قرية متوسطة الحال كآلاف غيرها وآلاف أخرى أقلّ منها، بيوت تحاذي فيها الحياة خط المياه المتسرب من بلاعات الصرف الصحي. في "البصارطة" أسباب كثيرة للنجاح الذي لا يأتي أبداً دون ما ينغصه. فهى الأعرق فى صناعة الأثاث بمحافظة دمياط الشهيرة حيث بها ما لا يقل ـ حسب تقديرات ـ عن 100 ألف عامل ماهر. ولكن شاء لها القدر كعشرات غيرها أن تقع في المنتصف على خط الاكتواء بين قطبي المواجهة...
قبل التلفاز، كانت الحكاية إحدى وظائف الأمومة، حتى أننا درجنا على نسخ مواضيع التعبير السنوية عن "عيد الأم" من كتب الإنشاء التي تزخر بتعداد موجبات تقدير الأم، فإذ بها إلى جانب سيل الخدمات التي تؤديها، لا تهمل واجبها الاجتماعي والوطني بزرقنا بحقن "الثقافة" عبر حكايات ما قبل النوم. كانت حكاياتنا مفعمة بالوعظ والأحكام. إحداها مثلاً حكاية "عروج ومروج" التي تشبه حكاية
ما أمتع الإمساك بالميكروفون لأطول وقت أمام جمهور مُصغٍ. ما أحلى أن تكون لك الكلمة - اللوغوس. ما أحلى أن تتحدث حتى تشبع في محاضرة أو ندوة أو برنامج تلفزيوني. لكن هل لديك ما تقول؟ طبعا، وتعتقد أن الآخرين ليس لديهم ما يقولونه. وهذا وصف لمداخلاتهم من خلال وقائع متكررة بعد أن كثرت الندوات والورشات والقنوات والإذاعات وشاعت الميكروفونات وشاعت معها التفاهة والسفاهة.. هناك مدير جلسة يتحدث
يُطبق الماضي الأليم على العراقيين، بينما بات المستقبل بالنسبة لهم مجهولاً. وحده الحاضر، اليوم، الضاغط على صدورهم بعد أن تُرك للساسة وأحزابهم التي وضعت كرامتهم وأمنهم وصحّتهم وتعليمهم على طاولة القمار وأخذت ترمي الورقة تلو الأخرى وتخسرها، بينما هم ينزوون يائسين وطيّعين للموت.
انتهت قصّة نشأت ملحم. لم تعد أسئلة التفاصيل فاغرة الفم، الأجوبة أغلقت الدائرة.. وحبستنا داخلها، بين تخبّطات أكثر حدةً وقسوة. نشرت المخابرات الإسرائيليّة فيلماً قصيراً مركباً من مقاطع وُجدت على الجهاز الخليويّ الخاص بمُنفّذ عملية تل أبيب. في الفيديو يتكلّم الرجل ويُشير إلى عينيه، لكننا نرفض التحديق بهما. نتمترس بما لنا، بمواقفنا التي لا تُخطئ أبداً، أو بآرائنا التي إن فشلت بتوصيف الواقع، اتهمنا
الحضور الفعلي للنساء من مختلف الأعمار واكتسابهن الجرأة على الحضور في الساحة العمومية، هو مؤشر على التحولات الجارية في المجتمع، وهي راسخة، على الرغم من محدوديتها ومن بعض المعاناة التي قد تواجه النساء، وخصوصا الشابات.
تتراجع مدرسة "دولة الاستقلال" أو "مدرسة الجمهورية''، وهي العنوان الأبرز لتجربة التحديث التونسية المميزة في العالم العربي، وتتآكل. يتفق الجميع على أنها لم تعد مثلما كانت عليه، وقد أصاب مفاصلها خللٌ كبير. ومَواطن الخلل كثيرة. تطفو بين الحين والآخر مؤشرات تشي بأن المدرسة تنهار ويتراجع دورها في ترسيخ القيم الوطنية وتلك الأخرى الكونية، بعد أن اختزلت في إطار ما يسمى
لطالما كانت أكبر مخاوف المملكة العربية السعودية قيام حكم ديموقراطي عادل في الجارة اليمنية، مما سينعكس إيجاباً على اقتصاد هذه الدولة الثرية بمخزونها الثقافي والبشري والطبيعي، وسيضر بالدور المحوري للمملكة في الخليج العربي والعمق الإسلامي والدولي. هي التي أدخلت إلى اليمن ما عرف بـ "جامعة الإيمان" والداعية المتطرف الزنداني، وتغذي بالمال والمقاتلين تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة
غرق العراق منذ سقوط نظام صدّام حسين على يد القوات الأميركية في العام 2003، في موجة عنف ذات بعد طائفي، وفي فوضى سياسية غير مسبوقة. صحيح أن جذور إضعاف الدولة وانهيار المكونات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع، تعود (على أقل تقدير) إلى ضربات "التحالف الدولي" بقيادة الأميركيين في العام 1991 والكارثة الإنسانية الناجمة عن الحصار الاقتصادي الذي فُرض على الناس، إلا أن العراق لم يكن متشظياً
تتزامن هذه الأيام ذكرى رحيل عبد الناصر، وتليها ذكرى انتصار تشرين أول / أكتوبر 1973. ويتأكد للمصريين والعرب يوماً بعد يوم أن قطيعة جذرية أحدثها السادات مع عهد سلفه. فليس دقيقاً أن حكم السيسي امتداد لحكم العسكر منذ 1952، والأدق هو أن السيسي ابنٌ شرعي لنظام السادات الذي أسسه بين زيارة القدس 1977 وتوقيع معاهدة السلام 1979. نظام عسكري بوليسي نيوليبرالي صديق لإسرائيل وتابع لأمريكا،
يصرخ الوحش أنا في خطر وتدوس قدمه الهائلة عشرين بيتًا على رؤوس أهلها. عاديون جدا أهلها. يتراوح طولهم بين 50 سنتيمترا و180 سنتيمترًا. وزنهم بين 5 كيلوغرام و75 كيلوغراما، وأحدهم وصل وزنه حتى 115 كيلوغراما. عيونهم مألوفة، معظمها عسلية وسوداء. هنا وهناك تلفتك بضع عيون خضراء وزرقاء. شعورهم تتراوح بين الأسود الفاحم وبين الأبيض الرمادي. ولو دققت لرأيت منهم من يرتفع جسده تحت تسريحة سريعة بالبني وحتى
قبلها بسنوات، كانت تدرس الطب في جامعة حلب. ترافق الليل وحيدة إلى دمشق لزيارة أبيها. هناك تصفق الهواء براحتها، وتعبر كرمح بين غرف العمارة التي تمنح ورقة الزيارة للسجين الغائب في أعماق الظلمة. تمضي رشيقة كنسيم أليف في لباسها الخفيف، الحذاء الرياضي الأبيض الممسوح بالليفة المشبعة برغوة الصابون، بنطال الجينز الأزرق الكالح، البلوزة القطنية الطويلة. خفيفة حمولتها، وهي بعض من إدارات مصروفها
عرف شهرا فبراير ومارس 2012 احتجاجات عنيفة في مناطق ريفية بعيدا عن المدن المغربية التي كانت تجري فيها جل الاحتجاجات منذ أحرق البوعزيزي نفسه. تتابعت هذه الاحتجاجات في مناطق مختلفة، الجامع بينها أنها تجمعات سكانية ريفية صغرى. في بعضها لم يسمع من قبل صوت احتجاج قط. تبدأ المسألة بالمطالبة بالماء أو بالطريق. وفي كثير من الحالات جرى تدخل أمني عنيف للتخويف، لكن جاءت النتائج عكسية فهجم الناس على ممتلكات