دعوا سيدات المغرب يصنعنَ حلمهنّ

بجهدهنّ الحالي، قد تذلِّل لاعبات منتخب المغرب للنساء بعض العقبات في طريق من سيأتين بعدهنّ من منطقتنا للمشاركة في رياضةٍ يحتلها الذكور طولاً وعرضاً وتُدفَع عليها مبالغ خيالية في عالم الرجال حصراً، بينما تبقى شحيحة المردود بالنسبة للنساء.
2023-08-03

شارك
من الاحتفال بالفوز على منتخب كوريا الجنوبية
إعداد وتحرير: صباح جلّول

من بين 32 منتخباً كروياً نسائياً من حول العالم يشاركون في كأس العالم لكرة القدم للنساء (المقامة في أستراليا ونيوزيلندا)، كان منتخب المغرب للنساء أول فريق من المنطقة العربية يتأهل لهذه المنافسة الكبرى، وذلك بعد وصوله إلى نصف نهائي كأس أمم أفريقيا للسيدات. وقد استطاع يوم الأحد 30 تموز/يوليو 2023 الفوز على منتخب كوريا الجنوبية بهدف واحد - سجّلته ابتسام جرايدي بضربة رأسية - مقابل لا شيء، بعد خسارتهنّ القاسية بصفر مقابل ستّة أمام المنتخب الألماني. وأعادت فتيات المغرب تجديد الأمل بحلمهن في الاستمرار في المنافسة، بتأهلهنّ إلى ثمن النهائي بفوزهنّ الخميس في 3 آب/أغسطس على منتخب كولومبيا بهدف لأنيسة لحماري، محققاتٍ بذلك إنجازاً تاريخياً غمرت فرحتُه اللاعبات والمشجعين.

ليس مسار سيدات المغرب في مسيرتهن الكروية سهلاً بالتأكيد، لأنهنّ أوّل من يشقّ طريقاً لم يعبّده لهنّ سواهنّ من قبل، وهنّ واعيات لذلك تماماً. لكنهنّ بجهدهنّ الحالي قد يذللنَ بعض العقبات في طريق من سيأتين بعدهنّ من منطقتنا للمشاركة في رياضةٍ يحتلها الذكور طولاً وعرضاً وتُدفَع عليها مبالغ خيالية في عالم الرجال حصراً، بينما تبقى شحيحة المردود بالنسبة للنساء اللاتي يخترنها بسبب قلة الإنفاق الحكومي والرياضي المؤسساتي عليها، حتى وإن تطوّرت مستوياتهن في بعض دول المنطقة مثل المغرب ومصر وتونس والجزائر، وحتّى وإن تحسّن الإنفاق على قطاعهنّ الرياضي في عدة دول خليجية...

كما يفضح النقاش على صفحات التواصل الاجتماعي الصعوبات التي تواجهها لاعبات كرة القدم. ثمة مشجعين ومشجعات بالطبع، يتمنون لفتيات المغرب كل التوفيق، في حينِ يزداد القبول العام نسبياً في دول عربية عدة للنساء في الرياضات المختلفة. ولكن وفي المقابل، هناك الهازئون والمتوعّدون بالويل والثبور لأن فتيات تجرأن على الحلم بلعب رياضة يحبونها، وباسم بلادهنّ. العديد من التعليقات البشعة طالت المدافعة المغربية نهيلة بنزينة، وهي أول لاعبة ترتدي الحجاب في تاريخ كأس العالم للنساء، وذلك بعد أن سمحت الفيفا للاعبات النساء بلبس الحجاب في المسابقات الدولية عام 2014، فوجد البعض أن من حقّهم أن يقولوا أنها "بنصف حجاب" لأن لبسها الرياضي لم يعجبهم ويدعونها "للستر" (أليس هؤلاء أنفسهم من يزدادون تأليهاً للاعبين الرجال عندما يخلعون قمصانهم في الملعب؟)

ومن جهة أخرى، كان لافتاً سؤال مراسل ال"بي بي سي" لقائدة منتخب المغرب غزلان الشباك عن "وجود لاعبات مثْليات في الفريق"، كأنّ المطلوب منها الكشف عنهنّ إن وُجدنَ، بغض النظر عن خصوصيتهنّ وسلامتهنّ، من أجل عيون مراسلٍ بريطاني أراد أن يعرف أكثر عن حياة اللاعبات! وهو سؤال مؤذ وفي غير محله. وقد تقدمت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" باعتذار لاحقاً عن سؤال مراسلها "غير اللائق". وبين هذا الصنف من التوقعات من منتخب عربي وبين رفضٍ لممارستهن الرياضة في مجتمعاتهنّ، تقف على ما يبدو اللاعبات النساء من منطقتنا في مكان يطالبهنّ فيه الجميع في الداخل والخارج بتبرير أنفسهنّ، لبسهنّ، تصرفاتهن، حيواتهن، طوال الوقت. وهو أمر منهكٌ بلا شك، وبلا مقابل مادي مرضٍ حتى، فهلّا تُرك لهنّ المجال ليتنفسنَ ويركّزنَ في الرياضة التي أحببنَ ليتطوّرنَ كما يرغبنَ ثمّ ينجزن النتائج التي يحلمنَ بها؟  

مقالات من العالم العربي

تدمير فلسطين هو تدمير كوكب الأرض

2024-05-02

إنها نهاية العالم الذي لا ينتهي أبداً: حطام جديد يتراكم دائماً فوق رؤوس الفلسطينيين. التدمير مكوّن رئيسي في تجربة الحياة الفلسطينية لأن جوهر المشروع الصهيوني هو تدمير فلسطين. لكن هذه...