فقدت قيادة الجيش بدرجة كبيرة ثقة الضباط والجنود، وربما تعكس انسحابات الجيش من عدد من المدن تراجع الرغبة في القتال لدى هؤلاء، بينما لم تفلح القيادة في تقديم خطاب يحتوي هذا التذمر المتمدد يوماً بعد يوم، ولم تقدم إجابات شافية حول مسائل جوهرية، كما أنها لا مضت إلى التفاوض بجدية ولا هي قادرة على التقدم عسكرياً.
ما المسار الذي أخذه التعافي السوري من هذه الكارثة، وهل هو ارتجالي أم أنه ارتكز في معالجته للحدث على أسس ومقاربات جديدة تجاوزت المفاجأة الطبيعية إلى محاولة إدراك كيفية التعاطي معها في حال تكرارها؟ وهل استفادت البلاد عبر العام الفائت من هذه التجربة وباتت أكثر استعداداً ﻷي احتمال لزلزال قادم؟ أم أنّ الدول تنسى.. أو تتناسى مثلها مثل الأفراد؟
السر في انفلات إسرائيل على هذا المستوى من التوحش غير الآبه بشيء، هو أنها أضحت اليوم فاعلاً رئيسياً وعالمياً في منظومة الرأسمالية المهيمنة، والتي لم تعد تستند إلى إنتاج الخيرات بل إلى المضاربات المالية والعقارية، فضلاً عن النهب المكشوف. الإنتاج المادي والسلطات التي تحيط به صارا مُقتلَعَين من كل جذور، "أثيريّين"، بلا روابط بالمجتمع الذي يبدو نافلاً، وظيفته الوحيدة هي الاستهلاك. وهذه قطيعة تاريخية كبرى.