«حسنًا، لدينا رجل لديه آر بي جي، سأُطلق النار».
هكذا يصرخ أحد الجنود الأمريكيين من على ظهر طائرة أباتشي، في خلفية فيديو تتوسط شاشته علامة تصويب تتتبع عن بُعد مجموعة من العراقيين يمشون في ميدان مفتوح في بغداد. تجري مُحادثة بين الجنود على ظهر الطائرة يصفون فيها المشهد الذي نراه للقيادة المركزية، ويعبرون فيها عن شكهم بأن اثنين من المُشاة يحملان أسلحة على أكتافهما. تمنحهم القيادة المركزية الإذن بإطلاق النار، فنرى جثث المُشاة تتهاوى، وفي الخلفية أمر يتردد «استمر بإطلاق النار». يعلق أحد الجنود «جميل، انظُر لأولئك الأوغاد الميتين».
نشر موقع ويكيليكس هذا الفيديو التابع للجيش الأمريكي في 2010، بعد ثلاث سنوات من تاريخ العملية. كان الفيديو ضمن مئات آلاف الوثائق التي سربتها لموقع ويكيليكس المحللة الاستخباراتية في الجيش الأمريكي، تشيلسي ماننيغ، التي كانت حينها براد ماننيغ، ذا الثلاثة والعشرون عامًا آنذاك. استعانت ماننيغ، بمؤسس موقع ويكيليكس، جوليان أسانج، لفك الشفرة السرية لعدد من فيديوهات عمليات الجيش الأمريكي في العراق التي وُثقت بكاميراته. نشر أسانج بدوره عددًا من هذه الفيديوهات على موقعه بعنوان «قتل جانبي» (Collateral Murder)، كان ضمنهم الفيديو الذي وثق العملية أعلاه، التي أسفرت عن قتل 18 مدنيًا، من بينهم صحفيان في وكالة رويترز. سببت هذه الفيديوهات أزمة للإدارة الأمريكية، فقد أصرت روايتها الرسمية بأنه «لا شك بأن القوات الأمريكية كانت منخرطة بوضوح في عملية قتالية مع مقاتلين» وأن صحفيي رويترز قُتلوا بالمعية، بحسب المتحدث الرسمي للجيش الأمريكي آنذاك. لكن بعد ثلاثة أعوام، أظهر الفيديو أنه لم تكن هنالك أية معركة. أما صحفيا رويترز اللذين قُتلا بسبب «أضرار جانبية» فقد كانا ضمن أهداف الجنود لاعتقادهم بأن بمعدات التصوير على أكتافهم هي أسلحة آر بي جي.
«أبطال» أم «خونة»؟ هذا السؤال دارت حوله معركة سرديات في الولايات المتحدة، لتأطير «مُطلقي الصفارة» (أي المسرّبين من داخل المؤسسة الحكومية) والصحفيين الذين أعانوهم في تسريب وثائق سرية فضحت سياسة الولايات المتحدة الخارجية وتسببت في أزمات دبلوماسية. في السنوات العشر الأخيرة، تفجر هذا الجدل في الإعلام الأمريكي حول العديد من الشخصيات التي سربت آلاف الوثائق بالإضافة لأسانج وماننيغ، منها كان المحلل الاستخباراتي لدى وكالة الأمن القومية إدوارد سنودن، والصحفيان لورا باتريوس وغلين غرينولد، اللذان عاونا سنودن في نقل الملفات لوسائل الإعلام المختلفة.
النص الكامل على موقع "حبر"