واكب أكثر من 1500 صحافي تغطية مؤتمر جنيف 2 في الأيام الماضية، ما جعله أقرب إلى «برامج الواقع» ونقلها المباشر لتصرفات أعضاء الوفود التي كانت تحت رصد الكاميرات. وفي الوقت الذي كانت فيه غرفة الاجتماعات وحدها ممنوعة عن الإعلام، فقد خاضت الوفود معارك إعلامية مع الغرماء على الهواء مباشرة. وعدا عن وكالات الأنباء، فقد نقلت عشرات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي ما يحدث في الكواليس، ما تكفّل بفتح جبهة سورية جديدة على الأرض السويسرية، وكأن تلك القائمة فعلياً لا تكفي.
وبينما كانت خطة وفد المعارضة تركز على حشر الوفد الرسمي السوري لجهة كشف موقفه من المرحلة الانتقالية، باعتبار ذلك أساس جنيف 1، ومحاولته انتزاع أي «وعد» من مختلف الأفرقاء لهذه الجهة، كانت خطة الوفد الرسمي تحويل المؤتمر إلى مناسبة للسجال الإعلامي بالدرجة الأولى، كفرصة لتكرار رؤيته عن الأزمة وطرق حلها، بوصفها «إرهابا دوليا» ومؤامرة عالمية «إعلامية» تستهدف النظام السوري نتيجة مواقفه الممانعة وحمايته للأقليات، منكرا أي جذور اجتماعية واقتصادية للانتفاضة السورية. ضم الوفد الإعلامي المرافق 30 صحافياً «رسمياً»، بينما تضمن الفريق المفاوض وزير الإعلام، والمستشارة الرئاسية للإعلام والسياسة، والمسؤولة الإعلامية في القصر الجمهوري... أمضى الوفد وقته في إعطاء التصريحات الصحافية، محاولاً إقناع الغرب بعدالة قضية النظام في حربه على الإرهاب، وتكاليف حماية الأقليات. لكن هذا التحشيد لم يحل دون وقوع تخبط واضطراب في التعاطي مع الإعلام.
فخلال لقائها مع محطة «سكاي نيوز»، أجابت المستشارة الإعلامية عن سؤال يتعلق بتعذيب المعتقلين وقتلهم على خلفية التقرير والصور المسربة لما قُدِّم كجثث 11.000 معتقل من أحد السجون السريّة، قائلة ان ذلك كله عبارة عن أكاذيب مفبركة، لتنتقل الى «المسيحيين الذين يُقتلون في سوريا»، وتستطرد (باعتبار انها تخاطب الغرب!): ألا تقلقون على المسيحيين ولغة المسيح؟ أما وزير الإعلام فأصر على رفض الإجابة عن أسئلة المعارضة، واهتم بنفي تقديم وفده الرسمي لأي تنازل في جولة المفاوضات الأولى، واعدا بأن ذلك لن يحدث في المستقبل كذلك!
تغيب السياسة في جنيف 2 لصالح الإعلام، عبر مخاطبة جمهور محدد، وتعزيز الانقسام والتعنت على طرفي خط التماس السياسي. وبالتوازي مع عجز المفاوضات عن فتح ثغرة (تنازل) واحدة تمر منها المساعدات إلى المدينة القديمة المحاصرة في حمص، وتبادل الاتهامات بين الأطراف الدولية الفاعلة عن المسؤولية والدعم، سقط ما يقارب 1900 شهيد سوري، منهم من قضى من الجوع وسوء التغذية. الإعلام أيضاً كان بعيداً عن موتهم، فتلفزيون الواقع يبث هذه الأيام على الموجة السويسرية.
فكرة
معركة جنيف 2 إعلامية
واكب أكثر من 1500 صحافي تغطية مؤتمر جنيف 2 في الأيام الماضية، ما جعله أقرب إلى «برامج الواقع» ونقلها المباشر لتصرفات أعضاء الوفود التي كانت تحت رصد الكاميرات. وفي الوقت الذي كانت فيه غرفة الاجتماعات وحدها ممنوعة عن الإعلام، فقد خاضت الوفود معارك إعلامية مع الغرماء على الهواء مباشرة. وعدا عن وكالات الأنباء، فقد نقلت عشرات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي ما يحدث في الكواليس،
للكاتب نفسه
بروفة انقلاب في ليبيا
مازن عزي 2014-02-19
في صبيحة الرابع عشر من الشهر الجاري ظهر اللواء المتقاعد «خليفة حفتر» في شريط مصور على موقع يوتيوب، دعا فيه إلى تعليق سلطة المؤتمر الوطني والحكومة الليبيتين، وتجميد الإعلان الدستوري...
الدستورالمصري: تحصين النظام القديم
مازن عزي 2014-01-22
يعكس الدستور االمصري الجديد توازنات القوى السياسية الفعالة وتحالفاتها الاجتماعية كما ظهرت بعد انقلاب قائد الجيش الجنرال السيسي على الرئيس المعزول محمد مرسي في 3 تموز/يوليو 2013 . تظهر الجهات...
جنوب السودان: نزاعات متجددة
مازن عزي 2014-01-08
ليس الصراع جديداً بين رفاق الأمس من أبناء «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، إلا أن التناحر بُعيد الاستقلال، أخذ ينمو على خلفية عرقيّة/قبليّة. فالحروب الجديدة تَستَحضِرُ الثارات القديمة وتنفخ فيها النار،...