هكذا اشتعلت الأسعار واختفى «الدخان»

دفاعًا عن أنفسهم ضد اتهامات «السرقة والاستغلال»، يتنصل أصحاب الأكشاك على الفور من مسؤوليتهم عن الارتفاعات الكبيرة والسريعة لأسعار السجائر، متهمين تجار الجملة ووكلاء الشركات بالتسبب في الأزمة عن طريق احتكار البضاعة وتخزينها بهدف «تعطيش السوق» ثم طرحها بالأسعار التي يفرضونها. بدورهم يلقي الوكلاء والتجار الكبار بالمسؤولية على عاتق الشركات بسبب نقص المعروض من السجائر الناتج عن تقلص الإنتاج.
2023-08-11

شارك
صورة: عمر شرارة

منذ أشهر وخالد في بحث مضنٍ عن علبة «كليوباترا»؛ يسأل عنها يوميًا أصحاب الأكشاك فيأتيه الرد، الذي أصبح مع الوقت يتوقعه، «مفيش»، وحين يجدها تنطفئ فرحته عندما يفاجئه البائع: «بـ60 جنيه»، ليُصعق خالد، فقد كان سعرها قبل أيام قليلة 55 جنيهًا، ناهيك عن أن سعرها الرسمي المحدد من قبل الشركة المنتِجة 24 جنيهًا.

خالد واحد من 18 مليون مدخن في مصر، يمثلون 16.8% من السكان، بحسب بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك 2022/2021 الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

اضطر خالد إلى التنقل بين عدة أصناف من السجائر الأكثر توافرًا بسعر يناسبه، وحين يشتاق إلى سجارته المفضلة ليس أمامه سوى شرائها «فَرط».. السيجارة الواحدة بثلاثة جنيهات ونصف.

دفاعًا عن أنفسهم ضد اتهامات «السرقة والاستغلال»، يتنصل أصحاب الأكشاك على الفور من مسؤوليتهم عن الارتفاعات الكبيرة والسريعة لأسعار السجائر خلال الفترة الأخيرة، متهمين تجار الجملة ووكلاء الشركات بالتسبب في الأزمة عن طريق احتكار البضاعة وتخزينها بهدف «تعطيش السوق» ثم طرحها بالأسعار التي يفرضونها. بدورهم يلقي الوكلاء والتجار الكبار بالمسؤولية على عاتق الشركات بسبب نقص المعروض من السجائر الناتج عن تقلص الإنتاج.

كل هذا اللغط يدور على خلفية حالة من اللايقين تسود السوق على خلفية أزمة في توافر المواد الخام نتيجة شح الدولار، وشائعات حول اقتراب فرض ضريبة جديدة على السجائر.

في هذا التقرير تحدثنا مع مصادر عدة من منتجي السجائر وأصحاب أكشاك ومحال وتجار جملة، بالإضافة إلى مسؤولين حكوميين، في محاولة للكشف عما وراء شح السجائر في الأسواق وتضاعف أسعارها خلال الفترة الماضية.

***

بحسب آخر قائمة رسمية أعلنتها شركة الشرقية للدخان «إيسترن كومباني»، في مارس الماضي، بلغ سعر علبة «كليوباترا»، الأكثر شعبية، بين 23-24 جنيهًا، بارتفاع أربعة جنيهات عن السعر الرسمي في مارس 2022. وفي ما يتعلق بالأصناف الأجنبية، وأشهرها «إل آند إم» و«مارلبورو» و«ميريت»، ارتفعت أسعارها في 20 يوليو الماضي إلى 42 و59 و64 جنيهًا، على الترتيب، وفق منشور رسمي من شركة «فيليب موريس»، اطلع عليه «مدى مصر»، بعدما كانت 39 و54 و59 على الترتيب في أبريل الماضي.

رغم تلك الإعلانات، ومنذ مارس الماضي، فوجئ المستهلِكون باختفاء تلك الأصناف، ثم ظهورها مرة أخرى بشكل متقطع وبكميات قليلة، وبطفرة في الأسعار اقتربت من 100%، حيث تراوحت بين 60 و65 للـ«كليوباترا» و70 و75 للأجنبية، حسب المنطقة التي تشتري منها، فقيرة أم غنية.

تُسيطر «الشرقية للدخان» على 70% من سوق السجائر في مصر من خلال أصنافها الشهيرة، ليتبقى 30% تتنافس فيها ثلاث شركات كُبرى تعمل تحت قيادتها: «فيليب موريس» منتجة «مارلبورو»، و«إل آند إم»، و«ميريت»، و«اليابانية الدولية JTI» منتجة «وينستون»، و«كاميل»، والأخيرة شركة المنصور إنترناشيونال وكيل شركة إمبريال العالمية منتجة «دافيدوف».

أزمة الاستيراد وتقلص الإنتاج.

أنتجت «الشرقية للدخان» في السنة المالية 2021-2022، بحسب آخر معلومات متوفرة، 88 مليار سيجارة، مقارنة بـ94 مليار سيجارة خلال السنة المالية السابقة، بنسبة انخفاض 6%.

مصدر في إدارة «الشرقية للدخان» قال لـ«مدى مصر»، بعدما طلب عدم ذكر اسمه، إن انخفاض الإنتاج تزامن مع تراجع واردات الخام بسبب أزمة نقص العملة الصعبة التي يُعاني منها الاقتصاد المصري منذ سنوات من ناحية، وضعف وتيرة الإفراجات الجمركية عن الخام المستورد من الموانئ من ناحية أخرى. أدى ذلك إلى هبوط قيمة واردات التبغ المخصص لصناعة السجائر في الفترة من يناير إلى أبريل 2023 إلى 16 مليون و52 ألف دولار، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي حين بلغت 30 مليون و369 ألف دولار، بنسبة انخفاض نحو 53%، بحسب بيانات صادرة «المركزي للتعبئة والإحصاء»، اطلع عليها «مدى مصر».

بحسب المصدر، تعتمد الشركة على عائدات التصدير لتوفير العملة الصعبة. لكن صادرات «الشرقية للدخان» واصلت التراجع على مدار الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الماضية، بحسب إفصاح الشركة للبورصة عن أعمالها خلال تلك الفترة، الذي اطلع عليه «مدى مصر»، حيث بلغت قيمة مبيعات صادراتها في نهاية مارس الماضي 83 مليون و299 ألف جنيه (نحو 2.7 مليون دولار) ما يمثل 53% من المستهدف تصديره خلال تلك الفترة.  

بقية التقرير على موقع "مدى مصر". 


وسوم: تجارة

مقالات من العالم العربي

تدمير فلسطين هو تدمير كوكب الأرض

2024-05-02

إنها نهاية العالم الذي لا ينتهي أبداً: حطام جديد يتراكم دائماً فوق رؤوس الفلسطينيين. التدمير مكوّن رئيسي في تجربة الحياة الفلسطينية لأن جوهر المشروع الصهيوني هو تدمير فلسطين. لكن هذه...