في مطالع تسعينيات القرن الماضي، كانت مدرسّة اللغة العربيّة تجبر طلاّبها على قراءة اليافطات في الشوارع لحثّهم على التهجئة والقراءة بشكل أسرع والاستزادة في ثروة لغوية لا تقتصر على منهاجهم المدرسي. ملل وتبرّم الكبار من أطفالهم كان بادياً في المواصلات العامّة، والأطفال لا ينفكون عن تهجّي اللافتة تلو الأخرى، سائلين أهلهم عمّا تعنيه هذه الكلمة.. مستفسرين منهم إن كانوا لفظوها بشكل صحيح أم لا.
لا تفهم إسرائيل الفلسطينيين إلا كمعطيات أمنيّة. وعليه فإن المنطق الوحيد للتعامل مع المجتمع الفلسطيني هو منطق الهرميّة العسكريّة والأوامر السياسيّة. وتفرض هذه العقليّة على المجتمع الصهيوني قيوداً، بحيث تتحوّل الصحافة والبحث والفكر السياسي في إسرائيل إلى أجهزة وظيفتها إعادة صياغة خطاب الجيش والحكومة بمستويات مختلفة، بينما تختلف التيارات السياسيّة في إسرائيل (جميعها) على تأويلات الخطاب العسكري
في لحظاتها الأولى، أطلقت ثورة أيلول/ سبتمبر 1962 وعداً حالماً بالتغيير، يساوي بين الجميع، ويكسر احتكار السياسة والحكم الذي كان مغلقاً على تمثيل اجتماعي ومذهبي بعينه، مُشرِّعاً الأبواب أمام الجميع لأول مره في التاريخ الحديث لليمن، شمالاً على الأقل. جرأة هذا الوعد أغرت أفراداً ومناطق كثيرة في البحث عن أدوار جديدة خارج التصنيفات التي اعتادوا على الحضور ضمنها سابقاً، باعتبارهم
يوم 23 حزيران/يونيو 2015، هاجمت مجموعة من الشباب السوريين الدروز سيّارة إسعاف إسرائيليّة تنقل جريحين من مقاتلي جبهة النصرة إلى أحد المستشفيات الإسرائيليّة. أبناء قرى الجولان المحتلّ اعترضوا سيارة الإسعاف واقتحموها، أعدموا الجريحين ثم فرّوا تاركين الجنود الإسرائيليين بخيرٍ وسلامة. قبلها بأيّام قليلة أُحرقت كنيسة "الطابغة" الكائنة على ضفاف بحيرة طبريّا. أُضرمت النار في واحدة من أقدم
لم تكن مسألة الهويّة بالنسبة لأيٍ من مركّبات الشّعب الفلسطينيّ مسألةً شاغلة كما كانت للفلسطينيين داخل الأراضي المحتلّة العام 1948. لن نجد فلسطينيّاً في الداخل لم يُسأل مرة واحدة في حياته على الأقل، في الجامعة أو في مقابلة عمل، في سيارة أجرة أو في لقاء حزبيّ، ذلك السؤال المُفخخ: "كيف تعرِّف/ين نفسك؟". سؤال يلحقه، طبعاً، نقاش لا ينتهي حول تلك الوصمات التي نحملها، وحول ترتيب تلك الوصمات
ترتبط وجوه العودة بتوقعات الفلسطينيين لمستقبل الاستعمار الصهيوني في فلسطين. بين من يقول باستحالته ويتوقعه ينهار بعد عقودٍ قليلة، وبين من يرى وجوده قدراً لا يمكن تغييره. بين من يرى بالنظام الصهيوني آلة، والآلات لا بد أن تتوقف في يومٍ من الأيّام، وبين من يرى الصهيونيّة مؤنسنة والإنساني لا يزول.
لم تحد مطالبات الحركة النسائية البحرينية عن أصل الحكاية التي تأسّست في 8 آذار/مارس 1857 بتظاهرة عاملات مصانع النسيج الأميركية للمطالبة برفع الأجور وتقليل ساعات العمل، حتى تجدّدت في تظاهرات 1909 لمطالبات أشمل للحقوق الاقتصاديّة والسياسيّة. فقررت "الاممية الاشتراكية" المجتمعة عام 1911 تخصيص يوم عالمي للمرأة، أقرته واعتمدته الأمم المتحدة في 1977...كان ولا يزال لافتاً حضور البحرينيات في
طعم خاص يميز شهر رمضان في مصر، التي ابتدعت معظم الطقوس الخاصة بالشهر الكريم، أو على الأقل حافظت عليها من الاندثار. ففي رمضان تنقلب حياة المصريين رأسا على عقب. ينطلق مدفع الإفطار الأول معلنا تدشين شهر الصوم، فتزدان الشوارع بالزينة وبالفوانيس التي تتعدد أشكالها وألوانها، وهي اختراع مصري بدأ في عصر الدولة الفاطمية. تكثر الحركة في الشوارع لشراء المستلزمات، من "ياميش" (فواكه مجففة) متعدد
للمائدة التونسية مكوناتها الأساسية التي تَجمع كل الجهات وكل الطبقات الاجتماعية على حد السواء. تعنون المائدة في تونس بالتمر والحليب أو اللبن، وعادة ما تكون التمور من نوع "الدقلة" اي من افخرها وأغلاها، وهو ما يعبر عنه لدى الجميع بأنها سنّة النبي محمد (ص). ثم نجد طبق "الشروبة" الذي يتنوع من حيث مكوناته الأساسية. ففي مدينة قفصة بالجنوب التونسي، تتكون "الشروبة" من حساء
يتساوى إعلان رمضان عند الأردنيين وإعلان الحرب، تسيطر العصبية على حركتهم قبل ايام من ثبوت هلاله، لا يثقون بالرسائل التطمينية التي تبثها الدولة حول جاهزيتها لاستقبال الشهر. مع ثبوته يتهافتون على الشراء وتكديس المواد الغذائية، كلا حسب قدرته الشرائية، حتى يشح وجود سلع وترتفع أسعار أخرى جنونيا. تزدان البيوت والطرقات والمساجد خلال الشهر بالفوانيس والقناديل والاَهِلَّة مختلفة الألوان
دخول شهر رمضان إلى موريتانيا لا يتم إلا إذا أثبتته هيئة علماء موريتانية، بعد أن تجتمع لديها شهادات شهود من مناطق مختلفة من البلاد رأوا الهلال رؤية العين. والاستعداد له يحصل على وفق بساطة العيش الموريتانية الرحبة، بلا زينة ولا أضواء خاصة ولا فوانيس، ولا طوابير سيارات تصطف أمام المتاجر الكبرى تكدّس كميات من الأطعمة في صناديقها وكأنها تخشى حرباً أو مجاعة، خلا قلة عادت من الخارج بعادات غذائية
تشهد البحرين والمنطقة ارتفاعاً جنونياً في درجات الحرارة والرطوبة التي تتجاوز أحياناً 50 درجة مئوية، مما يضاعف معاناة الصائمين، فيصبح شرب السوائل من ضروراتِ السفرة الرمضانية. في الأزمنة السابقة كانوا يكتفون باللبن والتمر، أما الآن فاتسعت المائدة للماء المنقوع بخيوط الزعفران وماء اللقاح (طَلْع النخيل)، وعصير الليمون. ومع تلاقح الثقافات وتداخلها، صارت عامرة بمشارب كقمر الدين والسحلب والكركديه
تُلاقي عشرون من نساء الأردن حتفهن سنوياً دفاعاً عن "شرف العائلة"، فيما تُقتل أخريات بصمتٍ من دون أن توثق السجلات أرواحهن. يُخفق الضغط الذي تمارسه منظمات المجتمع المدني عن وضع حدٍ للجريمة، وتواجَه بالرفض محاولات تغيير القوانين التي تحمي مرتكبي الجرائم. وتقابل الناشطات ضد الجريمة بنقد يصل إلى حد اتهامهن بإشاعة "الفاحشة"!جغرافيا الجريمةتكشف إحصائية غير رسمية للجرائم المرتكبة
أن تكون طفلاً من حيفا في رمضان، يعني، في أغلب الأحيان، أن تغترب عن المدينة وتستقر طيلة الشهر في بيت جدّك في هذه القرية أو تلك، في الجليل (شمال فلسطين) أو منطقة المثلث (مركز فلسطين)، فالجميع يتفق على أن "رمضان في حيفا لا طعم له".أما في الجليل والمثلث، فأن تكون طفلاً في رمضان يعني أن يخدعك الكبار بصيام ما يعرف بفلسطين بـ"درجات الجامع"، أي الصيام حتى صلاة الظهر، أن تنتظر...
لا يوجد شك في أثر التدخل الغربي في ليبيا، الذي علاوة على نتائجه الجيوستراتيجية الكبرى على البلاد ومحيطها الإقليمي، كما تبين ذلك حالة شمال مالي، فهو يفعل في سيرورة إعادة البناء الوطنية وإنتاج الهويات، فيمثل بذا عامل إخلال بإمكانات الانتقال الديموقراطي.الانتفاضة الليبية لم تبدأ قبليةكان مجرَّد تنظيم الانتخابات الأخيرة تحديا كبيرا. فقد انتهى عهد القذافي وسط الفوضى والاضطراب.
بناء وتفكيك المسرح، تركيب الأضواء الكاشفة بكثرة، الضجيج حول الحدث، أو وبمعنى أكثر "مهنية"، الإعلام والدعاية المنفلتين من عقالهما، تلك هي اليوم مواصفات الفعل الثقافي في المغرب. وحين يمكن لأصحاب هذه النشاطات دفع تكاليف التجهيزات الأكثر جدة، ذات التأثيرات المعقدة، والمستوردة بأسعار باهظة لإرضاء النجوم الكبار، يسود الاقتناع بأن الأمر ناجح وتمام التمام.لماذا أصبحت التظاهرات "الثقافية" في المغرب
في اللحظة التي تطأ فيها قدم الزائر الريف السوري، يكتشف أنه دخل مكاناً مختلفاً عن ذلك الذي كان في ذهنه. في العقل صورةٌ عن الفقر. وفي العقل صورة عن الاضطهاد والظلم، وصورة عن الإصرار. لكن الصورة التي يُمكن رؤيتها فعلاً، تتجاوز كلّ التخيلات.لون الأرض أحمر. الجواب حاضر: لا يوجد مياه لري الأرض. هذا ما يقوله أبناء ريف حلب. وهذا ما يمنعهم من العمل في أرضهم، فيتحولون عمالاً يوميين داخل سوريا
مع تناولنا مائدة الإفطار، وتفحصنا كيفية كسر الصائمين صيامهم في مختلف أنحاء العالم العربي، اكتشفنا أمرين معاً: التنوع والثراء غير المحدودين في أطباق المجتمعات العربية، والقواسم المشتركة في الطعام، وأولها الزلابية، تلك الحلوى اللذيذة، البسيطة الصنع والكلفة. فعلى متعة الموضوع العظيمة وفوائده الجمة، نقاربه إذاً ليس كفلكلور. لحظة الإفطار، تكثِّف المعاني. فالمرء الفرد والمجتمعات على السواء، يفطرون كما
في 22 تشرين الأول/اكتوبر 2007، قام نيقولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي آنذاك، وملك المغرب الحالي، محمد السادس، بالتوقيع على بروتوكول اتفاق بين الدولتين يتعلق بمشروع قطار فائق السرعة بين طنجة (شمالاً) والدار البيضاء، بكلفة تبلغ 3 مليارات يورو.قبل بضعة أيام من هذا اللقاء، ذكرت جريدة "لو فيغارو" الفرنسية، وهي كانت ناطقة شبه رسمية باسم الرئاسة الفرنسية، في معرض كلامها عن المشروع، أن السلطات المغربية
على مر السنين، زرع فلاحو بلادنا القمح معتمدينه ركيزة أساسية للحياة. أما الأرز فلم يعرفه المطبخ المحلي بشكل شائع إلا مع دخول الجيوش الأجنبية إلى المنطقة. ومن هنا جاء المثل الشعبي القائل: "العزّ للرزّ والبرغل شنق حاله". وإلى جانب البرغل ابن القمح الذي "شنق حاله"، تأتي الفريكة، وهي عبارة عن قمح أخضر يمكن أن يطهى مع اللحم أو من دونه. والفريكة أكلة معروفة في بلاد الشام والعراق وسائر دول حوض...
المزيد