يعكس الدستور االمصري الجديد توازنات القوى السياسية الفعالة وتحالفاتها الاجتماعية كما ظهرت بعد انقلاب قائد الجيش الجنرال السيسي على الرئيس المعزول محمد مرسي في 3 تموز/يوليو 2013 . تظهر الجهات الرابحة والخاسرة بوضوح في صياغة «لجنة الخمسين» للتعديلات على دستور «الإخوان» الموضوع في العام 2012. فالدستور الجديد كرّس قانونياً إزاحة القوى الإسلامية الممثلة بالإخوان المسلمين، ونص صراحة على حظر العمل السياسي على أساس ديني، وحَصَرَ تفسير «الاسلام هو مصدر التشريع» بالمحكمة الدستورية العليا، وسحب استشارة الأزهر في المسائل المتعلقة بالشريعة الإسلامية.
كما أنه أعطى القوى الرابحة سلطات وصلاحيات واسعة، تكاد تكون استثنائية حتى بالقياس مع نظام مبارك «المخلوع». يشير ذلك بوضوح إلى استعادة مجموعات أساسية في النظام القديم لدورها بعد فض شراكتها مع جماعة الإخوان. لم تستهدف تعديلات الدستور فحسب حماية مصالح التحالف الجديد عبر ضرب جماعة الاخوان، بل تعدت ذلك الى التراجع عن مكتسبات كانت قد حققتها ثورة يناير 2011 على صعيد الحد من نفوذ الدولة الاستبدادية وأدواتها القمعية. فالجيش مثلاً حاز استقلالاً إضافيا حتى عن السلطة التنفيذية، وصارت مصادقته ضرورية للموافقة على تعيين وزير الدفاع في الحكومات القادمة طيلة الولايتين الرئاسيتين المقبلتين.
كما حافظ الدستور على استمرار الولاية القضائية الواسعة للمحاكم العسكرية على المدنيين. وفي الوقت الذي تمَّ فيه إيراد أن «ولاء الشرطة للشعب مباشرة!» فقد جرى إسقاط الإشارة الى مراعاة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان في تعاملاتها. كما أُقرَّ الدستور وجوب التشاور مع المجلس الأعلى للشرطة بشأن أي قانون يمّس بها، أي أن تتم عملية الإصلاح الأمني الملحة من خلال مؤسسات الشرطة نفسها.
وأُبقيت الحصانة لضباط المخابرات العامة عبر خضوعهم للمحاكم العسكرية وليس للعدالة المدنية. وتم تحرير السلطة القضائية من أي شكل من أشكال رقابة مجلس الشعب عبر منح الهيئات القضائية لميزانياتها على شكل مبلغ مقطوع، واختيار مجلس القضاء للنائب العام، ومنح كل هيئة قضائية استقلاليتها.العمال والفلاحون كانوا من جملة الخاسرين «الثانويين» في العقد الاجتماعي الجديد، إذ تم التراجع عن بند يتعلق بكون نصف أعضاء البرلمان منهم. كما يُشجِّعُ الدستور على المزيد من المقاعد الفردية في الانتخابات البرلمانية.
وهكذا يتم التحكم بحجم القوى السياسية المتوقع انتخابها عبر اللوائح الحزبية، ويزيد من حجم المُنتَخَبين على أساس قدراتهم المالية والدعائية وحجم ترابطاتهم المصلحية كأفراد مع الدولة. وعلى الرغم من أن الدستور يحمي من «الناحية الفنية» مجموعة واسعة من الحريات المدنية، إلا أنه يُشرع لتقويضها من خلال النص على أنها سوف «تخضع لتنظيم القانون».حمِّل الاستفتاء على الدستور معنى إضافياً في تقديمه كاستفتاء على شرعية الجنرال «السيسي» والخطوات التي اتخذها منذ 3 تموز/يوليو 2013، ما يفتح أمامه المزيد من أبواب الترشح للرئاسة.
إلا ان الطامة الكبرى كانت في الحملة الدعائية المرافقة «نعم للدستور»، التي تَصّفُ التصويت ضده بـ«الخيانة الوطنية».
فكرة
الدستورالمصري: تحصين النظام القديم
يعكس الدستور االمصري الجديد توازنات القوى السياسية الفعالة وتحالفاتها الاجتماعية كما ظهرت بعد انقلاب قائد الجيش الجنرال السيسي على الرئيس المعزول محمد مرسي في 3 تموز/يوليو 2013 . تظهر الجهات الرابحة والخاسرة بوضوح في صياغة «لجنة الخمسين» للتعديلات على دستور «الإخوان» الموضوع في العام 2012. فالدستور الجديد كرّس قانونياً إزاحة القوى الإسلامية الممثلة بالإخوان المسلمين،
للكاتب نفسه
بروفة انقلاب في ليبيا
مازن عزي 2014-02-19
في صبيحة الرابع عشر من الشهر الجاري ظهر اللواء المتقاعد «خليفة حفتر» في شريط مصور على موقع يوتيوب، دعا فيه إلى تعليق سلطة المؤتمر الوطني والحكومة الليبيتين، وتجميد الإعلان الدستوري...
معركة جنيف 2 إعلامية
مازن عزي 2014-02-05
واكب أكثر من 1500 صحافي تغطية مؤتمر جنيف 2 في الأيام الماضية، ما جعله أقرب إلى «برامج الواقع» ونقلها المباشر لتصرفات أعضاء الوفود التي كانت تحت رصد الكاميرات. وفي الوقت...
جنوب السودان: نزاعات متجددة
مازن عزي 2014-01-08
ليس الصراع جديداً بين رفاق الأمس من أبناء «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، إلا أن التناحر بُعيد الاستقلال، أخذ ينمو على خلفية عرقيّة/قبليّة. فالحروب الجديدة تَستَحضِرُ الثارات القديمة وتنفخ فيها النار،...