الصرخة صدرت منذ يومين عن طلاب الجامعة الأميركية في القاهرة، أي تعريفاً ممن ينتمون إلى شرائح اجتماعية وسطى ميسورة، إن لم يكن مترَفة. فشلت الإدارة في إقناعهم بقبول رفع الأقساط، ومعه إلغاء المنح وأشكال الدعم الأخرى. وبتعالٍ، يقول رئيس الجامعة، وهو كان سفيراً أسبق لواشنطن في القاهرة، أنه يأمل من الطلبة تفهُّم الأمر فالتفهّم "جزء من عملية النضوج". أي أنّه يمارس البيداغوجيا! وهو قال إن إجراءات الحكومة المصرية الأخيرة تجعل من الجميع "عُرضة لقوى السوق. وهذا خير على المدى الطويل ولكنه مؤلم على المدى القصير".. ولم يشرح كيف ينقلب الشر خيراً وما تعريف المدى الطويل.
.. وهذا نموذج عن حفلة الكذب والاحتيال الدائرة في مصر اليوم، فيما أم الدنيا تواجه خطر المجاعة.
الأسبوع الماضي حرّرت الحكومة المصرية سعر صرف الجنيه فقفز إلى أكثر من 17 جنيها للدولار. خسر المصريون في يوم واحد 48 في المئة من مدّخراتهم.
ورافق ذلك رفع الدعم عن البترول ومشتقّاته. ويطمئننا معاً المسؤولون في مصر وفي صندوق النقد الدولي أنه لا نوايا لرفع الدعم عن المواد الغذائية. وأنّ برامج المساعدة للأكثر فقراً التي تُشرف عليها وزارة التضامن الاجتماعي (وهي نقدية وليست عينية.. وتساوي قروشاً بسعر الصرف الحالي) ستتكفل بمعالجة الأزمة. 4 ملايين أسرة كانت عند حدّ الفقر ستصبح تحت خطه وتُضاف إلى 1.5 مليون أسرة على الأقل كانت في القعر. "البنك التجاري الدولي"، وهو أكبر بنك متداول في البورصة المصرية، حقق 26.5 في المئة أرباحا في السنة الماضية، وسيزدهر أكثر، هو وسائر البنوك بعد تحرير سعر الصرف. وهذا ليس وفقاً لتقديرات الشيوعيين، بل لقطب رأسمالي عالمي هو "مؤسسة التصنيف الائتماني" (موديز).
الكذب والاحتيال شاملان. يقولون هي "مرحلة تكيّف" يليها استقرار، وأن الإجراءات ضرورية "لمحاربة السوق السوداء"، وأنها لم تكن استجابة لضغوط صندوق النقد الدولي بل هي "برنامج حكومي وطني صرف" (مع أن رئيسة الصندوق كانت قالت إن عرض القرض المصري وهو 12 مليار دولار، على المجلس التنفيذي للصندوق ينتظر تنفيذ هذين الإجراءين الأخيرين الأخيرين تحديداً).
خبراء الصندوق نفسه قالوا في تقرير تقييمي عالمي لهم صدر مؤخراً أن تحقيق أفضل نسب نمو واحتياطي بالدولار لا يمنع أن تتراجع حياة الناس وترتفع نسب الفقر.. وقصدوا أن الأرقام يمكن أن تكون جميلة ولكن الواقع بشع.. إلّا لقلّة قليلة ستزداد ثراءً.
إفتتاحية
"أبويا مش حرامي"..

مقالات من مصر
الاطفال العمال: فيما يبدؤون، داهمتهم النهاية
نشر "السفير العربي" هذا النص لممدوح عبد المنعم، منذ أكثر من ثلاث سنوات. وهو اليوم يعيد نشره حزناً على فتيات المنوفية ال19، "قتيلات لقمة العيش" على الطريق من قريتهن الى...
أزمات مصرية على أعتاب الهِبَة الديموغرافية
تزداد المشكلة السكانية تعقيداً بإصرار النظام على الاستدانة، وعدم وجود جهات محاسبة حقيقية، أو شفافية للكشف عن أوجه صرف الديون المستمرة، مع عدم وجود خطط للتصنيع وزيادة الاستثمار وتحسين جودة...
لا تنسوا عبد المنعم قنّاوي!
كان عبد المنعم قناوي، الشاب الذي تجاوز العشرين بقليل في العام 1967، يشاهد حشد الجنود والمعدات العسكرية وهم يعبرون إلى سيناء. يقول: "كنا واثقين من النصر، وكنت أتحدث مع الجنود...
للكاتب نفسه
غزة: لن ننسى ولن نسامح
ليس من المعقول أن تستمر هذه الحال من الإبادة في غزة. لا من العرب جميعاً، حكاماً وشعوباً، ولا من تركيا ولا من إيران، الغارقتين تاريخيّاً وعملياً ولفظياً، في المسألة الفلسطينية...
لبنان: من هو الوطني اليوم؟
الوطني اليوم هو من ينوي لملمة كل تلك التقرُّحات وكل ذلك العفن. أن ينوي أصلاً، ويعلن عن ذلك، فهي خطوة إيجابية. وهو سيواجه مقاومة عنيدة من المستفيدين من واقع الحال...
لبنان مجدداً وغزة في القلب منه
... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...