شهر رمضان الكريم في ليبيا تستشعر قدومه منذ طلوع هلال شهر شعبان حيث يبدأ الجميع استعداداته الروحية وتجهيز طقوسه اليومية، وتبدأ الجوامع بتلاواتها. ثمّة أماكن تمرّ بها فتلاحقك روائح القهوة بنكهاتها المختلفة من حبهان (حب الهال) وكسبر ومستكه عربية إلى رائحة الروينة - وهي مشروب مفضّل في رمضان بمكوّناته الغنية من كمون حلو واليانسون والكمون الطويل وحبوب الكسبر وحبوب القصب وحبوب الحمص واللوز وعود القرفة تُحمّص جميعها وتُطحن ناعمة وتذوب عند شرابها في ماء بارد محلّى بالسكر، تُشرب في وجبة السحور، فهي تمنع العطش وتروي العروق الذابلة.
ولا تحلو سفرة رمضان إلّا بخليط من أطباق رئيسية يحرص كل الليبيون على أن تكون مرافقة طيلة الشهر الكريم. تبدأ إفطارك على الشوربة الليبية رائعة المذاق ورائحتها المشهية لو تتذوقها مرة سيصبح طعمها مرافقاً في ريقك كلما ذُكر أمامك الأكل الليبي.
في كل البلاد العربية يبقى طبق الشوربة الطبق الأساسي، وفي ليبيا (الشربة) العِربية - بكسر العين - هو سيد السفرة. طريقة تحضيرها تختلف عن الطرق التقليدية لطهو الشوربات حيث يحرص الليبيون على أن تكون شوربة رمضان من اللحم الوطني، يُقلى في قليل من السمن البلدي والبصل المفروم قطعاً صغيرة يُضاف إليها قليل من الشيبة (نوع من البهار) وقليل من الملح، وتقلّب قليلا على النار ثم يضاف إليها حبة طماطم طازجة مبشورة وملعقة من الطماطم المعلّب وملعقة الفلفل الأحمر المطحون ونصف ملعقة صغيرة كركم، وتقلَّب على النار ثم يُضاف إليها خليط من المعدنوس والكزبرة وتوضع على نار هادئة حتى يستوي الخليط، فيضاف إليها المرق وحبوب لسان العصفور حتى تغلي جيداً. بعدها تطفَأ النار ويوضَع على الوجه نعناع مطحون وعصرة ليمون ورشة حرارات.. والحرارات خليط من التوابل التي يتميّز بها المطبخ الليبي عن المطابخ العربية الأُخرى في محتواه حيث يتكون من الزنجبيل والحبهان وعود القرنفل والقرفة والشيبه وعود اللحم وورق الغار، تحمّص المكونات على النار وتطحن جيداً وتستخدم في الأكل، لها رائحة تفتح الشهية.
ويقدم مع الشربة أنواع من الخبز البيتي (المنزلى) أهمّها وأشهرها خبز التنور، يُخبز على نار الحطب، ترافقها الأطباق الجانبية من براك وكيما وبطاطا مبطنة ومكرونة جارية (المبكبكة) وعصبان وغيرها من الأطباق بحسب الأذواق التي تختلف من مدينة إلى أخرى.
الليبيون تفرقهم السياسة وتوحّدهم سفرة رمضان.
كل رمضان وأنتم بخير..