ليس غريباً أن تسترعي الأخبار المتعلقة بقضايا الجنس انتباه الهوس العربي به، فيتحول قرار المحكمة الأمريكية العليا بإلزام الولايات الخمسين بتقنين زواج المثليين، إلى قضية جدلية مشتعلة على مواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية في مجتمع مأزوم جنسياً كما هو حال المجتمع المصري مثلاً. فإن كان ذلك مصدر إزعاج مفهوم لأوساط الإسلاميين والمحافظين دينياً واجتماعياً، فإن التناقض الأبرز كان لدى التقدميين الذين
يعيش المواطن الموريتاني منذ أشهر في صراع مرير مع حمى الضنك التي تفشت في أنحاء عديدة من البلاد، خاصة في العاصمة نواكشوط، حيث اكتظت المستشفيات بالمصابين بالحمى، لكن ذلك لم يقلق الحكومة ففضلت تجاهله! وحين بدأ الحديث عنه في وسائل الإعلام وتطرق له حزب "تكتل القوى الديموقراطية" اتهمه الحزب الحاكم بـ "تسييس الحمى" لأهداف "غير شريفة"، وأن الأمر محض افتراء. لكن المرض تفاقم
ليس من اليسير دراسة عمران المدينة العربية، إذ إن تصنيفاتها التفصيليّة بالغة التشعب لجهة بدايات تشكّلها وسيرورتها ودلالاتها، وصولا إلى اتخاذ هذه المدينة أشكالا خاصة وهويات مستقلّة بعد أطوار من التأثر بحضارات سبقت الحضارة العربية الإسلامية في تماساتها الحضارية. ولا ينفصلُ العمران، عموما، عن مفهوم البيئة ((environnement الأشمل. ونعني المفهوم الذي يُدرج، إضافة إلى المؤثرات الطبيعية الخارجيّة، كلّ
خلقت مجموعة من النساء القادمات من السعودية في الساعات الأولى من يوم 11 ايلول/سبتمبر المنصرم بعض البلبلة والجدل، حين تحدثن بصوت مرتفع وغاضب وأسى عن قصص معاناتهن حيث كن: سفرهن عبر مكاتب عمل موريتانية وقّعت معهن عقود كعاملات منازل في السعودية، لتتحول حياتهن لجحيم، لأنه تمّ التنكيل بهن جسديا ونفسيا وفرض عليهن العمل لثمانية عشر ساعة متواصلة في اليوم، دون فترات راحة، وتعرضت بعضهن للاعتداء
هل يمكن في القرن الحادي والعشرين أن تكون هناك دولة تمتد على رقعة شاسعة ما بين الساحل والصحراء وتطفو على حقول نفط من الدرجة الأولى، وألاّ توجد فيها شبكة مواصلات تربط أطرافها المترامية، مترو، قطار، أو محطات ووكالات باصات عامة. تملك ليبيا استثمارات خارجية بعائدات تكتسح حسابات دول كثيرة في العالم. ولكن وخلال حكم القذافي لأربعة عقود، لم يحظ المواطن بخدمات توازي هذه الثروة. في العام 2011 ــ
في الجزء الأول من هذه القصة وقائع الصفقة التي وقّعها علي عبد الله صالح وعبد ربه منصور هادي والتي كانت تفترض أن الأخير رئيس مؤقت بانتظار استلام احمد بن صالح الرئاسة، وكيف انقلب هادي على ذلك الاتفاق كان علي عبد الله صالح قد بدأ فعلياً في
على الرغم من أن الهبة الشعبية الأخيرة في الأراضي المحتلة أتت لتحْكم مجددا بفشل أنظمة واستراتيجيات الاحتواء والترويض الإسرائيليين للتجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر، فإنها وفي الوقت نفسه، تثير تساؤلات صعبة حول آليات المواجهة الفلسطينية لسياسات الاحتلال الإسرائيلي، وحال العمل السياسي والكفاحي للفصائل الفلسطينية وأنماطه. أول هذه التساؤلات يتعلق بدور الفصائل والقيادة
"إنتاج وفير قادم في الطريق ليغير وجه الحياة في مصر".. هي الجملة الأثيرة لدى كل حكومة مصرية عند زف بشرى (حقيقية أو مصطنعة) لمشروع ما، يحاول الحاكم ورجاله من خلاله أن يحجزوا لأنفسهم مكاناً في كتب التاريخ أو مكانة معنوية تقيهم الغضب الشعبي المكتوم، الذي يختمر دوماً ثم ينفجر من دون إنذار وبلحظة غير متوقعة. البشرى الأخيرة تلت إعلان شركة إيني الايطالية عن حقل ضخم للغاز الطبيعي بالمياه
.. لم تمضِ سوى ساعات قليلة على قسم وزير التعليم الجديد لليمين الدستورية حتى واجهته أول أزمة بسبب عدم إجادته للكتابة باللغة العربية، وأخطائه اللغوية والإملائية، وركاكة الأسلوب واللغة الشعبية التي يستخدمها. وقد تم اكتشاف ذلك من خلال صفحته على فيسبوك وما كتبه خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. وأمام العاصفة التي هبت (وصفت الصفحة "بصفر الوزير" تشبيها "بصفر مريم"، طالبة الثانوية
منذ سنوات، دأب أحد الأقارب من أبناء القدس الأصيلين يحذّرني من أنّ المخططات الإسرائيلية للاستيلاء على الحرم الشريف جاهزة بل قيد التنفيذ، وسيتم تحويل ساحاته إلى "حديقة وطنية" ترتبط بالمساحات الاستيطانية اليهودية المقامة في شرق المدينة المقدسة (حيث ستقام "الحديقة التوراتية")، بواسطة فتح "باب التوبة" (المغلق منذ العهد الأيوبي) في الجدار الشرقي للحرم، ثم إقامة
لا نسأل إن كانت هذه انتفاضة، ولا إن كانت وتيرة العمليّات والاشتباكات والتظاهرات ستظلّ على ما هي عليه. هذه الأسئلة غير ناجعة، إذا كان الهدف تشكيل صورة اجتماعيّة وسياسيّة متكاملة لما يحدث على الأرض في فلسطين، ولا هي ناجعة لتشييد إطارٍ نظريّ سياسيّ للحالة الثوريّة القائمة. لا يُجدي السؤال عن المقاومة، لأنّها ردّ فعلٍ بتعريفها. فهي تُعرّف بموجب الفعل الذي تناقضه. لذا، فالسؤال هو إسرائيل: ما هي
مع حلول السنة السياسية الجديدة في تونس، فرض نفسه مشروع قانون "المصالحة الاقتصادية" الذي اقترحه رئيس الدولة وصادقت عليه الحكومة في شهر تموز/يوليو كأحد العناوين المركزية للصراع السياسي الدائر في البلاد والذي تبدو جائزة نوبل للسلام عاجزة عن التخفيف من وطأته، هي التي أرادت الاحتفاء "بالنموذج التونسي" للتطبيع مع الإسلام السياسي الراضخ لشروط المصالحة السياسية. <br
في 14 آب / أغسطس، مرّت الذكرى الرابعة والأربعون لإعلان استقلال البحرين، وهي مناسبة لا تندرج في قائمة الأعياد الرسمية، بل لا تعتبرها الأجهزة الحكومية مناسبة وطنية تستحق الاحتفال بها. فالعيد الوطني الرسمي يقع في 16-17 كانون الأول/ ديسمبر، احتفالاً بتولي والد الملك الحالي مقاليد الحكم في سنة 1961. وبمقابل إصرار الأجهزة الحكومية على تجاهل ذكرى الاستقلال، ثمة إصرار بين نشطاء المعارضة على الاحتفال
السعودية تقود تحالفاً عربياً يخوض عمليات "عاصفة الحزم" التي تحولت، وبدون مبررات ميدانية الى "إعادة الأمل".. الذي ما زال مفقوداً بالرغم من الاعلان عنه منذ 21 نيسان/ ابريل. الحرب جريمة متكاملة لا عدل فيها غير حيز الدفاع عن النفس. وهي لا بد أن تنتهي إلى نتائج ملموسة وتمهد لحلول مقنعة، كلما كانت واقعية ومنصفة كلما قلَّ احتمال اندلاعها مجددا، ولو بعد حين. عمليات عاصفة الحزم او
على الرغم من اعتقاد كثير من العرب أنهم يمكن أن يؤثروا في السياسات الحكومية، فإن القليل منهم يعتقدون أنّ القادة السياسيين يهتمون لاحتياجات المواطنين العاديين. وفي جميع البلدان عدا واحد، لا يتعدى عدد الذين يوافقون أو يوافقون بقوة (في زمن الربيع العربي)، على أنَّ الموظفين الحكوميين يهتمون لاحتياجاتهم النصف. وعلاوة على ذلك، لا يوجد أيضاً أي فرق واضح بين البلدان التي شهدت ثورة وتلك التي لم تشهد،
"يسيل الماء إلى أعلى، بل يقفز من الوديان إلى رؤوس الجبال، ليحرم كلّ من سكن السهول من الماء.. يا رجل". هكذا تحدث الشيخ زوبعة لأحد خبراء الاقتصاد الذي رأى لأول مرة الألم في عيون الأهالي. وصف الخبير التفاصيل الدقيقة لما رأى في جولة حول مدينة القمر.. ياريخ.. أريحا، أقدم مدن العالم وأكثرها انخفاضاً في الدنيا. الماء.. الخرير.. الحياة.. لا يوجد كنت أسمع السيل المتدفق من
نعيد نشر هذا المقال بتاريخ 23 تشرين الأول / أكتوبر 2016 لراهنيته، وكان نشر في الأصل بتاريخ 26 شباط / فبراير 2015: هل قامت الثورة المصرية؟ المشهد الآن يبدو مرتبكاً وحائراً، والذين قاموا بالثورة أصبحوا يتساءلون بحدة عما حدث، وهل "عُبِث" بالتاريخ، وهل ما مضى كان مجرد أربع سنوات؟ كل هزيمة شديدة المرارة، والعجز أشدّ وطأة من الهزيمة نفسها.
والدٌ ساخطٌ يعود إلى البيت بعد يوم عمل شاق. يتناول غداءه وهو يحمل مذياعاً في يد، وصحيفة في اليد الأخرى، وفي الخلفية التلفاز. الوجبة لذيذة، أمّا الأخبار فعسيرٌ هضمها: أخبار حروب ودمار وهزائم تفاقم القرحة لديه. وكي ينفّس عن نفسه، يرشف الشاي بالنعناع ويتنهّد قائلاً: "لعن الله العرب! شعب فاشل". وبهذه الكلمات الدينية ينهي وجبته كما تنهي الأم وجبتها قائلةً "آمين". مثل هذا مألوف
دعوات تم اطلاقها بشكل دعائي الشتاء الماضى عن فتح ابواب الكلية الفنية العسكرية لإيواء المشردين، ثم تمَّ نفيها، ولم يكترث أحد، فقد مرّ الشتاء وعادت شمس الصيف من جديد. والآن شتاء جديد يأتي وسط نشاط ملحوظ ـ حتى لو بقي تأثيره محدوداً مقارنة بعدد المحتاجين ـ لجمعيات أهلية تعمل بهدوء وتشكل ما أطلق عليه مؤخراً "قوات مكافحة البرد"، في مقاربة مع اسم "قوات مكافحة الشغب" الذي
القدس، المدينة الفلسطينية العريقة، مكانٌ أسطوري تروي حجارتُه قرونا من الأطماع والصراعات ومن التآلف والوئام. ملايينُ الحجاج والسيّاح جابوا هذه القطعة متناهية الصغر من الأرض المقدسة، وكأنهم لا يرتوون فيعودون هم أنفسهم ويأتي دوماً سواهم. في متاهات الأزقة متعددة الألوان والروائح، تتفحّصُنا بأنَفَة وجوهٌ وسَمتْها عقودٌ من الاضطهاد بميسمِها، كأنّها تقول لنا إنها وإن تكن تتقاسم هذه المدينة التي تحبها
المزيد