هل من معنى لتناول "النكبة"، حين حلّت إسرائيل في قلبِ منطقتنا، وحين وجد ما يَقرب من مليون فلسطيني أنفسهم مُقتلعين ومرميين على الطرقات أو فوق موج البحر، سائرين إلى المجهول، فيما تعرّض الباقون لكل صنوف الاضطهاد بعد القتل؟ هل نكرر في المناسبة، وللمرة السبعين، أن النكبة مستمرة، لم تقتصر على تلك الأحداث المأساوية ولم تتوقف عندها؟ أو انها فعّلت مذاك شتى أنواع الكوارث، حارفة السياق الطبيعي لحياة مجتمعاتنا برمتها ومؤثرة بقوة على ما أنتجته فكرياً وسياسياً.. اللحظة المزلزلة صارت تاريخاً موصولاً إلى اليوم، استدعى استعادة ما سبقه وما كان ربما يُنبئ به، متخذة لها مكانة مركزية في أغلب الأحيان. ولم يكن بيدِ أحدٍ معاملتها بتجاهل، وكأنها لم تكن، أو كأنها تسمح بالتعايش الطبيعي معها.
وهل هناك بعد كل ذلك ما يمكن "اكتشافه" أو إضافته بخصوص النكبة، وهي صارت اسم علم بكل لغات الأرض؟
هذه نصوص لكاتباتنا وكتابنا الفلسطينيين من الجيل الشاب، يتفحصون النكبة من الزاوية التي تبدو لهم الأكثر أهمية في قول الأمر اليوم. وهذه نصوص غيرها من العراق والمغرب، تقول الأمر ذاته وإنما من هناك، بصدد حدث آخر، إضافي، طال تلك المجتمعات من داخلها وأثر فيها بقوة: مغادرة اليهود العراقيين إلى منفى لهم هو إسرائيل تلك، منتزَعين من مكان عاش الواقعة كبتر. وسعي اليهود المغاربة إلى "التأقلم" بالحفاظ على هويتين..
رسوم العدد كلها من غزة، وهي تُظهِر قوة الابداع في مكان يتفنن العالم بأسره في التناوب على سحقه. ويقول "بألف كلمة" ما يجري لوادي الصليب في حيفا، بالصورة والنص. وفي مدونات بورتريه لفرحة، المناضلة وأم الأسيرين. وقد تولى مجد كيّال الإشراف على العدد بجدارة تثير "الاطمئنان".. عدا الاعجاب!