يبدو أن وصف توفيق عكاشة بـ"مفجر الثورة" به جانب من الصواب، فالرجل الذي وقف في وجه رئيس مجلس النواب وصارحه بخطأ ترؤسه للبرلمان، قبل أن يقبّل رأسه أمام جميع النواب في مشهد معتاد لشخص مثير للسخرية، لا يعنيه من أمره سوى لفت الأنظار له ولقناته، مهما كلفه ذلك من ترسيخ صورة له عند عموم المواطنين كمهرج أو سفيه، لا يُعتد بكلامه مهما كان فحواه. وهو نجح من جديد في جذب...
كدت أتسبب بحادث إطلاق نار على جادة "الشانزليزيه" يودي بحياتي. فسيارة الفولسفاكن البرتقالية التي كان يقتنيها الأستاذ عبد الرحمن منيف في بيروت في السبعينات تمر أمامي ولا تتوقف.. برد ورياح عاتية تكاد تقطع الأشجار، وعيناي تحدقان في المفرق الذي يهل منه الباص. وفجأة ومع سيل السيارات القادم على وسع الشارع العريض، تبرز السيارة الزاهية مسرعة. "عمي أبو عوف.. عمي أبو عوف.."
أين البديل؟ كان أحد الأسئلة المركزية للضغط على ثوار يناير وترسيخ العجز والعوار في قدرة الثورة على تحقيق شعارتها وما طرحت من أحلام. إلا أن المشكلة لم تكن في وجود نخبة عاجزة عن طرح بديل، بل في وجود نخبة عاجزة عن خوض صراع حقيقي وعنيف حول السلطة وأسئلتها المختلفة. ولعل أبرز مثال على ذلك هو الشكل الهش من القيادة الذي جسده البرادعي. فقد أتيحت للرجل كل المقومات المطلوبة لخوض صراع...
"تحت قدميّ القوانين الوضعية"، شعار كتبته دولة داعش على أحد البوسترات في مناطق سيطرتها ويظهر الى جانبه مقطع نصفي لجسد مقاتل يحمل بندقيته ويضع قدمه اليمنى فوق مجموعة من الكتب. بهذا التجسيد الرمزي لعقيدته، فإن تنظيم داعش يغالي في التعبير عن الفكرة السائدة لدى معظم الحركات الاسلامية، على اختلاف مرجعياتها المذهبية، بضرورة أن يسود شكل من أشكال القانون الإسلامي في المجتمع ذي الغالبية
يعيش الناس في "فراغات" أو فضاءات عامة وخاصة، تعكس حالهم كما يؤثرون فيها بما يفعلونه من نشاطات كل يوم. يصنع كل منهما الآخر، ويُغير في الآخر ويتأثر بالآخر. ومع مرور الوقت وتغيير النشاطات يتغير شكل الفراغات. وفي مصر، ومع ثورة يناير 2011 واحتلال الناس الفضاء العام، تحدث الكثيرون عن استعادة الناس له بما يناسب رغباتهم ونشاطاتهم وحركاتهم، سواء الاحتجاجية أو العامة. وبعد مرور خمس سنوات على
شقة في عمارة حديثة تفوق مساحتها ثمانين مترا، جدران قليلة وغير سميكة، إدارة حكيمة للمكان، نوافذ كبيرة جداً، خضرة بلاستيكية أبدية، مرايا كثيرة للاطمئنان على المظهر. تعدد المصابيح حتى لو كانت لا تستخدم كلها. في هذا الفضاء المنزلي الجديد حيث تقطن طبقة متوسطة تم إخفاء الأحذية تماماً عن الأنظار. سيدة البيت تنظم كل شيء حسب ذوقها في غياب تام للحماة. في هذا الفضاء يُربّى الأطفال دون جدات. لقد
تسود بلدان الخليج العربية منذ أكثر من سنة أجواء قلق وخوف على المستقبل جراء الانخفاض المستمر لسعر النفط. ولا يجد المواطن في ما يوفره له الإعلام المحلي، ولا في تصريحات المسؤولين الحكوميين، ما يخفف القلق والخوف. فمتابعة وسائل الإعلام الخليجية لتفاصيل تقلبات سوق النفط تترافق مع تحذيرات عن الآثار السلبية المتوقعة على ميزانية الدولة، بما فيها اضطرارها للاستدانة وتخفيض إنفاقها. تَخلُص تلك التحذيرات،
منذ أواسط العام 2015، تَشبَّه العراقيون بمضاربي البورصات. وضع أغلبهم تطبيقات الوكالات الإخبارية على هواتفهم المحمولة وأخذوا يتلقّون الأخبار العاجلة عن تذبذب أسعار النفط وحجم المتبقّي من الاحتياطي النقدي، وأزمة مرتبات الموظفين في مؤسسات الحكومة. يضع العراقيون سلّة الأزمات المالية هذه على طاولاتهم ويحلّلونها كأنهم خبراء مَهَرة. لم يعد مستغرباً، والحال هذه، أن تسمع مجموعة من الشبان يتناقشون بصوتٍ
الاستماع إلى باقي المقابلات في
تستيقظ مع أولى شذرات الغبش، وبكثير من الحب والحرص تمد يد العون لحبوبتها (اسم الجدة عند العراقيين) وهي تعد الريوق (الفطور) للجهّال (للصغار). القيمر(القشطة) الطازج يغلي على نار حانية في الجدر (القدر)، الكاهي (نوع من المعجنات العراقية) يَشرب الشيرة (القطر) بتأن، واستكانة الشاي المشبعة بالسكر تنفث لهيب حرارتها. يجتمع أهل البيت على السماط المفروش في الحوش تحت أفياء شجرة السدرة، وتتنافس الأيادي على
تختصر تلك العبارة الساخرة التي كتبت على جدار إحدى المدن الضفاوية، وانتشرت منذ سنتين على فيسبوك، معضلة ارتفاع معدلات البطالة في فلسطين، وانعدام فرص العمل للمتخرجين. في الطرف الآخر من هذه الصورة، تكرر المؤسسات الدولية غير الحكومية، وكذلك الأهلية، والسلطة الفلسطينية، أنّه يجب التركيز على الشباب في التعليم والعمل اللائق. وهذا "وفاء" لخطاب تنموي عالمي. في العام 2009، طورت وزارتا
التنمية، التعزيز، رفع المستوى، تحسين الظروف والانعكاس الايجابي.. هي مصطلحات تكاد لا تتوقف عن الخروج من أفواه المسؤولين الأردنيين بشكل متواصل، واعدين بإشهار سيوفهم في وجه الفقر والجوع والتهميش، باعثين الآمال في قلوب الشعب باقتراب الرفاه المنشود والحياة الرغيدة مع كل خطة تنموية تقدمها الحكومات. لكن واقع الحال يشير إلى أن الأوضاع تسير باتجاهٍ معاكسٍ لكل تلك الخطط، وبتسارع مثير للقلق. أشكال
لم تمر أحداث ربيع العرب على الإنسان الذي يعيش في دول الخليج العربية مروراً عابراً. بل أحدثت فيه، وحوله، ومعه، تغييراً جذرياً في طرق تفكيره ورؤيته لذاته ولكل ما يُحيط به من منظومات سائدة وأفكار متسيدة. وإن بدا هذا الربيع للكثيرين حائراً، مرتاباً، ومتردداً، إلا أن مسار الأحداث التي أعقبت تلك اللحظة العربية التاريخية الفارقة يُنبئ بتحولات مستقبلية لافتة على مستوى الإنسان والدولة والمجتمع.
إبان اندلاع الثورة، ساهم أعضاء "اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل"، جنباً إلى جنب مع النقابيين في تنسيق مختلف التحركات. وبعد تنحي بن علي، بادر هذا الاتحاد إلى تنظيم العديد من التحركات للمطالبة بالحق في العمل وبتحقيق التنمية الجهوية. وكان "الإتحاد العام التونسي للشغل" يقدم له بشكل دائم الدعم اللوجستي والسياسي. هذا التعاون بين النقابيين والمعطلين عن العمل يعود إلى حقبة
دون مقدمات، أثار ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي، موضوع المرتبات التقاعدية للبرلمانيين وأعضاء مجالس المحافظات، وما تقضمه من ميزانية العراق كل عام. قام الائتلاف في 18 حزيران/يونيو بعقد مؤتمر صحافي تحت قبة البرلمان داعياً إلى إلغاء هذه المرتبات التي تقدّر بحوالي 80 مليون دولار سنوياً من ميزانية الدولة العراقية، قابلة لزيادات كبيرة بعد انقضاء كل دورة برلمانية أو
تميزت الحملة الانتخابية الرئاسية الأخيرة بين باراك أوباما وميت رومني بخاصية أساسية لم تشهدها المنافسات المماثلة لأكثر من أربعة عقود من الزمان. فقد جرى تركيز المقترحات في ما يخص قضية الطاقة على كيفية استخدام الموارد المتوفرة، لا على تلك المتناقصة التي كانت تسحب النقاش الى مسائل أكثر حساسية، مثل تحقيق استقلالية الولايات المتحدة عن النفط الأجنبي المستورد.فمنذ الحظر العربي النفطي الشهير في
دخل الأستاذ قاعة الدرس فوجد رسماً على السبورة. يكتشف تشابهاً بينه وبين الرسم. نظارات كبيرة وشعيرات قليلة في مناطق متباعدة من الرأس...هكذا يصدمنا غلاف سيرة "يوميات أستاذ خصوصي" للكاتب الشاب ميمون أم العيد. وقد طبع السيرة على حسابه في بداية 2012.يحكي أم العيد عن معاناة مدرس في التعليم الخاص. فبداية يطلب من المرشح العمل ستة أشهر أو سنة مجاناً من باب التجريب، ويعيّن شفوياً، ليس لديه عقدة عمل