السودان: كيف فرّخت الحرب نماذج جديدة من المليشيات

يحصد السودانيون الآن سياسات "التمليش"(تحفيز الميليشيات)، وفق نموذج "قوات الدعم السريع"، الذي أورد البلاد إلى الهلاك. هذا الوضع الشائك، يثير المخاوف من مصير هذه المجموعات، بل ومصير البلاد ككل.
2024-12-12

شمائل النور

كاتبة صحافية من السودان


شارك
أعضاء في مجموعة "غاضبون بلا حدود"، السودان

فجّر حديث لرجل الدين السوداني البارز، "عبد الحي يوسف"، جدلاً واسعاً حينما شنَّ هجوماً نادراً ضد قائد الجيش، "عبد الفتاح البرهان"، ونسَب كل الانتصارات الأخيرة إلى من أطلق عليهم "المجاهدين"، إذ قال إن التقدم الميداني الأخير يعود الفضل فيه إليهم وليس إلى الجيش. هكذا لفظاً صريحاً. ومضى أكثر من ذلك، عندما قال إن المقاومة الشعبية المسلحة يقوم على قيادتها "المجاهدون"، وهم منتسبو التيار الإسلامي، ليعيد بحديثه هذا الجدل القديم المتجدد حول ما إذا كانت الحركة الإسلامية، والنظام السابق، طرفاً رئيسياً في هذه الحرب أم هي مجرد مسانِدة فقط.

ويبدو أن حديثه عن نسبة الانتصارات إلى المقاتلين الإسلاميين، قد أحدث سخطاً وسط الجنود والضباط، مما اضطرّ "البرهان" للرد على "عبد الحي" علناً وبغضب غير معهود، حيث وصفه بالتكفيري والضَلالي.

وقبل حديث "عبد الحي" بأسابيع، كان أحد قادة "حزب المؤتمر الوطني" المحلول، من الذين ظهروا متحدثين باسم الحزب بعد الإطاحة بنظام "البشير"، يشير صراحة إلى ما ذهب إليه "عبد الحي"، إذ قال وقتها بما معناه إن جنود "هيئة العمليات" التابعة لجهاز الأمن والمجاهدين هم الذين حرروا مدينة "أم درمان" منذ الأيام الأولى للحرب. و"أم درمان" وهي واحدة من مدن العاصمة الثلاث، تمكنت فعلاً من النجاة من نيران الحرب إلى درجة كبيرة.

تصدرت التيارات الإسلامية المقاومة المسلحة، وانخرطت مجموعات عديدة منها في القتال، لتتحول هذه المجموعات إلى كتلة عسكرية مسانِدة للجيش. فتحت اسم "كتيبة البراء بن مالك" ينشط المقاتلون الإسلاميون في عدد من جبهات القتال، وتقدّر التقارير أعدادهم بـ 2500 مقاتلٍ، وهي تنشط كذلك وسط تشكيلات "المقاومة الشعبية". وقد أظهر تقرير يخص الأداء التنظيمي، تأثيراً كبيراً للحركة الإسلامية على "المقاومة الشعبية"، تنظيمياً وكدعم مالي.

قد يقول قائل إن هذه الأحاديث ماهي إلا محاولة باكرة لحصد ثمار الحرب لصالح التيارات الإسلامية التي يتزعمها قادة نظام "البشير"، فإذا ما وضعت الحرب أوزارها، وبلغ المتحاربون مرحلة قسمة السلطة، ستضع هذه التيارات الإسلامية فاتورتها على الطاولة كي تصرفها مكاسب سلطوية. وهذا قد يكون طبيعياً في إطار لعبة السياسة السودانية، وجرى الأمر بشكل مماثل مع حركات "دارفور" التي تقاتل مع الجيش.

غير أن هذه الأحاديث أيقظت تلك الأسئلة المقلقة عن مصير التشكيلات والمجموعات المتعددة التي تقاتل مع الجيش، وهي ليست فقط تلك المجموعات ذات التوجه والولاء الإسلامي، المرتبطة بالنظام السابق، والتي اتخذت موقفاً صارخاً ضد "ثورة ديسمبر" في 2018 التي اسقطت حكم "البشير". فبجانب هذه، تقاتل مع الجيش عدة تشكيلات مختلفة التوجهات السياسية والعقائدية والمناطقية، بل أن بعضها تشكّل ذاتياً، تحت دوافع الحماية بشكل وقائي، تحسباً لهجمات "قوات الدعم السريع".

تشكيلات منظّمة حديثاً

منذ إعلان الجيش عن التعبئة العامة في أيار/ مايو 2023، لم تتوقف حملات تجييش المواطنين تحت لافتة المقاومة الشعبية، وحثهم على حمل السلاح للقتال مع الجيش. وما أن بدأت "قوات الدعم السريع" التي يقودها "حميدتي"، حملاتها الفتاكة ضد المدنيين، حتى وجد كثير من الناس في حمل السلاح واجباً، إن كان للقتال بجانب الجيش أو للدفاع عن أنفسهم. ومنذ ذلك الوقت، تصدرت التيارات الإسلامية المقاومة المسلحة، وانخرطت مجموعات عديدة منها في القتال، لتتحول هذه المجموعات إلى كتلة عسكرية مسانِدة للجيش. فتحت اسم "كتيبة البراء بن مالك" ينشط المقاتلون الإسلاميون في عدد من جبهات القتال، وتقدّر التقارير أعدادهم بـ 2500 مقاتلٍ، وهي تنشط كذلك وسط تشكيلات "المقاومة الشعبية". وقد أظهر تقرير يخص الأداء التنظيمي، تأثيراً كبيراً للحركة الإسلامية على "المقاومة الشعبية"، تنظيمياً وكدعم مالي.

ويبدو أن الجيش، وفي إطار الموازنات، وتخفيف الحمولة الإسلامية، قد استطاع استقطاب مجموعات من شباب "لجان مقاومة ثورة ديسمبر"، حيث أعلنت مجموعة معروفة، تسمي نفسها "غاضبون بلا حدود"، عن انحيازها إلى الجيش منذ الشهور الأولى، وانخرطت في القتال إلى جانبه. وهي مجموعة ثورية، تبنت الخط الجذري منذ إعلان الحكومة الانتقالية بعد سقوط "البشير"، وكانت تعارض حكومة "حمدوك"، وتعتبرها مهادنة للعسكريين وغير راغبة في محاسبة قتلة المتظاهرين. وكانت هذه المجموعات تتخذ موقفاً عنيفاً ضد القوى السياسية، وتورطت في تخريب عدد من الندوات السياسية وفضّها، وبدأت في الشهور الأخيرة انتهاج العنف في المواكب والمظاهرات السلمية بالاندفاع لمواجهة رجال الشرطة بالغاز المسيل للدموع. ووقتذاك كان كثيرون يتساءلون عن مصدر حصولهم على عبوات الغاز. صحيح أنها مجموعة محدودة، لكنها استقطبت خلال فترة الحرب أعداداً كبيرة من شباب الأحياء والناشطين في "لجان المقاومة"، وتقدر التقارير أعدادهم بـ 2000 مقاتلٍ.

وعقب انسلاخ "أبو عاقلة كيكل" قائد "قوات الدعم السريع" في " ولاية الجزيرة"، وانضمامه إلى الجيش، أعادت قواته تنظيمها، وانخرطت في القتال مع الجيش لاسترداد الولاية تحت اسم "قوات درع السودان". وهذه تقدر أعدادها بحوالي 2000 مقاتلٍ. وهي، حينما كانت تقاتل بجانب "قوات الدعم السريع"، كانت تحمل طابعاً قبلياً، يعبِّر عن مناطق بعينها في ولاية "الجزيرة".

المقاومة الشعبية المسلحة

تحت لافتة "المستنفرين" و"المقاومة الشعبية المسلحة" التي تفاوتت الاستجابة لها من منطقة إلى أخرى، تشكلت مجموعات مختلفة ذات طبيعة مناطقية. ويمكن القول إن سقوط "ولاية الجزيرة" المدوِّي بعد انسحاب الجيش منها في كانون الأول/ ديسمبر 2023، كان نقطة تحول كبيرة في الاستجابة للتسليح الشعبي، بعدما صارت الثقة في الجيش مهزوزة، أو شبه منعدمة، وانخرطت الولايات الآمنة في خطط وقائية، ضد أيّة هجمات محتملة لـ"قوات الدعم السريع"، التي انتشرت بشكل مذهل في غضون شهور.

يبدو أن الجيش، وفي إطار الموازنات، وتخفيف الحَمولة الإسلامية، قد استطاع استقطاب مجموعات من شباب "لجان مقاومة ثورة ديسمبر"، حيث أعلنت مجموعة معروفة، تسمي نفسها "غاضبون بلا حدود"، عن انحيازها إلى الجيش منذ الشهور الأولى، وانخرطت في القتال إلى جانبه. وهي مجموعة ثورية تبنت الخط الجذري منذ إعلان الحكومة الانتقالية بعد سقوط "البشير"، وكانت تعارض حكومة "حمدوك"، وتعتبرها مهادِنة للعسكريين، وغير راغبة في محاسبة قتلة المتظاهرين.

لا تزال الحركات المسلحة الرئيسية مستقلة. وهي تشكلت على أساس إثني ومناطقي، وكانت تقاتل ضد نظام "البشير"، ووقعت اتفاقية سلام مع الحكومة الانتقالية أيضاً. فترتيباتها الأمنية، المبنية على اتفاقيات الدمج والتسريح، لم تكتمل. وقد ظلت تتبادل الاتهامات مع الجيش: كل طرف يتهم الآخر بأنه يُماطل في إنجاز ملف الترتيبات الأمنية... إلى أن انفجرت الحرب.

ولما كان الجيش منذ الأيام الأولى قد أدار ظهره للمواطنين، وأغلق وحداته عليه، وجد الناس في دعوات التسليح الشعبي ملاذاً، لعله يقيهم شرور ما حدث لسكان قرى "الجزيرة"، الذين ارتكبت فيهم "قوات الدعم السريع" أفظع الجرائم والانتهاكات.

وأعداد المنتسبين إلى المقاومة الشعبية غير دقيقة، لأنها قائمة على التطوع، ولا يبدو أن الجيش صاحب يد عليا عليها. لكن بياناته تشير إلى توزيع 200 ألف قطعة سلاح على مستوى ولايات البلاد، ويغلب على تمويلها الجهد الشعبي.

ومما يدعو إلى الاستغراب أن شكاوي المقاومة الشعبية من مماطلة الجيش في تسليحها لا تتوقف، وهو ما دفع بعض المناطق إلى حشد الدعم الأهلي، وشراء السلاح، وترتيب أوضاعها بمعزل عن الجيش. وحتى الولايات التي يُتهم الجيش بأنه قام بتحصينها جيداً على حساب ولايات أخرى، فإنها اعتمدت على الدعم الأهلي وقامت بشراء السلاح بعيداً عن الجيش. صحيح، ربما يكون الجيش قد ركز على مناطق بعينها وفقاً لتقديراته، واكتفى مثلاً بالتزويد بالذخيرة، لكن شراء وامتلاك السلاح بعيداً عن سيطرة الجيش لا شك في أنه يضع البذرة الأولى في طريق الفوضى، ولن يكون من اليسير أن يطالبهم الجيش بتسليم السلاح حال انتهت الحرب... باختصار لأنه لا يملك هذا الحق، وللجيش تجارب قاسية في نزع السلاح من المليشيات في حرب "دارفور".

ويبدو أن ملامح هذا الأمر قد بدأت تتشكل.  قبل فترة قصيرة وفي منطقة "الباوقة" بولاية "نهر النيل" شمال "الخرطوم"، فوجئ الناس هناك بتبادل إطلاق نار كثيف، وظنوا وقتها أن "قوات الدعم السريع" قد وصلت إلى هذه المناطق، ليتضح أن إطلاق النار وقع بين قوات الجيش مع أحد المنشقين عن "المقاومة الشعبية"، حيث تحصّن مع مجموعته، ودخل في مواجهة مع الجيش والقوات النظامية. وفي نهاية الأمر فرّ، ولم تتمكن القوات من القبض عليه، وصار "متهم هارب".

تضاربت الروايات حول انشقاقه، البعض يقول إنه رافض لهيمنة الإسلاميين على قيادة "المقاومة الشعبية"، بينما يقول البعض إنه رافض لوجود الوافدين من الولايات الأخرى، الذين يعملون في مناطق التعدين الأهلي للذهب. ويتبنى قائد هذه المجموعة قضايا التنمية في منطقته، ولديه أتباع وقبول شعبي.

"عبد الله جنا" قائد عمليات القوة المشتركة
"ود أحمد" قائد فصيل منشق من المقاومة الشعبية
"المصباح أبو زيد" قائد كتيبة البراء بن مالك

أما في "شمال السودان"، فتتصاعد الشكاوي والتهديدات العلنية في مواقع التواصل الاجتماعي من تفلتات لا تنقطع من مجموعة مسلحة عُرفت بـ "أولاد قمري". راج هذا الاسم بشكل واسع بعد الحرب ضمن فوضى السلاح التي انتشرت في عدة مناطق من البلاد، وتقول المعلومات إن هذه المجموعة ظهرت بعد سقوط نظام "البشير" وهي ذات نشاط عصاباتي، وكانت مرتبطة بأحد قادة المليشيات العربية، الذي انضم رسمياً إلى "قوات الدعم السريع" بعد الحرب، وتنشط في التهريب، وتجارة السلاح في المناطق الواقعة بين حدود "ليبيا" مع "الولاية الشمالية"، وترتبط بشكل ظاهر بالاستخبارات العسكرية التابعة للجيش. وتربط المجموعة أواصر أسرية، وهي دخلت في اشتباكات ومواجهات مع القوات النظامية وأطلقت بقوة السلاح سراح عدد من منتسبيها، المحبوسين على ذمة قضايا. وهو السلوك نفسه، الذي انتهجته "قوات الدعم السريع"، في "الخرطوم" مع منتسبيها، سواء كانوا مُدانين أو متهمين.

الحركات المسلحة الرئيسية ومليشياتها

أما الحركات المسلحة الرئيسية، التي تشكلت على أساس إثني ومناطقي - وكانت تقاتل ضد نظام "البشير"، ووقعت اتفاقية سلام مع الحكومة الانتقالية أيضاً - فلا تزال مستقلة، لأن ترتيباتها الأمنية المبنية على اتفاقيات الدمج والتسريح لم تكتمل. وقد ظلت تتبادل الاتهامات مع الجيش: كل طرف يتهم الآخر بأنه يماطل في إنجاز ملف الترتيبات الأمنية... إلى أن انفجرت الحرب.

وهذه بالأساس حركات "دارفور" الرئيسية، التي تنخرط الآن تحت تحالف "القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح"، واتخذت موقف الحياد عند تفجر الحرب، لكنها اختارت الانحياز إلى جانب الجيش حينما سيطرت "قوات الدعم السريع" على كامل "إقليم دارفور" باستثناء عاصمته، "الفاشر"، التي تقبع تحت الحصار والاشتباك منذ أيار/ مايو الماضي.

في شمال السودان، تتصاعد الشكاوي والتهديدات العلنية، في مواقع التواصل الاجتماعي، من تفلتات لا تنقطع من مجموعة مسلحة عُرفت بـ "أولاد قمري". راج هذا الاسم بشكل واسع بعد اندلاع الحرب، ضمن فوضى السلاح، التي انتشرت في عدة مناطق من البلاد، وتقول المعلومات إن هذه المجموعة ذات نشاط عصاباتي، وتنشط في التهريب، وتجارة السلاح في المناطق الواقعة بين حدود "ليبيا" مع "الولاية الشمالية".

في "شرق السودان"، أُحصي وجود 8 مليشيات مُعلن عنها. وكانت مجموعات قبلية قد تلقت تدريبات في معسكرات داخل "أريتريا"، التي تخشى انفجار الشرق. والتأثير الأريتري في "شرق السودان" لا يُخفى على أحد، والأمر هناك ليس حديث العهد. فقد حملت مجموعات في "شرق السودان" السلاح ضد الحكومة المركزية باكراً، تحت دعوات إنهاء التهميش. والمشهد في "الشرق" يحاكي "دارفور" تماماً، مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف الجغرافيا.

والوضع في "دارفور، يختلف عن "الخرطوم" و"الجزيرة"، إذ يُنظر للحرب هناك على أنها ذات طابع إثني بين القبائل العربية والقبائل ذات الأصول الزنجية، وهي حرب بقاء قديمة متجددة، ويجري التحشيد والاستجابة للمقاومة الشعبية هناك على أساس إثني. 

وعلى الرغم من أن "القوة المشتركة" قد تحالفت مع الجيش، إلا أن الوضع على الأرض يشير إلى درجة من الاستقلالية العسكرية العملياتية لـ"القوة المشتركة"، وتعتبر صاحبة اليد العليا في قتال "قوات الدعم السريع" هناك. وتقدر أعداد مقاتليها بـ 60 ألف مقاتل، وهي 4 حركات رئيسية، واستطاعت أن تحشد عدداً من المليشيات والتشكيلات إلى جانبها. وقدّرت تقارير صحافية وجود 3 مجموعات رئيسية تقاتل بجانب "القوة المشتركة"، وقد تشكّلت حديثاً بعد الإعلان عن حرب "الفاشر" تحت لافتة "المقاومة الشعبية". ويبدو واضحاً أن "القوة المشتركة" قادرة على تحمُّل تكاليف الحرب، مستفيدة من سنوات القتال في "ليبيا"، التي وفرت لها مصادر تمويل رئيسية. وتقاتل "القوة المشتركة" أيضاً في عدة محاور مع الجيش في وسط البلاد، "الجزيرة" وشمال "الخرطوم"، لكنها تتمركز بشكل رئيسي في "الفاشر" والطريق الممتد إلى شمال "السودان" من الناحية الغربية.

أما في "شرق السودان"، فقد أحصت تقارير صحافية وجود 8 مليشيات مُعلن عنها، وكانت مجموعات قبلية قد تلقت تدريبات في معسكرات داخل "أريتريا" التي تخشى انفجار الشرق، وتتحسب لذلك أيضاً. والتأثير الأريتري على "شرق السودان" لا يُخفى على أحد، والأمر هناك ليس حديث العهد. فقد حملت مجموعات في "شرق السودان" السلاح ضد الحكومة المركزية باكراً تحت دعوات إنهاء التهميش. المشهد في "الشرق" يحاكي "دارفور" تماماً مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف الجغرافيا.

يضع شراء وامتلاك السلاح، بعيداً عن سيطرة الجيش، البذرة الأولى في طريق الفوضى، ولن يكون من اليسير أن يطالب الجيش بتسليم السلاح حال انتهت الحرب... باختصار لأنه لا يملك هذا الحق! وللجيش تجارب قاسية في نزع السلاح من المليشيات، في حرب "دارفور". ويبدو أن ملامح هذا الأمر قد بدأت تتشكل.

هذا الوضع الشائك قادر على إثارة المخاوف من مصير هذه المجموعات بل مصير البلاد ككل، وهي مخاوف تبدو منطقية جداً، إذ يحصد السودانيون الآن سياسات "التمليش"(تحفيز الميليشيات)، وفق نموذج "قوات الدعم السريع"، الذي أورد البلاد إلى الهلاك.

غير أن الذي يدعو إلى القلق هو انقسام قادة الجيش إزاء "المقاومة الشعبية". ففي آذار/ مارس الماضي حذر نائب قائد الجيش، "شمس الدين كباشي"، من خطر قادم تحت اسم "المقاومة الشعبية"، لكن سرعان ما رد عليه مساعد قائد الجيش، "ياسر العطا"، مُرحباً بكل المقاتلين في صفوف الجيش. ولا يزال قائد الجيش، "عبد الفتاح البرهان"، يدعو المواطنين إلى حمل السلاح من دون أن يعطي هذا الأمر أهميته القصوى من التنظيم والضبط والسيطرة.

مقالات من السودان

للكاتب نفسه