الموت في كلّ درب من دروب قطاع غزّة، والطائرات الحربية الإسرائيلية في كلّ شبر من سمائها. لم يبق سلاح مدمِّر لم يستخدم ضد السكان، ورائحة الموت تنتشر بين الأحياء والأزقة. وفي غزّة، إنْ لم تمتْ شهيداً بقصف الطائرات الحربية، فستموت جوعاً من حصار إسرائيل لك.
تمر الأيّام منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الفائت عام 2023، تتلوها الأيام. حرب مجنونة تلتهم كلَّ شيء أمامها: حجراً، وشجراً وبشراً. لكن كيف كانت غزَّة قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر؟ كان الحصار يطوق أرجاءها، والتجويع - على الصورة الديمقراطية! – كان حاضراً. وكان الاحتلال الإسرائيلي يضاعف من تضييقه على سكان القطاع، من خلال الحصار البحري، الذي أعدم الثروة الحيوانية في بحر غزَّة، وبرياً سيطر على كافة المعابر التجارية، وتحكم بها كما يريد.
إسرائيل لم تبدأ حرباً جديدة، بل استكملت ـ بصورة علنية ـ مشروع الموت ضد السكان. فبعد عدّة أيام من بدء هذه الحرب، راحت تهدد بالغزو البري لمناطق قطاع غزة شرقاً، غرباً، شمالاً وجنوباً، وانقسم الناس بين مُشَكِّك وعارف لما ستؤول إليه الأمور.
____________
ملف خاص
إلى غزة وأهلها
____________
في تلك الفترة، بدأت إسرائيل بإلقاء منشورات وتعليمات من طائراتها المحلقة فوق الأحياء السكنية في مناطق الشمال، بالإضافة إلى اتصالاتٍ هاتفية بأرباب الأسر الفلسطينية، طلبت من خلالها إخلاء المناطق المعنية، باعتبارها مناطق عسكرية قتالية، والتوجه إلي المناطق الجنوبية - أيْ ما بعد وادي غزة - على اعتبار أنها مناطق آمنة، ليكتشف الناس بسرعة الكذبة. لكن الدور لم يكن قد حان بعد لمشاهد الإبادة.
كان الهدف من ذلك إفراغ شمال غزة والمدينة من السكان، وتحويلها فعلاً إلى منطقة قتال. لكن قرابة 600 ألف مواطن، وفق تقديرات مراكز الإحصاء، رفضوا المغادرة، وكنتُ من ضمن الرافضين المتشددين لفكرة إمكانية النزوح.
الحقيقة... لم نكن نتوقع أن نواجه هذا المصير، من العذابات والحرمان والعودة إلي العصر الحجري! بدأت آليات الاحتلال الإسرائيلي بالدخول براً، بعدما وفرت غطاءً جوياً لها من الطائرات التي تلقي براميل من المتفجرات الفتاكة فوق المنازل. وعلى غير المتوقع، تحركت قوات الغزو من عدة محاور باتجاه القطاع، وتحديداً من أحياء: "العطاطرة"، و"بيت لاهيا"، و"بيت حانون"، و"الشجاعية" في الشمال والشمال الشرقي، ومن محاور الوسط في "جحر الديك"، و"نتساريم"، و"حي الزيتون"، باتجاه "الشيخ عجلين"، بالقرب من ساحل البحر، فأحكمت بذلك سيطرتها – أو هكذا قالت وقتها - على شمال القطاع.
نحن نعيش أيام الشهر الثامن. لم يكن أحدٌ منا يتصور أنَّنا سنمشي فوق أجساد الضحايا يوماً ما، لم يكن في مخيلتنا أن نرى رجالاً ونساءً واطفالاً مصابين ولا نستطيع أن نسعفهم أو ننقذ أرواحهم. لم نكن نعلم يوماً انَّنا سنكفِّن عشرات الشهداء في اللحظة نفسها، ونصلي عليهم ونواريهم في الحفرة نفسها. لم أكن أعلم أني وإخوتي سنكون بديلاً من فرق الإنقاذ، في بيوت استُهدفت جوار حارتنا.
الأزَّمة بدأت تشتدّ، وبدأنا نفهم أنَّ هذه الحرب ليست كسابقاتها، أو أخواتها التي كثيراً ما خبرناها وبشكل متكرر كل بضع سنوات، وهي كانت فظيعة على أية حال، وإنما من طبيعة مختلفة. الكهرباء انقطعت من دون عودة والبدائل منها مفقودة أصلاً، وصارت الأمنية هي شراء كمية صغيرة، إنْ وُجِدت، من الزيت المستخدم لإشعال "بابور" الإضاءة القديم.
أمَّا البطاريات المشحونة المستخدمة في إضاءة المنزل لبضع ساعات، فعليك استخدامها بحذر شديد وبعناية بالغة، لأنَّ تلك التي ستفرغ من شحنتها لن تستطيع شحنها مرة أخرى، إلّا بعد عدة أيام إنْ أمكن لك ذلك. وعليك الذهاب إلى شخص قد يكون صاحب مصنع، أو أنه من "الأثرياء"، لتضع البطاريات عنده لشحنها، ثم العودة بعد عدة أيام لاستردادها.
وانقطاع الكهرباء بشكل نهائي، يعني عودة الأمهات إلى العادات القديمة. فمثلاً غسل الملابس باليدين إنْ توافرت المياه أو الصابون. أمَّا بالنسبة إلى الهاتف ـ مثلاً ـ فعليك استخدامه بعناية وحذر شديد وعند الضرورة فقط.
مدرسة إعلاميّي غزّة: وترٌ وحيدٌ.. يُقاوِم
26-10-2023
كان انقطاع الإنترنت أحد أبرز مواضيع معاناة الناس، لأنه يعني انقطاع تواصلك مع العالم، الأصحاب والأقارب، والعمل. وتصورت أن تلك كانت أكبر معضلة أواجهها في تلك الفترة. بل قصفت إسرائيل شبكات الإرسال الخاصة بالهواتف، متعمدّة بذلك قطع أيّ تواصل بين المواطنين في الشمال والجنوب. وصار الأخ لا يستطيع أن يعرف شيئاً عن أخيه أو أيٍّ من ذويه، حتى لو كانت تفصلهم عنه بضعة كيلو مترات.
حزام ناري… وأرقام الموت المخيفة
مع تسارع الأحداث وسير الأيّام بدموية كبيرة، والتعرف إلى مصطلحات عسكرية جديدة في هذه الحرب ( كـ"الاحزمة النارية")، وهو تعبير يعني ضرب منطقة أو حيّ بأكمله بعدّة صواريخ من الطائرات الإسرائيلية التي لم تفارق السماء اصلاً، وأرقام الموت الكبيرة بالمئات يومياً وأعداد الإصابات الخيالي….
وعلى كلّ الأحوال، ووفق تقديرات وزارة الصحة، فإنّ أعداد الشهداء تجاوزت الأربعين ألف شهيد، ممن عرفت أسماؤهم وحُدِّدتْ هوياتهم. وهناك قرابة عشرة آلاف مفقود تحت الركام، أو مدفون في إحدى المقابر الجماعية، التي أقامتها إسرائيل (ولا نعلم أين معظمها)، بالإضافة إلى الإصابات التي قاربت المئة ألف إصابة.
أنا شخصياً، اعتدت على صورة الموت اليومية، وصار بإمكاني تحديد نوع الضربة الإسرائيلية الموجهة إلى أحد المساكن المدنية، وهل هي من طائرة F16 أو أنّها من طائرة B32، أو أنّها قنبلة MK84 المصنوعة أمريكيّاً... صرنا نميز أصوات القذائف، ونميز إن كانت دخانية أو متفجرة، وحتى إن كانت حارقة، ليس لأننا مختصون، ولكن لكثرة ما شاهدناه وسمعناه.
لا "وجبات" طعام
بدأت غالبية المواد التموينية والأساسية تنفد من الأسواق، والمادة التي نفقدها لا عودة لها، إلى أن صار كلّ شيء غير موجود! وفي تلك الفترة، شددت إسرائيل الخناق على من تبقى من المدنيين شمال ووسط المدينة، لإجبارهم على النزوح إلى مناطق الجنوب. وفي كلّ توغل داخل المدينة، كان من يقع تحت قبضة جنود الاحتلال من المدنيين يُقتل، وإن حالف الحظ أحدهم، تكال له اللكمات، ويسجل اسمه، ويؤمَر بالنزوح إلى مناطق جنوب قطاع غزَّة…
صارت وجبة الطعام واحدة في الأربع والعشرين ساعة، وتتألف من طبق الأرز المسلوق. وإن حصلت على طبق واحد من "شوربة العدس"، بعد مرور عدة أيام، فأنت محظوظ. فُقدتْ تلك السلع من السوق، وإن وُجِدَتْ فأسعارها ليست في متناول عموم الناس، مع انعدام كلّ أنواع الخضروات والفواكه، لأكثر من سبعة اشهر متتالية.
يقتلون البشر ويمحون الأثر
11-01-2024
"حكواتيّة" غزّة والحكاية الأساس..
29-03-2024
صرنا على أبواب مجاعة حقيقية، وبدأنا نرى بعض الأطفال، يدخلون في نوبات الموت بسبب سوء التغذية... وهي ليست مشاهد من فيلم: رغيف الخبز من القمح صار مفقوداً، فلجأنا إلى البديل المقبول، أي "حبوب الذرة"، وابتكار طرق لجعلها رغيف خبز. ثم فُقِدَتْ من الأسواق، فلم يكن من خيار أمام الصامدين الذين رفضوا النزوح إلّا طحن أعلاف الحيوانات وأعلاف الطيور، واستخدامها كبديل من الطحين… وعليك أن تقنع نفسك، أنَّك قد اكتفيت بتناول رغيف واحد فقط منها طيلة اليوم، رغيف يابس مُكسّر لن تستطيع ابتلاع أجزاء منه إلّا بوجود الماء، واستمرت هكذا معاناتنا في الشمال وفي المدينة.
أسعار خيالية أو كما نسميها "باريسية"!
ارتفعت أسعار أصناف السلع المتوافرة عشرة وعشرين ضعفاً. الكيلو جراماً من السكر المحلي تجاوز سعره المئة والخمسين شيكلاً إسرائيليّاً، ( ما يعادل أربعين دولاراً أمريكيّاً)، والكيلو جراماً من الأرز تجاوز المئة شيكلاً (ما يعادل ثلاثين دولاراً أمريكيّاً)، أمّا الكيلو جراماً من البطاطس أو البصل أو الثوم فقد قارب ثمنه الأربعين دولاراً أميركياً، زجاجة الماء المعدنية بلغ سعرها ثلاثة عشر دولاراً... وطبعاً صارت اللحوم تنتمي إلى عالم الأحلام. أيّ جنونٍ هذا، ومن يقوى على شراء تلك السلع، وقرابة 70 في المئة من سكان قطاع غزَّة هم عمال، يعتمدون على الأجر اليومي، الذي لا يتجاوز الأربعين شيكلاً إسرائيليّاً (10أو 15 دولاراً يومياً).
كنت أتابع المذياع، فأستمع إلى خبر يقول:
" أمريكا تضغط على إسرائيل، لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سكان الشمال". كنتُ في صغري أقرأ وأسمع عن لقمة العيش المغمّسة بالدم، لكني في هذه الحرب عشت كلّ تفاصيلها. انقطع كلّ شيء، وإن كنت سأنتظر مجيء المساعدات وفق النظام المتبع، فلن أحصل على شيء. كان عليّ الذهاب كباقي أفراد الحي، يرافقني أخي، وأنتظر دخول المساعدات عبر دوار النابلسي، الذي تمر من خلاله شاحنات المساعدات، وعلينا أن نحذر جيداً من رصاصات ذلك الجندي المترصد خلف رشاش دبابته العملاقة، وعلينا ألاّ نغفل عن تلك الطائرة صغيرة الحجم، التي تطلق رصاصاتها بصورة أتوماتيكية (اسمها "كواد كابتر")، دفعة من القذائف وعدّة رشقات من الذخيرة الحية، ثم عليك أن تتهيأ للدخول في معركة البقاء، على إحدى الشاحنات المُحملة بالدقيق، من أجل انتشال كيس واحد ـ إن أمكن ذلك ـ من بين آلاف المواطنين، الذين أتوا للغاية نفسها…
أنا شخصياً، اعتدتُ على صورة الموت اليومية، وصار بإمكاني تحديد نوع الضربة الإسرائيلية الموجهة إلى أحد المساكن المدنية، وهل هي من طائرة F16 أو أنّها من طائرة B32، أو أنّها قنبلة MK84 المصنوعة أمريكيّاً... صرنا نميز أصوات القذائف، ونميز إن كانت دخانية أو متفجرة، وحتى إن كانت حارقة، ليس لأننا مختصون، ولكن لكثرة ما شاهدناه وسمعناه.
كان عليّ الذهاب كباقي أفراد الحي، وأنتظر دخول المساعدات. علينا أن نحذر جيداً من رصاصات الجندي المترصد خلف رشاش دبابته العملاقة، وعلينا ألاّ نغفل عن الطائرة صغيرة الحجم، التي تطلق رصاصاتها الأتوماتيكية (اسمها "كواد كابتر"). ثم عليك أن تتهيأ للدخول في معركة البقاء، على إحدى الشاحنات المُحملة بالدقيق، لانتشال كيس واحد من بين آلاف المواطنين، الذين أتوا للغاية نفسها.
نحن نعلم أنَّ إسرائيل كانت تتعمد عدم وصول تلك المساعدات إلى المخازن، فقد كانت تعطي أوامرها لسائقي الشاحنات بعدم دخول المدينة إلّا بعد إفراغ الحمولة. كانت الحجة أنَّ "حماس" ستسيطر على تلك المساعدات... لقد عايشتُ تجربة الحصار من الجنود، وأنا أنتظر شاحنات المساعدات، ورأيتُ كيف يُطلق القناص رصاصاته لتستقر في رأس من يجاورني. كم نطقنا الشهادة واعتقدنا أنَّنا سنموت حتماً لكثرة النيران. قرأنا كلّ آيات الذكر المحفوظة، حينما سقط شهيد فوق جسدي وكان بجواري مصاب وأمامي مصاب يستنجد بأي شخص يربط قدمه المصابة، التي تنزف كالشلال دماً... طُوِّقنا عدّة مرات، وكنا نشعر أن تلك اللحظات هي آخر وقت من حياتنا. كنا في كثير من المواقف نوصي بعضنا لعل أحداً منا تُكتب له النجاة...
يوم شاهدت أخي يحمل كيساً من المساعدات والدم يسيل من يده. كنا نحمل أرواحنا على راحات أيدينا، لأجل تأمين لقمة العيش لأمهاتنا وأخواتنا اللواتي ينتظرن، ودعاء الأم لا يزال يتردد في أُذنيَّ...
لا غاز والاستحمام حسب الفرصة
كونك من الصامدين في المدينة أو الشمال، فعليك أن تصحو من نومك مع ساعات الفجر الباكر، فلا غاز للطهي، وعليك أن تذهب لجمع الحطب من الأماكن التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي أو من الشوارع المدمرة, المهم إحضار الحطب لتشعل النار في ظل انعدام المواصلات. الطريق الوحيد أمامك هو السير على أقدامك أو هي الدراجة الهوائية…
موقدة في مساحة حرة ببيتك أو بجواره، إشعال النار له موعد محدد، وعليك ان تختارة بذكاء وهو قرابة المساء، لتحضر وجبة طعام واحدة تجمع فيها كل الوجبات، ومشروباً ساخناً واحداً فقط إن اتيح لك ذلك. ومن كان يريد الاستحمام فعليه أن يكون قد استطاع توفير الماء، وعليه استغلال إشعال الموقدة، فيضع إناء مائه بجوارها. يوم الاستحمام يعتبر يوم عيد، لأنَّ الماء مفقود وعزيز. لا ماء لعدَّة أيام، وعليك أن تتحمل وتقضي غالبية يومك باحثاً عمن لديه مورد ماء، وتنتظر دورك عدّة ساعات، ومسموح لك بتعبئة مئة أو ـ في أحسن الأحوال ـ ثلاث مئة ليتر فقط طيلة الأسبوع. يعني استخدام الماء بالقطارة، والعودة إلى زمن "الكيلة والإناء".
عايشتُ تجربة الحصار من الجنود، وأنا أنتظر شاحنات المساعدات، ورأيتُ كيف يُطلق القناص رصاصاته لتستقر في رأس من يجاورني. كم نطقنا الشهادة واعتقدنا أنَّنا سنموت حتماً لكثرة النيران. قرأنا كلّ آيات الذكر المحفوظة، حينما سقط شهيد فوق جسدي وكان بجواري مصاب وأمامي مصاب يستنجد بأي شخص يربط قدمه المصابة، التي تنزف كالشلال دماً...
وفي أحد التوغلات الإسرائيلية شرق غزة، رفضت النزوح مجدداً، فقد كنتُ أفضّل الموت في بيتي على الموت ذليلاً. وقتها، كان عليك أن تذهب إلى المناطق التي تقع على حدود الوجود الإسرائيلي للحصول على الماء. في تلك الفترة فقدت أبناء خالتي الاثنين، اللذين كانا قد نزحا إلى بيتنا... لم نستطع الذهاب لنواريهما الثرى، فأخذت على عاتقي أنا وزمرة من أبناء الحي أن نذهب وندفنهما في أقرب مكان، في ظل أصوات الطائرات وتحت القذائف العشوائية.
نزوح داخل نزوح
كانت إسرائيل تتعمد خلق حال نزوح داخل المدينة، فسكان الشرق أجبروا على النزوح إلى غرب المدينة. الأطفال يبكون والنساء يصرخن، والشيوخ يستغيثون. يغزو الاحتلال المنطقة التي يفرغها من السكان، وتنطلق معارك ضارية مع المقاومة. الصوت ليس ببعيد عنا. وقد اعتمدت إسرائيل سياسة الأرض المحروقة، لدخول كلّ منطقة، ما يعني تدمير أكثر من 80 في المئة من المساكن والبنية التحتية عند كلّ جولة دخول. ثم نسمع أنه على سكان الغرب التوجه إلى المناطق الشرقية، فقد قرر الاحتلال دخول منطقة "تل الهوا" و"مجمع الشفاء الطبي". المدارس ومراكز الإيواء لا تقوى على استيعاب كلّ تلك الأعداد. وفي كلّ مرة كان الله يكتب لنا السلامة والنجاة، على الرغم من الرفض الشديد لفكرة النزوح إلى أيّةِ منطقة، أو في الحقيقة، كنا نبحث عن قدرنا! ولا يزال الاحتلال الإسرائيلي يستخدم ـ إلى هذه اللحظة ـ سياسة الأرض المحروقة في كلّ مكان يقرر دخوله، وكان آخر ما أبيد هو "حيّ الزيتون"، ومخيم "جباليا"... وبعدهما مخيم "النصيرات".
الأمر لا يتعلق بغزة أو بفلسطين فحسب
09-02-2024
تتسارع أيام الحرب تطويها الأيام، ونحن نعيش أيام الشهر الثامن. لم يكن أحدٌ منا يتصور أنَّنا سنمشي فوق أجساد الضحايا يوماً ما، لم يكن في مخيلتنا أن نرى رجالاً ونساءً واطفالاً مصابين ولا نستطيع أن نسعفهم أو ننقذ أرواحهم. لم نكن نعلم يوماً انَّنا سنكفن عشرات الشهداء في اللحظة نفسها، ونصلي عليهم ونواريهم في الحفرة نفسها. لم أكن أعلم أني وإخوتي سنكون بديلاً من فرق الإنقاذ، في بيوت استُهدفت جوار حارتنا. تلك هي حياة الفلسطيني في أيام الحرب الإسرائيلية.