تخبرنا الكيفية التي تُروى بها الانتهاكات ضد السكان العرب السُنّة في العراق، والتوظيف السياسي لها، عن طبيعة خطاب المظلوميات السائد في منطقتنا اليوم، من حيث كونه خطاباً غير معنيّ بإنصاف "المظلوم" قدر عنايته بتأكيد سردية عن الظلم، انتقائية بالضرورة، تخدم أغراض القوى المستفيدة من إشاعة تلك السردية. لكن الظلم الذي يتعرض له مئات الآلاف من المدنيين، الذين اختزلوا هوياتياً وسياسياً إلى
عندما لا يجد "طالِب علم" مطلبه فى موطنه.. فلا نتائج أكيدة. قد يدور الكون دورته، فيكون هو عالم الفضاء المصري عصام حجي الذي حضر مؤخراً مؤتمر المناخ فى فرنسا ممثلاً لوكالة ناسا للفضاء إسوة برئيس دولته التي منعت أجهزة أمنها إقامة ندوة لذلك العالم نفسه على أرض وطنه بمكتبة الإسكندرية. وقد يحدث عكس ذلك تماماً، فيدفعه ضيق ظروف العيش وندرة فرص التحقق بالخارج للموت شنقًا على أرض بلده.. كما حصل
في الوقت الذي ظلّت كلمة "المستقبل" تحمل لزمن طويل دلالة إيجابية وتصوراً عن مكان أكثر أمناً وازدهاراً، حيث سبل العيش أكثر يسراً، فإنها اليوم كلمة ملتبسة، ومزعجة للكثيرين، وتحمل دلالات قدوم ما هو أسوأ في الفضاء العربي. وبالنسبة لمدن مثل بغداد والأنبار وحلب والموصل وصنعاء، فإن بعض عناصر سيناريو المستقبل القاتم هي اليوم جزء من حاضر سكانها. الحرب
منذ سقوط الموصل وعدد من المدن العراقية تحت هيمنة تنظيم داعش، انتشرت في وسائل الإعلام الغربية سردية شديدة التبسيط والاختزال حول ما حصل. فصعود داعش بحسب تلك السردية ، هو نتيجة مباشرة لشعور السنّة في العراق بالتهميش بسبب سياسات نوري المالكي، والمجتمعات السنية قررت أن تلجأ لداعش باعتباره شراً أهون من الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة. انتشرت تلك السردية سريعاً وصارت من الأمور المسلم بها في الإعلام
ظل محمد يقلِّب وجوه الموتى في ثلاجات مستشفيات صنعاء لساعات قبل أن يعثر على وجه أخيه إبن الثلاث عشرة عاما بثلاجة مستشفى الكويت، ثم وبعدها بساعات، عثر على وجه أبيه في مستشفى الثورة. كان ذلك مساء الجمعة 20 آذار/ مارس الماضي. أما أخيه الآخر، فقد مرت ساعات إضافية قبل أن يعرف أنه كان يتلقى العلاج في أحد المشافي بسبب إصابته الخطرة في الانفجار بأحد جوامع صنعاء أثناء صلاة الجمعة الذي...
لطالما كانت أكبر مخاوف المملكة العربية السعودية قيام حكم ديموقراطي عادل في الجارة اليمنية، مما سينعكس إيجاباً على اقتصاد هذه الدولة الثرية بمخزونها الثقافي والبشري والطبيعي، وسيضر بالدور المحوري للمملكة في الخليج العربي والعمق الإسلامي والدولي. هي التي أدخلت إلى اليمن ما عرف بـ "جامعة الإيمان" والداعية المتطرف الزنداني، وتغذي بالمال والمقاتلين تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة
اليمن بلد منكوب بنخبه السياسية وجيرانه الأقوياء. بلد فقير وخفيف الوزن في سوق الرأسمال البشري، بلد لا ذنب له سوى أنه "الحلقة الأضعف" في منطق صراعات الدول العظمى ليصبح، في مفارقة سوداء، ضحية مزدوجة لحربين ظالمتين تخاضان ضده بلا هوادة، حرب داخلية تقودها جماعة الحوثي وقوات "علي عبد الله صالح" على كل اليمنيين الرافضين لسلطة الغلبة، وحرب خارجية بغطاء عربي تطيح الإنسان والمقومات
مع احتدام الصّراع الطّائفي والإثني في المنطقة على خلفية أحداث العراق وسوريا، ومؤخراً اليمن، يتولى بعض الكتاب والإعلاميين مهمة تمثيل الخطاب التبريري لجماعاتهم عبر إيراد الأدلة على الانتهاكات التي تتعرض لها من قبل الجماعة الاخرى ـ وتجاهل تلك التي ترتكبها الجماعة التي ينتمي كل منهم اليها. في هذا الخطاب لا يحاول هؤلاء التناغم مع المشاعر الشعبية فقط، او تملق السلطة السياسية او المالية الداعمة لهذا
يقف العراقي حائراً في تقييم الحقبة الحالكة التي مرت بها بلاده منذ 2003. فهو ما زال بعد أكثر من عقد يجهل إذا كان يعيش في نعيم الديموقراطية أم في جحيم الطائفية والقومية والمناطقية! ثلاثة عشر عاماً من عمره أمضاها يتحسس رقبته التي نجت من مقصلة الدكتاتورية، لكنه في الوقت ذاته يواصل تحسس باقي أجزاء جسده خشية أن تطالها مفخخة او سكينة استباحت دمه. وهو صوَّت على دستور دائم، وشارك في...
"القارب الذي لاح لي في النهر كان جثةً" - كمال سبتي في العام 2005، تساءل محمّد مظلوم، الشاعر والباحث العراقي، في أول صفحة من كتابه "عراق الكولونيالية الجديدة"، عما إذا كان الوضع يخص "عراق يتشكّل أم عراق يتقوّض؟". وعنوان الكتاب نفسه يختزل فحوى ما خلّفته الصواريخ المرعبة، والدمار الهائل، والموت الذي أدّت إليه سياسة الإدارة الأميركية في
أدّت لحظة سقوط ثلث مساحة العراق بيد تنظيم "داعش" في حزيران / يونيو من العام الفائت إلى إفراز شحنة قوية من الأدرينالين في أجساد العراقيين. التوتر الذي يفرزه الهرمون دفعهم الى التفكير بمصائر أقّلها الهجرة، وأبشعها الذبح على يد التنظيم/الغول الذي تفنّن بنشر البشاعة على مواقع الانترنت. صوّرت الحكومات العراقيّة، سواء التي كانت حينها برئاسة نوري المالكي أو تلك الحالية برئاسة حيدر
يتنامى مؤخرا اعتقاد بان صعودا لما يمكن تسميته "السيستانية" قد بدأ. ومع أن عوامل متشابكة ما تزال تحول دون تشكل ملامح الظاهرة الجديدة، إلا أن الأدلة عليها لم تعد قليلة. والمؤكد أن مرجعية النجف، واستنادا لذاكرتها التاريخية، قررت ــ راغبة او مضطرة ــ عدم تضييع فرصة استعادة دورها القيادي على المستوى الوطني، في حقبة ما بعد الحداثة ونهاية مرحلة الوطنية الحزبية والإيديولوجية التي استمرت
كانت غالبية العراقيين يرون صدام حسين كالوحش في أفلام الرسوم المتحركة، والذي بمجرد التخلص منه تنبت الزهور في كل مكان ويخرج قوس قزح في السماء ويضحك الجميع. الانتشال فردوس الغريق. لكن الغريق حين ينتشل وينقل الى مكان يشبه الجحيم ليعيش فيه، سيواجه إحباطاً يستأنف خنقه، فتبدأ رحلة البحث عن الانتشال مرة أخرى.
بعد 2003، اندلعت إلى ساحة التّناول السياسي شبكة من المفردات التي ستفسر حالة الوجدان العامة للدهماء، والتي ستكون في ما بعد مُتاحة للاستعمال داخل الفضاء العام. القاموس العاصف "العدالة الانتقالية"، "التّوافق"، "المكونات"، "الطوائف"، "الهوية"، "الوعي الانتخابي"، "جيوب التمرد"،
لم يعلم الطفل جمال أبو لوز ذو الثلاثة عشر عاماً أن مشاركته بمسيرة تندد بمقتل الشهيد المقدسي محمد ابو خضير ستجعله أصغر إرهابي في الأردن. المسيرة التي انطلقت بداية شهر تموز/يوليو في مخيم مادبا (35 كيلو جنوب العاصمة عمان) انتهت بمواجهات مع قوات الدرك التي فضتها واعتقلت 13 شخصاً منهم ثلاثة أحداث أحدهم جمال. أطفال المخيم الذين نهضوا وصرخوا بالتزامن مع شهقات القدس في شعفاط، وجدوا أنفسهم رهائن قانون منع
باريس هيلتون وجدت لها موطئًا في مكّة وخديجة بنت خويلد لم يعد لها من مكان.ذات يومٍ، كتبت شاعرةٌ عربية تغريدة على تويتر: «أتيه في شوارع مكّة أبحث عن الله، لم أجده في الحرم». صدرت فتاوى بتكفيرها وإقامة الحدّ الشرعي عليها. هذه التغريدة التّي ليست إلاّ بيت شعرٍ قديم لجلال الدين الرومي، ظلّ صداها يتردّد في سماء مكّة من دون كلل.مكّة الحديثة، بأبراجها الشاهقة وساعتها