في المغرب.. يُخرجن الضوء من العتمة

للالتفاف على العوز أحياناً أو على حرمانات عديدة أخرى، تبادر نساء يميزهن أنهن ينتمين لكل الفئات والشروط الى ابتكار حلول مفيدة لهن ولمجتمعاتهن، والى التعريف بها ودعوة الاخريات الى محاكاة روحها أو الى دعمها هي نفسها. هذه هنا تجارب من المغرب الاقصى، اطلقتها آسية ونادية وهدى وأم مريم.. وهن المبادرات ولكنهن محاطات بسواهن اللواتي لولاهن لما أمكن الانجاز والاستمرار.
2022-05-01

عائشة بلحاج

صحافية وباحثة في حقوق الإنسان، من المغرب


شارك
| en
ضياء للحلول الشمسية

تم انتاج هذا المقال بدعم من مؤسسة روزا لكسمبورغ. يمكن استخدام محتوى المقال أو جزء منه طالما تتم نسبته للمصدر.

كما يخرج الضّوء من العتمة، تستخرج عددٌ من النساء النور من الظلام الذي عِشن فيه، ولا ينتظرن أن تمتدّ أيدي الدولة أو المجتمع إليهنّ. يسعَينَ بكل قِواهنّ إلى إحداث تغيير جذري في حياتهنّ وفي المحيط الذي يعشن فيه. كان لحِسّ المبادرة دور كبير في امتلاك النساء للقدرة على تغيير مصائرهنّ ومصائر المحيط، فقط بامتلاكهنّ مصدر دخل يكفيهنّ تقلبات الزمن، ويُحررهنّ من قَيديْ الحاجة والاتكال...

وهذه بعض تلك المبادرات التي تهدف إلى تحسين حياة مجموعة كبيرة من النساء، خاصة اللواتي لا يملكن تعليماً جيداً، أو يُقِمن في مناطق نائية، أو ليس لهنّ رأسمال يسمح بامتلاك مشاريعهنّ الخاصة. تتجّذر المبادرات سواء كانت فردية أو جماعية، عن طريق تعاونية أو مؤسسات تهدف إلى مساعدة النساء على تجاوز عتبة الفقر، ويمكن تلمّس الأثر بلقاء المُبادِرات، والأمل يشرق على وجوههنّ التي إن لم تُكدرها الحاجة، يسرق العنف ضوءها.

تقاوم كثير من النساء الظروف والواقع بحمل جمرة الأمل في كل مكان وزمان، سواء بالبحث عن حلول لمشاكل مستعصية، أو بإنشاء مشاريع من لا شيء. هكذا عبر تدوير مواد غير منتجة، أو استغلال ما يُتيحه المحيط حولهنّ من فرص مثل المنتجات ذات المصدر الفلاحي، إنتاج الزيوت، وتحويل الحبوب إلى منتجات جاهزة مثل الكسكس وما يشبهه، وتقديم وتنظيف الأعشاب الطبية أو المستعملة في الطبخ، بطريقة مُعدة للاستهلاك الفوري. أو بالاشتغال على بعض فروع الصناعة التقليدية أو الخياطة أو صناعة الحلويات، وحتى صناعة الأجبان بتربية الماعز والأبقار... ترفع النساء يد الميزان لتقترب مما يجب أن يكون، أحياناً بصناعات بسيطة المواد وغير مكلفة، لكنها تنقذ مجموعات كاملة من الأسر من الفقر.

الطاقة البديلة وشمس الطموح التي لا تغرب

تعتمد نساء كثيرات على عملهنّ في التعاونيات في درء الفقر عن كاهل أُسرهنّ، ويوفّرن حاجاتهنّ أيضاً، فالاستقلال المالي يمنح المرأة احتراماً أكبر داخل الأسر التقليدية. وتُعتبر التعاونيات الإنتاجية أهم المُبادَرات التي غيّرت وضعية النساء في المغرب، خاصة اللّواتي لم يحصلن على تعليم وتكوين جيدين، وبحاجة ماسة للعمل. ومع مرور الوقت، لم تعد التعاونيات الإنتاجية تقتصر على المنتجات الفلاحية التي عرفت انتعاشاً كبيراً بفضل انتشار التعاونيات الذي بلغ الآلاف، بل امتدت جهود النساء إلى مجال آخر مختلف، هو مجال التكنولوجيا البديلة، عبر الاستعانة بجهود شابّات طموحات لصناعة أجهزة تعمل على الطاقة الشّمسية بدل الكهرباء. ويحدث هذا من دون الابتعاد عن محيط العالم القروي، فنساؤه يستفدن بدورهنّ من هذه المنتجات، لأنها لا تتطلّب طاقة كهربائية قد لا تتوفّر لديهنّ، أو لا يتحمّلن تكلفتها.

هذه التجربة قامت - وتقوم بها - التعاونية النّسوية "ضياء للحلول الشمسية" التي أُنشئت عام 2019 بالمدار القروي "الفحص-الأنجرة" الواقع على بُعد حوالي 25 كيلومتر عن طنجة، على يد 14 شابة من تخصصات مختلفة، بذلن جهودهنّ لضمّ قدراتهنّ في تعاونية لصناعة وتركيب وتسويق أجهزة تعمل بالطاقة الشمسية. ويشتغلن على مجال يعمل على تحويل المواد الزراعية، وذات المنشأ الفلاحي إلى مواد متنوعة غذائية أو تجميلية، مثل زيت أركان، وتحميص وطحن الحبوب، وكل الصّناعات ذات العلاقة بالمجال.

ضياء للحلول الشمسية

تعمل التعاونية على صناعة أجهزة تستغني عن الكهرباء وغاز البوتان وحرق الأخشاب، وهي المصادر الطاقية التي تهدد البيئة من جهة، وتُكلّف مبالغ أكبر لأي صناعة منزلية تشتغل عليها النساء. بدأت المبادرة من آسية السباعي، الشابة التي لا تفارقها ابتسامتها الثابتة، وتتقد في عينيها شعلة من الحماس. تعمل آسية منذ تخرّجها من كلية الحقوق على المشاريع الرائدة، وتشارك في تكوينات مستمرة ولقاءات لا تنتهي حول صناعة التّغيير. تقول آسية السباعي عن الهدف من إنشاء التعاونية للسفير العربي: "تهدف التعاونية إلى خلق فرص الشغل للشّابات في المهن الخضراء، والمساهمة في الحفاظ على البيئة، وخلق مجال الابتكار والتطوير للشابات الحاملات للشهادات العليا اللواتي لا تتجاوز أعمارهنّ الثلاثين".

من خلال ذلك، تتنوّع تخصّصات المتعاوِنات وتختلف، بهدف تغطية كلّ المجالات المتعلقة بالعمل، ومنها الهندسة الطاقية، التكوين المهني، القانون... أما من جهة مكان العمل، فتقول آسية: "اخترنا البادية كورشة عمل في المجال التكنولوجي العلمي، نظراً لتوفير هذه المنطقة القروية لمساحات شاسعة لفائدة التعاونية، مما يسمح بإنجاز التّجارب وباقي مراحل الصّناعة. وتضيف: "مع قيامها بتوعية القرى إلى أهمية الحفاظ على البيئة، واستعمال منتجات بديلة للطرق التقليدية"، فإن التعاونية "ستساهم في تحسين جودة منتوجاتهم العضوية من خلال الحفاظ على اللون، الطعم، والقيمة الغذائية"، فتقنيات صناعة هذه الأفران وتركيبها والمواد الأوّلية المستعملة فيها أثبتت عبر تجارب متعددة لوجبات غذائية مطهوّة في هذه الأفران، حفاظها على جودتها وطعمها أثناء عمليات الطهي للخضر واللحوم والخبز.

تواصل آسية التي لا تفارقها حقيبة ظهرها حيثما ذهبت، هي المرأة العملية التي لا تدع شيئاً يعيق طريقها نحو تغيير ما يُمكن تغييره: "يقف الحافز الشخصي لكل شابة في التعاونية، خلف اختيار مجال الطاقة البديلة، إلى جانب الرغبة في المساهمة في البحث عن حلول بديلة للتعاونيات والمقاولات الصغيرة جداً، خاصة مع تلويح الدولة برفع الدعم عن الغاز مستقبلاً، مما سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج الذي سيؤثر سلباً في الإقبال على المنتجات بسبب ارتفاع الأسعار، وهو ما ستتضرر منه النساء العاملات في التعاونيات الفلاحية. وبالنسبة للأرباح التي تدخل إلى خزانة التعاونية، فهي تقسم بالتساوي بين الشابات.

نجحت التعاونية إلى حد الآن في صنع فرن للطهي ومجفِّف للمواد الفلاحية، يعملان بالطاقة الشمسية، وهو ما يُمكّنها من تسويق آلاتها لدى التعاونيات المتخّصصة في المواد الزراعية، من قبيل تلك التي تنتج زيت "أركان" والنباتات الطبية والعطرية، مما يُخفّض كلفة الإنتاج. التعاونية تسعى لتطوير مجهودها من أجل أن تشمل آلات أخرى ذات علاقة وطيدة بالحياة الاقتصادية للنساء. زيادة على ذلك، تساهم هذه الأفران في تيسير الأشغال لدى المرأة القروية، حين تعفيها من مراقبة مراحل طهي الأطعمة، بل يكفيها أن تعرف التوقيت النهائي لعملية طهي كل طعام على حدة، منصرفات إلى أداء أشغال أخرى.

فيما يتعلق بالعراقيل التي تواجه عمل التعاونية، فهي تخص ضعف تكوين المنخرطات في مجال الحلول الشمسية. ذلك أنّ التأطير التقني المطلوب موجود خارج المغرب فقط، ولا تتوفر التعاونية على تمويل كاف لتكوين المتعاونات خارج الحدود. كما أنّها لم تحصل على جزء كبير من الدعم الذي منحته لها جهات أجنبية ووطنية، حيث أنه بعد سنوات من الحصول على دعم من الوكالة الألمانية للتنمية GIZ، فإن الإجراءات البيروقراطية عطّلت وصول الدعم إلى حد الآن. بالإضافة الى ذلك فهناك صعوبة في إقناع الزبائن بالتخلّي عن الغاز، واستعمال أشعة الشمس كطاقة بديلة... عدا عن الآثار القوية لجائحة "كورونا" على سير كل المشاريع الاقتصادية.

اشتركت المُبادِرات في الجائزة الوطنية لأحسن فكرة، المسماة "للاّ المتعاونة"، وفزن بها. ووقّعن عقد شراكة مع "المكتب الشريف للفوسفات"(OCP) الذي قدم الجائزة، إلى جانب تكوينات في مختبر "Cooplab"لدعم التعاونيات، الذي أطلقه بشراكة مع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات. وتتمثل مهمة هذا المختبر في التكوين استناداً إلى مبدأ "التعلم بالممارسة"، من أجل تعزيز ثقافة الابتكار، ومواكبة التعاونيات.

نادية، شمعة البيت التي لن تُطفئها الريح

استقبلتني نادية بوجه بشوش وخجول، ورحبّت بي في بيتها البسيط الواقع في منطقة جبلية تطل على البحر. لكنني فضلت القيام بجولة في الحديقة، ومرفقات الضيافة التي، بالنظر إلى الجو الماطر، تمّ إدخال بعض أثاثها، في انتظار الصيف الذي يحبّ فيه زبائن نادية الجلوس في "الصّالون الخارجي" للاستمتاع بالنسيم القادم من البحر، بينما يكتفون الآن بالجلوس داخل البيت.

هي امرأة شابة، نحيفة الشكل، تظهر الطيبة والسلام على ملامحها، كما تشعُّ "الحداكة" (الاجتهاد في العمل وإتقانه) في صوتها وحركة الجسد ولغتها، وتظهر فطنتها رغم أنها لم تدخل مدرسة أبداً. ظهرت نادية لأول مرة في مقاطع فيديو عديدة لمواقع إعلامية محلّية، ولزائرين يدعون فيها إلى دعمها، والإقبال على زيارة بيت الضيافة الذي أنشأته.

بدأت القصة كما تقول نادية للسفير العربي، من لحظة مرض زوجها، وغياب مصدر رزق أسرتها المكوّنة من خمسة أطفال. وتقوم فكرة الدار على تسويق الهواء النقي والطبيعة والهدوء والطعام العضوي التقليدي. وقد جهّزت دارها باستخدام مواد أوّلية كإطارات العجلات، والمناديل الجبلية التقليدية الملونة على الطاولات الصّغيرة متعددة الأشكال، فمنها المربع والمستطيل والدائري، حسب ما توفر في البيت والسوق المحلي، من تلك التي نجدها عادة في البيوت القروية. وقامت بصباغة جدران المقهى الصغير بالجير، وهي عملية تقوم بها النساء عادة في المنطقة حيث تُصبغ البيوت في الأعياد سنويّاً بالجير، لتستعيد الجدران صفاء لونها الذي يتراوح بين الأبيض والأزرق وأحياناً ال"كريمي".

على تلك الطاولات، تضع نادية الفطور لزوارها. جبن وزبدة محليين، فطائر "الملوي والرغايف والحرشة والبغرير"، وخبز المقلاة المطبوخ في فرن تقليدي، يحمل رائحة الخشب المحروق الشهيّة، بيض بلدي مقلي، زيتون متبّل بالكزبرة والمعدنوس والثوم والزعتر والكمون حسب الطريقة المغربية التقليدية لتتبيل الزيتون. لإدارة المكان، أنشأت نادية تعاونية دار الضّيافة "عين زيتونة"، لإنتاج ما تحتاجه الدار من مواد كالفطائر ومرفقاتها، مما تضعه نادية على طاولة زوارها، وتصنعه نساء التعاونية. لأنّها لا تستطيع وحدها أن توفّر ما يحتاجونه في فترات الرواج، خاصة أنها تقوم بكل الأدوار: المضيفة والطباخة والنادلة.

تفكر نادية بتطوير المكان لتوفير المبيت لضيوفها الذين يرغبون في قضاء ليلة خارج ضجيج المدينة، ولكنّها تفتقد الامكانيات لذلك. وهي لا تدّخر جهداً في نشر مبادرتها، ففي كثير من الفيديوهات التي تتحدث عن المكان، تنصح النساء اللواتي هنّ في مثل ظروفها أن تكافحن وتعملن على إعالة أسرهن بما يتوفّر. نادية لا تريد أن تقف مبادرتها عندها، بل أن تصل رسائلها إلى نساء كثيرات في البوادي التي لا تملك الكثير من الموارد، وأن تخصّص النساء جزءاً من منازلهنّ لاستقبال محبي المشي في الجبال، ولتقديم الفطور والغذاء بمنتوجات محلية تمنحهم تجربة العيش في البادية ولو لساعات. وهذا يخصّ خصوصاً القرى التي تقع بين الجبال والغابات حيث تضفي الطبيعة على المنطقة جمالاً وسحراً فائقين. ويكفي فرن بلدي وشاي ساخن وبضعة كراسٍ لصنع تجربة جديرة بالعيش لتوفير لقمة عيش لأهل المنطقة.

العلم في كلّ عمر

فاطمة، ليلى، سعيدة، حنان... تتعدّد الأسماء والإنجاز واحد: نساءٌ انتصرن على الظروف الاجتماعية واستعدن حقهنّ في الدراسة والتّعليم، أيّا كان المستوى الدراسي الذي انقطعن فيه عن المدرسة... بل حتى إن لم يدخلن مدرسة على الإطلاق. بإمكانهنّ الحصول على شهادة بعد النّجاح في الامتحانات التي توفر وزارة التربية والتعليم في المغرب فرص اجتيازها سنويّاً، لكل المستويات. لكنّها لم توفّر إلى جانب ذلك، نظاماً تعليميّاً يقدم الدروس المنصوص عليها في البرامج التعليمية النّظامية، مما جعل حلم النجاح عصيّاً على من يتقدم للامتحان.

وهذا الفراغ حاولتْ ملأه "أم مريم" التي أنشأت مركزاً تعليميّاً خاصاً من أجل ذلك. وكان جهداً نادراً أثّر على مئات النّساء اللواتي تلقّين الدروس في جمعيتها، ونجحن حتى وصلن إلى الحصول على الليسانس والماستر. وعاد بعضهنّ إلى الجمعية لرد الجميل ومنح الدفعات اللّاحقة الفرصة نفسها التي حظين بها، ولتوفير التعليم الذي يُنمّي الوعي والثقة، ويُيسّر إيجاد عمل لعددٍ كبير من النساء اللواتي كنّ خارج جداول التعليم وفرص العمل المستقر. ويقدم المركز دروساً منتظمة لأولئك النساء.

تقول لي أم مريم: "بدأت فكرة الدروس النظامية، في آب/اغسطس من العام 2012. فبعد أن أسّسنا جمعية لتحفيظ القرآن وتجويده، رأينا أنّه من الجميل أن نوسّع الدائرة أكثر. كل فترة كنّا نضيف نشاطاً معيناً. واخترنا تبنّي فكرة إضافة التعليم الحر ضمن أنشطتنا لإدماج الفتيات في المسار التعليمي ومساعدتهنّ على إيجاد خطاهنّ في المجتمع، ومواكبة العصر الذي صار فيه التعليم حجر الزاوية. تطورت الفكرة مع مرور الوقت. في البداية كنا نؤهل الشابات لاجتياز المرحلة الابتدائية، ثم الإعدادية والثانوية، ووصلنا الآن إلى التعليم الجامعي".

تضيف أم مريم: "نعتمد نظام دراسة يقتفي أثر ما يجري العمل به. إذ يقَسَّم المقرَّر الدراسي على بضعة أيام في الأسبوع، وغالباً ما تكون يومين أو ثلاثة، ثم توزَّع الحصص على المعلمات. يتراوح عدد المستفيدات في كل مرحلة دراسية ما بين خمسة وخمسة عشر امرأة".

تدفع المستفيدات مقابل حضور كافة الدروس مبلغاً رمزياً لا يكاد يغطي راتب معلمة واحدة. لهذا تتأسّف أم مريم للصعوبات التي تجدها الجمعية في تغطية تكاليف هذا الجهد، ولكنّ عزاءها الوحيد "أنّ العمل مستمر ويحقق نجاحاً هاماً". تقوم أم مريم بمهام الإدارة والتدريس داخل الجمعية، التي على الرغم من محدودية مواردها، إلا أنّ لها أقساماً للتدريس، وأقساماً أخرى للأعمال المهنية والخيرية. إذ أنّ الجمعية تقدم خدمات اجتماعية للمحتاجين، واستشارات صحية ونفسية واجتماعية لحل المشاكل الأسرية والزوجية.

تتفادى أم مريم الظهور الإعلامي، وتفضل التكتم على اسمها. لماذا؟ تقول "أرتاح في عملي بهذا الشكل، وأفضّل الاشتغال بعيداً عن الأضواء حتى أمارس مهامي بالإخلاص نفسه". عن الآفاق المستقبلية للجمعية، تقول أم مريم:" نطمح إلى تغطية جميع التكاليف التي تتحمّلها الجمعية، من مصدر حر يكون ملكاً لها"، "لا نريد غير ذلك" للذهاب أبعد في جهود إعادة بناء جزء مهم من المجتمع، الجزء غير المحظوظ بالتعليم، ذلك الضوء في آخر النفق.

الجمال بلون الشوكولاتة

هنّ نساء منا وفينا، لا يختلفن عن الأخريات إلّا باللّون الذي تحملهُ بشراتهن، والذي يصادف أنه مختلف عن الأغلبية. لكن مع ذلك، فالنّظرة التي يرمق بها المجتمع اختلافهنّ غير عادلة، ولا منطقية. بل هي عنصرية تقوم على التقليل من مقدارهنّ لأنهنّ سوداوات. لكن نساء الجيل الجديد، قرّرن مواجهة العنصرية كفعل إقصائي ثقافي واجتماعي، بمبادرات متعدّدة على منصّات التواصل الاجتماعي.

 أنشأت الموديل والمصوّرة الفوتوغرافية هدى فونو، صفحة على الانستغرام تحت عنوان: "Bilarabi Black Women" وتقول عنها للسفير العربي: هي مبادرة "بدأت تقريباً منذ عام، وتهدف إلى كسر الصّور النّمطية عن المرأة السوداء في شمال إفريقيا والشرق الأوسط. أناقش في الصفحة مجموعة من التعابير اليومية العنصرية، وأُنجز جلسات تصوير لنساءٍ سوداوات في ثيمات مختلفة، من أجل مصالحتهنّ مع طبيعة شعرهنّ ولون بشرتهنّ، ومواجهة الآثار السلبية للكلمات المُسيئة التي قد تقال - عن قصد أو لا - لكن آثارها مدمّرة".

مناهضة التنمر، السمراوات الجميلات

تضيف هدى "تتوجّه المبادرة إلى كل أجيال النساء، عبر مشاركة تجربتي الخاصة مع الأخريات. خاصة أنّ كثيراً من التّجارب الشبيهة تصلني في رسائل على الخاص"، لهذا "أطمح أن أكون مُؤثرة بطريقة إيجابية، ومُحفّزة للنساء في مجالات مختلفة انطلاقاً من مجال اهتمامي". ما تقوم به هذه المبادرة يغير التصور العام للجمال، لأنّ التصالح مع الاختلاف مسألة مفاهيمية وقيمية وثقافية بالدرجة الأولى. وهي تهدف إلى القضاء على إقصاء اللون الأسود من مقاييس الجمال الرائج، ما يؤدي الى حرمان صاحباته من فرص عمل، وإحباط زيجات محتملة لأن العروس من ذوات البشرة السوداء.

مقالات ذات صلة

هنا يتعود المجتمع على تغيير المعايير التي ترى البياض الناصع معيارا للجمال والرفعة، ليستوعب المرأة ذات اللون الأسود، بملامحها السمراء وشعرها المجعد الذي يمّيزها ولا يقلل منها... بحيث تتمكن من إيجاد مكان لها في اللوحة العامة للمجتمع، وفي وسائل الإعلام، وواجهة الشركات، وفي أسر كانت ترى اللون الأسود صفة سلبية تحيل إلى القبح والفقر والحرمان.  

محتوى هذه المقال هو مسؤولية السفير العربي ولا يعبّر بالضرورة عن موقف مؤسسة روزا لكسمبورغ.

مقالات من المغرب

مستشفياتٌ للبيع: نحوَ خصخصة مُقَنَّعَة للصحة في المغرب

تقوم الدولة باعتماد صيغة التمويل Lease back (البيع مع إعادة الإيجار)، أي أنها ستبيع الأصول العقارية للمستشفيات والمراكز الصحية الحكومية لهذه الجهات الاستثمارية الحكومية والخاصة، ثم ستقوم هذه الجهات لاحقاً...

للكاتب نفسه

المغرب: البحر مشغول في الشمال

ابتداءً من شهر تموز/ يوليو، يتحوّل الشمال إلى الوجهة الشاطئية المنشودة لدى النسبة الأكبر من المغاربة، ولا يكاد يُسأل أحدهم إلى أين في الشمال، بالضبط، تشد الأسر رحالها؟ فالمهم أنه...