وسط طبول الحرب: شباب السودان يغرّد من أجل السلام

"أنا من شندي في دارفور، أنا الجنوبي، أنا الشمالي، أنا النوبي، أنا الزغاوي، أنا الهنداوي...أنا سوداني"، رسالة واضحة كتبها المدون السوداني معز علي. واحدة من مئات التغريدات التى امتلأ بها موقع التواصل الالكتروني تويتر من شباب ينتمون إلى دولتي السودان وجنوب السودان، معلنين رفضهم للحرب وإصرارهم على سلام فشلت حكوماتهم في تحقيقه. وبعدما دخلت حكومتا السودان وجنوب السودان في حرب
2012-08-21

سلمى الورداني

صحافية من مصر


شارك

"أنا من شندي في دارفور، أنا الجنوبي، أنا الشمالي، أنا النوبي، أنا الزغاوي، أنا الهنداوي...أنا سوداني"، رسالة واضحة كتبها المدون السوداني معز علي. واحدة من مئات التغريدات التى امتلأ بها موقع التواصل الالكتروني تويتر من شباب ينتمون إلى دولتي السودان وجنوب السودان، معلنين رفضهم للحرب وإصرارهم على سلام فشلت حكوماتهم في تحقيقه.
وبعدما دخلت حكومتا السودان وجنوب السودان في حرب تصريحات شعواء، وفيما تبادل الجيشان الهجمات العسكرية في تصعيد ملموس لحدة التوترات بين البلدين، فإن الشباب على جانبي الحدود يتبادلون تغريدات الحب والسلام والتضامن، غير عابئين بحرب لم يختاروها.
التف المغردون السودانيون من جنوب وشمال وشرق وغرب ووسط السودان حول هاشتاغ #NewSudans أو السودان الجديد، ليعلنوا موقفهم الرافض للحرب بين دولتين كانتا دولة واحدة قبل سنة.
بدأت الفكرة بعد تصاعد الحرب الكلامية والإعلامية بين الدولتين عقب احتلال هجليج. اقترح رسام الكاريكاتور السوداني "خالد البيه" مع "اغيل لوال" من جنوب السودان"الهاشتاغ" الجديد ليكون بمثابة منبر بديل للأبواق الإعلامية التي تبث خطاب الكراهية ضد إرادة الشباب.
تقول اجويل لوال، من جنوب السودان: "اعتقدنا انه من الممكن أن نبدأ حوارا بناءً بين الشباب من البلدين، حوارا نبلور فيه أحلامنا ورغباتنا في سودان جديد، سودان يقوم على الوحدة واحترام التنوع والاتحاد في سودانيّتنا، لأننا لا نثق في حكوماتنا ولا نتوقع أن يحقق قادتنا السلام". قامت "لوال" بتدشين "الهاشتاغ" مع "خالد البيه"، واستطاع خلال بضع ساعات جذب مئات التعليقات والتغريدات التي تدور حول سودان موحد لا فرق فيه بين جنوبي وشمالي، ولا تمييز على أساس العرق أو اللون أو القبيلة. "لا للعنصرية" كان أهم شعار رفعه مستخدمو "الهاشتاغ" الجديد. كتب @moaltaweel يقول مؤكدا على سودانيته: "أنا لست عربياً، ولست أفريقياً، ولست عربياً أفريقياً، ولا أنتمي إلى أي قبيلة. أنا مجرد مواطن سوداني. فأنا لست من الخرطوم، ولا من أم درمان، أنا من السودان". يتفق معه @simsit ، فيكتب في تغريدته: "لا للوقوع في فخ الهويات الزائفة. لا يهم إن كنت عربياً أو أفريقياً طالما انك سوداني".
كما برز من خلال التغريدات رفض الشباب التام لحرب جُرت بلادهم إليها جراً. تقول @MimzicalMimz "لا للحرب مجدداً". ويقول @Neo0rabie "فلنضع السلاح جانباً ولنتحاور، والاموال التى تنفقونها على الحرب، من الأفضل أن تنفق على التنمية والتعليم والصحة".
أما @ahmadmohamed10 فحلمه "السودان وجنوب السودان يعيشان جنباً إلى جنب في سلام، مع إقامة علاقات اقتصادية وثقافية واجتماعية"، وهو ما يتحقق من خلال "كيان فيدرالي على شاكلة الاتحاد الأوروبي".
كما عبر الشباب عن معاناتهم من قمع الأنظمة في الدولتين، مطالبين بحريات سياسية وفردية للبلدين. كتبت @mimizicalmimz تقول: "لا لقانون النظام العام، ولا لشرطة النظام العام، ولا للقوانين التي تستهدف النساء والناشطين والصحافيين". وترد عليها @aguelB من الجنوب: "ولا لتهديد الأمن في جنوب السودان للصحافيين، أو لتشويه التلفزيون لسمعة المعارضين".
النوستالجيا للزعماء والثوار الذين دفعوا حياتهم من أجل سودان موحد كانت أيضاً حاضرة بشدة على فضاء التويتر السوداني. تبادل مستخدمو تويتر أغاني الفنان النوبي الثوري محمد وردي، والأقوال المأثورة لصاحب فكرة "السودان الجديد" جون قرنق، الزعيم الراحل للحركة الشعبية لتحرير السودان، التي خاضت حرباً أهلية ضد الخرطوم خلال الفترة الممتدة بين عامي 1983 و2005، وهي الآن تتولى السلطة في جمهورية جنوب السودان. مثلت وفاته في 2005 في حادث طائرة غامض إحباطاً للكثير من أصحاب فكرة خلق سودان واحد خال من الظلم والتهميش، وكان الانفصال في تموز/يوليو من العام الماضي بمثابة تجسيد لفشل الزعماء في تحقيق السلام لأكثر من عقدين.
مات جون قرنق لكن فكرته تبدو أنها لم تمت. يقول @moisheikh: "حلمي هو انه عندما أسال احدهم من أين؟ يجيب من السودان، ولا يعرِّف نفسه باسم قبيلته".

            
 

مقالات من السودان

للكاتب نفسه

مَن يحدّد هوية الثقافة المصرية؟

كانت دار الأوبرا المصرية بالقاهرة على مدار الأسابيع القليلة الماضية ساحة لتظاهرات مئات المثقفين والفنانين، المطالبين بإقالة وزير الثقافة الجديد (المعين منذ شهر) علاء عبد العزيز، والمنددين بما وصفوه بـ"محاولات...