«الابتزاز الإلكتروني».. الوصم في غياب «منظومة عدالة متكاملة»

أغلب النساء اللاتي يتعرضن للابتزاز الإلكتروني لا يتخذن مسارًا قانونيًا بسب" خوفهن من أن «الأهل يعرفوا أثناء القضية، أو خوفهم من أن القضية هتاخد وقت وأن مفيش إجراء هيمنع الشخص اللي بيهددهم في وقتها»."
2022-03-03

شارك

في عامها الجامعي اﻷول ارتبطت ليلى، 21 عامًا، بأحد زملائها ثم اكتشفت بعد أكثر من عام أنه يستغلها ماليًا هي وأخريات، وحين قررت تحذيرهن، هددها بنشر صور تخصها وأخرى تجمعهما، وإرسال تلك الصور ﻷسرتها، فيما حكى لمحيطين تفاصيلًا خاصة عن علاقتهما.

كان عمر ليلى وقتها 19 عامًا، لم تعرف ماذا تفعل، لجأت ﻷصدقاء مشتركين ولأستاذة في الجامعة، اعتبروا جميعًا أنها المخطئة، وطلبت منها الأستاذة «سكرين شوت» للتهديد، لم تتخذ أي إجراء بعد حصولها عليه.

تقول ليلى لـ«مدى مصر»: «سمعتي انضرت. كل الناس كانت بتقولي عاملة نفسك شريفة وأنتي وسخة. هددني كمان يفبرك صور ليا وتسجيلات. قعدت سنة كاملة خايفة أروح الجامعة. كنت بروح بس على الامتحانات».

اﻷمر نفسه تكرر مع سحر 28 عامًا، وتعمل في تقنية المعلومات، والتي تعرضت قبل عشر سنوات للابتزاز والتهديد بنشر صورها إلكترونيًا، وإرسالها لأسرتها من شخص كانت على علاقة به لعامين. تحكي سحر لـ «مدى مصر»: «أنا كنت باعتالُه صور ليا وأنا في البيت من غير حجاب. هددني بالصور دي عشان كان عايزني أروحله البيت. ما كانش عندي حد ألجأ له أو أحكيله. رد فعل أهلي كان هيبقى مأساوي. قررت أن لو فيه ريسك 50% ينشر صوري ويبعتها لأهلي، هيكون 100% لو روحتله البيت، فقلت له: اعمل اللي أنت عايزه بالصور، وعملتله بلوك».

خلال الشهرين الماضيين، أنهت فتاتين قاصرتين حياتهما بسبب الابتزاز الإلكتروني والتشهير. في 23 ديسمبر، أنهت بسنت خالد، 17 عامًا، حياتها بعد حملة تشهير وتنمر من المحيطين بها بعدما نشر شخصان صورًا خاصة منسوبة لها على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي 29 يناير أنهت هايدي شحتة، 16 عامًا، حياتها بعد نشر صور خاصة منسوبة لها على وسائل التواصل الاجتماعي، ضمن عملية ابتزاز تعرضت لها هي وأسرتها.

«الابتزاز الإلكتروني هو أكتر حاجة بيتبعت عليها رسائل من ساعة ما بدأنا، وكل يوم بييجي مش أقل من 100 رسالة بتتكلم عن ده، انتحار بسنت وهايدي خلى الناس تركز أكتر في المشكلة» تقول جهاد حمدي من «Speak Up»، المبادرة النسوية التي تبنت حملات وقدمت دعمًا لنساء واجهن أشكالًا مختلفة من العنف على مدار العامين الماضيين.

ترجع حمدي ما قامت به بسنت وهايدي إلى الخوف من الأهل والمجتمع، ومن وصم يستمر مدى الحياة نتيجة فعل قامتا به أو لم تقوما به. وتضيف لـ«مدى مصر»: «الجريمة دي عمرها ما هتكون موجودة لو المجتمع في حالُه، والأهالي متفهمة، ومستعدة تتقبل غلطات البنات زي الولاد. لأن المبتزين في الأصل بيعتمدوا على التهديد بالأهل ووصم المجتمع».

تمنت ليلى لو استطاعت أن تحكي لأسرتها، وأن تحصل على دعم من أستاذتها، فيما قالت سحر إن «الأهل كدة كدة بعيد، مش هيتفهموا، هيشوفوا إني غلطانة حتى لو ضحية، وبتوصل لحد يقتل حد عشان المجتمع مش هيقبل إني أنا بعت الصور. الأهل لازم يبطلوا يلوموا البنات، أنا كنت حاسة إني لوحدي وخايفة عشان مفيش حد أحكيله».

وفي حين تمنت ليلى لو كان لديها وعي ومعرفة أن بإمكانها تحرير محضر ضد المبتز، اعتبرت سحر أن «دلوقتي فيه أمل في بلاغات، بس مفيش أمان، بالذات أن فيه بيانات لبنات بتتسرب من النيابة».

كانت فتيات كثيرات تشجعن للإبلاغ عن تعرضهن للابتزاز الإلكتروني مع بدء الحركة النسوية ضد العنف الجنسي قبل عامين، وما أظهرته النيابة العامة من اهتمام بالموضوع، وما تبعه من سلاسة لافتة في عملية تحرير البلاغات، حسبما تقول المحامية عزة سليمان لـ«مدى مصر»، موضحة أن المشكلة كانت في عدم جاهزية الشرطة لهذا الكم من البلاغات. «بيروحوا يلاقوا ما حدش فاهم، وفيه أحكام أخلاقية: بعتيله صور ليه؟ أو يتقالهم الموضوع مش مستاهل، اعمليله بلوك»، لافتة إلى أن الوضع في المحافظات أشد سوءًا من القاهرة، وأن أغلب النساء لا يحررن محاضر خوفًا من العادات والتقاليد وخوفًا من نفوذ المبتزين.

من جانبها، قالت حمدي إن أغلب النساء اللاتي يتعرضن للابتزاز الإلكتروني لا يتخذن مسارًا قانونيًا بسبب خوفهن من أن «الأهل يعرفوا أثناء القضية، أو خوفهم من أن القضية هتاخد وقت وأن مفيش إجراء هيمنع الشخص اللي بيهددهم في وقتها»، وهي ترى أنه يجب تسريع وقت تعامل مباحث الإنترنت مع البلاغات، «لأن اللي بيتم تهديدها ممكن حياتها تتدمر أو تنتهي خلال الـ21 اليوم اللي بتستناهم عشان المحضر يروح النيابة. كمان محتاجين يكون فيه سرية لبيانات الضحايا وأن مش شرط الأهل يعرفوا أو يكونوا موجودين أثناء البلاغ لأن لو البنت مش قادرة تقولهم عشان خايفة منهم ده هيخلي الموضوع أصعب».

التقرير الكامل على موقع "مدى مصر".

مقالات من العالم العربي

عبد الله النديم، ثائر لا يهدأ

أشهرت البعثة البريطانية إفلاس مصر فى السادس من نيسان/ إبريل عام 1879. وفي أعقاب ذلك الإعلان، قام السلطان العثماني بعزل الخديوي إسماعيل وتولية ابنه "محمد توفيق باشا" على مصر بدلاً...