في 24 أيار/ مايو الجاري، نشر "اتحاد القبائل العربية" في صفحته على منصة التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، صوراً مرفقة بتعليق، بيّن أن وفداً من دولة قطر، يضم ممثلين عن "مجموعة الشيخ جاسم القطرية" (مجموعة أسسها في العام 1993خالد بن جاسم المنتمي إلى العائلة الحاكمة)، زار "إبراهيم العرجاني"، الذي يترأس هذا الاتحاد المعلن عن تأسيسه مطلع الشهر الجاري[1]. صيغ التعليق المختصر بأسلوب مقارِب للبيانات الرسمية، التي تصدرها الهيئات والوزارات في القاهرة، ما أثار تساؤلات عدة عن دور "العرجاني"، ومدى قوته، التي تسمح له واتحاده بمجاراة الهيئات الرسمية للدولة.
ووفق ما نشره "اتحاد القبائل العربية"، فقد تمّ بحث سبل التعاون المشترك في المجالات الصناعية والزراعية والتجارية، والاتفاق على تأسيس عدد من الشركات المشتركة، إضافة إلى توقيع بروتوكول تعاون مشترك، بين الشركات المملوكة للاتحاد وبين "مجموعة شركات الشيخ جاسم القطرية". وقد صنف المصريون الزيارة على أنها تبدو رسمية، بعد أن صرّح الناطق الرسمي باسم الاتحاد، "مصطفى بكري"، في وقت سابق من الشهر الجاري، بأن "الاتحاد" فصيل من فصائل الجيش المصري، لكنه سرعان ما عاد ونفى قوله، مؤكداً أنه يعني أن "الاتحاد" سيكون عوناً للقوات المسلحة والسلطة، وليس ميليشيا مسلحة منفصلة.
ما الأمر؟
حمل تأسيس "الاتحاد" علامات استفهام وتساؤلات كثيرة، إذ صار مؤكداً أن "العرجاني" قد صار ذراعاً رسمية ومعلنة للسلطة في مصر، بعد شبهات أثيرت حوله مؤخراً، منذ انطلاق حرب الإبادة الجماعية في غزة في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. فمجموع شركاته، وخاصة منها شركتا "أبناء سينا" و"هلا" (لم نجد لها أية بيانات في دليل شركات السياحة الرسمي، ولم نصل في بحث سابق إلى أي سجل تجاري لها، لكنها تمتلك الحقوق الحصرية لنقل وإعادة أي عابر من قطاع غزة إلى مصر)، قد لعبتا دوراً مهمّاً في ما يعرف بعملية "تنسيقات معبر رفح"، إذ أُجبِر الغزيون والنازحون من القطاع المحاصَر على دفع مبالغ مالية، وصلت إلى حوالي 10 آلاف دولار عن الفرد الواحد، لتمكينهم من العبور إلى "سيناء"، إما للاستقرار في مصر، وإمّا للسفر إلى أوروبا ودول عربية. وهناك شهادات توثِّق أن الشركة فرضت رسوماً تصل إلى حوالي 5 آلاف دولار، على مرور شاحنة المساعدات الواحدة، إضافة إلى سيطرتها على حركة مرور الشاحنات التجارية إلى غزة أثناء الحرب أيضاً. وعلى الرغم من عشرات التقارير الحقوقية والصحافية التي سجّلت شهادات النازحين حول القضية، إلا أن السلطة في مصر لم تتخذ أي إجراء رسمي حيال تلك التجارة، ما يؤكد شكوكاً دائرة حول علاقة أجهزة سيادية مع الشركة، وعملية التنسيقات التي تجرى تحت إشرافهم.
السيسي وثمن دماء الفلسطينيين
26-02-2024
أيضاً، ظهر "العرجاني" في حفل تدشين الاتحاد في موكب ضخم، ضم حوالي 30 سيارة فاخرة ، كما تم تأمينه من قِبل رجال الميليشيات المسلحة، الذين ينتمون إلى قبيلة العرجاني، "الترّابين". ووفق مؤسسة "سيناء لحقوق الإنسان"، فقد صار "العرجاني" أول مدني يهبط بطائرة في مطار "الجورة العسكري"، في الأول من أيار/ مايو الجاري، وذلك منذ العام 1982، أي منذ تحرير "شبه جزيرة سيناء" كاملة، (يُعد المطار مقراً للقوات متعددة الجنسيات، في جنوب الشيخ زويد في شمال سيناء). إذ أنه ظهر في مقطع مصور داخل المعسكر، بعد أن أقلته طائرة حكومية من طراز ("غولف ستريم" 4) من قاعدة "ألماظة الجوية" في القاهرة، وهو ما لا يحدث إلا في حالات استثنائية، يكون فيها الضيف ملحقاً عسكرياً لدولة أجنبية.
للعرجاني 9 شركات: "أبناء سيناء للتجارة والمقاولات"، و"أبناء سيناء للتشييد والبناء"، و"مصر سيناء للتنمية الصناعية والاستثمار"، و"نيوم للتطوير العقاري"، و"أيتوس للخدمات الأمنية"، و"هلا للاستشارات والخدمات السياحية"، و"سيناء للخير"، و"العرجاني للتطوير العقاري"، و"إي جي مكيس للخرسانة الجاهزة". ويعمل بتلك المجموعات حوالي ألف موظف، إضافة إلى 3 آلاف و200 عامل ومهندس، وتنفذ ما يزيد عن 450 مشروعاً.
يستمر العرجاني في تجارة المخدرات ويزرع عشرات من الأفدنة بمخدر "الهيدرو"، في إحدى المناطق الواقعة ضمن حيازات قبيلته، "الترّابين"، حيث تعمل مجموعات من الشباب حديثي السن من محافظات مصرية مختلفة. وتُهرّب المخدرات في أغلبها إلى "تل أبيب"، عبر الحدود مع فلسطين المحتلة. والمثير أن ذلك يحدث على مرأى من قوات الأمن، التي لا تقترب من أراضي "العرجاني" وقبيلته.
رسمت تلك المظاهر وغيرها، صورة للعرجاني، ليبدو كأحد رجال السلطة القلائل المقربين من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى درجة أن تكهنات ظهرت قبل أن يؤدي الرئيس "اليمين الدستورية" على توليه فترة رئاسية ثالثة، في نيسان/ أبريل الماضي، تشير إلى أنه ربما يختار "العرجاني" ضمن نواب رئيس الجمهورية [2]. لكن خابت تلك التوقعات، ولم يعلن الرئيس عن نواب له. وفي المقابل أُعلن عن تأسيس "اتحاد القبائل"، وتولي "العرجاني" رئاسته، ليصير بهذا الرجل الأول المتحكم في "سيناء" كاملة (تقع سيناء على مساحة تقدر بحوالي 61 ألف كيلو متراً مربعاً، أي حوالي 6 في المئة، من مساحة مصر الإجمالية، فيما تشتمل على 30 في المئة من سواحل مصر).
أثارت تلك المظاهر مزيداً من التساؤلات عن دور "العرجاني" الحقيقي وعلاقته مع السلطة، وعن تلك المكانة الاستثنائية، التي جعلته يتقاسم الأدوار الأمنية والاقتصادية والسياسية مع حكومة القاهرة.
من قلب سيناء إلى القاهرة
على الرغم من أن "العرجاني" لا يحمل حتى اللحظة أية صفة سياسية أو برلمانية أو تنفيذية في حكومة القاهرة، إلا أنه دائم الظهور إلى جانب السيسي، في المؤتمرات والفعاليات المتعلقة بـ"سيناء". وقد حاولت السلطة منحه دوراً رسمياً في كانون الثاني/ يناير من العام 2022، حين عيّنه الرئيس السيسي، عضواً بمجلس إدارة "الجهاز الوطني لتعمير شبه جزيرة سيناء" (هيئة اقتصادية عامة، كانت تتبع منذ تأسيسها في العام 2012 رئاسة حكومة القاهرة، ثم صدر القرار رقم 172 لسنة 2020، قضى بنقل الإشراف عليها إلى وزارة الدفاع المصرية بدلاً من رئاسة مجلس الوزراء)، وبذلك صار المسيطر الفعلي، رفقة الجيش، على "سيناء" بالكامل التي تحولت تدريجياً إلى منطقة شبه عسكرية.
وبالعودة إلى الوراء، وفد "العرجاني" الذي قضى فترة صباه في "خان يونس" بقطاع غزة، إلى سيناء. وحسب شهادات بعض من رجال قبائل سيناء وتقارير صحافية، فإنه عمل كمهرب بضائع في الأنفاق بين غزة وسيناء، وكانت أبرز عملياته في تهريب المخدرات والبشر (تهريب الأفارقة الراغبين في الوصول إلى تل أبيب عبر سيناء). وتصاعدت الأحداث عقب مقتل أخيه في العام 2008، ليظهر اسمه بقوة كبدوي متمرد على بطش الشرطة، إذ اختطف عشرات من قوات الأمن، متحدياً نظاماً كاملاً، يتمتع بقبضة أمنية شديدة، لتظهر قوته حينها. وسرعان ما بدأ نجمه في الصعود، بعد ثورة كانون الثاني/ يناير 2011. لكن بعدها بدأ في مهادنة قوات الجيش والسلطة الحاكمة، ليفتح ذلك له الباب أمام ترقٍّ اجتماعي وسياسي واقتصادي سريع.
____________
من دفاتر السفير العربي
في سبر أغوار سيناء
____________
وكان لتعاونه مع جهات أمنية سيادية، دور في توفير فرص عمل له مع الجيش، من دون تدقيق في مصادر ثروته المتزايدة والتي تدور شبهات حول أصولها. إذ تكشف بعض المصادر القبلية[3] التي تواصلنا معها عن استمرار "العرجاني" في تجارة المخدرات، على الرغم من صعود نجم مجموعته التجارية والاستثمارية، إذ وبحسب تلك الشهادات (لم نتبين مدى صحتها نظراً لصعوبة جمع المعلومات من داخل سيناء)، فإنه يقوم بزراعة مخدر "الهيدرو" داخل عشرات من الأفدنة، في إحدى المناطق الواقعة ضمن حيازات قبيلة "الترّابين"، وتعمل فيها مجموعات من الشباب حديثي السن من محافظات مصرية مختلفة. وتُهرّب المخدرات في أغلبها إلى "تل أبيب"، عبر الحدود مع فلسطين المحتلة. والمثير أن ذلك يحدث - بحسب وصفهم - على مرأى من قوات الأمن، التي لا تقترب من أراضي "العرجاني" وقبيلته، ووفق تقارير صحافية، فإن "السيسي" اتبّع معادلة تقوم على السماح لأبناء القبائل بزراعة المخدرات، في مقابل مساعدة قواته على محاربة الإرهاب وذلك منذ العام 2013.
بحسب بعض الشهادات المنشورة لأبناء القبائل، فإنهم قد أُجبروا على بيع أجزاء من أراضيهم إما لـ"العرجاني"، وإمّا لوسيط يعمل معه، لتتحول مساحة من الأرض بعمق 5 كيلو مترات في منطقة "العجراء" قرب "رفح الحدودية" إلى ما أُعلن عن تسميتها "مدينة السيسي الجديدة"، والتي تقوم "مجموعة العرجاني" بتنفيذها حالياً.
في العام 2018، أُعلن عن تخصيص حكومة القاهرة مساحة تقدر بحوالي 1000 كيلو متراً مربعاً جنوب سيناء، لتنضم إلى مدينة "نيوم" السعودية المزمع إنشاؤها، وقد أطلق عليه "الجانب المصري من مشروع نيوم". ولحق ذلك، الإعلان عن تأسيس صندوق استثماري مشترك قيمته 10 مليار دولار لتطوير تلك المساحة. ويربط مراقبون بين "العرجاني" والمشروعات الاستثمارية والسياحية السعودية المقرر تنفيذها في سيناء.
ويبدو أن العلاقة الوثيقة بينه وبين السلطة، قد سمحت بتعيين واحدٍ من أبرز رجال الاستخبارات الحربية السابقين كنائب لرئيس "شركة مصر سيناء"، التي يديرها "العرجاني"، ويضعها ضمن مجموعته (بعد أن بدأت كشركة مملوكة لأحد أفرع القوات المسلحة سابقاً)، مما يفسر علاقته الوثيقة مع الجيش والسلطة، والتي ربما سمحت له بتجاوزات يعاقِب عليها القانون. وقد بدأ إمبراطوريته الاقتصادية في العام 2010، حين قام بتأسيس شركة "أبناء سيناء للتجارة والمقاولات العامة"، في مدينة "العريش" شرق مصر، وهي أولى شركاته التجارية، التي صارت الآن مسيطرة بالكامل على تجارة معبر "رفح البري"، وحركة مرور الشاحنات التجارية أيضاً. كما أسس رفقة أصدقائه "سالم لافي"، و"موسى الدلح" - من أبرز أبناء القبائل السيناوية السابقين- ما يعرف بـ "اتحاد قبائل سيناء"، والذي مثّل نقلة مهمة في مسيرة "العرجاني"، بعد أن تولى رئاسته في العام 2017، إذ استطاع أن يسيطر من خلاله على القبائل الأخرى ويُخضِعها بطرق عدة، منها الدموية. وصار "الاتحاد" بمثابة ميليشيا مسلحة، مهمتها معاونة الجيش في القضاء على الإرهاب في "سيناء" - بحسب الهدف المعلن وقتئذٍ- خاصة ضد هجمات "ولاية سيناء"، التي انبثقت عن تنظيم "الدولة الإسلامية" ("داعش"). لكن كانت له أهداف أخرى، تمثلت في عمليات استخباراتية، عززها تعاون "العرجاني" نفسه، مع ضابط الاستخبارات البارز "محمود السيسي" (ابن الرئيس السيسي).
استنساخ "ميليشيا الدعم السريع" السودانية؟
وعلى الرغم من انتهاء "حرب الإرهاب" في "سيناء"، إلا أن الاتحاد ظل مستمراً من دون أن يعلن عن هدف جديد له ( بحسب شهادة من صحافي سيناوي تحدثنا معه، فإنه يذكر أن مشايخ القبائل أُخضعوا لتعليمات الأمن المصري، وصار لعدد منهم دور يؤدونه، ويحصلون على رواتب شهرية مقابل ذلك). وسرعان ما عزز النظام من وجوده بعد أن سمح بتشكيل "اتحاد القبائل العربية" على أرض "سيناء" أيضاً، ليقابل تشكيله باستهجان واسع على المستوى السياسي الحزبي والشعبي، إذ يرى المعارضون له أنه بمثابة استنساخ لتجربة ميليشيات "الدعم السريع"، التي يقودها "محمد حمدان دقلو" (حميدتي)، وشُكلت في عهد الرئيس السوداني "عمر البشير"، تحت إشراف أجهزة الدولة الرسمية آنذاك. لكنها سرعان ما تضخمت، وصارت خطراً يهدد استقرار السودان، ما أشعل فتيل الحرب بينها وبين قوات الجيش النظامي، منذ نيسان/ أبريل من العام 2023.
كيف صعد زعيم ميليشيا إلى سدة الحكم في السودان؟
17-07-2019
السودان: لماذا تدعم الإمارات قائد مليشيا؟
07-11-2019
ومنذ تأسيس "اتحاد قبائل سيناء"، كُلف "العرجاني" بدور الوسيط في مهام عديدة، ما عزز من مكانته وقوته التي فرضها بالتعاون مع قوات الأمن على أبناء القبائل، إذ أسهم في ملف تهجير أبناء سيناء من مدينتي "رفح"، و"الشيخ زويد"، عبر سنوات، تحت ذريعة محاربة الإرهاب. وبحسب بعض الشهادات المنشورة لأبناء القبائل، فإنهم قد أُجبروا على بيع أجزاء من أراضيهم إما لـ"العرجاني"، وإمّا لوسيط يعمل معه، لتتحول مساحة من الأرض بعمق 5 كيلو مترات في منطقة "العجراء" قرب "رفح الحدودية" إلى ما أُعلن عن تسميتها "مدينة السيسي الجديدة"، والتي تقوم "مجموعة العرجاني" بتنفيذها حالياً. أثار الإعلان عن تلك المدينة أيضاً تساؤلات ممزوجة بالدهشة، إذ أنه من غير المخوّل للأشخاص أو الكيانات داخل الدولة أن تتولى تأسيس مدينة. وفي أقصى التقديرات، يكون هناك ما يُعرف بنظام "الكومباوند" السكني، في خطوة تخشى الشائعات بأنها تنبئ ببداية انفصال "سيناء" في حكم فيدرالي!
ويؤدي "العرجاني" دوراً مهمّاً مع أبناء القبائل المهجرين في "سيناء"، الذين لم يعودوا بعد إلى مناطقهم أو يتلقوا تعويضات مناسبة عنها، من خلال إعادة رسم صورة ذهنية إيجابية للنظام أمام الرأي العام القبَلي، وفي ظل تحركات السلطة لزيادة الاستثمارات في "سيناء"، عبر تطويع "قانون الاستثمار"، والسماح بمزيد من التسهيلات في التملك والحيازة داخل "سيناء"، لجذب استثمارات أجنبية سيكون "العرجاني" شريكاً فيها (يظهر ذلك من خلال استقباله للوفد القطري، وإعلانه عن اتفاقيات استثمارية مقبلة).
ما بعد "سيناء"
لم يتوقف دور "العرجاني" عند حدود سيناء فقط، إذ أنه وفي العام 2023، أعلن "النادي الأهلي"، وهو النادي الأكثر جماهيرية في مصر، عن توقيع التحالف الاستراتيجي بين شركاته الخمس، وبين "مجموعة العرجاني". بموجب الاتفاق صار "العرجاني" الراعي الرسمي للنادي، في كأس العالم للأندية بالمغرب، ومتعاوناً في عدد من الملفات، أبرزها السياحة، و"إستاد الأهلي"، وسفر الجمهور لدعم النادي في المباريات الخارجية، وتأمين المباريات عبر شركته للخدمات الأمنية "إيتوس". ولم يلبث أن عاد اسمه ثانية إلى الصدارة، بعد أن تدفقت الفواصل الإعلانية التلفازية عن مجموعته في رمضان الفائت، والتي وًصفت بأنها "أكبر كيان اقتصادي في الجمهورية الجديدة"، ما أثار غضب المصريين، وزاد من تساؤلاتهم عن كينونة الرجل ومن أين استطاع حصد أمواله!
في المقابل، كانت وقفات احتجاجية قد نُظِّمت على سلالم "نقابة الصحافيين المصرية"، صعدت فيها هتافات تندد بدور "العرجاني" في تجارة الحروب عبر معبر "رفح"، وإسهامه في حصار شعب غزة، إذ هتف المتظاهرون بـ"العرجاني وهلا كمان، انتم عملا للكيان". أدت تلك الهتافات إلى اعتقال عدد من الناشطين والمتظاهرين، ما وسع من دائرة الشكوك لدى المواطنين حول النفوذ الذي صار يمتلكه "العرجاني"، بما يسمح للسلطة أن تلقي القبض على من يهتفون ضده.
لكن دور "العرجاني"، لم يتوقف أيضاً عند حدود القاهرة وسيناء، فإلى أين وصل؟
إمبراطورية "العرجاني" الاقتصادية تتوسع مع الخليج العربي! حسب البيانات المعلنة، صار "العرجاني" يمتلك مجموعة من الشركات (بعضها مملوك جزئياً لأجهزة سيادية للدولة)، بحسب موقع "العرجاني جروب" الرسمي، وصلت إلى 9 شركات، تشمل: "أبناء سيناء للتجارة والمقاولات"، و"أبناء سيناء للتشييد والبناء"، و"مصر سيناء للتنمية الصناعية والاستثمار"، و"نيوم للتطوير العقاري"، و"أيتوس للخدمات الأمنية"، و"هلا للاستشارات والخدمات السياحية"، و"سيناء للخير"، و"العرجاني للتطوير العقاري"، و"إي جي مكيس للخرسانة الجاهزة". ويعمل بتلك المجموعات حوالي ألف موظف، إضافة إلى 3 آلاف و200 عامل ومهندس، وتنفذ ما يزيد عن 450 مشروعاً.
في العام 2023، تحالف "العرجاني" مع شركة "وورلد وايد للاستشارات" الإماراتية، و شركة "برنارد هاريسون" السنغافورية، عبر شركته "أبناء سيناء" وشركة "حدائق"، التي ظهرت بشكل مفاجئ، لتطوير "حديقة الحيوان" العريقة في "الجيزة". حصلت الشركة الإماراتية على عقد انتفاع تشغيل الحديقة مدة 5 سنوات، بينما حصلت الشركة السنغافورية على عقد تصميمها، وتنفذ "أبناء سيناء" الأعمال الإنشائية.
امتدت علاقة "العرجاني" مع الإمارات إلى خارج مصر، إذ حصل من خلال شركته "نيوم للتطوير العقاري"، على عقود لإنشاء عدد من المشروعات الخاصة بـ"صندوق إعادة إعمار درنة الليبية"، والذي تموله الإمارات بشكل كامل، في الوقت الذي تدعم فيه "بلقاسم حفتر" نجل "خليفة حفتر" حليفها الأول في شرق ليبيا، وهو نفسه من وقّع عقود الشراكة مع "العرجاني"، بتمويل إماراتي.
ووفق تقديرات، فإنه ربما يكون لـ"العرجاني"، و"اتحاد القبائل" في الفترة المقبلة دور مشترك مع قوات الأمن المصرية، في تأمين وحماية مشروعات الدول المتعاونة اقتصادياً في سيناء أو القاهرة، خاصة وأنه يمتلك علاقات اقتصادية مع حكومات دول عربية خليجية، إذ أنه وفي تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2022، تقاسم اسم الوكيل لسيارات "بي إم دبليو" و"ميني كوبر" في مصر، مع تحالفين كويتي (مجموعة علي الغانم وأولاده للسيارات)، وسعودي (شركة محمد يوسف ناغى موتورز)، في مجموعة واحدة، أطلق عليها اسم "جلوبال أوتو" للسيارات.. ويرأسها "العرجاني".
وفي العام 2018، أعلن عن تخصيص حكومة القاهرة مساحة تقدر بحوالي 1000 كيلو متراً مربعاً جنوب سيناء، لتنضم إلى مدينة "نيوم" السعودية المزمع إنشاؤها، وقد أطلق عليه "الجانب المصري من مشروع نيوم". ولحق ذلك، الإعلان عن تأسيس صندوق استثماري مشترك قيمته 10 مليار دولار لتطوير تلك المساحة. ويربط مراقبون بين "العرجاني" والمشروعات الاستثمارية والسياحية السعودية المقرر تنفيذها في سيناء، إذ تتولى شركات العرجاني تطوير بعض من المناطق والمنتجعات السياحية في سيناء، إلى جانب وجود مقر رسمي لها في الرياض بالمملكة العربية السعودية، والتي تقع ضمن "رؤية المملكة 2030"، فيما يخص الشركات الاستثمارية. كما يظهر على الموقع الرسمي لـ"شركة أبناء سيناء" أنها تمتلك فرعاً في دبي، في الإمارات العربية المتحدة، وتتعاون حسبما وصفت على موقعها الرسمي في الأعمال اللوجستية الخاصة بالأعمال الخيرية والإنسانية لقطاع غزة، من خلال تنظيم المساعدات والإغاثات المقدمة من الهيئات الدولية (هيئة الإغاثة الإسلامية - اللجنة الإماراتية للإغاثة الإنسانية)، والجمعيات الخيرية.
في العام 2023، تحالف "العرجاني" مع شركة "وورلد وايد للاستشارات" الإماراتية، و شركة "برنارد هاريسون" السنغافورية، عبر شركته "أبناء سيناء" وشركة "حدائق"، التي ظهرت بشكل مفاجئ، لتطوير "حديقة الحيوان" العريقة في "الجيزة"، إضافة إلى "الهيئة القومية للإنتاج الحربي". إذ أن الشركة الإماراتية حصلت على عقد انتفاع تشغيل الحديقة مدة 5 سنوات، بينما الشركة السنغافورية حصلت على عقد تصميمها، بينما تنفذ "أبناء سيناء" الأعمال الإنشائية. وتحصل "شركة حدائق" على حق انتفاع إدارة الحديقة لمدة 20 عاماً، بعد انتهاء مدة الشركة الإماراتية (لم تتوافر أية معلومات عن الشركة، وليس لها سجل تجاري، ذكر فقط اسم "محمد كمال" رئيس مجلس إدارتها، وكان يدير إحدى الشركات المملوكة لصندوق "إيجل كابيتال" المملوك للمخابرات العامة).
القاتل في ليبيا
13-09-2023
في ليبيا، حكم العائلة لم ينته بسقوط القذافي
20-07-2022
امتدت علاقة "العرجاني" مع الإمارات إلى خارج مصر، إذ حصل من خلال شركته "نيوم للتطوير العقاري"، مطلع العام الجاري، على عقود لإنشاء عدد من المشروعات الخاصة بـ "صندوق إعادة إعمار درنة الليبية"، والذي تموله الإمارات بشكل كامل، في الوقت الذي تدعم فيه "بلقاسم حفتر" نجل "خليفة حفتر" حليفها الأول في شرق ليبيا، وهو نفسه من وقّع عقود الشراكة مع "العرجاني"، بتمويل إماراتي. ولم تكن تلك بدايته في ليبيا، فقد زارها في العام 2023، مع وفد رسمي من القاهرة، لمناقشة اتفاقيات اقتصادية وأمنية بين مصر و"حكومة الوفاق" الليبية في غرب ليبيا. أظهر ذلك "العرجاني" بأنه الرجل الجديد للنظام المصري داخل ليبيا، الذي يُسهم بشكل رئيس في ملف إعادة إعمارها، وهو الدور الذي سبق له القيام به في العام 2021، في عمليات إعادة إعمار غزة أيضاً.
أشارت منصات صحافية ليبية إلى خطورة وجود "العرجاني" في ليبيا، ووصفته برجل الميليشيات الأول في سيناء، الذي وصل غرب ليبيا ليتعاون مع "إبراهيم الدبيبة"، المستشار السياسي لحكومة الوفاق الليبية، والذي برز اسمه على قوائم الانتربول الدولي، لتورطه في جرائم غسيل أموال وتجارة المخدرات، الأمر الذي أغضب الليبيين، وطرح تساؤلات عن الطريقة التي تدير بها الأجهزة الاستخباراتية المصرية ملف ليبيا، عبر إظهارها رجل ميليشيات بدوي في الواجهة!
.. ويبدو أن كل تلك المظاهر تؤكد أن "العرجاني" قد صار واجهة النظام المصري محلياً وإقليمياً، تدير السلطة من خلاله عملياتها الاقتصادية والأمنية، بعد تحويله من قائد ميليشيات مسلحة إلى شريك أمني واقتصادي في سيناء وخارجها، ثم توظيفه سياسياً من خلال "اتحاد القبائل العربية"، الذي ينوي السيطرة على كافة القبائل في حدود مصر الأربعة، ما قد يشكل خطراً في المستقبل القريب على الأمن القومي المصري.
- أعلن عن تأسيس "الاتحاد"، في مؤتمر جماهيري بقرية "العجرة"، جنوب مدينة "رفح"، في محافظة "شمال سيناء"، على بعد حوالي 7 كيلو مترات، من الحدود المصرية الفلسطينية، ويضم قبائل سيناء والمنطقتين الغربية والجنوبية، برئاسة "إبراهيم العرجاني" (ينتمي إلى قبيلة "الترابين")، ونائبين هما "أحمد رسلان" - رئيس لجنة الشؤون العربية في مجلس النواب سابقًا-، واللواء "أحمد صقر" - محافظ محافظة "الغربية" الأسبق-، والصحافي والبرلماني "مصطفى بكري" متحدثاً رسميّاً، وتم تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيساً شرفيّاً، وإطلاق اسمه على مدينة جديدة بموقع قرية "العجرة"، لتسكين من تم إخلاؤهم من "رفح المصرية"، لتحويلها إلى منطقة عازلة بعمق 5 كيلو مترات. ↑
- تضمن الدستور المصري المعدل في العام 2019، المادة 150 مكرر مضافة من الدستور، والمعنية بأحقية الرئيس في تعيين نائب أو أكثر له، وتنص على أن: لرئيس الجمهورية أن يعين نائباً له أو أكثر، ويحدد اختصاصاتهم، وله أن يفوضهم في بعض اختصاصاته، وأن يعفيهم من مناصبهم، وأن يقبل استقالاتهم. ↑
- تواصلنا مع بعض المصادر من أبناء القبائل وصحافي من "سيناء" لمعرفة بعض التفاصيل، وفضلنا عدم ذكر أسمائهم خوفاً من تعرضهم للملاحقة الأمنية أو الاعتقال، نظراً لخطورة الأوضاع داخل "سيناء". ↑