كدت أتسبب بحادث إطلاق نار على جادة "الشانزليزيه" يودي بحياتي. فسيارة الفولسفاكن البرتقالية التي كان يقتنيها الأستاذ عبد الرحمن منيف في بيروت في السبعينات تمر أمامي ولا تتوقف.. برد ورياح عاتية تكاد تقطع الأشجار، وعيناي تحدقان في المفرق الذي يهل منه الباص. وفجأة ومع سيل السيارات القادم على وسع الشارع العريض، تبرز السيارة الزاهية مسرعة. "عمي أبو عوف.. عمي أبو عوف.."
يحدث في التاريخ أن يُخنقَ الواقعي، يُكبَت، ويبقى سجينَ طوق، لكنه ينتهي دائماً بالعودة بعنف إلى المشهد. الحقائق الأولية والعناصر المكونة للمجتمع الجزائري، سواء في مجال التمثيل الرمزي والتعبير السياسي أو في مجال المؤسسات، كل ذلك ستدخل الجزائر المستقلة في أزمة. في سياق الاستقلالات ـ ما قد يسمّيه الأنغلو ساكسون «ما بعد الاستعمار» ـ تبقى أسئلة كيفية الخروج من هذا الشرخ بين
همّ ألمانيا، كان منذ الأساس، هو إذلال حكومة تحالف سيريزا اليونانية وبالتالي إطاحتها. هذا ما قاله يانيس فاروفاكيس، وزير الاقتصاد اليوناني المستقيل، (في مقالة نشرها مؤخرا في شهرية الموند ديبلوماتيك) عن المفاوضات بين بلاده والدول الأوروبية، منذ انتخاب تحالف سيريزا في بداية العام الحالي. وهذا ما يحصل إجمالاً للدول التي تدخل عالم الليبرالية من خلال الأسواق المالية والدين العام، من دون ان تكون لها
يمكن الوصول إلى تلة "خان الزيتون" من وهدتي حي الميدان أو الجابرية، أو من مرتفع تكية الشيخ أبو بكر الوفائي في المنطقة التي حملت اسمه وحافظت عليه، والتي كانت مع محيطها مقراً لسكن الولاة العثمانيين في أواسط القرن التاسع عشر، قبل أن ينقلوا سكنهم إلى قصور شيدت على الطراز الأوروبي في حي "الجميلية" الأحدث عمراناً، في غرب المدينة. لم يعلم القاضي (محمد سعيد أفندي جابري زاده
في آب / أغسطس الفائت، ضُرب مراسلان كرديان على أيدي عناصر من البيشمركة (القوة العسكرية لإقليم كردستان) بسبب تصوير رتل عسكري منسحب من قضاء طوز خورماتو. ولم يكن المعتدون هذه المرّة أفراداً أو جنوداً عاديين، ولا هو حدث بالسر، وإنما كانوا ضبّاطاً يحمل بعضهم رتباً كبيرة، ما دفع مركز "ميترو" إلى مناشدة البارزاني "منع تجاوزات القادة العسكريين بحق الصحافيين والمدنيين". إلا أن تسارع
جاءت نتائج انتخابات اتحادات طلاب الجامعات المصرية الأخيرة مفاجئة للجميع، حيث التقدم غير المتوقع للطلاب المستقلين، وطلاب الحركات الثورية، والمنتمين لأحزاب سياسية نشأت بعد الثورة وتُعارض الحكم. لكن اختلفت قراءة تلك النتائج، ما بين اعتبارها دلالة على تراجع شعبية الإخوان وثمناً يدفعونه مقابل سياستهم وهم في سدة الحكم، ما أدى إلى تقليص قواعدهم في الجامعات لمصلحة قوى سياسية أخرى. بل وحمل ذلك
بعد أكثر من أربعة أشهر على بدء جلسات الحوار الوطني، لم يتمكن طرفاه الرئيسيان من الاتفاق على المواضيع التي يرغبان في الحوار حولها. فتم تخصيص الجلسة رقم 22 يوم 12 حزيران / يونيو لمتابعة النقاش حول "الثوابت والمبادئ والقيم" التي ستحكم الحوار. ولا يتوقع أحدٌ أن تؤدي الجلسة ولا ما سيليها إلى حدوث اختراق جدي، مما يفسر تصريح أحد المشاركين من أن "أكبر إنجاز حققته جلسات الحوار
بعد 15 يوما على غياب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي تم نقله إلى مستشفى باريسي إثر تعرّضه لجلطة دماغية "صغيرة"، تعب الجزائريون من متابعة أنباء مرض رئيسهم. انخفض بشكل ملحوظ اهتمامهم بالوضع الصحي لبوتفليقة. والصحف الجزائرية، المفترض بها تنوير الجزائريين بالشروح والمعلومات التي لم تصل إليهم يوماً، راحت تتثاقل حيال الشأن. وقد اعادت الصحف نشر الشائعات الاكثر جنوناً، وحرّكت الفكرة القائلة بأنّ
الهمُّ الأساسي لمصر والسودان كان يجب أن يتركز حول الفترة الزمنية التي ستملأ اثيوبيا فيها بحيرة سدّ النهضة. فكلما طالت تلك الفترة كلما قلّت التأثيرات السلبية المتمثّلة في نقص كميات مياه النيل التي ستصل الى البلدين. ويجب أن تكون هذه المسألة هي جوهر المفاوضات مع اثيوبيا بدلاً من الارتباك الحالي الذي تتمّ فيه الموافقة في القاهرة والخرطوم على قيام السدّ يوماً، ومعارضته في اليوم الآخر.<br
ثمة اعتقاد واسع في كل مكان بأن ما يقال له الاقتصاد الموازي معزول كلياً عن الاقتصاد المهيّكل، أو الرسمي أو الشرعي الخ... وأن انتشاره خلال العقدين الأخيرين في تونس مثلاً، مرده عجز النظام عن إيجاد بدائل اقتصادية في ظل احتدام المنافسة العالمية. غير أنه من الضروري قراءة ازدهار هذه الأنشطة غير المهيكلة في إطار الاقتصاد السياسي للسلطة في تونس، فهو ليس خارجاً عن ذلك الاطار ولا هو نقيضه، وكذلك
كانت دار الأوبرا المصرية بالقاهرة على مدار الأسابيع القليلة الماضية ساحة لتظاهرات مئات المثقفين والفنانين، المطالبين بإقالة وزير الثقافة الجديد (المعين منذ شهر) علاء عبد العزيز، والمنددين بما وصفوه بـ"محاولات اخونة الوزارة والثقافة"، بعد ان استهدف بقراراته إطاحة عدد من المسؤولين في المؤسسات التابعة للوزارة، كان آخرها رئيسة دار الأوبرا د.ايناس عبد الدايم. فبعد ساعات من اقالتها صعد المايسترو
شابة جميلة تبدو آثار الحمل واضحة عليها، تسير في الشارع. يلاحقها شاب بكلمات يعتقد انها غزل معسول، يقول لها "نيال يللي نفخك"، تردُّ عليه ببديهة "أأحضره لينفخك؟". هذه النكتة من مرويات المجتمع العراقي التي تتحدّث عن حالات التحرش التي تتعرض لها المرأة في العراق. إنها نكتة يكاد أغلب العراقيين يحفظونها. وربما تكون من صنيعة امرأة ملّت التحرش بها أثناء خروجها من المنزل، إذ
فرضت «الحداثة» ايقاعها على السكان الاصليين لمدينة البتراء (225 كيلو متراً جنوب عمّان)، فجعلتهم يغادرون انماط حياتهم الطبيعية بعد ان اجبرتهم السلطات على مغادرة كهوفهم المتناثرة، يوم رأت فيهم «عائقاً أمام حماية وترميم الاثار في المدينة»، التي بدأ العمل على تحويلها الى محمية سياحية العام 1967.عشيرة البدول البالغ عدد أفرادها ثلاثة آلاف نسمة، وفقاً لأرجح الإحصائيات،
قبلها بسنوات، كانت تدرس الطب في جامعة حلب. ترافق الليل وحيدة إلى دمشق لزيارة أبيها. هناك تصفق الهواء براحتها، وتعبر كرمح بين غرف العمارة التي تمنح ورقة الزيارة للسجين الغائب في أعماق الظلمة. تمضي رشيقة كنسيم أليف في لباسها الخفيف، الحذاء الرياضي الأبيض الممسوح بالليفة المشبعة برغوة الصابون، بنطال الجينز الأزرق الكالح، البلوزة القطنية الطويلة. خفيفة حمولتها، وهي بعض من إدارات مصروفها
لم يكن يخطر على الإطلاق في بال فاطمة ذات العشر سنوات، المفعمة بالحيوية والمنطلقة الضحكات، أن غياب شمس ذلك النهار الذي قطعت فيه والدتها لعبها مع أترابها بدعوتها الصارمة للدخول الى المنزل (الخيمة) ينذر بأن تغيب معه طفولتها أيضا. دخلت فاطمة مرغمة لترى أمها مرتبكة كعادتها منذ وعت فاطمة على الدنيا، ولتسمع "الحناية" المنهمكة في تحضير الحناء، تقول لها: هذا لك تعالي لأضع لك الحناء يا
قبل العام 1948، كانت نساءُ فلسطين شريكاتٍ في الإعالة، بل كان الاعتماد يقع عليهن في كثيرٍ من الأحيان، سواء في مجال الزراعة أو الأعمال اليدوية. لكنهنّ اليوم في دولة مُحتلّة، يعانين مما يعانيه شعبهن من اغتصابِ الأرضِ، وهدمِ البيوت، والإفقار، وانتهاك الحقوق، والاستخفاف، وعلاوة على كل ذلك، من تهميش للمرأة. يحتفظ الكيان المُحتل، بصورةِ نمطية للمرأة الفلسطينية لم تَعُد في الحقيقةِ تطابق ما
يرتبط مفهوم السكن في الثقافة الجمعية العراقية بمفهوم الوطن: "من لا سكن له لا وطن له". ولقوة هذا المعتقد، وزعت الحكومات العراقية المتعاقبة قطع الأراضي السكنية على المواطنين، كما فعل عبد الكريم قاسم بعد ثورة 14 تموز 1958، وأنشأت مدناً جديدة على هامش المدن الكبيرة. ولكن هذه المدن الجديدة التي خططت أفقيا (أي كبيوت مستقلة) انسجاماً مع الثقافة الاجتماعية العراقية، بقيت محرومة من البنية التحتية الخدمية