متلاحقة الأوقات وبطيئة، فبالكاد يجد المواطن وقتا لشرب كوب "المكياطة" (نوع من القهوة المركز جدا والتي تسكب في الكوب بكميات قليلة، وهي على ما يبدو طريقة في تحضير القهوة من آثار الإيطاليين الذين استعمروا ليبيا، وأصل الكلمة mocha) إن وجد مقهى مفتوحا وقهوة الصباح إن وجدت أنبوبة الغاز، ليدخل في ازدحام الشوارع المنسية والخالية من الطرق الإسفلتية، حتى يأتي إليه الظهر منقضاً ليدرك ما يمكن
"يسود استسهال مريع في الكتابة، وأعتقده واحدا من أسباب تخلفنا كما هو أحد مظاهره. الناس لا يقبضون أنفسهم جد، بل وفي أعماقهم يحتقرون مسلكهم ويبررونه بأن «الدنيا» والأمور هكذا. أكيد هناك ما هو مثير، مما يمكن روايته عن واقعنا، ولكن الكسل وسوء المنهج يمنعان تحقيق ذلك لدى الكتاب والباحثين، فلا نحصل على هذه المعرفة. إن رواية ذلك صعب لكنه واقعي، ويجب الذهاب لقطافه».«أحب
ما كان يشدنا الى رمضان أيام زمان هو طقوسه وفرادته، لكونه شهراً متميزاً بكل شيء. ربما هذه نظرة طفولية سريعة لما مضى، فالطفولة اصل الأشياء، وفطرة الأرواح. فمن تلك الطقوس اليومية الفردية التي يسبغها رمضان على الحياة بصورة عامة، تبقى متلازِمة إحيائها قانوناً نفسياً يتدرج مع العمر ويكتسب قطعيته في مراحل مختلفة من النمو النفسي والعقلي.يوم كان والدي رحمه الله يصوم، يكون البيت في نفير عالٍ من
وسط صخب السجالات السياسية التي يغرق فيها المصريون ليل نهار، جاءت كارثة مصرع أكثر من خمسين طفلا بمحافظة أسيوط جنوب القاهرة نتيجة اصطدام أحد القطارات بحافلتهم المدرسية. حدث ذلك في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. وكالعادة بعد وقوع كارثة يكون ضحاياها من أبناء الصعيد، أعادت الحادثة هذه المنطقة إلى الواجهة من جديد، فسُلِّطت الأضواء - لبعض الوقت - على مشاكله ومعاناة سكانه. ثم لم تلبث أن انحسرت عنه الأضواء
حينها، لم يكن في الأمر شيئ مريب. إنهم يريدون طريقاً مفتوحاً أمام عرباتهم لإيصال البضائع التي يُحمِّلّهم إياها الصناعيون والحرفيون والتجار إلى زبائنهم المنتظِرين في خانات المدينة القديمة والأسواق التي حولها.كانت تخرج نداءاتهم الهادرة من خلف عرباتهم الخشبية المسطحة، المدفوعة بقوة أذرع عارية لتعْبر طرقات الأسواق ومنعطفاتها، أو من علياء حيوانات الجر الصبورة، حيث يجلسون بمهارةِ لاعبي الخفة، فوق
لم يخطر يوماً للبدو الصوماليين، وهم يملأون أوعيتهم من ذلك الزيت القاتم الذي يخرج من باطن أرضهم، ليعالجوا به إبلهم من الجَرَب، أو وهم يمرّون بأراض أشعلتها الصواعق، أن تلك المادة اللزجة والنفّاذة الرائحة، ستحرّك العالم من حولهم، بل ستحدد مصائر الشعوب، ومسار الأحداث الكبرى على سطح البسيطة. في مطلع السنة الجارية، تم الإعلان عن تكثيف أعمال الحفر والتنقيب في ولاية «أرض البونت» و
عاد صندوق النقد الدولي إلى الواجهة، يلعب دوراً أكبر من السابق حيال الدول العربية غير النفطية. هو الذي كان لنصائحه وشروطه نصيب من المسؤولية خلال العقد الماضي عن إفقار أرياف تونس ودمشق والاسكندرية وصنعاء وغيرها... فسياسة الصندوق تعطي دائما الأولوية لخفض الدعم، وللتجارة العالمية، على حساب الأطراف والأرياف. فلماذا يصر الحكام العرب إذاً، من الدول غير النفطية، الجدد منهم وبعض القدامى، على إعطاء هذا
استيقظ السودانيون صباح الخميس 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2012 على هدير دبابات ومدرعات في الشوارع الرئيسية للعاصمة الخرطوم. ولأن الأوضاع السياسية مفتوحة على كل الاحتمالات، بدأت التكهنات تذهب في كل الاتجاهات. وكانت المفاجأة الكبرى حين أعلن الناطق الرسمي عن «إجهاض محاولة تخريبية». وقد تم اعتقال الفريق صلاح عبد الله، المعروف بصلاح قوش، وهو رئيس المخابرات السودانية لسنوات طويلة، ومعه 13 ضابطا،
لم يعد التونسيّون يريدون أن يعملوا! أصبحت هذه العبارة عقيدة يومية تتردّد على ألسنة العديد من المواطنين، ومدراء المؤسسات، والمستثمرين الزراعيين. أليست المقاهي الممتلئة بالزبائن طيلة النهار خير دليل على ذلك؟ ففي حين تبقى عشرات آلاف فرص العمل شاغرة، فإنّ ما يقارب خُمس القوى العاملة لا تزال عاطلة عن العمل. في النهاية، يمكن اعتبار تونس حالة تُدرَّس عن البطالة الطوعية التي نظّر لها عدد من الاقتصاديين
نتناول مائدة الإفطار، فنتفحص كيف يكسر الصائمون صيامهم في مختلف أنحاء العالم العربي، ليس تسلية (على متعة الموضوع العظيمة، وفوائده الجمة!) ولا فلكلوراً، ولا انسياقا وراء الموجة السائدة التي أحالت شهر الصيام إلى شهر للنهم، بل لأن تلك اللحظة، الإفطار، تكثِّف معاني الحالتين معاً. فالمرء الفرد والمجتمعات على السواء، يفطرون كما يصومون، بتقشف يتناسب مع الغايات الروحية أو الفلسفية للصيام لمن يدركها، أو