ليس بالشّيء الجديد أن تُزور حقائق حقبة معينة من التاريخ. ولكن ما يعد استخفافاً بعقول البشر هو محاولة تزوير حقائق لم نزل نعيشها اليوم. تجلت الوقاحة بعيد رحل الملك السعودي حين هجم مثقفو البلاط على وسائل الإعلام وأعمدة الصحف يملؤونها بالمراثي. ولهم الحق في ان يحبوا ويمتدحوا من يريدون، لكنه لا يحق لهم أبداً تصوير مجتمع بأكمله على انه متخلف ظلامي يتعطش للدماء، لولا انه كان تحت قيادة مستنيرة.
كرَّ وفرّ بين الموازنة المالية لعام 2015 في العراق، وتدهور أسعار النفط في العالم. طاقم حكومة حيدر العبادي متسمِّر أمام لوائح أسعار النفط العالميّة وكأنه طاقم مضاربي أسهم في البورصة، يشطب ويضيف على قانون الموازنة التي طال انتظارها، يبحث عن سعر محدّد ليحتسب على اساسه سعر البرميل في الموازنة. لكن الخطوط البيانية للذهب الأسود بلا استقرار، وهذا يعني أن الموازنة غير مستقرّة أيضاً. <br
تهدف إستراتيجية الولايات المتحدة الجديدة الى تخفيف عجز ميزانية الدولة من خلال تقليص بند الدفاع، الأمر الذي يتطلب الانسحاب من العراق وخفض الاعتماد على نفط الشرق الأوسط (انظر الدفاع، الدين العام والغاز). وهذا ما توصلت إليه تلك الإستراتيجية في السنين الأخيرة إذ استطاعت
في واحدة من أعذب أغنياته، غنّى وليد عبد السلام لغزّة، المدينة التي لم تخن بلدها. المدينة التي جاعت ولم تقدّم سَمَكها للاحتلال. غزّة، بحق، لا تعرف الخيانة، ولا تحيد عن عهدها، سواء أعجبنا هذا العهد أم لم يعجبنا. للمدينة أسلوب عيش أشبه بالنبوءة وتاريخ هو للمتأمل فيه معركة طويلة تخفت وتشتد. تتعب غزّة من الرّاحة إن كانت مكذوبة أو مشروطة بمهادنة القتلة، ويكون الصّيد فيها مقسماً على
كما لو أن الملائكة والشياطين هبطوا في الوقت ذاته الى مدينة نينوى. لفّ سماء المدينة غموض مريب ليلة العاشر من حزيران / يونيو. سقطت المدينة بشكل دراماتيكي بيد مسلحي «الدولة الاسلامية في العراق والشام» («داعش») خلال ساعات محدودة، على الرغم من وجود حوالي 56 ألف عنصر أمن متوزّعين بين الجيش والشرطة والمخابرات، وكذلك وجود قائدين يعتبرهما نوري المالكي، رئيس مجلس الوزراء
بما أني كنت مقربة جداً من أبي، فقد استدعيتُ الى وزارة الخارجة العراقية على عجل، وبسرية تامة. كان الوصول مضنياً، لأنني اضطررت لتغيير مسارات عدة. فالرقابة الصينية كانت صارمة، وأجهزتنا كلها اخترقت، وإخباري عن ضرورة مجيئي الى بلدي، الذي لم يسبق لي العيش فيه، جاء بالاتصال المباشر. كان المطلوب شيئاً ما غير عادي. والدي توفي قبل أكثر من عشرين سنة، وها أنا الآن في منتصف الستين، ومن القلائل
من يسعى إلى الوقوف على ما يجري في مصر حاليا، بدقة ورسوخ، وكذلك التنبؤ بما يمكن أن تكون عليه مسارات المستقبل السياسي في البلاد، لا بد له أن يذهب مباشرة إلى فحص ودراسة خيارات وانحيازات أربعة أطراف متشابكة ومشتبكة في المشهد العام وهي: السلطة السياسية، والقوى الثورية والحزبية المدنية، وجماعة الإخوان وأتباعها، وموقف القاعدة الشعبية العريضة. وهذه الاخيرة، إن حضرت غيرت موازين القوى، وحققت اختراقا
يُمكن للمرء أن يُتابع أحوال السياسة في بلد ما من خلال الاطلاع على نتاج الانشغال السياسي لنخبته من الساسة والأكاديميّين والصحافيين. ويبدو هذا الأمر مُحاطاً بمحاذير، قد يكون أهمّها تكوين المرء لتصوّرات منقوصة عن البلد المعني بسبب الانشغال السياسي غير الأصيل لنخبته. وتُمثّل الحالة الفلسطينيّة نموذجاً ساطعاً لهذا الاحتمال. فمنذ سنوات، ومع تعثّر العمليّة السلميّة، وتحوّل المُصالحة الوطنيّة بين
بعد أربعة أشهر من تفكّك الائتلاف الحكومي الذي يقوده الإسلاميون، نسي المغاربة أزمتهم وانشغلوا بمتابعة ما يجري في مصر وتونس. وقد عكس الإعلام غير الرسمي حجم الاهتمام: نشرت الصحف المغربية، ورقية وإلكترونية، مئات المقالات حول شرعية الصناديق وشرعية الشارع ونفوذ الدولة العميقة. وكانت الكتابة عن الشأنين التونسي والمصري حيلة لدى الكثيرين للتعبير بشكل ملتو عما يجري في المغرب، لتمرير موقف بكلفة
يتناقل الشباب العراقيون على «فيسبوك» موقع «إلى المريخ بلا عودة»، ويلحقونه بتعليقاتهم المقرعة للحكومة. وتثير الدعايات عن رحلة الذهاب إلى المريخ شهية الشباب في العراق، كأرض لم تكتشف ولم يعث بها الساسة فساداً. هناك سيبحثون عن أحلامهم الموؤودة، وعن العدل المفقود، دون أن يتعرضوا لمضايقة من أحد. «أصبح المريخ في متناول اليد بعدما صارت أوروبا حلماً»، يقول أحد
اعتصام «باردو» هو تجمّع بشري في ساحة عامة، له مطالب سياسية واجتماعية. فسيفساء من الناس ناهضت التمييز على كل أساس، واحتضنت كل الأطياف: نساء ورجالاً، شيبا وشبابا، ومشايخ، وجمعيات مدنية وأحزابا، وكذلك فرقا فنية... ولكن أكثر ما يميز الاعتصام هو حضور شباب الملاعب، أي انضمام عامل ضغط جديد متمثل في جماهير الألتراس إلى القوى الشبابية الفاعلة في ساحة الاعتصام.كانوا يمرّون امامنا لا
في العاشر من آب/أغسطس الماضي، أعلنت «جمعية رعاية المصحف الشريف»، وهي إحدى الجمعيات الدينية العاملة في البحرين، عن قيامها بالتعاون مع هيئة شؤون الإعلام الرسمية، التي يرأسها أحد أفراد العائلة الحاكمة، بشحن 50 ألف مصحف لتوزيعها على اللاجئين السوريين في المخيمات الأردنية. بعد أقل من أسبوعين من بدء توزيع المصاحف في مخيم الزعتري، شمالي عمّان، قررت السلطات الأردنية سحب النسخ التي تم
أهل العاصمة عمّان أدرى بأزماتها، وهم طيبون يواصلون الى الآن تقديم النصائح، وطارئ انا على عمّان،رفضت نصائح مجانية حثتني على البحث مبكراً عن شقة أستأجرها لتكون مسكنا لزواج مرتقب. متذاكياً، رفضت استئجار شقق وجدها لي أصدقاء عمّانيون في نيسان/ أبريل 2013: أي جنون وإسراف أن أدفع إيجاراً لشقة لن أسكنها إلا بعد ستة أشهر، لست مجنوناً، وقالت خطيبتي، الطارئة كما أنا على العاصمة، إنها ليست مجنونة.<br
تعد ثورة «25 يناير» من ناحية أو أخرى، صراعاً بين جموع الثوار وقيمهم وتصوراتهم للدولة والمجتمع، وبين الدولة والمجتمع القديميْن البالييْن. وكان قد فات الأوان على مبارك وجماعته لأن يديروا نزاع الثورة أو يحتووا مطالبها، بعد أن تباطأ بالاستجابة وزاد في الصلف والاستعلاء. وبعدها فشل المجلس العسكري، القرص الصلب في دولة العسكر منذ 1952، في التفاوض مع الحراك الثوري، فتورط في مزيد من
يبدو حال المشهد السياسي الكويتي للبعض غريب، لماذا؟ لسبب «الانقسام بين حكومة تطالب الشعب بالمشاركة في الانتخابات ومعارضة ترفض المشاركة» على ما يقول الأكاديمي والوزير السابق سعد بن طفلة العجمي. وللوهلة الأولى، تبدو المسألة فعلاً غريبة، فشعوب الخليج والمنطقة العربية تسعى منذ عقود للحصول على حقوق سياسية سبق وحصل عليها الكويتيين منذ إقرار دستورهم عام 1962 وبدء الحياة التشريعية. بيد أن
دخول شهر رمضان إلى موريتانيا لا يتم إلا إذا أثبتته هيئة علماء موريتانية، بعد أن تجتمع لديها شهادات شهود من مناطق مختلفة من البلاد رأوا الهلال رؤية العين. والاستعداد له يحصل على وفق بساطة العيش الموريتانية الرحبة، بلا زينة ولا أضواء خاصة ولا فوانيس، ولا طوابير سيارات تصطف أمام المتاجر الكبرى تكدّس كميات من الأطعمة في صناديقها وكأنها تخشى حرباً أو مجاعة، خلا قلة عادت من الخارج بعادات غذائية