"هل تذكروا صوتي؟
أم خنتمُ صمتي؟
فالقيد أرهقني
هل تشهدوا موتي؟"
هذا ما غرّدته لينا الهذلول، ناطقةً بلسان حال اختها الناشطة لجين الهذلول، المعتقلة في السعودية منذ أيار/مايو 2018. في الواقع، أتمّت لجين أسبوعها الأوّل من الإضراب عن الطعام في محبسها، احتجاجاً على انتهاك حقها بلقاء أفراد أسرتها والتواصل معهم.
هي المرّة الثانية التي تقرر فيها الهذلول، الناشطة الحقوقية والمناضلة لحقوق النساء في السعودية، الربط على أمعائها احتجاجاً في السجن، للسبب نفسه: وضع قيود شديدة على التواصل معها، فهي "متعبة من سوء المعاملة والحرمان من أصوات عائلتها"، بحسب ما صرّحت اختها لينا عنها.
وفيما تؤكد العائلة أن لديها معلومات حول تعرّض الهذلول للتعذيب والتحرّش الجنسي في السجن، تقول عدة جماعات حقوقية إن ثلاثة من النساء المناضلات على الأقل، إحداهنّ لجين، محتجزات في زنزانات إفرادية منذ أشهر، ويتعرّضن للعنف المعنوي والجسدي الذي شمل صدمات كهربية وجلداً وتحرشاً جنسياً. وهي أمور نفاها – كالمعتاد - المسؤولون السعوديون.
وكان الآلاف من المتضامنين والحقوقيين قد غرّدوا باستخدام وسوم #لا_تقتلوا_لجين و #إضراب_لجين_الهذلول و #الحرية_للجين_الهذلول، دعماً للناشطة في الأيام الأولى لإضرابها.
مسار الحركة النسوية السعودية
25-06-2019
الحراك النسوي السعودي: المشكل المزدوج
28-09-2017
وفيما لحظ الناشطون نفاق رئيس هيئة حقوق الإنسان في السعودية عواد بن صالح العواد، في إعلانه "الرياض عاصمة المرأة العربية 2020"، استمرّ الأخير بحظر أيّ حسابات تأتي على ذكر لجين الهذلول على صفحته على موقع تويتر وإخفاء التعليقات التي تسأل "أين لجين؟" أو تطالب بالإفراج عنها. في الوقت ذاته، سخر البعض من استضافة السعودية لقمّة العشرين G20 القادمة هذا الشهر، بوصف المملكة رئيسة مجموعة العشرين للعام 2020، لكونها وضعت من بين أهدافها ورسالتها للقمة "إيلاء اهتمام خاص بمستقبل أكثر مساواةً للنساء"! كما قام ناشطون وحقوقيون عالميون بمناشدة الشركات الكبرى التي تشارك في القمة السعودية التحضيرية (للاقتصاد والأعمال- B20)، مثل HSBC وماستركارد وبيبسي، بسحب مشاركتهم دعماً لسجناء الرأي.
***
"الاشتباه بالإضرار بالمصالح السعودية وتقديم الدعم لعناصر معادية بالخارج"، هي التهمة المبهمة التي رمت بها السلطات لجين الهذلول في 2018. يقول شقيقها أنها متهمة بالتواصل مع صحافيين أجانب وبمحاولة التقدم لعمل في الأمم المتحدة وحضور تدريب عن الخصوصية الرقمية! في الواقع، كان اعتقال لجين منذ ما يزيد عن عامين رداً على حملة قامت بها للدفاع عن حقّ المرأة السعودية بقيادة السيارة وحقوق النساء إجمالاً، مع العلم أنه – وللمفارقة العجيبة – فقد قامت السعودية في العام ذاته آنذاك برفع منع قيادة النساء للسيارات في المملكة، بالتزامن مع الاستمرار بسجن الهذلول داخل سجن "الحائر" المختصّ "بقضايا أمن الدولة" والمعروف عنه استخدامه التعذيب للمساجين فيه.
الآن، مضى أكثر من أسبوع على إضراب لجين، ابنة الـ31 عاماً، عن الطعام (منذ 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2020)، مع ازدياد القلق والمخاوف حول وضعها الصحّي والنفسي. نذكر هنا رفيقاتٍ لها أيضاً ما زلن تخضن معركة الحرية من خلف القضبان في السعودية، منهنّ المدونة الحقوقية نوف عبد العزيز والناشطة الساعية لإلغاء نظام ولاية الرجل على المرأة في السعودية، نسيمة السادة، وغيرهنّ، في مملكة تدّعي دخولها عصراً جديداً مع ولي عهد شاب، فيما محرّكات ومحرّكو التغيير الحقيقي فيها قابعات وقابعون خلف القضبان.