يسدل الليل ظلامه فوق بيوتات الأحياء الشرقية والغربية، بكل أوجاع أهلها، كأنه يدثّرها بالعتمة، وبغفوة نوم تحلم بها بعد يوم صاخب بالضجيج والعويل والدمار. تصمت أصوات القذائف ولعلعة الرصاص، ويختفي هدير الطائرات الحربية ودويّ البراميل المتفجرة. وكأنّ سماء المدينة تسترجع ألق نجومها، وصفاء ضوء قمرها الذي لا يستثني حياً شرقياً "معارضاً" (الفردوس، الكلاّسة، القصيلة، باب النيرب، الشعّار، كرم
يسيطر موضوع ارتفاع أسعار السكن في نواكشوط على أحاديث الموريتانيين هذا العام. وتعاني العاصمة الموريتانية ازمة سكن متفاقمة حيث ثلث الموريتانيين يسكنون في نواكشوط لأسباب عديدة من أهمها غياب اللامركزية، في وقت تقف السلطات عاجزة عن وضع سياسات عمرانية. تضاعف سعر شراء المنازل في بلد يعيش أكثر من خمسين في المئة من أبنائه تحت خط الفقر. ويكثر الإقبال على الإيجار الشهري الذي قفز خلال الأعوام القليلة
أسوأ ما في حال اليمن اليوم، أن كل الموت الذي يمرّ به ليس أخطر ما يواجهه. فقبل أعوام، حذر البنك الدولي من أن صنعاء ستكون أول عاصمة في التاريخ ينضب منها الماء. وهناك أكثر من 4 ملايين يمني يعيشون في العاصمة وضواحيها. وتفاقم الحرب الأخيرة المشكلة، بفعل النزوح الكثيف لمئات آلاف اليمنيين الى خارج المدن أو القرى، مما شكل ضغطاً جديداً على موارد قليلة بالأصل. تقدّر الموارد المائية المتاحة في...
لماذا تبدو الحرب بالنسبة للبعض منطقية في عمران وغريبة في عدن أو تعز؟ لماذا تتعافى مدن كعدن من الحرب أسرع من غيرها، ويتسابق الشباب على عجل إلى تنظيف الشوارع وإعادة دورة الحياة؟ لماذا تنتهي الحروب بسرعة في مناطق كتعز وإب، بينما لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد حول صنعاء؟ لا علاقة للأمر بالخير والشر، بل هو الاقتصاد بدرجة أساسية. يغرق شمال الشمال القبلي في اقتصاد الحرب، وتُعرّف قبائله كـ
أسرار التفاصيل الدفينة للعلاقات السعودية اليمنية قد لا تحتويها الا صناديق سوداء شبيهة بتلك التي تحملها طائرات النقل الجوي، فهي مليئة بما لا يخطر على بال. فالسعودية تقبّلت التعايش مع دولة الإمامة بعد أن خضعت الأخيرة لسطوة الجار المتجبر. استثمرت السعودية في صراع الإمام يحيى مع الأدارسة على أرض اليمن، في عسيرها وجيزانها، فدافعت عنهم بوجه الإمام ثم انقلبت عليهم بعد أن توافقوا مع الإمام، فأعلنت أن
"التوك توك" في مصر "ظاهرة اجتماعية". وهو ظهر تدريجيًا في مناطق مختلفة منذ عام 2007 وتوسًّع مع الوقت ليصبح وسيلة مواصلات هامة يعتمد عليها عدد كبير من المصريين. البدايات والتقنين عربة صغيرة ذات ثلاث عجلات، تتسع بالكاد لثلاثة أفراد، بدأت في الظهور عندما اقترحت الحكومة بقيادة الحزب الوطني، الحاكم وقتها، استيراده من أجل حل
لا تندرج النظرة الصوفية إلى المرأة، عموما، في سياقات الرؤية العربية الإسلامية الكلاسيكية. نعني تلك الرؤية الفقهية إذ تتشكل ضمنها المباني النظريّة والعمليّة، مستثمرةً مفاهيم الذكورة والسيطرة بما هي تجلياتٌ للقوامة التي تحرص، في شكل من الأشكال، على مأسسة مخيال الذكر القبَليّ/ القائد الاعلى/ والمنتِج الأوحد. المخيال ذاتهُ، تكون المرأة فيه "منفعلا" في دائرة الفعل الذكوري الأصيل. المرأة
زجاج استديو التصوير الذي ثبتناه بعرق أربع سنوات، يشبه تماماً زجاج المنزل الذي رفض أن يستقر أو يتفتت، فبقي متشققاً كأرواح المحتمين به التي لم يخترها الموت ونسيتها الحياة، لتبقى عالقة في برزخ يبدو أن موعد انقضائه لا يزال بعيداً. في رابع أيام الحرب وجدتُ "بأسي" في الفن الذي اختاره قسم من أبناء وبنات اليمن عوضاً عن السلاح. وهذا تركته قبائلهم لاثني عشر شهراً إبان انتفاضة 2011، لكنه عاد
ستجري الانتخابات الجماعية (البلدية والمحلية) في المغرب يوم الرابع من أيلول/سبتمبر المقبل. خصص أحد عشر يوما لإيداع الترشيحات وبعدها تبدأ الحملة الانتخابية ثم التصويت. وقبل الوصول للنهر لقطعه أو الغرق فيه، تجري أنشطة كبيرة تحضيرا للاستحقاق الانتخابي الذي يجري في ظل دستور 2011، نتاج الربيع العربي / الأمازيغي. الدستور خفض عدد جهات (محافظات) المغرب من 16 إلى 12، وزاد من اختصاصات المنتخِبين، وأوصل
تنتمي "القبة الحديديّة" التي نشرتها إسرائيل بعد انتهاء حرب تموز/يوليو 2006 مع لبنان، الى "الأسلحة الهجومية المستقلة" القائمة على "الذكاء الاصطناعي". إسرائيل كانت سبّاقة في اعتماد هذا النظام، والوظيفة التي تؤديها "القبة الحديدية" هي رصد الصواريخ القادمة وتحديد موقعها وإرسال معلومات تتعلق بمسارها إلى مركز التحكّم الذي يقوم بدوره بحساب الموقع الذي يمكن أن
تستند سلسلة المقالات هذه إلى بحث تَشارَك في تأليفه كلٌّ من أماني الجمل من جامعة برنستون ومايكل روبنز من "الباروميتر العربيّ". وقد أصدر البحث "برنامجُ العدالة الاجتماعيّة وسياسات التنميّة" في معهد عصام فارس للسياسات العامّة والشؤون الدوليّة في الجامعة الأميركيّة ببيروت، بالتعاون مع مركز ممدوحة س. بوبست للسلام والعدالة في جامعة برنستون، وذلك بتمويل من مؤسسة إلمِر
تعطي العشوائيات صورة مفزعة للتفاوت الطبقي القائم في مصر ولغياب العدالة في توزيع الثّروة الوطنية التي استولى عليها ذوو السلطة والنفوذ عبر سنوات طويلة من الفساد لا تبدو لها نهاية في الأفق. نظرة عامة تُعرّف المناطق العشوائية بأنها "كل ما تم إنشاؤه بالجهود الذاتية سواء مبان من دَوْرٍ أو أكثر أو من عشش، في غيبة من القانون، ولم يتم تخطيطها عمرانيّا،
تقترب الذكرى الرابعة للثورة. أربع سنوات من النضال والقتال انتهى بها المطاف إلى وقوع المجتمع أسير صراع الفيلة، وهو صراع ينتمي للقرن الفائت. تعثرت أحلام الثورة وأمالها في بناء مجتمع جديد. كان العام المنصرم في مصر عام الدماء والفزع والقتل، حيث أعلنت أكبر قوتين في المجتمع الحرب الضروس، كل منهما للقضاء على الأخرى، بلا تعادل، إذ يبدو أن العسكر يدخلون العام الجديد بقوة أكثر رسوخاً من الإخوان:
توجه الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، الذي يتولى الرئاسة الدورية للإتحاد الإفريقي، إلى مدينة كيدال كبرى مدن الشمال المالي ضمن مساعي افريقية لوقف نزيف الدم بين الجيش المالي ومسلحى الأقليتين العربية والطارقية. العارفون بخفايا المنطقة لم يفاجأوا بالحضور الشخصي للرئيس الموريتاني إلى المدينة التي شهدت مجازر لم تجفّ دماء ضحاياها بعد، لأن موريتانيا تشكّل امتداداً لبعض القبائل العربية التي
اخذت الحركة العمالية الأردنية بالتبلور والانطلاق بصدور دستور 1952، الذي اتاح البدء بتشكيل النقابات العمالية. ومع نهاية الستينيات وصل عددها الى 36 نقابة. وجاءت هزيمة حزيران 1967، وما أعقبها من أحداث داخلية، لتعيد خلط الأوراق على المستويات كافة، فصدر قرار عن وزير الشؤون الاجتماعية والعمل العام 1971 بتقليص عدد النقابات العمالية إلى 24 نقابة، ليعود في العام 1976 لتقليص العدد إلى 17 نقابة،
أعمل في مستشفى الرازي، وهذا أمر سيئ للغاية. هنا لا يوجد مجانين. إنّهم آخر شيء تتوقع العثور عليه في هذا المكان. شخصيّاً، لم أقابل إلا القليلين جداً. في المقابل، فإن هناك الكثير من البؤساء. هناك أناسٌ جائعون، وأناس عراة، ومدمنون، وآخرون فارون من جحيم العمل والعائلة والزواج... والجنون. المكان موحش ويبعث على الاكتئاب، وتنبعث من أقسامه رائحة تبغ محلول في البول. وإن كان للمرض النفسي من
في ساحة «جامع الفْنا» وسط مراكش، وقف عشرات آلاف المتفرجين أمام المنصة المشادة للاحتفال بنجوم السينما الهندية الذين جاؤوا للمغرب بمناسبة المهرجان الدولي للفيلم، في دورة 2012. كانت الأجواء باردة جداً، بل وممطرة أحيانا. ومع ذلك وقف عشاق الأفلام الهندية لساعات بصبر وحماس. ما الذي يجعلهم يتحملون كل هذه المشقة؟قبيل الإجابة، ضبطتُ نفسي متلبسا بتراجع إعجابي بالسينما الهندية مع تقدمي في