مع كل نقطة دم تسيل بين المكونات القبلية، تشير أصابع الاتهام على الدوام إلى طرف سياسي رئيسي. هذا التسييس الحاد لقضايا الأرض وضع السودان خلال السنوات الأخيرة أمام شبح انهيار الدولة التي تراجعت مظاهرها حد التلاشي في بعض المناطق بعد "ثورة ديسمبر 2018"، بينما تطل القبيلة بكل سطوتها مع سعي مكونات عسكرية لتحويلها إلى حواضن لمشاريع سياسية.
انتهى العفو الرئاسي السوري عن معتقلين، والذي صدر منذ شهرين، بخروج بضع عشرات من المعتَقَلات، وهم نقطة في بحر الأعداد الفعلية للمعتقلين. وعلى ذلك فهو في شكله العام جنائيٌ لا سياسي، وليس منطلقاً لمرحلة جديدة أساسها جبر الضرر والمصالحة والعدالة. هو "مكرمة" من الرئيس وليس حقاً. وتلك سنّة أنظمة صادرت من شعوبها حق التقاضي، بل وحق الحياة نفسه.
تمسّك المزارعون بالمحاصيل التقليدية مثل القمح والذرة التي تضمن تأمين طعامهم، على الرغم من قلة دخلها في حالة البيع، في وقت ارتمت الدولة في سياسات تُبعِدها عن تحقيق الأمن الغذائي. اختار المزارعون أسلوباً حمائياً لأنفسهم أمام هذه السياسات المتهورة للغاية. فسار كل طرف في اتجاه: المزارعون يركّزون على تأمين مأكلهم، والدولة تبحث عن العملة الصعبة.