كنتُ أسهر أكثر الليل، أكتب روايتي على ضوء لمبة صغيرة، فكنت ألاحظ كيف يدسّ النائمون أيديهم داخل ملابسهم ليهرشوا هرشاً متبايناً بتباين توغل الجرَب في أجسادهم. شيئاً فشيئاً، بدأتْ بقع دم صغيرة تظهر على الملابس وتتسع. بعض الزملاء لم يعد قادرا على الاكتفاء بالهرش في الحمام أو أثناء نومه، فصاروا
دخل رجل مكتب تسجيل الولادات وقال للموظف المسؤول: أريد تسجيل ولدي في دفتر الحالة المدنية. الموظف: وما اسم ابنك؟ الرجل: أبو بكر. الموظف: لا. يمنع عليّ تسجيل الأسماء المركبة. أخرج الرجل 200 درهم ووضعها فوق ورقة ولادة الطفل في المستشفى، فسأل الموظف الرجل بابتسامة كبيرة: "هل تريد أن نسميه أبو بكر ونزيد رضي الله عنه؟". هذه نكتة مغربية عن الرشوة. حين
مع الانسحاب الأميركي من العراق في نهاية عام 2011، عادت «المسألة الكردية» العراقية فبرزت إلى الواجهة كقضية أساسية في الاهتمامات الوطنية، وكواحدة من تحديات ضمان وحدة البلاد واستقرارها. ومع ذلك الانسحاب، تفجرت حزمة من المشكلات، وعاد التصادم مع المركز. ذلك أن القيادة الكردية لا تريد مغادرة الوضع الاستثنائي الذي ظلت تتمتع به خلال فترة العقدين الذهبيين السابقين، وهي قلقة من أن تفرض
سيّارة مُسرعة تضرب نوافذها ريح ساخنة، تبشّر بالصيف القريب وتصفع وجهينا، أنا وأبي ابن ستينيّات القرن الماضي. هذه طريقنا عائدين إلى حيفا بعد انتهاء مراسيم دفن أبو فهيم. كان المرحوم مسناً تهجّر من قريته البروة - خلال النكبة، وقد عُرف بتعلّقه الوثيق بالقرية حتّى بات رمزاً لها ولنكبتها.خارج سور المقبرة كان أبي يقف، هو وأصدقاؤه القدامى، يتحدّثون في حال البلد. أحدهم كان يقول ما يقوله الكثيرون: إن
من بين أسوأ المناظر التي تختزل حالة حقوق الإنسان في بلدان الخليج العربية هو مشهد عمال البناء وصيانة الطرق وهم يعملون تحت شمس منتصف الظهيرة، حين تصل درجة الحرارة إلى 45 في الظل وتزيد عن 50 درجة في الأماكن المكشوفة. يصبح إجبار العمال على العمل رغم لهب الشمس الحارق مقارباً للحكم عليهم بالموت عاجلاً أو آجلاً. كثيرون يسقطون مغمياً عليهم وقد يؤدي السقوط إلى الموت في حال من يعمل منهم...
انهارت تجربة الحداثة العراقية على مرحلتين: الاولى مع اتجاه جهاز الحكم او «الدولة الحديثة» الى الدكتاتورية القصوى (العائلية ـ الريعية) خلال فترة 1968 ـ 2003، والثانية هي المعاشة الآن، والمستمرة منذ 2003. هذا لا يعفي بقية الفترات أو الحقب، وبالأخص حقبة 1921 ـ 1958، من العلل الاصلية، والاسباب المؤسِّسة لمآلات الانهيار الحالي.توطئةتبدأ مظاهر التحديث الأول في
في العام 2006 دخل عليّ شاب لا أعرفه، تخرج حديثا من كلية الإعلام، وطلب مني أن أساعده في الحصول على عمل بأي جريدة. وحاولت قدر استطاعتي، فعمل في مكتب لصحيفة عربية بالقاهرة. بعد ثلاثة شهور، زارني مرة أخرى، وقال لي: أنا الآن محرر في جريدة «الوطني اليوم» التي كان يصدرها الحزب الوطني. وجاءتني أخبار متقطعة عنه تبين كم هو مداهن وملاين ومنافق لرؤسائه، نميم بين زملائه ورئيس التحرير.<br
نستعين على الواقعة ببطل أفلام رعاة البقر «جوليانو جيما»، حين كان يمطر أعداءه، وهم في حينها أعداؤنا ـ نحن الرابضين فوق كراسٍ ممزقة، خارجة نوابضها كأحشاء حيوان ذبيح، في الصالة المعتمة ـ برشقات رصاص غير منتهية ذخيرتها.نصفق براحاتنا كدمى القرود المعدنية، قبلما وبعدما نراه يزفر بصفرة ممنهجة فوق فوّهة المسدس المرفوعة نحو الأعلى ليبدد دخانها، مدوراً المسدس بإبهامه المستقيم قبل أن
تشرّع مسودة الدستور النهائي المقدَّم في الأول من حزيران/ يونيو 2013، الخطوط العريضة للنظام السياسي المستقبلي لتونس. بل وأبعد من ذلك، فهي تحدّد عناوين عقد اجتماعي جديد، بعد 16 شهراً من العمل عليه. ليست المسألة هي في استعراض مغامرات المجلسٍ الوطني التأسيسي والمجموعات السياسية غير المؤهلة لتحمُّل مسؤولياتها التاريخية، بل هي محاولة لتقديم تحليل نقدي لمشروع الدستور. هل هو ثوري؟ ما هو وزن كلّ من
منذ تشكيلها، تواجه الحكومة التي يقودها الإسلاميون في المغرب مآزق أخلاقية وسياسية. بعضها يعالج بسكيزفرينيا واضحة على مستوى الدولة وعلى مستوى الفرد. يمكن مقاربة هذه الممارسة السياسية والاجتماعية من مداخل متعدد ألذها عصير الشعير والعنب.في شوارع المغرب يُعتقل أشخاص ويحاكمون بتهمة شرب أو بيع الخمر لغير المسلمين. اتهم زعيم حزب الاستقلال نصف أعضاء الحكومة الملتحية بشرب الخمر. لم يقم المدعي
«الغنم صار معه هوية وأنتَ ما معك»، قال الشرطي لحابس الغيات عندما ضبطه يرعى الأغنام عارياً من أي وثيقة تثبت هويته. ترك الشرطي الغنم طليقاً واقتاد حابس الى مركز الأمن للتحقيق معه. من أنت؟ ما هي جنسيتكَ ؟ سأل الشرطي، أجاب حابس: «أنا حابس الغيات، أنا أردني»، قال الشرطي لحابس: «أثبت ذلك»، صمت حابس، هو لا يحمل إثباتا، هو بالأصل لا يملك إثباتا.نجا حابس من
جبرائيل ندّاف معروف لدى الأوساط المحليّة والدوائر القريبة من الكنيسة الأرثوذكسية في مدينة الناصرة وفي الجليل. برز اسمه في الشهور الأخيرة بعدما أعلن مواقف مؤيدة لتجنيد الفلسطينيين المسيحيين في الجيش الإسرائيلي. كاهن الرعيّة الأرثوذكسية في الناصرة شارك في مؤتمرٍ لوزارة الأمن الصهيونيّة يهدف لاستدراج المسيحيين للخدمة في صفوف جيش الاحتلال، أو للخدمة في المؤسسات الحكوميّة تعويضاً عن الخدمة في
بغداد مضمّخة برائحة البارود الذي خلّفته العبوات الناسفة والسيارات المفخخة والمسدسات الكاتمة. الحيرةُ ترتسم على ملامح قوّات الشرطة والجيش المنتشرة في نقاطِ تفتيشٍ تمتدُّ من شارعٍ إلى آخر: من أين وكيف تمرُّ هذه السيارات والعبوات؟ السياسيون ورجالات الحكم منقسمون بين من يلقي بالاتهام على تنظيم القاعدة وفلول البعث، وهو اتهام أصبح غير صالح للاستهلاك الإعلامي لنفاد صلاحيته، وآخرون يتقاذفون
في اللحظة التي تطأ فيها قدم الزائر الريف السوري، يكتشف أنه دخل مكاناً مختلفاً عن ذلك الذي كان في ذهنه. في العقل صورةٌ عن الفقر. وفي العقل صورة عن الاضطهاد والظلم، وصورة عن الإصرار. لكن الصورة التي يُمكن رؤيتها فعلاً، تتجاوز كلّ التخيلات.لون الأرض أحمر. الجواب حاضر: لا يوجد مياه لري الأرض. هذا ما يقوله أبناء ريف حلب. وهذا ما يمنعهم من العمل في أرضهم، فيتحولون عمالاً يوميين داخل سوريا