قتلة متنكّرون

من فلسطين تأتينا هذه الأيّام مقاطع فيديو كثيرة تُظهر استشراس قوات الاحتلال في مواجهة شعب قرّر أن الكيل قد طفح. في أحد هذه الفيديوهات يظهر عدد من المتظاهرين قرب مستوطنة بيت إيل شمال شرق رام الله، في لحظة ما يشهر عدد ممن يفترض أنّهم متظاهرون مسدّساتهم ويبدأون بتصويبها على الآخرين وضربهم، وأخيراً يقومون بمساعدة جنود الاحتلال في اعتقال ثلاثة منهم. هؤلاء لم يقرّروا في لحظة ما خيانة
2015-10-22

شارك
ظهور المستعربين في مظاهرة ببيت إيل

من فلسطين تأتينا هذه الأيّام مقاطع فيديو كثيرة تُظهر استشراس قوات الاحتلال في مواجهة شعب قرّر أن الكيل قد طفح. في أحد هذه الفيديوهات يظهر عدد من المتظاهرين قرب مستوطنة بيت إيل شمال شرق رام الله، في لحظة ما يشهر عدد ممن يفترض أنّهم متظاهرون مسدّساتهم ويبدأون بتصويبها على الآخرين وضربهم، وأخيراً يقومون بمساعدة جنود الاحتلال في اعتقال ثلاثة منهم. هؤلاء لم يقرّروا في لحظة ما خيانة "إخوانهم". هؤلاء وراءهم تاريخ طويل من التدريب والإعداد السّريّ. هم "المستعربون" الذين تتزايد مشاركتهم في القمع الآن كما تزايدت أثناء الانتفاضتين الأولى والثانية. لكنّ القصّة أقدم من هذا.
المستعربون هم إسرائيليون يتلقون تدريبات تمكّنهم من التنكّر في هيئة عرب ثم الانخراط في المجتمعات العربية من أجل مهمات محدّدة، ليس فض التظاهرات إلّا إحداها. وهناك اليوم وحدات عدة لهم منها وحدة "دوفدوفان" وهي إحدى فرق النخبة في الجيش الإسرائيلي، مهمتها المساعدة في تنفيذ الاعتقالات الخطيرة في البلدات العربية، وهناك وحدة "يماس" التابعة لحرس الحدود، ووحدة "ماتسادا" التي ينشط أعضاؤها في السجون، وأخيراً وحدة "جدعونيم" التابعة للشاباك والتي يتكل عليها حاليّاً في عمليّات القتل.
في دراسة بعنوان "المستعربون: فرق الموت الإسرائيلية"  يتحدّث الباحث غسان دوعر عن تاريخ المستعربين وأدوارهم التي بدأت منذ ما قبل النكبة حين كانوا مرتبطين بمنظمة البلماخ. هذه الأدوار لم تتوقف منذ ذلك الحين، وقد امتدت لتصل إلى الدول العربية بل وإلى أوروبا وأميركا اللاتينيّة. ويبرز دوعر في دراسته دورهم في تهجير يهود العراق حيث أوفد ديفيد بن غوريون جماعاتٍ منهم إلى هناك للقيام بأعمال تخريبية بين اليهود بعد أن رفضوا في البداية الانتقال إلى إسرائيل ، ونسبتها للاجئين الفلسطينيين.
حُلّت هذه الوحدات أكثر من مرّة ثم أعيد تشكيلها حتى استقرت على صيغتها الحاليّة، وإذا كان جنود الوحدات "النظاميّة" في الجيش الإسرائيلي يرتكبون اليوم جرائم مفزعة من قبيل محاصرة فتاة عزلاء (إسراء عبيد) وقتلها من مسافة قريبةٍ جدّاً، ومحاصرة شاب مصاب (أحمد مناصرة) وإسماعه أقذع الشتائم أثناء مطالبتهم له بالموت، فما بالك بوحدات تحيطها بها السّريّة التامة. أحد أعضاء واحدة من فرق الموت هذه يعترف في وثائقي للقناة العاشرة الإسرائيليّة أن 90 في المئة من عملياتهم تؤدي إلى موت الشخص المطلوب، بينما يقول آخر إنه تعلّم أنه حين يطلق النار على أحد ما لا يفعل ذلك من أجل إخافته بل الهدف دائماً هو القتل.

قوانين الحرب والقانون الدولي الإنساني تحظر استخدام هذا النوع من المقاتلين، فالزيّ الموحد هو عامل أساسي للتمييز بين المدنيين والمقاتلين، وهو المبدأ الأساس في كل قوانين الحرب. هذه ليست وحدات "تنتهك" قانون الحرب، إنما وجودها نفسه، المُمأسس، العلني والذي يعرفه الجميع وتعترف به إسرائيل، هو انتهاك لقوانين الحرب. 

للكاتب نفسه

الفلسطينيون في لبنان وحقّ العمل

ربيع مصطفى 2019-07-21

علاوة على التوظيف السياسوي الطائفي على المستوى الداخلي، يأتي المس بحق العمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان متزامناً مع محاولات جاريد كوشنر تفعيل "صفقة القرن"، وهي التي تصطدم بعقبات من أهمها...