انتهت الحرب في مدينة الموصل، لكنَّ معارك أخرى بدأت. ففي المدينة القديمة يخوض العائدون معارك مع الفقر والأمراض، ومع الجثث مجهولة الهوية التي تملأ الأحياء المدمرة، والتي ترقد تحت أنقاض المباني المهدمة والملغمة حتى هذه اللحظة، حتى بات انتشال الجثث في الموصل حدثاً يومياً، وعادةً لا تستدعي تداولها على محمل الخبر.
بمجرد أن مكّن النضال الأخير قضية 1948 من استعادة مركزية الاهتمام، وذلك بمختلف جوانبها السياسية والاجتماعية والجغرافية، فقد باتت فلسطين الكاملة في المرصاد، ليس فقط غزة أو القدس أو رام الله، بل أيضا يافا وحيفا وحتى الشتات.
التحدي الرئيسي يبقى كيفية تنفيذ "اتفاق جوبا" الأخير للسلام. فوضع الاتفاق موضع التنفيذ مواجه بعقبات تتجاوز طاقة الدولة السودانية. وأي اتفاق سلام يستبطن تنفيذ بعض البنود بالتوازي مع الترتيبات الأمنية. والطريق طويل، وإنما لا مفر من سلوكه. والسؤال إذا كان وضع التنفيذ لاتفاقيات السلام سيتحمل كل هذا الوقت، أم تذوي شمعة الصبر والأمل، مما يفتح الباب أمام تمردات جديدة.
الزمرة الحاكمة متشبثةٌ بالحكم، وقد تشعبت مصالحها ونمت ثرواتها من صفقات الفساد وبيع البلاد لدول الجوار، ولا مانع لديها من قتل المزيد من المتظاهرين، كما فعلت في "ثورة تشرين" 2019 وما بعدها، ومجدداً في يوم 25 أيار/مايو الجاري، الذي شهد قتل متظاهريَن اثنين، وجرح 27 آخرين على أيدي القوات الأمنية في بغداد.