"الزاهرية" مرجل الحياة المنوّعة في طرابلس اللبنانية تقارع الزّوال

"الممكن" باقٍ ولو ضئيل. والمقصود إشهار تعدديّة الزاهرية، فهي التعددية التي تحتجب عن المشهد اللبناني، في وقت يتخلله الحديث عن التقسيم والفيدراليات. تروي الزاهرية تجربة مناقضة لتصارع الهويات. تشكّلُ من هوياتها المتجاورة متحفاً مفتوحاً يغمرك بأسباب للحنين. ولئن في بعض الحنين هروب، فهو يعيق اشتغال المزاج الطرابلسي على المستقبل، طالما أن طرابلس تداوي ذاكرتها الجريحة وبؤسها المادي بماضٍ كان أجمل.
2023-02-09

جودي الأسمر

كاتبة صحافية وباحثة من لبنان


شارك
مدخل منطقة الزاهرية

تنصرف "الزاهرية" إلى مزاولة الحياة على مهل. بائع عصير الخروب في زاويته المعمِّرة لا يستعجل الرزق. صينية من بقايا فطور الفول الذي تتقنه المطاعم الشعبية عند باب محلّ للأحذية. متاجر الملابس تفغر أفواهها للكساد، والأفران ومحالّ الحلويات ليست بأفضل حال. مشهد نخاله نموذجياً في مدينة عربية قديمة زهدت بالشمس. هي طرابلس، الطاعنة في الهوية الاسلاميّة والحاضرة عبرها، غير أنّ مجتمعها متعدّد ومنوّع النّشأة، سنكتشف في الزاهرية مشكّلاته البادية للعين أو تلك التي طوتها الأزمنة وينساها الناس.

تؤلّف الزاهريّة مجموعة أحياء وسيطة بين المدينة المملوكية القديمة ووسط طرابلس "الحديث" حيث ساحة التل. تختزن ملامح التجربة المجتمعية والثقافية الخاصة بطرابلس، حيث تعارفت وعاشت الديانات السماوية الثلاث. وليس صعباً استنتاج هذا التنوع من أسماء الشوارع أو تجاور دور عبادة لديانات وملل مختلفة، والانطباع تؤكّده هوية المدارس.

لكنّها تركيبة لا تشبه المجتمع الحاضر، وتكاد تغيب عن الوعي الجمعي، فيما يشكو المزاج المحلّي انتهاكَ طرابلس بـ"الترييف" الذي يجعلها "مدينة الآخرين". في المقابل، لا يشكل هذا الاستقطاب للسكان ديناميّة خاصّة بطرابلس، بل هو ما ينبغي أن تحذوه المدن، في كونها مجتمعا شاسعا دامجا لا يُحدّ. وليس أدلّ على هذا، من أنّ أكثر من نصف سكان العالم يعيشون عام 2021 في مناطق حضرية، مع توقّع ارتفاع نسبتهم في 2030 إلى 60 بالمئة (1). وفي ضوء العلاقة المعقّدة والمرتبكة بين أهالي المدينة والمكان، تسلك الزاهريّة، منذ نشأتها، مساقاً اجتماعيّاً يجعلها تُجسّد لطرابلس "المكان الأنتروبولوجي".

"كيف، إذاً، يتعطّل تاريخ مدينة؟"

لن (ولا يجب أن) تمتلك الإجابة الآن وهُنا، ولكن التجوال في الزاهرية سيؤكّد لك ضرورة التبحّر في هذه الإشكالية.

"الظاهر بيبرس" وشارع الراهبات

في الأصل كانت "الظاهرية". أعطيت المحلّة اسم السلطان المملوكيّ، الظاهر بيبرس، الذي استوطنها لمواجهة الصليبييّن المطلين من قلعة "سانجيل"، وكانت المنطقة مشاعاً مديداً من "بساتين طرابلس".

ويحضر في التسميات مجتمع مسلم-مسيحي، كما ضمّ اليهود في حيّ حمل اسمهم، قبل مغادرة آخرهم إلى فلسطين عام 1966، بحيث يمكن القول أن الوهج السّكانيّ للزاهرية اكتمل في الخمسينيات. تسميات مثل "شارع الراهبات"، و"شارع الكنائس" مكشوفة ومتداولة، تقتادك إلى سبع كنائس لمختلف المذاهب، تعود اثنتان منها للروم الأرثوذكس الّذين يشكّلون ثلثي المسيحيّين.

تدخل شارع "الراهبات" الذي ينقسم لسكّتين، تنتهي الضيقة منهما بالجامع المنصوري الكبير. عن اليمين كراج للسيارات، يشرف عليه مبنى عثماني مهجور، كان سيُهدم عام 2013 بسبب وشوك انهياره، فقامت التظاهرات تطالب بعدم المسّ بـ"سيار الدرك". شغل المبنى لوقت طويل "المدرسة الانجيلية للبنات" لراهبات من المبشرات الانجيليات، وقبالة المبنى، تقف الكنيسة الانجيلية.

يحضر في التسميات مجتمع مسلم-مسيحي، كما ضمّ اليهود في حيّ حمل اسمهم، قبل مغادرة آخرهم إلى فلسطين عام 1966، بحيث يمكن القول أن الوهج السّكانيّ للزاهرية اكتمل في الخمسينيات. تسميات مثل "شارع الراهبات"، و"شارع الكنائس" مكشوفة ومتداولة، تقتادك إلى سبع كنائس لمختلف المذاهب، تعود اثنان منها للروم الأرثوذكس الّذين يشكّلون ثلثي المسيحيّين.

تعاني الزّاهريّة المحو التراثي والثقافي المستمرّ الذي يضرب طرابلس، ويمكن إرجاعه إلى الطوفة الشهيرة لنهر "أبو علي" عام 1955، ثمّ شقّ الأوتوستراد الجديد، دون الحديث عن الإهمال المزمن للمدينة التاريخية الأهمّ في لبنان، والذي يأتي على الحقبات الإسلاميّة والمسيحيّة المتداخلة والمتوالية، والوجود اليهودي العابر لها. 

وفيما أغالب ترددي بصعود سلالم "سيّار الدّرك" المتخلخلة، لا يخالجني شكّ بأنّ الدّولة استجابت للرفض الشعبي فرفعت يدها عن هدمه - وعن صيانته أيضاً! يقطع حبل أفكاري صوتٌ رجّاليّ، أقرب للاستجواب، "ماذا تريدين؟". يوافق، ولكن بشرط عدم المكوث طويلاً. كان يتولّى تنظيم دخول سيارة، كأنّه "المعلّم"، ويتقاضى أجرة الموقف. يلقي الرّجل علي مجدداً نظرة حذرة لا تداري الاستعجال - سؤال: "مَن تكون؟"، "أنا وريث المبنى". تصلني الإجابة التي لم يقلها، فهذه الرقعة يديرها الاستيلاء على مجال عامّ. غصّة ولا دهشة.

منزل آل كستافليس اليونانيين الذي صار مدرسة انجيلية ثم سيار الدرك القديم

ثقوب في الذاكرة

تعاني الزّاهريّة المحو التراثي والثقافي المستمرّ الذي يضرب طرابلس، ويمكن إرجاعه إلى الطوفة الشهيرة لنهر "أبو علي" عام 1955، ثمّ شقّ الأوتوستراد الجديد، دون الحديث عن الإهمال المزمن للمدينة التاريخية الأهمّ في لبنان، والذي يأتي على الحقبات الإسلاميّة والمسيحيّة المتداخلة والمتوالية، والوجود اليهودي العابر لها:

• عائشة البشناتية

إن استثنينا بعض الوثائق الوقفيّة، لا يحتفظ المكان بأثر لـ"عائشة البشْنَّاتية"، القائدة المسلمة التي عاصرت الظاهر بيبرس، وقاتلت ضد الصليبيين. وفي إحدى المعارك نصبت كميناً قضى على 200 جنديٍ صليبي، وإلى هذه الموقعة نسب شارع "المئتين" الذي يحاذي الزاهرية غرباً. ويباهي المسلمون ببطولات البشناتية، فعُرفت بـ"الوليّة الصالحة"، والمجاهدة، ولقّبت بـ"جان دارك طرابلس".

أوصت الوليّة بدفنها في الزاهرية، واتُّخذ قبرها مقاماً. وتشير وثيقة أنّ القبر ضمن بستان، اختلفت مراجع في تحديد موقعه (2). واليوم، حين تمشّط "حارة النّصارى" ومحيط "خان العسكر" في الزاهرية حيث يُرجّح أنها مدفونة، وتستفهم عن المقام، تتكوّر أعين متفاجئة، تُفهمك أنّ الحيّ يفقد هويته التّاريخيّة، وصار معقلاً للفقر. أما واجهته النهرية، فتتزاحم عليها المحالّ التي تستعرض الثياب والسجاد بشكل يهتك الأنظار.

• مزار سيدة يوَنّس

نهتدي إلى المزار داخل زقاق مظلم من حيّ "التربيعة" في الزاهرية، اشتهر بصناعة المفروشات، وأسّس لحرفة تقليدية اعتدّت بها طرابلس، ولكن التضاؤل ألمّ بها، فتحولت إلى بضعة ورش وصالات عرض. وللمزار مدخل عبر "السوق العريض"، بحيث يبعد بضعة أمتار عن مسجد "الرفاعية".

من كنيته حسبتُ أنّه أرمنيّ، لكنّه حِرفيّ لاتينيّ يعيش في الزاهرية. يعتني جوزيف ديربدروسيان منذ 40 سنة بوقف دينيّ للأرثوذكس، بتكليف من الأرشمندريت رومانوس الحناة قبل أن يُنتخب في 2016 رئيساً لدير البلمند البطريركي، الواقع في تلّة الكورة جنوب طرابلس. ويستحضر حارس المزار قصة جمعته بمسلم من طرابلس، يحْدث أنّه والدي. وفيما ينهي كلامه، يصدح صوت المؤذن، فيردف: "أتسمعين الأذان؟ يؤكّد أنّ كلامي حق".

يترك محلّ المفروشات الذي أسسه جده إسحق منذ 100 سنة. وقبل دخول المزار، يوضح: تُلفظ "يوَنَّس"، نسبة إلى التسمية اليونانية لتلميذ السيد المسيح "يوحنا"، وليس يوحنّا المعمدان، ولا النبي يونس.

يطابق التقسيم الخانات، لجهة القناطر وتحتها الغرف المحيطة بالردهة، والطابق العلويّ للمنامة، وهي "قاعة الأيقونة". يروي الحارس أنّ المزار ملكية دير البلمند، وقد شُيّد عام 1820، بعدما كان مزارعو الدّير يقصدون طرابلس لبيع حصاد الزيتون وكروم العنب. وعند المساء، يعودون أدراجهم على الحمير محملين بالأغلال، فكانت طريقهم شاقة ومحفوفة بالمخاطر. اقترح أحد الرهبان المكوث في طرابلس، فاشترى الدير العقار من آل نوفل، واحدة من العائلات الطرابلسية الارثوذكسية المقتدِرة. وبعد شقّ الطرقات قبيل الانتداب الفرنسي، تحوّل المكان إلى مزار.

أوصت الوليّة عائشة البشْنَّاتية بدفنها في الزاهرية، واتُّخذ قبرها مقاماً. وتشير وثيقة أنّ القبر ضمن بستان، اختلفت مراجع في تحديد موقعه . واليوم، حين تمشّط "حارة النّصارى" ومحيط "خان العسكر" في الزاهرية حيث يُرجّح أنها مدفونة، وتستفهم عن المقام، تتكوّر أعين متفاجئة، تُفهمك أنّ الحيّ يفقد هويته التّاريخيّة، وصار معقلاً للفقر. أما واجهته النهرية، فتتزاحم عليها المحالّ التي تستعرض الثياب والسجاد بشكل يهتك الأنظار.

المزار كان ملكية دير البلمند، وقد شُيّد عام 1820 بعدما كان مزارعو الدّير يقصدون طرابلس لبيع حصاد الزيتون وكروم العنب. وعند المساء، يعودون أدراجهم على الحمير محملين بالأغلال، فكانت طريقهم شاقة ومحفوفة بالمخاطر. اقترح أحد الرهبان المكوث في طرابلس، فاشترى الدير العقار من آل نوفل، واحدة من العائلات الطرابلسية الارثوذكسية المقتدِرة. وبعد شقّ الطرقات تحوّل المكان إلى مزار. 

في صدر القاعة أيقونة (3)  لـ"سيدة يُونّس"، تحمل وليدها في اليد اليسرى ووردة في اليد اليمنى، وتعلوها الصلبان الخشبية، فيما تزيّن الجدران برسومات لمذاهب مسيحية مختلفة. يُرجع جوزيف ديربدروسيان ديمومة المزار إلى تبرعات من المغتربين المسيحيين الذين سكنوا الحيّ، وآخرهم لبنانية في البرازيل، حققت "السيدة" أمنيتها بأن تصبح حاملاً.

قاعة الأيقونة في مزار سيدة يونّس

مصليّات أثيوبيات

عند الخروج من "التربيعة"، مروراً بزقاق كنيسة مار نقولا للروم الأرثوذكس، ستصادف شابات أثيوبيات يسترسلن في الأحاديث، حاضرات الروح. وكنيسة مار نقولا هي الأقدم في طرابلس، بُنيت عام 1809، وتلاصق جامع "شرف الدين"، ولكنها تاريخياً جارة لمسجدين (4). تفترض أنّ العودة في اليوم التالي موعد مناسب لفهم علاقة الجالية الأثيوبية بالمكان.

وصبيحة الأحد، قرابة التاسعة والنصف، كانت المصلّيات الأثيوبيات يتداعين إلى الكنيسة الأرثوذكسية. وحين فاض العدد، يقف البعض في الخارج. تلتحق مصلية متأخرة برفيقاتها، لا إيماءة ولا كلمة. تخلع حذاءها، وتردّد الصلوات بالأمهريّة خلف الكاهن. وبإيقاع واحد، تركع المصليات ويسجدن، مغطيات الرؤوس، بالجلباب الأبيض التقليدي. يحاكي أداؤهن صلاة المسلمين الّتي تأثرت بانتشار الإسلام في الحبشة.

علمنا أنّ مطرانية طرابلس للروم الأرثوذكس خصصت كنيسة مار نقولا لصلوات الجالية الأثيوبية، ويقصد الزاهرية كاهن أثيوبيّ من البترون ليرأس القداس، كما تقام في الكنيسة عينها الاحتفالات الدينية الأثيوبية في سائر المناسبات (5).

صلوات الأحد تؤديها مصليات أثيوبيات في كنيسة مار نقولا

"زقاق الشؤم"

تقع كنيسة مار نقولا بقرب جامع في "زقاق الشؤم"، والاسم يظلم المكان، فهو يشهد على حرص مسلمي طرابلس على وجود المسيحيين وحقوقهم.

كانت المصلّيات الأثيوبيات يتداعين إلى الكنيسة الأرثوذكسية. وحين فاض العدد، يقف البعض في الخارج. تلتحق مصلية متأخرة برفيقاتها، لا إيماءة ولا كلمة. تخلع حذاءها، وتردّد الصلوات بالأمهريّة خلف الكاهن. وبإيقاع واحد، تركع المصليات ويسجدن، مغطيات الرؤوس، بالجلباب الأبيض التقليدي. ويحاكي أداؤهن صلاة المسلمين.

 كان الجامع يُعرف بـ"الأسعديّ"، تيمّناً بشهرة والي طرابلس الذي بدأ تشييده عام 1824. لكنه اختار أرضاً لـ"آل غريّب"، عائلة مسيحية أرثوذكسية، بقصد الانتقام من حاكم طرابلس السابق بربر آغا، صديق هذه العائلة. وفي عام 1835، رفع آل "غريّب" كتاباً إلى مجلس الحكم الشرعي، يطلبون الإذن بإقامة حائط فاصل بين دارهم والجامع، بسبب تعكيره خصوصية القاطنين. لكن مفتي طرابلس آنذاك لم يكتف بالموافقة، بل أصدر فتوى شرعية تحرّم الصلاة في المسجد، لأنّه "بنيَ على أرض مغتصبة". وبسبب تعرقل بناء المسجد سُمي الموقع باللهجة المحلية "زقاق الشوم". ومضى أكثر من قرن لتصفية ملكية الأرض، فاكتمل البناء عام 1981، وبنى المئذنة حاجّ من آل شرف الدين، فعُرف الجامع بكنيته، ويبدو خالياً من العناصر الجمالية.

شارع الكنائس والمدارس و"المنطقة الفرنسية"

كانت الكنائس جاذباً لاستقرار سبع مدارس إرساليّة في الزاهريّة منذ منتصف القرن التاسع عشر، مستفيدة من قانون التنظيمات العثماني. أسست هذه الارسالياتِ البعثاتُ الرسولية والتبشيرية الانجيلية والكرملية واليسوعية وحتى الوطنية، فاستقطبت شتاءات طرابلس العائلات المسيحية من القرى المجاورة. كما لعبت الإرساليات دوراً مفصلياً في تشكيل عقليّة وانفتاح عشرات الأجيال من الطرابلسيين المسلمين. ومع اشتداد الحروب والاحتقانات، انتقلت الإرساليّات توالياً إلى هضبة الكورة ما عدا اثنتين، وترك غالبية المسيحيين الزاهرية وبقيت الكنائس. تطابق معادلة "ذهب البشر وبقي الحجر" تسمية الحيّ الذي كان "حارة النصارى"، فصار يسمّى "شارع الكنائس".

وأولى الإرساليات التي هجرت الزاهرية كانت "راهبات العازارية" ("راهبات المحبّة") عام 1971، واستقرّت في الكورة، وذلك بعد استشراف الحرب الأهليّة التي كانت تنتشر تحضيراتها في لبنان، وحتى مبناها الفاره وشديد الاتساع بحيث كان يضم كنائس وحدائق مزنّرة بسور عريض اختفى بكل عوالمه، وانتصبت مكانه البنايات والمتاجر.

وكانت ترتادها بنات الشرائح الميسورة من المدينة، تجاراً وملاكاً وأصحاب المهن الحرة، وأغلبهن من بنات المسلمين. ويُذكر على سبيل المثال أنّ بنات مفتي طرابلس حينذاك، الشيخ نديم الجسر كنّ في الخمسينيات والستينيات من تلميذات "الراهبات" كما كان أبناؤه من تلاميذ "الفرير".

اختار والي طرابلس لتشييد الجامع أرضاً لـ"آل غريّب"، عائلة مسيحية أرثوذكسية، للانتقام من حاكم طرابلس السابق بربر آغا، صديق هذه العائلة. فرفع آل "غريّب" كتاباً إلى مجلس الحكم الشرعي في 1835، يطلبون الإذن بإقامة حائط فاصل بين دارهم والجامع، بسبب تعكيره خصوصية القاطنين. لم يكتف مفتي طرابلس آنذاك بالموافقة، بل أصدر فتوى تحرّم الصلاة في المسجد، لأنّه "بنيَ على أرض مغتصبة".

كما هجرت طرابلس في أوائل القرن الـ21 مدرسة "الفرير" للآباء اليسوعيين، وقبلها "الفرير المجانية"، وتميّزت بالمستوى الرفيع في تعليم الفرنسية. وبجانبها تمتد مبان مسقوفة بالقرميد، تسيطر بحضورها الوهاج على المشهد. إنها إرسالية الانجيليين المعروفة بـ"الأميركان"، وفيها تلقّى تعليمه شارل مالك، العربي الوحيد الذي شارك في صياغة الاعلان العالمي لحقوق الانسان.

وبجانب الأميركان تفتح "مدرسة البنات الوطنية للروم الأرثوذكس" أبوابها. يستحوذ على انتباهك بياض المبنى، في تناقضه مع اسوداد الأبنية المحيطة ونوافذها المخلّعة والاهمال الملمّ بها بالرغم من تأويلاتها العمرانية: في الطابق السفلي نمط عثماني، يعلوه النمط الفرنسيّ المستجدّ. وكان هذا الحيز من الزاهرية، يشغل "la zone française"، (المنطقة الفرنسية) الّذي تغيب تسميته كلّياً، وتحفظه بعض الوثائق في بلدية طرابلس، ذلك أنّ الشارع كان الحدّ الأقصى الّذي استطاع الفرنسيون بلوغه داخل المدينة المملوكية القديمة التي بقيت أسواقها عصيّة عليهم.

ولا يزال شارع الكنائس يضمّ مدرسة "الآباء الكرمليين" ("الطليان")، وملحقة بها في الخلف "كنيسة اللاتين"، كان الآباء يستخدمونها للطقوس الدينية. ويحكى أن الطرابلسيين كانوا يميّزون الآباء الكرمليين بثوبهم البني عن الآباء اليسوعيين بثوبهم الأسود والياقة البيضاء.

كانت ترتاد مدرسة راهبات العازارية بنات الشرائح الميسورة من المدينة، تجاراً وملاكاً وأصحاب المهن الحرة، وأغلبهن من بنات المسلمين. ويُذكر على سبيل المثال أنّ بنات مفتي طرابلس حينذاك، الشيخ نديم الجسر كنّ في الخمسينيات والستينيات من تلميذات "الراهبات" كما كان أبناؤه من تلاميذ "الفرير".

وأكثر ما يلفت بجانب المدرسة، كاتدرائية "مار مخائيل" للموارنة، مكتملة الوقار، وصليبها الأعلى ارتفاعاً. ولكن لانزياح السكن نحو أحياء طرابلس الجديدة غرباً، دورٌ ديموغرافي لا عودة عنه في مصادرة مركزية هذه الكاتدرائية، بوجود كنيسة "مار مارون" في الشارع الذي حمل اسمها أواسط القرن العشرين.

كما أنّ المحو والإهمال يقضيان تدريجيّاً على التنوّع الفطري للزاهرية، فمن يزورها، لا يعرف أن الجامع "الحميدي" العثماني الّذي تبعده خطوات عن كاتدرائية "مار جاورجيوس" للروم الملكيّين الكاثوليك، كان أيضاً يقع بين مطرانيتي الروم الكاثوليك والأرثوذكس، وأنّ الحروب تسبّبت بتدمير الأخيرة عام 1985، فانتقلت إلى الحيز الغربي الأكثر حداثة المعروف بـ"الضم والفرز".

كاتدرائية مار جاورجيوس للروم الأرثوذكس وخلفها حي اليهود

ويلقاك جامع التوبة المملوكي أوّل الشارع المفضي إلى كنيسة "مار يوسف"، التي شيدها السريان الكاثوليك بالرغم من عددهم الرمزي، وتستضيف قداديس الأحد دون توقّف. وبمواجهتها تقف كاتدرائية "مار جاورجيوس" للروم الأرثوذكس بطرازها الروماني، وتُعدّ أضخم كاتدرائية أرثوذكسية في لبنان. وخلف هذه الكنيسة، تخمد الأنفاس رائحة لا تطاق: هنا كان كنيس اليهود الذي صار محلّاً لدباغة جلود البقر، وهنا "حيّ اليهود" الّذي سكنته طويلاً الجالية اليهوديّة، ويعرف اليوم بـ"الدباغة".

اليهود: وجود ورحيل صامتان

لا يوجد في لبنان اليوم أكثر من 27 يهودياً (6)، يخفون هويتهم الدينية خوفاً من ربطها بالكيان المحتلّ. وعلى هذه الحال، لم تضبط إيقاعَ اليهود في طرابلس عوامل خاصّة حكمت علاقتهم بالمجتمع المحلي، بقدر ما احتفظت الأحداث في فلسطين بتأثيرها الدائم.

قبل اشتعال نكبة 1948، بقي الوجود اليهودي طبيعيّاً ولكن أقلّوياً. واعتبرت الزاهرية حاضنة اليهود في طرابلس، أسسوا فيها مصارف صغيرة، واهتموا بالتجارة ودباغة الجلود. كما جاوروا المدرسة الانجيلية في شارع الراهبات، وحيث معامل العرَق لآل السبعلي تقع تماماً قبالة الجامع المنصوري الكبير. وتركّز اليهود في تفرعات التربيعة، وزقاق موصول بشارع الكنائس. كان هذا الحي أقرب إلى "غيتو" لأقليّة يهوديّة، عاشت فيه بهدوء وتحفّظ.

حرص اليهود على بيوتهم الممهورة بنجمة داوود، وآخرها استقرت عند مدخل مسجد "شرف الدين"، وقد طمستها "حركة التوحيد الاسلامية" الناشئة عام 1982 من خليط من عدة مجموعات صغيرة وهجينة، ذات توجه إسلامي، قامت خلال سنوات الحرب الأهلية التي كانت ما زالت مستعرة. والمفارقة أنّ هذا التخريب طال في عمقه الهوية الاسلامية لطرابلس (7) في حين كان اليهود يعيشون علاقات حميدة مع محيطهم، ويمكن الاستدلال عليها من عدّة أحداث، بداية بقصة دبّا (8)، اليهودي الطرابلسي الذي هاجر عام 1920 إلى فلسطين، وطلب من جاره "أبو خالد" الحفاظ على البيت.

وحين تناقلت مصادر يهودية خارج لبنان أنّ 12 يهودياً قُتلوا في طرابلس في مجزرة وقعت يوم 9 تشرين الأول/أكتوبر 1945، قامت العديد من الصحف اللبنانية والعالمية بمتابعة الموضوع، فلم يجدوا أي دليل. ولم يهنأ بال لإسرائيل، فمع اجتياحها لبنان عام 1982، طلبت مساعدة فرنسا في التحقيق حول المجزرة. ولكن ردّ الفرنسيين كان حازماً بعدم وجود أية أدلّة.

وعند حدوث فيضان نهر أبو علي، تصدّعت بيوت ومعالم تاريخية، وهدمت البلدية المباني المتضررة على جوانب النهر، لكنها استثنت حي اليهود.

ومع ذلك، تكثّفت هجرة اليهود إلى فلسطين. وبتاريخ 17 كانون الثاني/يناير 1966، التحقت عائلة "مزراحي"، ولقبها يعني "اليهود الشرقيين"، بمن سبقوها، فأضحت آخر أسرة يهودية تركت طرابلس. ولا يزال تكتيك هجرتهم المفاجىء والمضلّل يتواتر في بعض المحكيّات. ففي أيامه الأخيرة في طرابلس، استدان داوود مزراحي المال والبضائع، لكونه تاجرا يتمتع بصيت حسن. لكنه هاجر بسرية تامة مع أسرته، تاركين الملابس منشورة على الحبال والنوافذ مفتوحةً. وعمل إيلي ابن داوود مزراحي في إذاعة "جيش الدفاع الاسرائيلي"، وكان يرسل عبر برنامجه سلامات إلى جيرانه الطرابلسيين ويسترجع علاقته الطيبة معهم، فشكّل الأمر صدمة لأهالي المدينة!

حين تناقلت مصادر يهودية خارج لبنان أنّ 12 يهودياً قُتلوا في طرابلس في مجزرة وقعت يوم 9 تشرين الأول/أكتوبر 1945، قامت العديد من الصحف اللبنانية والعالمية بمتابعة الموضوع، فلم يجدوا أي دليل. ولم يهنأ بالاً لإسرائيل، فمع اجتياحها لبنان عام 1982، طلبت مساعدة فرنسا في التحقيق حول المجزرة. ولكن ردّ الفرنسيين كان حازماً بعدم وجود أية أدلّة. 

وتظهر الوثائق أنّ داوود مزراحي تمتع بحق احتكار الأرض المجاورة لمقابر اليهود في الزاهرية، وتحويلها مصنعاً للزجاج في الخمسينيات. واليوم، حين نزور موقع المقابر نجد محطّة للوقود.

غرباء: الحياة في المقابر

نتوغّل في الزاهرية غرباً. وعلى وقع خطواتنا تتكاثر وجوه الفقر. وكلّما نغوص في حي "الغرباء"، سنكتشف أنّ مسمّى "الحيّ" يناقض ما يفترض سريان الحياة وتفاعل الأحياء. يسكن الناس مقبرة "الغرباء" التي يلتف الحيّ حولها منطوياً على نفسه، لا يراه أو يكترث أحد إليه (9).

تنتشر حولنا ورشات النجارة، فتخلط الأجواء برائحة نفّاذة من رشّ الموبيليا والدهان... يظهر أخيراً رجلٌ مع طفلتين. أتحيّن مروره فأستفسر عن الوجهة. كنت أقصد المقبرة، العلامة الفارقة في "الغرباء". يوافقني بأنّ وجهتي صحيحة. يحثون الخطى، وأنا يستمهلني الاستكشاف الّذي لم يجعلني أنسى الثقل والشيخوخة المستعجِلة على وجه الرجل، إلى أن جاءت الصدمة: لم تمرّ دقيقتان حتى وصلتُ، لأجد عند مدخل المقبرة الرّجل الّذي حدّثني للتوّ، يخلو إلى نفسه على كرسي. تطلّ إحدى طفلتيه برأسها من غرفة مبنيّة بالطوب العاري ومسقوفة بالتنك، وما إن لمحتني حتى توارت عن نظري. وأمام الذهول الذي أطبق عليّ، أردت أن تتوارى مرآة بؤس الطفلة وأبيها التي سلّطها وجودي، أردت أن تتوارى دمعتي، نقمتي، عجزي، كلّي... فسارعتُ بتغيير اتجاهي، وزرت المقبرة من جانب آخر.

مآوي صفائح التنك في مقبرة "الغرباء" كيان قائم بذاته. صبيّ يغسل جسمه في العراء ومعه رفيقاه، لم أفهم لماذا يضحكون. أولاد يتحلّقون حول بقعة، عرفت من صبيّ يقف بجانبي أنّهم يحفرون قبراً، ثم يسأل: "اؤمريني؟"

- "لم يعد هناك هذا المساء أطفال بيننا.
كنّا كلّنا كباراً، كباراً وبائسين، نأخذ نصيبنا من التّعاسة كلُّ بمقدار"
(10). 

أتقدّم أكثر، فأبلغ الأوتوستراد، حيث ظهرت مدرسة فخمة يملكها رئيس حكومة لبنان، والذي يحدث أنّه من طرابلس ومن أثرى أثرياء العرب. في هذا الحيز من الزاهرية، تتطرف تناقضات طرابلس والتي تتسع هوّتها مع الانهيار الاقتصادي منذ أواخر 2019. يعرف "الغرباء" أنهم سيبقون غرباء، فيفضلون ألّا يفاتشهم الآخرون في بؤسهم دون أنّ يقدّم ما يسدّ الرمق.

المساكن في مقبرة الغرباء كيانات قائمة بذاتها

ويعقّد غربة القاطنين ضياع الهويّة، فـ"الغرباء" معروفة بأنها من الزاهرية، ولكنها عقاريّاً مشمولة بـ"التل". وتستقر فيها عائلات من قرى عكّار، ولاجئون سوريون وفلسطينيّون. وهذا ما يوطّد كونهم "غرباء" لا يندرجون في القوائم الانتخابيّة وهم بالتالي ليسوا مؤهلين لــ"زبائنية" عابرة من زعيم أو نائب أو حتّى رئيس بلديّة، في حين لم يُسجّل في نفوس المحلّة أكثر من 40 عائلة (سجلات 240-280 الزاهرية) من السوريين المجنّسين ومِنهم مسيحيون (11).

مآوي صفائح التنك في مقبرة "الغرباء" كيان قائم بذاته. صبيّ يغسل جسمه في العراء ومعه رفيقاه، لم أفهم لماذا يضحكون. أولاد يتحلّقون حول بقعة، عرفت من صبيّ يقف بجانبي أنّهم يحفرون قبراً، ثم يسأل: "اؤمريني؟". يعرف "الغرباء" أنهم سيبقون غرباء، فيفضلون ألّا يفاتشهم الآخرون في بؤسهم...

وغربة الأحياء مهّدت لها غربة الموتى. فالمقبرة نشأت مع بداية العهد العثماني في بلاد الشام، وكانت وقفاً لدفن من يتوفّى في طرابلس من غير أبنائها، وأكثرهم من الحمويين والحلبيين والاسطنبوليين. ودُفن في "الغرباء" العلّامة والمؤرخ ومفتي طرابلس حينذاك أحمد بن سليمان الخالدي الأرواديّ، نسبة إلى أصله (12). وتقدّم هذه العناصر واحدة من التمظهرات الغائرة في التاريخ والسارية أبداً، عن ارتباط طرابلس بسوريا، فحتّى حين كان سنجق طرابلس تابعاً لولاية بيروت، كان مفتي طرابلس سوريّاً. كما كانت طرابلس خلال القرن العشرين ملعباً للقضايا العربيّة في لبنان والمنطقة، وأهمّها الحلم بالوحدة العربيّة الّذي لازمها منذ تأسيس لبنان الكبير، وما يرافقها من اختلال مستمرّ في العلاقة بين الدولة اللبنانيّة وطرابلس، فبقيت "الولد غير المرغوب به"، والمكشوف على كلّ أدوات التفقير بسبب التخلي المزدوج عنها من القيادات المحلية والوطنية.

أزمة الحنين

نهاية الطواف، تقرأ في تعرّجات الزاهرية مجتمعاً مستنيراً، كأنها أثلام الذاكرة في طرابلس تستعيد دورتها أو خطوط الكف تنفض عنه الغبار. وفيما تتوغل في الزاهريّة، تشعر بأنّ التاريخ يشاكسك في أفنائها بلعبة "الغمّيضة"، فتارّة تجده أمامك وطوراً يختبىء، فيجبرك على استنطاق الحجر أو سؤال مؤرّخين.

ولعل قصّة الزاهرية التي هجرها المسيحيون، فلم يبق منهم أكثر من 50 أسرة، تبدأ بفصلها الأخير في أعقاب الاشتباكات التي ضربت منطقتي التبانة وجبل محسن (2011 –2014) في موازاة الحرب السورية، بسبب موقعها الجغرافي المكشوف.

استغلت "حركة التوحيد الاسلامي" الصّراع النّاشب بين قوات الردع السورية والفلسطينيين ومعهم اليسار، ومارست الاجرام والسلب والنهب و"الأسلمة" الغاصبة، ففرّ المسيحيّون إلى قرى في زغرتا وبشري، أو الى الكورة، وكثيرون نزحوا إلى بيروت وجونية. ولا يمكن تجاهل المنعطف الديمغرافي الفارق الذي أصاب لبنان خلال الحرب الأهليّة، حيث هاجر المسيحيون نحو أوروبا والولايات المتحدة، في ثاني موجة هجرة مسيحية بعد الحرب العالمية الأولى.

كما أنّ طرابلس عاشت التحولات العميقة الطارئة على المدن العربية، والمتجلية في انكفاء الدور الكوسموبوليتي الذي لعبته هذه المدن، وغالباً ما نتجت عن النموّ المدينيّ الّذي سرّعه التكوين الانتدابي - الفرنسي في طرابلس - فلعبت النزوحات إليها من الأرياف دوراً حاسماً في هذا الانكفاء.

غير أنّ "الممكن" باقٍ ولو ضئيل، والمقصود إشهار تعدديّة الزاهرية، فهي التعددية التي تحتجب عن المشهد اللبناني، في وقت يتخلله الحديث عن التقسيم والفيدراليات. تروي الزاهرية تجربة مناقضة لتصارع الهويات. تشكّلُ من هوياتها المتجاورة متحفاً مفتوحاً يغمرك بأسباب للحنين، فكيف لو مكثت فيه؟ ولئن في بعض الحنين هروب، فهو يعيق اشتغال المزاج الطرابلسي على المستقبل، طالما أن طرابلس تداوي ذاكرتها الجريحة وبؤسها المادي بماضٍ كان أجمل، ولفرط ما تحاول أن تنفي عن نفسها ما ليست عليه، توشك المدينة على أن تنسى مَن هي.   

______________________

1- هنري العويط، "المدن العربية في العراقة والاستدامة"، كتاب "أفق" السنوي السادس، مؤسسة "الفكر العربي"، 2021.
2- المقام مختلف على موقعه ما بين عقار في حارة النصارى، أو في بوابة "خان العسكر" عند مدخل الزاهرية الشمالي، كما ذُكرت "بوابة عائشة البشناتية" ضمن بوابات طرابلس الـ11.
3- تعرّضت الأيقونة الأصلية للحريق، فجرى ترميمها ووضعت النسخة المرمّمة في دير البلمند، واحتفظ المزار الطرابلسي بنسخة منها.
4- كانت كنيسة "مار نقولا" تلاصق جامع الأويسيّة في محلة باب الحديد، وهي امتداد التربيعة نحو طلعة مؤدية إلى قلعة سانجيل. ثمّ توافق أبناء المنطقة على تحويل الكنيسة إلى مصلّى ملحق بجامع الأويسيّة، عُرف بـ"جامع السروة"، وأعطيت كنيسة "مار نقولا" المكان الّذي زرناه.
5- صار الروم الأرثوذكس من طرابلس، يؤدّون صلوات الأحد في كنيسة مار جاورجيوس في الشارع الخلفي، فهي تتسع لأعداد أكبر من المصلين، بينما يلجأون لكنيسة مار نقولا أيّام الأربعاء والسبت.
6- حسب الباحث المتخصص بشؤون الطائفة اليهودية في لبنان خلال مقابلة نشرت بتاريخ 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2021. 
7- وفد أوّل فوج من اليهود في وقت معاوية بن أبي سفيان الذي دعا أول النازحين اليهود الى الاستيطان في طرابلس. كما أنّ تاريخهم الطرابلسي كان الأقدم في لبنان، ففي وقت لاحق استقروا في صيدا عام 927، ثم في بيروت وصور، ومنطقة الشوف ودير القمر في عام 1860، ثم في حوالي عام 1906 في زحلة ثم بحمدون.
8- من أرشيف جريدة "النهار" اللبنانية، 17 آب/أغسطس 1966 ، الصفحة 9.
9- يعلّق أحد روّاد "فايسبوك" على صورة من مقبرة الغرباء بما حرفيته " أول مرة بعرف إنو عنا بلبنان في ناس عايشين بالمقابر كنت مفكر بس بالأفلام المصرية في ناس بيعيشوا ب المقابر. أين اغنياء طرابلس والشمال؟".
10- عن الروائي البرازيلي خوسيه ماورو دي فاسكونسيلوس، رواية "شجرتي شجرة البرتقال الرائعة"، 1968.
11- حسب مختار محلة الزاهرية جورج عطية في مقابلة يوم 12 كانون الأول/ديسمبر 2022
12- عن المؤرّخ الدكتور عمر تدمري، في حديث هاتفي يوم 8 كانون الأول/ديسمبر 2022 .

مقالات من لبنان

للكاتب نفسه

طرابلس/ لبنان "مدينة الأنوار" في رمضان

أنوار رمضان المضاءة اليوم في طرابلس تبدو ذات دلالة ثانية مستجدة. هي وليدة أدوات الحاضر واحتمالاته، فتظهر كفعل تجاوزيّ لكومٍ من الأزمات والعوائق التي تتراكم في ذهنية المواطنين لتخلق وتوطد...