العِزّة بالإثم

كانت أشهر قليلة من الحرب الدائرة في اليمن كافية لإلحاق دمار هائل بالبلاد. المشهد سوريالي، فهناك 20 مليون يمني من أصل الـ26 ونيّف هم السكان كلهم، أي أربعة أخماسهم، واقعون في عوز غذائي ومائي جدّي وخطير (لو تركنا جانباً الصحة والتعليم)، ولا يمكنهم تدبُّر أمورهم من دون وصول مساعدات عاجلة إليهم، و6 ملايين أصبحوا مهدَّدين بالمجاعة والأوبئة القاتلة، و2 مليون تمّ تهجيرهم من منازلهم، و6 آلاف قتيل و26
2015-12-17

نهلة الشهال

أستاذة وباحثة في علم الاجتماع السياسي، رئيسة تحرير "السفير العربي"


شارك
أديب فتّال - سوريا "اليمن في أحلامي"

كانت أشهر قليلة من الحرب الدائرة في اليمن كافية لإلحاق دمار هائل بالبلاد. المشهد سوريالي، فهناك 20 مليون يمني من أصل الـ26 ونيّف هم السكان كلهم، أي أربعة أخماسهم، واقعون في عوز غذائي ومائي جدّي وخطير (لو تركنا جانباً الصحة والتعليم)، ولا يمكنهم تدبُّر أمورهم من دون وصول مساعدات عاجلة إليهم، و6 ملايين أصبحوا مهدَّدين بالمجاعة والأوبئة القاتلة، و2 مليون تمّ تهجيرهم من منازلهم، و6 آلاف قتيل و26 ألف جريح. وهناك خراب لحق بالعمران، وبعضه من أعجوبات العالم وضارب في التاريخ وقيمته لا تُعوَّض. البلد فقير جداً أصلاً، ومترامي الأطراف، وموضع أطماع إقليمية لأسباب عدة منها وَهَنه، ومنها توسطه مكاناً جيو استراتيجياً خطيراً، أو بنيته وإمكاناته إلخ..، وهو مختَرَق بصراعات مناطقية وقبلية ومذهبية شتى وصلت إلى حد الحروب المتكررة جنوباً وشمالاً، وإلى تبني "القاعدة" من قبل مجموعات من أبنائه متنوعة النوازع والأسباب، وينتشر فيه السلاح تقليدياً فتتجاوز أعداد البنادق بأضعاف أعداد كل السكان، وقد حكَمه مستبدّ فاسدٌ وبطانته لعقود متوالية.. في ضوء كل هذا ستصعب لملمة أحواله لو استقرت حالة الاقتتال وأمعن كل طرف في المراهنة على قدرته على حسم الموقف لمصلحته ــ وهو ما يعرف كل عاقل أنه مستحيل، مهما بلغ حجم القصف والكرّ والفرّ في المعارك، ومهما أخذت الجميع العزة بالإثم.
مفاوضات عُمان منذ أشهر قليلة، ثم المفاوضات الحالية في مدينة بال السويسرية، وقبلهما مفاوضات جنيف، قد لا تكفي للتوصل إلى اتفاق سياسي بعد كل الخراب والقتل والثارات والتشنّجات. وتجارب الحروب الأهلية التي غالباً ما تُحتضن إقليمياً تؤكد ذلك، وقد وقع بين جولة مسقط والجولة الحالية من المفاوضات عنف مضاعَف. ولكن، وعلى الرغم من ذلك، فلا موقفَ جديرٌ سوى ذاك الذي يدعو إلى إنجاح المفاوضات والخروج بأسرع وقت ممكن من الحرب والعنف المسلّح، والمباشرة بما تسمّيه الأمم المتحدة، راعية الدورة الحالية "إجراءات بناء الثقة، أي احترام وقف النار وإطلاق المعتقلين لدى الطرفين وفتح الممرات الآمنة للمساعدات الإنسانية". وهذه الأخيرة ينتظرها اليمنيون على أحرّ من الجمر، وقد أعلنت أحجامها، وأماكن انطلاق قوافلها البرية والبحرية خلال أيام، عسى ذلك يشجّع المتفاوضين.. أو يُحرجهم.

للكاتب نفسه

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...