتفاضة 25 يناير، ولحرف الأنظار عن
يكاد لا يخلو أسبوع من دون أن تتصدر وسائل الإعلام الأردني مانشيتات صادمة عن جرائم قتل فظيعة ومرعبة، يتحول بعضها لقضايا رأي عام إما لبشاعة القضية أو لجهد أهالي الضحايا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو لتطفّل الإعلام الراغب في تحقيق سبق صحافي في ظل وجود متابعين كثر لقصص القتل والجرائم. تتابع هذه الجرائم وانتشار أخبارها ظهّر في الآونة الأخيرة دعوات ملحة لإنفاذ عقوبة الإعدام وتفعيلها بعد تجميدها
المزيد