يرفض العراقيون اختصار بلدهم إلى أرضٍ خلاء، أو حلبةِ مصارعة بين متنافِسَين لا يقيمان اعتباراً إلا لمصالحهما. وهو موقف يطرح بالتأكيد التساؤل عن كيفية تحقيق الحق / الحلم ببلد مزدهر. ولكن غياب الإجابات عليه اليوم لا يلغي ما فَرض نفسه: العراق يولد من جديد بدءاً من ذلك الفيض المدهش للعراقويّة.
المجال العام ليس محل "تمنّي"، ولا شيء ينتج عن مجرد رغبة سياسية في خلق مجال عام، ولا حتى أنه يتسنّى له الوجود بمجرد إقرار التنوع والاختلاف والاحتفاء بهما.
الاحتفاء بميلاد فرد هو احتفاء مطلق بالحياة وتقدير للكرامة الانسانية، كما أن توثيق لحظة الميلاد تأريخاً هو غاية هذه الحفاوة وذروة سنامها. لكن ميلاد إنسان في العائلة اليمنية لم يمثل حدثاً اجتماعياً جديراً بالتدوين والاحتفاء. ويتعدى الجهل بتاريخ الميلاد على مستوى الهوية الشخصية أجيال ما قبل الدولة إلى ما بعدها.
نص يسمح ليس فحسب بالاطلاع على هذه التجارة الرابحة التي تمارسها إسرائيل، وإنما على تبعاتها خصوصا في بلدان العالم الثالث، من أمريكا اللاتينية إلى أفريقيا، حيث تؤجج الحروب الأهلية. وهو يعرض لبعض أساليب تلك الممارسة.
بدا الهمّ الدائم ل"النخبة"الطرابلسية هو الدفع ببراءة نسختهم للمدينة من "غوغاء" لا يُظهر الإعلام سواها. وأطلق المجتمع المدني المحليّ حملة بشعارات مثل "طرابلس بدا ترجع تسهر"، "ما عم نعرف ننام".. معبراً عن تذمّر شطر المدينة المحظيّ مما يجري، بينما كان سكّان محاور القتال محاصرين في بيوتهم، يحصد رصاص القنّاصة أرواحهم.
منذ تسعين يوماً يقيم الشعب اللبناني في الشارع و"الدولة" غائبة، بلا حكومة، والمجلس النيابي معطل. ولما ضاق صدر ما تبقى من الدولة بهذا الحراك، بعثت بقواتها الامنية لتواجه عاصفة الغضب في الشارع، فاذا الجرحى بالعشرات والمعتقلون ( مؤقتاً؟!) بالمئات.
