بين النيابة العامة والقانون.. لماذا يستمر التعذيب في مقار الاحتجاز؟

«ما حدش بيتحاسب إلا لو المسجون مات»، هكذا قال لـ«مدى مصر» محامٍ يمثل أسرة مسجون لقي حتفه داخل أحد أقسام الشرطة في محافظة القاهرة.
2022-02-03

شارك

نشرت صحيفة ذا جارديان البريطانية، الاثنين الماضي، تقريرًا عن تعرض عدد من سجناء قسم شرطة السلام أول، في القاهرة، للتعذيب، استنادًا إلى مقطعي فيديو حصلت عليهما الصحيفة، مرجحة أن يكون تصويرهما تم في نوفمبر من العام الماضي.

مقطعا الفيديو اللذان امتنعت «ذا جارديان» عن نشرهما، ونشرتهما مواقع أخرى، أظهر أولهما محتجزين اثنين في ملابسهما الداخلية، معلقين من أذرعهما (خلفي) على شبكة معدنية، فيما يقول القائم بتصوير الفيديو إنهما معلقان منذ 13 ساعة. أما الفيديو الثاني فيظهر فيه عدد من السجناء داخل زنزانة وهم يكشفون عن كدمات متفرقة في أجسادهم، متهمين ضباط مباحث وقوة شرطة قسم السلام أول، الذين ذكروا أسمائهم، بالتسبب فيها بعد ضربهم بالشوم.

الجريدة البريطانية قالت إنها اتصلت بوزارة الداخلية، لكنها رفضت التعليق، فيما نفت الوزارة في اليوم نفسه، على لسان مصدر أمني تحدث للصحف المصرية، صحة اﻷمر كله، مؤكدًا فبركة الفيديوهين بهدف نشر الشائعات والأكاذيب، وأن من نشرهما هو عنصر بجماعة الإخوان المسلمين هارب، فيما لم يصدر تعليق آخر من أية جهات رسمية، بما فيها النيابة العامة، المسؤولة قانونًا عن التحقيق في الانتهاكات التي تتم داخل أماكن الاحتجاز.

«ما حدش بيتحاسب إلا لو المسجون مات»، هكذا قال لـ«مدى مصر» محامٍ يمثل أسرة مسجون لقي حتفه داخل أحد أقسام الشرطة في محافظة القاهرة.

المحامي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، اعتبر أن ما يسمح بتكرار وقائع التعذيب داخل الأقسام هو آداء ممثلي النيابة العامة، مفسرًا بأن تعرض المحتجزين للضرب والاعتداء بعد القبض عليهم هو أمر معتاد في بعض الأقسام، وحين يُعرضون على النيابة، فإنهم عادة ما يشكون من تعرضهم للتعذيب على يد ضابط أو أمين شرطة. يوضح المحامي أن الإجراء المتبع في تلك الحالة هو أن يحرر وكيل النيابة بلاغًا، ويسمع أقوال المتهم كمجني عليه، ويطالب المعتدي، سواء كان ضابطًا أو أمينًا أو غيره، بالمثول أمام النيابة لسماع أقواله في الواقعة، وهو أمر نادر الحدوث، بحسب المحامي.

كما لفت المحامي إلى أحيان أخرى يكون المحتجزون فيها «محطوطين في التلاجة»، أي يقضون فترة عقوبة أو حبس احتياطي طويلة داخل قسم الشرطة، دون عرضهم على النيابة، وفي هذه الحالة يُبلغون أسرهم خلال الزيارة، أو عبر وسيط، بتعرضهم للتعذيب. في هذه الحالة، بحسب المحامي، حين يقوم محامي المحتجز بتقديم بلاغ أمام النيابة ضد القسم والمسؤولين عنه، فالمفترض أن تستدعي النيابة بدورها المسؤول عن القسم لسماع أقواله، أو أن تقوم بزيارة مفاجئة للقسم، غير أن ما يحدث على أرض الواقع، بحسب المحامي، هو أن وكيل النيابة يتواصل مع المسؤول عن القسم ويخبره بوجود بلاغ من أحد المحتجزين لديه ويطالبه بتسوية الأمر.

ما أشار له المحامي من مسؤولية النيابة العامة عن استمرار التعذيب داخل أماكن الاحتجاز، أيده مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد، الذي قال لـ«مدى مصر» إن الشرطة تمارس ما كانت تمارسه أيام الرئيس الأسبق حسني مبارك، وأسوأ، وأنها بمنأى عن العقاب، سواء بالإرادة السياسية أو عبر النيابة العامة، التي تتعمد تجاهل البلاغات، لافتًا إلى أن التعذيب يتم إما في أقسام الشرطة أو في مقار أمن الدولة، ومشددًا: «لو النيابة جادة تخضع تلك المقار للتفتيش المفاجئ».

حتى إن لم تستطع النيابة تجاهل بلاغ التعذيب، في حالة وفاة الضحية مثلًا، يظل بطء التحقيقات وما يصاحبه من زيادة نفوذ الجاني بالترقي الوظيفي، سببًا إضافيًا لاستمرار جرائم التعذيب داخل مقار الاحتجاز، بحسب المحامي بمؤسسة حقوق للقانون وأعمال المحاماة، عمرو محمد، الذي أقام في يونيو 2019 دعوى ضد رئيس مباحث قسم شرطة حلوان اﻷسبق ومساعده، لتسببهما في مقتل مواطن كان قد قُبض عليه للتحري، قبل أن يعتدي عليه الضابط ومساعده بالضرب والركل أثناء استجوابه، ليلفظ أنفاسه داخل القسم خلال الـ24 ساعة اﻷولى من احتجازه.

بقية التقرير على موقع "مدى مصر"

مقالات من العالم العربي

غزة القرن التاسع عشر: بين الحقيقة الفلسطينية والتضليل الصهيوني

شهادة الكاتب الروسي ألكسي سوفورين الذي زار غزة عام 1889: "تسكن في فلسطين قبيلتان مختلفتان تماماً من حيث أسلوب الحياة: الفلاحون المستقرون والبدو المتجوّلون بين قراها. الفلاحون هنا هم المزارعون....

"تنصير" العيد في اليمن

يُعْجَنُ الرماد الناتج عن اشعال الحطب للطهي، بمادة "الكيروسين" أو "الديزل" المساعِدَتين على الاشتعال. ثم تقطّع العجينة وتُوْضَع داخل علب صغيرة معدنية، بينما يُكْتفى في مناطق أخرى بتشكيل هذه العجينة...