آخرها بحيرة عانة.. الأنبار تفقد مسطحاتها المائية

تبعد بحيرة عانة، حوالي 3 كلم عن مركز القضاء الذي يحمل الاسم نفسه، وتكونت البحيرة بعد غمر مدينة عانة القديمة بالمياه نتيجة إنشاء سد حديثة، وكانت موقعاً سياحياً واقتصادياً يقصده الزوار من مختلف المناطق للاستجمام وصيد الأسماك.
2023-07-27

شارك

بعد مدن الوسط والجنوب، تتعرّض محافظة الأنبار إلى موجة جفاف شديدة، أفقدتها مسطّحاتها المائية، لتضاف إلى مسطحات كثيرة جفت في جنوب البلاد، كانت آخر ضحاياها بحيرة عانة.

تبعد بحيرة عانة، حوالي 3 كلم عن مركز القضاء الذي يحمل الاسم نفسه، وتكونت البحيرة بعد غمر مدينة عانة القديمة بالمياه نتيجة إنشاء سد حديثة، وكانت موقعاً سياحياً واقتصادياً يقصده الزوار من مختلف المناطق للاستجمام وصيد الأسماك.

يقول مدير الموارد المائية في قضاء عانة، أحمد مؤيد، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، إن "بحيرة عانة كانت تغذي مساحات زراعية كبيرة من الحنطة والشعير والذرة وبقية المحاصيل الرئيسة".

ويضيف مؤيد، أن "البحيرة لم تجف بالكامل ولكنها تحولت إلى مجرى مائي، فنسبة الجفاف فيها تصل إلى 60 بالمئة أو أكثر قليلاً، إذ أن الطاقة الاستيعابية لها تبلغ 8 مليارات متر مكعب وحالياً لا يتجاوز خزينها 30 بالمئة".

ويشير إلى أن "المحافظة بشكل عام تعاني من مشاكل، فالخطة الزراعية الصيفية هي صفر، أما الخطة الشتوية فتعتمد على ما هو موجود من الخزين المائي، وحاليا لا يوجد خزين، فيفترض أن نتسلم 400 متر مكعب كحد أدنى من المياه في الساعة، لكن ما يصلنا هو 150 مترا مكعبا فقط، خاصة وأن المياه التي كانت تصل من سوريا منعت أيضاً لأسباب مجهولة".

ويتابع مدير الموارد المائية في عانة، أن "الخطة التي لدينا الآن هي تأمين المياه الصالحة للشرب فقط، وري بعض البساتين والمحاصيل الزراعية البسيطة".

يشار إلى أن مسؤولين في محافظة الأنبار، أعلنوا سابقا أن سد حديثة قد يخرج عن الخدمة في وقت قريب، وهو الحال ذاته لبحيرة الثرثار، بعد نصب مضخات ضخمة لسحب مياهها من قبل وزارة الموارد المائية.

وإلى جانب الثرثار وسد حديثة، فإن بحيرة الحبانية خرجت عن الخدمة مؤخرا، وتسببت بقطع المياه لأحياء كثيرة كانت تعتمد عليها، وبلغ عدد المتأثرين بها حوالي 7 ملايين نسمة.

وكشفت "العالم الجديد"، في تقرير يوم أمس، عن جفاف أهوار ميسان بالكامل فيما تضررت أهوار البصرة وذي قار، بنسبة 85 بالمئة.

وبرزت خلال السنوات الأخيرة، أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تمّ تقليص المساحات الزراعية إلى 50 بالمئة في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات مساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى وبابل، حيث أعلن مسؤولون فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه.

في الأنبار تفاقمت أيضاً أزمة المياه، فحتى مياه العلاج في العراق قد جفت، إذ تعاني بركة مياه وادي حجلان الوجهة السياحية والعلاجية في قضاء حديثة غرب الأنبار، من الإهمال والجفاف بشكلٍ متدرج، بالإضافة لبركة ماء حاج يوسف الواقعة بين ناحية قزانية وقضاء مندلي في ديالى، التي جفت جفاف شبه تام.

إلى ذلك، تؤكد مدير قسم الأزمات والكوارث في مجلس المحافظة المنحل، أبرار العاني، خلال حديث لـ"العالم الجديد"، أن "الوضع المائي في المحافظة حرج جدا ولدينا شح في الموارد المائية التي تأتي من الخارج".

وتبين العاني، أن "بحيرة عانة هي امتداد لبحيرة حديثة وبعدها راوه، وهي مكان أشبه بخزين للمياه بأوقات الفيضان، لذلك يتم استخدام هذه المياه سواء من بحيرة عانة أو الحبانية فقط لغرض الشرب والإسالة".

وتوضح أن "الخطة الزراعية صفر والوضع المائي حرج، وما زلنا ننتظر حصول اتفاق سياسي مع دول الجوار من ضمنها تركيا لضمان إطلاقات مائية تخفف من المشكلة الحالية".

وتستطرد أن "هناك مؤتمرات دورية لمناقشة الموضوع، ولدينا تقرير وطني لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، فنحن منذ سنة نتحدث عن خطر الجفاف"، متابعة أن "خطتنا الرئيسة والتي لها الأولوية هي توفير مياه الإسالة للمواطنين لأطول وقت ممكن".

يذكر أنه خلال أقل من 4 سنوات وتحديداً منذ عام 2019 فقد العراق، نحو 53 مليار متر مكعب من مخزونه المائي، وفق بيانات وزارة الموارد المائية.

وبحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فإن هذا العام وهو الرابع على التوالي الذي يشهد فيه العراق موجة جفاف.

____________
من دفاتر السفير العربي
بلا مياه: العراق يموت
____________

وشهدت بغداد، عقد مؤتمر المياه الثالث في 6 من شهر أيار مايو الماضي، بحضور تركيا وإيران، وخلال المؤتمر أكد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني على اتخاذ معالجات لتقليل آثار ومخاطر شحِّ المياه، وتشخيص المشكلة المائية مع دول المنبع وأسبابها، مؤكدا أن اللقاءات مع مسؤولي الدول تركزت على ضرورة حصول العراق على حصته الكاملة من المياه، وتكثيف الجهود الفنية لحل الإشكالات دبلوماسيا، بعيداً عن لغة التصعيد.

في الأثناء، يبين الخبير والناشط البيئي صميم أبو فرات خلال حديث لـ"العالم الجديد"، أن "بحيرة عانة هي منخفض طبيعي الشكل يرتبط ببحيرة سد حديثة، الذي يعد أول سد على نهر الفرات، لكن منذ أكثر من سنة بدأ الاستنزاف غير المدروس وغير الكفء للمسطحات المائية العراقية بشكل عام، ما نتج عنه تهديد الأمن المائي".

ويتابع أن "الاستنزاف جاء بسبب الطلب المتزايد على المياه والتجاوزات، سواء كانت حكومية أو مدنية أو من قبل متنفذين أو المشاريع الاستثمارية الضخمة جداً، فضلا عن بحيرات الأسماك التي تقدر بمئات الكيلومترات المربعة التي تستنزف المياه يومياً".

ويكشف أبو فرات، أن "سد حديثة خرج عن الخدمة ولم يولد الطاقة الكهربائية منذ أسبوعين، بسبب انتهاء وجفاف بحيرة عانة وتحولها إلى مجرى، والخطر يكمن في خروج البحيرة عن الخدمة المائية، وذلك يهدد حقوق الإنسان البيئية والمائية".

ويؤكد أن "البحيرة يعتاش عليها أغلب سكان المدينة من الصيادين، وهناك أنواع كثيرة من الأسماك النادرة والمهددة بالانقراض مثل البز والشبوط وغيرها، وأيضاً انخفاض هذه المياه يؤدي إلى تراكيز نسب التبخر والتلوث بالتالي تعرض الثروة السمكية للعراق إلى الخطر الاقتصادي".

ويلفت إلى أن "عدد السكان المهددين بخطر شحة المياه في مدينة عانة 13 ألف نسمة، والكثير من العوائل بدأت بالنزوح إلى مدن أخرى، وكذلك الأزمة تهدد 1500 طفل بسبب تعرضهم لخطر الأمراض الجلدية بسبب المياه الملوثة أو مياه الخزن الميت".

ويتعرض العراق لمخاطر التصحر بسبب موجات الجفاف الناتجة عن قلة الحصة المائية لنهري دجلة والفرات بعد بناء عدة سدود عليهما من قبل دول الجوار على الرغم من وجود اتفاقيات ومعاهدات دولية تنظم ذلك مثل معاهدة "رامسار" للأراضي الرطبة التي انطلقت عام 1971 في إيران وأصبحت سارية المفعول عام 1975، وتتخذ من مدينة جنيف مقرا لها، وانضم إليها العراق عام 2007.

وسلطت "العالم الجديد" سابقاً الضوء على تناقص أعداد الجاموس في البلد، من ملايين إلى آلاف فقط، بسبب الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف، حيث كان سابقا في العراق 12 مليون رأس جاموس والآن 30 ألفا فقط، وهذا إلى جانب كشفها تراجع أعداد أسماك الشبوط والكطان والبني إلى مستويات خطيرة، وباتت من الأنواع النادرة.

مقالات من العالم العربي

تدمير فلسطين هو تدمير كوكب الأرض

2024-05-02

إنها نهاية العالم الذي لا ينتهي أبداً: حطام جديد يتراكم دائماً فوق رؤوس الفلسطينيين. التدمير مكوّن رئيسي في تجربة الحياة الفلسطينية لأن جوهر المشروع الصهيوني هو تدمير فلسطين. لكن هذه...