الفيضانات في تونس، على من يقع الخطأ؟

من موقع "انكفاضة" تقرير عن الفيضانات الموسمية في تونس وما تخلفه من أضرار. لمَاذا لم يقع اتّخاذ أيّ قرار فعّال رغم ما تخلّفه هذه الأمطار الطّوفانيّة والمتكرّرة من أضرار غالبًا ما تكون فادحة ومدمّرة، في حين أنّه من الممكن التّنبّؤ بها؟
2020-10-22

شارك
من موقع انكفاضة. بائع زهور وسط تونس العاصمة يشهد الفيضانات التي تغمر المدينة يوم 18 أكتوبر 2018. عدسة: فتحي بلعيد / أ.ف.ب.

بداية من شهر سبتمبر من كلّ عام، يتكرّر نفس المشهد: في غضون بضع دقائق، يحوّل تهاطل الأمطار الغزيرة الطّرق إلى تيّار جارف وتجتاح السّيول المنازل والمتاجر ويتمّ نقل المتساكنين·ـات المتضرّرين·ـات... في تونس، تتسبّب الفيضانات الموسميّة التي تمتدّ من سبتمبر إلى ديسمبر و التي أصبحت أكثر تواترا في أضرار متزايدة خاصّة في الوسط الحضري.

وضع يعاني منه مختار* صاحب محلّ لبيع الملابس الجاهزة في منطقة سوق بومنديل وسط العاصمة، كلّ سنة : " تجتاح المياه متجري مرّتين إلى ثلاث مرّات في السّنة. عند حدوث فيضان، يحصل أن أفقد جزءًا كبيرًا من بضاعتي وأن يكبّدني ذلك خسائر تصل إلى 10.000 دينار في كلّ مرّة". الحواجز العشوائيّة المثبّتة بالجصّ لا تساعد على التّصدّي لقوّة المياه. ويـ·تتعرّض التّجار و التّاجرات المجاورون·ـات لنفس المصير شأنهم·ـنّ شأن المسجد المحاذي الذي جرفت المياه جزءا من سجّاده وأثاثه خلال الفيضان الأخير.

تتناول الصّحافة الموضوع كحدث معتاد غير جدير بالكثير من الاهتمام في حين تثير هذه الفيضانات اندهاش السّلطات واستياء الرّأي العامّ. ومع ذلك، أكّد رئيس الحكومة الجديد، هشام المشيشي مؤخّرًا أنّه " لم يعد من حقّنا أن نتفاجأ بوقوع الفيضانات". لكن رغم تلك تّصريحات، لم يتمّ الإعلان عن أيّة تدابير ملموسة للتّوقّي من خطر الفيضانات. إذ أنّه على الرّغم من معاينة نفس الوضع كلّ عام، نادرًا ما يتمّ الكشف عن أسباب هذه المشاهد القصوى بالرّغم من تعدّدها. فبينما تتذرّع السّلطات بالاختلالات النّاجمة عن التّغيّر المناخيّ، لم يقع تقريبًا ضبط أيّ سياسة وقائيّة كما أنّ البنى التّحتيّة الحاليّة عاجزة عن تحمّل هذه الظّاهرة.

لمَاذا لم يقع اتّخاذ أيّ قرار فعّال رغم ما تخلّفه هذه الأمطار الطّوفانيّة والمتكرّرة من أضرار غالبًا ما تكون فادحة ومدمّرة، في حين أنّه من الممكن التّنبّؤ بها؟

ظاهرة في تزايد ملحوظ

غالبًا ما تكون المشاهد مثيرة للدّهشة. ففي بضع لحظات، تجرف السّيول بضائع بأكملها وتغمر المياه السّيارات وتغلق أنهج برمّتها لعدّة ساعات إلى حين تصريف المياه.

تُعتبر الفيضانات ظاهرة ضاربة في القدم في تاريخ تونس، إذ تكشف بعض الوثائق التّاريخيّة عن نوبات أمطار عنيفة تعود إلى القرن التّاسع وعن فيضانات مشهودة لازالت راسخة في الذّاكرة الجماعيّة على غرار تلك التي جدّت سنة 1969 مخلّفة 542 قتيلا. ورغم غياب بيانات دقيقة تعكس مدى الجسامة الحقيقيّة للأضرار، يلاحَظ في الأوساط العلميّة أنّه منذ بداية الألفيّة الثّالثة، أصبحت هذه الأحداث -التي كانت حتّى ذلك الحين عرضيّة- أكثر تواترًا وحدّة مخلّفة خسائر بشريّة ومادّية جسيمة، خاصّة في المدن.

تشدّد جودة نصري، مديرة مصلحة الأشغال صلب إدارة المياه العمرانيّة على أنّ " الاحتباس الحراري له تأثير واضح على الحدّة الحاليّة للفيضانات". إضافة إلى ذلك، فقد تمّ تحديد التّغيّرات المناخيّة كمتسبّب رئيسيّ في الفيضانات العارمة التي اجتاحت مدينة نابل سنة 2018 و التي شهدت نزول 200 ملم من الأمطار في غضون سويعات، أي ما يعادل ستّة أشهر من التّساقطات. كما أكّد محمّد الزّمرلي، منسّق مشاريع لدى وزارة الشّؤون المحليّة والبيئة، على ضرورة الإلمام بالتّحديّات التي تفرضها التّغيّرات المناخيّة بغرض مجابهة معضلة الفيضانات.

بقية التقرير على موقع "انكفاضة".

مقالات من العالم العربي

ماذا الآن؟

وقعتْ إسرائيل في خانة المستعمِر، واهتزت بقوة "شرعيتها" المصنوعة بتوأدة. حدث ذلك بفعل مقدار منفلت تماماً من همجيتها في الميدان وصل إلى التسبب في الصدمة للناس، وكذلك بفعل التصريحات والخطب...