بروفة انقلاب في ليبيا

في صبيحة الرابع عشر من الشهر الجاري ظهر اللواء المتقاعد «خليفة حفتر» في شريط مصور على موقع يوتيوب، دعا فيه إلى تعليق سلطة المؤتمر الوطني والحكومة الليبيتين، وتجميد الإعلان الدستوري المؤقت الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي. الجنرال حفتر، وهو المنشق عن القذافي منذ الثمانينيات، أوضح بأن دعوته هي «خريطة طريق»، رافضاً تسميتها بالانقلاب ومُصرحاً بأن «زمن الانقلابات
2014-02-19

شارك

في صبيحة الرابع عشر من الشهر الجاري ظهر اللواء المتقاعد «خليفة حفتر» في شريط مصور على موقع يوتيوب، دعا فيه إلى تعليق سلطة المؤتمر الوطني والحكومة الليبيتين، وتجميد الإعلان الدستوري المؤقت الصادر عن المجلس الوطني الانتقالي. الجنرال حفتر، وهو المنشق عن القذافي منذ الثمانينيات، أوضح بأن دعوته هي «خريطة طريق»، رافضاً تسميتها بالانقلاب ومُصرحاً بأن «زمن الانقلابات العسكرية قد ولى». التعبير نفسه عاد واستخدمه قائد أركان الجيش الليبي في نفيه لحدوث أي تحرك على الأرض، في حين سخر رئيس الوزراء علي زيدان من الموضوع برمته وأكد بأن الموقف تحت السيطرة.
فيديو خفتر جاء في اليوم الأخير من الولاية الطبيعية للمؤتمر الوطني، وغداة تظاهرات بالآلاف عمت الشارع الليبي رفضاً لتمديد المؤتمر لنفسه مدة أربعة أشهر إضافية، على الرغم من أنه برر التمديد لضرورة إشرافه على انتخاب «لجنة الستين» بالاقتراع الشعبي المباشر، حتى كتابة دستور جديد للبلاد والتوافق عليه قبيل نهاية العام الجاري. إلا أن الخلافات المستعصية ضمنه بين «تحالف القوى الوطنية» - صاحب كتلة النواب الكبرى في البرلمان المؤقت - من جهة، والإسلاميين من أنصار «العدالة والبناء» من جهة أخرى، تهدد فعلياً باستمرار تعطيل السلطات التشريعة والتنفيذية، وخاصة مع توافرالدعم العسكري لطرفي النزاع السياسي من قبل المليشيات المسلحة.البلاد العائمة على بحر نفطي، تشهد تفجراً شبه يومي للصراعات على السلطة والثروة على أسس الهويات المحلية. كما تلاقي الأفكار الانعزالية والتقسيمية رواجاً على أرضية اللامساواة التاريخية في توزيع الريع النفطي، وما تستثيره حكومة طرابلس المركزية من مشاعر التهميش والإقصاء، مما يدفع بشكل متزايد إلى حالات من الخروج اليومي على السلطة الهشة، والأخذ باليد لما يعتبره البعض «حقوقاً»، في ظل توافر 21 مليون قطعة سلاح لدى شعب لا يتجاوز تعداده الملايين الستة. الظاهرة كانت قد تجسدت في الاستيلاء المتكرر على حقول النفط والمصافي والموانئ، ودارت آخر أحداثها في المنطقة الشرقية بعد «الانقلاب المحلي» لقائد جهاز حرس المنشآت النفطية وسيطرته على ميناء رأس لانوف والسدر والزويتية منذ شهر آب الماضي، وحرمان البلاد من تصدير 600 ألف برميل يومياً.
هذا التردي للحال ضمن الإطار الوطني الليبي، والانهيار إلى صيغ توازن من قبيل «حرب الجميع ضد الجميع» قد تدفع في ظل الانقسام السياسي التناحري إلى تغذية الرغبة بوجود حل عسكري للأزمة. النموذج المصري - على سوئه - يداعب مخيلة البعض هنا، وتُغيّب عن الذهن حقائق دامغة كضعف المؤسسة العسكرية الليبية الناشئة، وقوة المليشيات واستنادها إلى جملة من علاقات تخترق الدولة كالقبليّة والجهويّة.
محاولة الجنرال حفتر قد تكون دفعاً باتجاه عصيان مسلح، وقد لا تخرج عن كونها بروفة تلفزيونية أولية لما يمكن أن يحدث في المقبل من الأيام.

للكاتب نفسه

معركة جنيف 2 إعلامية

مازن عزي 2014-02-05

واكب أكثر من 1500 صحافي تغطية مؤتمر جنيف 2 في الأيام الماضية، ما جعله أقرب إلى «برامج الواقع» ونقلها المباشر لتصرفات أعضاء الوفود التي كانت تحت رصد الكاميرات. وفي الوقت...

الدستورالمصري: تحصين النظام القديم 

مازن عزي 2014-01-22

يعكس الدستور االمصري الجديد توازنات القوى السياسية الفعالة وتحالفاتها الاجتماعية كما ظهرت بعد انقلاب قائد الجيش الجنرال السيسي على الرئيس المعزول محمد مرسي في 3 تموز/يوليو 2013 . تظهر الجهات...

جنوب السودان: نزاعات متجددة

مازن عزي 2014-01-08

ليس الصراع جديداً بين رفاق الأمس من أبناء «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، إلا أن التناحر بُعيد الاستقلال، أخذ ينمو على خلفية عرقيّة/قبليّة. فالحروب الجديدة تَستَحضِرُ الثارات القديمة وتنفخ فيها النار،...