يستعد لشهر رمضان منذ النصف من شهر شعبان الذي يسبقه، حيث تبدأ المآذن بالتكبير والتهليل وتزين الشوارع. لطقوس رمضان فى ليبيا نكهة يحرص الجميع على الحفاظ عليها وتوريثها. فتتربع على سفرة رمضان أطباق لذيذة تميز المطبخ الليبي وعلى رأسها "الشربة العّربية" التي تُطهى بشكل يختلف عن أنواع الشوربات المعتادة، حيث البهارات أو "الحرارت" وهي مزيج من توابل متنوعة وتقدم مع خبز التنّور.
وللحلويات مكانة فهي تتنوّع بين "السفنز" وهو عجين مقلي يتوفر على سفرة رمضان والمناسبات إلى المخاريق والكنافة والقطايف ولقمة القاضي والزلابية.. وتتفنن النساء فى صنعها فى البيوت، ولا ننسى كوب مشروب "الروينة" الذي يروي عطش السحور وهو مزيج مطحون من حبوب السمسم واليانسون واللوز والقصب تذوب في ماء بارد ويصنع منها مشروب لذيذ وصحي. ولا بد من توفر "لمة العّدالة" (عدة تحضير الشاي ويقال له هنا "الشاهي") وطاسي الشاهي الخضراء بالنعناع ورشة البخور، وهناك طقس "الذواقة" وهو تبادل الأطباق بين الجيران والأصدقاء.
لكن الأزمة السياسية المستعرة فى ليبيا، والحرب، وارتفاع سعر الدولار المفجع، وأزمة السيولة في البنوك، وجنون الأسعار.. كلها جعلت المواطن يعجز حتى عن توفير الاحتياجات الضرورية فى شهر رمضان. تبعات الحرب وخسارة الكثير من المباني والمؤسسات والنزوح، كان له أثر كبير على تردي الأوضاع الاقتصادية، فتراجعت قائمة رمضان وانخفضت نسبة استهلاك الكثير من الاحتياجات التي كانت حتى سنوات قليلية ماضية على سلم الأولويات. وتداركاً، أصدرت الحكومة بطاقات من مصرف ليبيا المركزي موجهة إلى عدة شرائح من المجتمع منها المتقاعدون وذوي الدخل المحدود وأصحاب المعاشات التي يقل أساها عن 450 دينار ليبي.. أي ما يعادل اليوم 50 دولاراً أمريكياً، ومعاشات المطلقات والأرامل.. البطاقة تمكن من الحصول على سلة تموين غذائية متكاملة.
وعلى ذلك وعلى الرغم من كل الظروف والأزمات، يبقى الجانب الإنساني هو بصيص الأمل. ففي شهر رمضان تكثر أعمال الخير وموائد الرحمن، ويحرص الجميع على التواصل والتعاضد وتبادل الزيارات الرمضانية بين الأقارب والجيران، كما تكثر السهرات الثقافية وتزدحم قاعات المعارض والحفلات، وتتكثف المبادرات الشبابية والمسابقات الرياضية.. التي تكسر شوكة الحرب، وترفع شعار "نعم للحياة".