ليبيا ما بين هلال غائم وثروات لم تبصر النور

لقد حان الوقت للتغاضي عن براميل النفط التي لم تجلب للمواطن إلا السنوات السوداء، والسعي لسلام موحد تحت راية كل هذه الثروات التي لم تبصر النور
2017-03-31

أحلام البدري

كاتبة ومدونة من ليبيا


شارك
تصوير: عبدالله دومة

حروب شرسة على الهلال النفطي في ليبيا ما بين الكر والفر والاستيلاء والاستعادة. خوف يلاحق الجميع في الدّاخل ومصالح معلّقة في الخارج. تغادرنا الأرواح الظالمة والمظلومة ويرتفع منسوب الدّم فوق صفيح النفط السّاخن تحت وابل الرّصاص. كانت صادرات النفط اللّيبي إلى الاتحاد الأوروبي حتى عام 2010، تساوي 11 في المئة من مجمل صادراتها أو 403 مليون برميل، جاعلة إياها ثالث أكبر مصدر بعد النرويج وروسيا، وبلغ معدل الإنتاج التراكمي خلال 2009 حوالي 27 مليار برميل ما يعادل 65 في المئة من الاحتياطي. خلال السنوات الفائتة نفذت كميات كبيرة من مخزون الاحتياطي تحت وطأة السلاح ومحرقة الحرب ونار الفتنة وضرب دفوف التقسيم. تغرق ليبيا تحت ثلاث حكومات وحرب على إرهاب لم تحسم محاوره بعد. ويتم الالتفات إلى كلّ الجهات الجغرافية، لتأمل هذه الرقعة الكبيرة التي اسمها ليبيا، ولإيجاد مخرج للأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.

 

***

 

هناك في ليبيا ما يقارب العشرين مدينة يتراوح عدد سكانها بين عشرة آلاف ومليوني نسمة، تطلّ على حوض البحر الأبيض المتوسط. وهذه ثروة وطنية يمكن أن تجلب لخزينة الدولة المنهوبة مليارات الدنانير، فطبيعة الطقس المتوسطي تؤهل الساحل الليبي لإقامة العديد من المشاريع السياحية: منتجعات، وتنقل بحري داخلي، وتنشيط الحركة ما بين ليبيا ودول المتوسط، وفتح باب الاستثمار للاستفادة من ثروات البحر الضائعة عبر شواطئ تئن من التلوث، وإقامة مشاريع لتصدير الأسماك ومصانع لتصنيع التونة.. إضافة إلى تنشيط الموانئ التي شُلت حركتها مع الحرب، فميناء بنغازي البحري مقفل منذ حوالي ثلاثة أعوام لوقوعه في منطقة الاشتباكات، وهو ما يسبب موات اقتصاد المدينة وما حولها، وميناء درنة بين أيدي ميليشيا، وتتراجع عوائد ميناء السدرة وراس لانوف.
وقد مرت بليبيا عبر التاريخ حضارات مختلفة. وتتسع مساحتها للتنوع الثقافي، وهو ما يمكن أن يساعد على إقامة مهرجانات ومعارض ومسارح متنقلة وفعاليات مختلفة وسط أعمدة المسارح الرومانية والمباني الأثرية.
وهناك مدن تشتهر بالنخيل وبأجود أنواع التمور وتجيد صناعة السعف ولكنّها لم تصل لمستوى عالمي للتصدير والاستفادة كعائد وطني من هذه الثروة، بدءاً من مدن جالو وأوجله والواحات وحتى أقصى الجنوب. النّخلة الشامخة والممتدة تحتاج لدعم لتحسين مستوى إنتاجها وإيجاد فرص عمل لشريحة كبيرة على مستوى الجنوب الليبي.

 

***

 

وتمتد بجمال بديع صحراء لم تستفد منها ليبيا إلا بعبور تجارة الرقيق وقوافل العبيد القادمين من إفريقيا وصولاً للساحل. كما هي منسية مشاريع الاستفادة من الطاقة الشمسية كحل بديل وفعال لأزمة الكهرباء. وهناك مدن كالدرر بين الرمال الذهبية، يمكن أن تكون مزارات سياحية صحراوية، منها غدامس التي تسمى "جوهرة الصحراء"، وقد صنّفتها منظمة اليونسكو كمدينة تاريخية ومحميّة من قبلها لكونها أشهر وأقدم مدينة تربط جنوب الصحراء الكبرى بشمالها، ومحطّةً أساسية للقوافل، وما زال السّكّان يحاولون الحفاظ على طابعها ومبانيها، ولكنّ القتال والتناحر ما بين قبائل التبو والطوارق، وانتشار السّلاح وقطاع الطرق وخط الهجرة غير شرعية ضيّع الفرص.
ووسط الصراعات السياسية في ليبيا يبدو الشباب كخاسر أكبر. ولهؤلاء: لقد حان الوقت للتغاضي عن براميل النفط التي لم تجلب للمواطن إلا السنوات السوداء، والسعي لسلام موحد تحت راية كل هذه الثروات التي لم تبصر النور.

مقالات من ليبيا

القاتل في ليبيا

2023-09-13

الليبيون يعرفون أن المشكلة تكمن في مكان آخر: تنبأ بها عام 2022 تقريرٌ كتبته إدارة ليبيّة شبحيّة: "يجب علينا بشكل عاجل صيانة وتقوية سدَّي درنة، وهناك حاجة إلى سدّ ثالث،...

للكاتب نفسه

رمضان في ليبيا

أثَّر تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب الحرب على قدرة المواطن الليبي على تأمين احتياجاته من الغذاء في شهر رمضان، وقد أصدرت الحكومة بطاقة للشرائح الاقل دخلاً لتتمكن من الحصول على سلة...

طابور المصرف في ليبيا عنف إجباري

إذا ثمّة عنف موجع يمكن أن يصنَّف بعد الاغتصاب والإيذاء الجسدي، فهو طابور المصرف للنساء فى ليبيا. تفتقد ليبيا لبنية تحتية أساسية تقدّم خدمات إنسانية تواكب التطور التقني للحصول على...