تنازلات "رايح جاي".. هكذا تدير السُّلطة ملف رواتب الأسرى

"ساهم تعاطي وتكيّف السُّلطة مع كلّ ما سبق من تشريعاتٍ وضغوطاتٍ بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر في تشجيع المستويين الأمنيّ والسياسيّ في دولة الاحتلال على بلورة توجهٍ نهائيّ لإغلاق الملف.
2021-01-22

شارك
الصورة من موقع "متراس".

لا يملك أحدٌ حتى الآن تصوّراً نهائيّاً ومؤكداً لمصير رواتب آلاف الأسرى والمُحرّرين وكيفية صرفهم، وذلك في ظلّ الملاحقة الإسرائيليّة- الأميركيّة، وتراجع المواقف الرسميّة الفلسطينيّة شيئاً فشيئاً. في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، استلم الأسرى رواتب ثلاثة شهور مُقدّماً (عن الأشهر ديسمبر ويناير وفبراير)، وهي خطوةٌ هدفت من ورائها السُّلطةُ إلى شراء الوقت لابتكار خياراتٍ "تتكيّف" من جهةٍ مع الأمر العسكريّ الإسرائيليّ القاضي بمعاقبة النظام المصرفيّ الفلسطينيّ في حال استمر بصرف الرواتب، وتحافظ من جهةٍ أخرى على وجودٍ أخيرٍ لها في قضية الأسرى، خاصّةً أنّ غيابها عنها يعني فقدانها لورقةٍ مهمةٍ من أوراق "شرعيتها" النادرة جداً.

تُشيرُ المعلوماتُ التي رشحت حتى الآن إلى أنّ إحدى الخيارات المطروحة هي صرف رواتب الأسرى والمُحرّرين من خلال شيكات يتم تسليمها مباشرةً في مديريات هيئة شؤون الأسرى في مدن الضفّة، أو من خلال المكاتب الحركيّة التابعة لحركة "فتح"، وذلك حتى الوصول إلى حلٍّ نهائيّ توافق عليه حكومة الاحتلال الإسرائيليّ والإدارة الأميركيّة الجديدة والأوروبيّين.

من جهة ثانية، تراهن السُّلطة على أنَّ هدفَ الأطراف الثلاثة هو تجريدُ الراتب من معناه السياسيّ وقيمته الوطنيّة بما يضمن تفكيك الاعتراف والاهتمام بالأسرى كقضيةٍ سياسيّة، وتحويله إلى مبلغٍ من المال يُدير حالةَ الفراغ التي يتركها الأسيرُ في محيطه الاجتماعيّ، وعندها يُبرر الراتب بحماية المجتمع من الظواهر الاجتماعيّة السلبيّة التي قد تنتج عن ذلك الفراغ.

لكن رهان السُّلطة على نفي هذه المعاني الخاصّة برواتب الأسرى من الذهنيّة العامة يساوي تماماً رهانَها على قبول الإسرائيليّين بـمبدأ "راتب اجتماعيّ" لا "سياسي". لأنه وبالقدر الذي يهتم فيه الإسرائيليون بتفكيك القيم المرتبطة بقضية الأسرى، يدركون كذلك أهمية استمرار "الفراغ الاجتماعيّ" الذي يتركه الأسرى كنموذجٍ للردع كما هدم البيوت. لكنّ الأملَ الوحيدَ المُتبقي أمام السّلطة في هذا السياق هو أنْ يقفَ الأوروبيّون إلى جانب طرحهم (تعديل قانون الصرف ليصبح على أسسٍ اجتماعيّة) وأن يُمارسوا ضغوطاً على الإسرائيليين في هذا السياق.

"دولة" تعرف كيف تحمي بنوكها

أما الخيارُ الآخر المتعلق ببنك الإستقلال فيبدو أنّه لم يعد مطروحاً. في 14 يناير/كانون الثاني الجاري أعلن قدري أبو بكر رئيس هيئة شؤون الأسرى والمُحرّرين عن رفض بنك الاستقلال الحكوميّ صرف رواتب الأسرى والمحررين بسبب تعرضه لضغوطات إسرائيلية. وفي مطلع الشهر نفسه، أكدّ رئيس الوزراء محمد اشتية للجنة الرئاسيّة المُكلّفة بتدارس ملف الأسرى بأنّ خيار صرف الرواتب بواسطة بنك الاستقلال قد أُسقِطَ نهائيّاً، هذا رغم إعلان اشتية في وقتٍ سابقٍ أنه أنشئ لهذا الغرض.

وفي اجتماع عقد قبل يومين، أكدّ اشتية لوفدٍ من لجنة الأسرى المحررين أنّ الرواتب ستُصرف من خلال البنوك العادية وليس عن طريق بنك الاستقلال (في حين لم يؤكد المعلومة أحد من الهيئات والجهات المختصة بقضايا الأسرى). هذا التأكيد بدا كأنه مجرد "تطمينات" لدفع المُحررين إلى تجميد حراكهم الذي كان مُخططاً لليوم 19 يناير، وهو ما حصل فعلاً.

وبالعودة إلى تاريخ هذا البنك، فقد ظهر لأوّل مرةٍ بتاريخ 1 يونيو/حزيران 2020 كخيارٍ "استراتيجيّ" للتخلص من الضغوط الممارسة على السُّلطة في ملف رواتب الأسرى والمُحرّرين بما يضمن استمرارَ صرفها دون أيّ ابتزاز. صادقت الحكومة الفلسطينيّة على تأسيسه باعتباره مؤسسة مصرفيّة حكوميّة غير مرتبطة بالنظام المصرفيّ الإسرائيليّ أو هيئاتٍ دوليّة، لتكون قناةً لتحويل الأموال إلى الأسرى وأُسر الشهداء، وفي 20 يوليو/تموز 2020 عُيّن الخبير المصرفي بيان قاسم رئيساً تنفيذيّاً له.

وفي تصريحٍ نادرٍ له في 11 أغسطس/آب 2020 أكدّ قاسم بأنّ الهدف الرئيس للبنك الحكوميّ تخطي التهديدات الإسرائيليّة على البنوك التجاريّة. لكنّه لم يوّفر إجابةً حقيقيّةً وواقعيّة حول آلية التعامل مع الخطوات الإسرائيليّة المحتملة ضدّ البنك، مكتفياً بالإشارة إلى أنّه "جزءٌ من مؤسسات الدولة الفلسطينيّة، والجانب السياسي يعرف جيّداً كيف يحمي مؤسساته"، حسب تعبيره.

وبما أنّ خيار بنك الاستقلال كقناةٍ لصرف رواتب الأسرى لم يعد مطروحاً، يتبقى السؤال عن الأهداف الحقيقيّة وراء تأسيسه. تتضّح بعض هذه الأهداف في عدة قراراتٍ صدرت بخصوصه في الجلسة رقم 90 لمجلس الوزراء، والتي عُقِدَت في 4 يناير/كانون الثاني الجاري، كان من بينها قرار بحوكمة المؤسسات والصناديق في الوزارات المختصة. بناء على ذلك سيتولى بنك الاستقلال كامل التعاملات الماليّة لعدد من الصناديق الحكوميّة، كالمؤسسة الفلسطينيّة للتمكين الاقتصادي، وصندوق التشغيل والحماية الاجتماعيّة، وصندوق الإقراض لطلبة مؤسسات التعليم العالي. خلال جائحة كورونا كانت الصناديق تُسرِّب للإعلام بسريّة وتصرخ بصمت: اكتشفوا فينا حقل نفط.

التقرير الكامل على موقع "متراس"

مقالات من العالم العربي

"حكواتيّة" غزّة والحكاية الأساس..

2024-03-29

لم تعد القصة عن غزة - تقول بيسان - صارت غزّة هي القصة: "والقهر اللي بيتعرّضله أهل غزّة الآن ما هو إلا تجديد لقهر إنساني أزلي، وعلى إيد ذات الوحش....

عيش.. حرية.. إلغاء الاتفاقية!

منى سليم 2024-03-29

هل يستقيم ألا تغيِّر الحرب على غزة موازين الأرض؟ أو لا يصير الى صياغة برنامج سياسي مصري ينطلق من إلغاء هذه معاهدة كامب ديفيد، وأن يكون ذلك ركيزة للتغيير الجذري...