"حكواتيّة" غزّة والحكاية الأساس..

لم تعد القصة عن غزة - تقول بيسان - صارت غزّة هي القصة: "والقهر اللي بيتعرّضله أهل غزّة الآن ما هو إلا تجديد لقهر إنساني أزلي، وعلى إيد ذات الوحش. ولكن لأنو أمام الوحش العظيم، تظلّ غزّة أجمل المدن، استنوني بموسم جديد من برنامج "حكواتية.
2024-03-29

شارك
لقطة من حلقة بيسان عودة
إعداد وتحرير: صباح جلّول

"إلى كلّ متابعي القصص والحكايات في كلّ بقاع الأرض، معكم "حكواتية"، ومعنا حكاية جديدة..."

هكذا كانت الصحافية وصانعة المحتوى الفلسطينية بيسان عودة تبدأ كلّ حلقة من حلقات برنامجها، "حكواتية"، قبل حرب الإبادة على غزّة. من داخل غزّة، كانت الشابة توجّه حديثها إلى كلّ الناس في "كلّ بقاع الأرض"، كأنها تقول جازِمة بأن لدى هذه المدينة شيئاً يستحقّ أن يُحكى، وقصصاً عنها وعن أرضها وناسها تستأهل أن تصل إلى جميع الناس في أرجاء المعمورة.

قبل أن تبطش بالمدينة يدُ الإبادة الرهيبة، تُحرّكها أحقر الأيديولوجيات العنصرية الإجرامية في الكون، كانت حكايات بيسان تتناول مظاهر الحياة الغنية في غزة: عسل غزة، أشهر وأعرق المهن فيها، حصاد القمح، بيوتها القديمة وآثارها الضاربة في القدم، كعك العيد وتقاليده، موسم الزيتون، الرياضة في غزة، النساء وحياتهنّ، التراث والدبكة الفلسطينية، كنائس غزّة، أشهى أطباق المطبخ الغزّاوي... وعشرات المواضيع التي ستبقى دليلاً على حياة اكتملت ظروف "استحالتها"، غير أنّ أهلها جعلوا منها ممكنة في مدينة محاصَرة دأب الاحتلال على إطفاء جذوة الأمل فيها.

مدينة غزة القديمة - حوالي 1857

ثمّ غطّى ظلّ الوحش كلّ شيء. انقطعت حكايات الحكواتية لشهور، وصارت صفحة بيسان تزخر بمقاطع فيديو تصورها عن يومياتها في الإبادة، عن نزوحاتها المتكررة، قهرها وأملها، تحكي بالعربية حيناً وبالانجليزية أحياناً كثيرة، مِن أجل أولئك اللذين "في كلّ بقاع الأرض"، اللذين لطالما حاولت الوصول إليهم بحكايات مدينتها، وصارت تنقل لنا، مرغَمة، أخباراً تشلع القلب.

والآن، بعد نحو نصف سنة على العدوان الإباديّ، قررت بيسان عودة استئناف برنامجها، وإن بصيغة جديدة فرضتها الحرب، فجلست وسط الخيام مع مجموعة من أهلها وأصدقائها النازحين، صغاراً وكباراً، شباباً وشيباً، أمام وقدة نار مشتعلة تَقيهم برد الليل في رفح، تحكي لهم قصصاً عن "كيف ومن وين إجت غزّة". لم تعد القصة عن غزة، تقول بيسان، صارت غزّة هي القصة: "والقهر اللي بيتعرّضله أهل غزّة الآن ما هو إلا تجديد لقهر إنساني أزلي، وعلى إيد ذات الوحش. ولكن لأنو أمام الوحش العظيم، تظلّ غزّة أجمل المدن، استنوني بموسم جديد من برنامج "حكواتية"[1]"...

تعي بيسان جيداً أنّ التي تُباد الآن مدينة كاملة ببشرها وحجرها، ولذلك، تحارب لحفظ ذكرها وتاريخها وأهميتها، فتعود إلى أصل الأصل: كيف تكونت غزة؟ من أين أتى اسمها؟ كيف استقر الناس فيها، ومن أول من استقر فيها؟ ما تاريخها وأهميتها؟ كم احتلال واستعمار مرّ عليها؟ وكم مرة دًمّرت وعادت إلى الحياة؟

الحلقة الأولى بعنوان "غزّة البداية":

شاهدوا الحكواتية تعود بنا إلى نحو 3500 قبل الميلاد، إلى مدينة كنعانية ساحلية كان اسمها "تلّ العجول"، كانت من أقدم التجمعات الحضريّة المعروفة للبشر، على خط تجارة بحرية استخدمه المصريون القدماء، ومرّت به القوافل.. إلى 1600 قبل الميلاد، نشأة حيّ الزيتون الذي تمددت حوله رقعة المدينة الساحلية الغنية الخضراء التي صارت لاحقاً تُسمّى غزّة، مركز تجارة التوابل ونقطة تبادل تجاري بين الشرق والغرب، العاصمة الإقليمية للكنعانيين والمركز الإداري والعسكري للمصريين، وصولاً إلى نشوء رفح، بوابة آسيا إلى أفريقيا، ووصول قبائل البالستا من الجزر اليونانية وتطور صناعات وزراعات المدينة. وشاهدوا استماع الأطفال، وتدخّلات الحاج المتقدم في السنّ، مضيفاً معلومة أو مؤكداً فكرة هنا أو هناك. هؤلاء أهل غزّة، حفَظة ورُواه قصتها، وإن كانوا في خيمة أو في العراء. الحكاية لهم.

الحلقة الثانية بعنوان "غزّة والاستعمار":

______________________

  1. كلّ خميس في شهر رمضان على قناة Wizard Bisan على يوتيوب.

مقالات من فلسطين

إرهاب المستوطنين في الضفة الغربية تحوّل إلى "روتين يومي"... استعراض عام لتنظيمات المستوطنين العنيفة!

2024-04-18

يستعرض هذا التقرير إرهاب المستوطنين، ومنظماتهم العنيفة، وبنيتهم التنظيمية، ويخلص إلى أن هذا الإرهاب تطور من مجرد أعمال ترتكبها مجموعات "عمل سري" في الثمانينيات، إلى "ثقافة شعبية" يعتنقها معظم شبان...

غزة القرن التاسع عشر: بين الحقيقة الفلسطينية والتضليل الصهيوني

شهادة الكاتب الروسي ألكسي سوفورين الذي زار غزة عام 1889: "تسكن في فلسطين قبيلتان مختلفتان تماماً من حيث أسلوب الحياة: الفلاحون المستقرون والبدو المتجوّلون بين قراها. الفلاحون هنا هم المزارعون....