لو لم يُعتقل عمر حاذق، الشاعر المصري الشاب، ابن الإسكندرية، إثر وقفة احتجاجية نهاية العام الفائت أمام محكمة كانت تنظر في التصفية التي تعرض لها صديقه خالد سعيد قبل ثلاث سنوات، مع بدايات الثورة، لربما كان بقي فحسب في عداد الشعراء المميزين من أبناء جيله، حيث بدأ يحوز نجومية وجوائز في مهرجانات عربية وعالمية. ولو لم يُطرد من عمله قبل أيام، لربما كان بقي في عداد المعتقلين والمعتقلات (هو محكوم بثلاث سنوات!) الذين راحت تضيق بهم السجون في مصر، ممن ليسوا إخوانا ولا إرهابيين. وهذا يضع السلطات أمام تناقض مسلكها. فما دام "العدو" حصرا هؤلاء الخارجين عن الأمة (المصرية!) وعن الإجماع الوطني، فما الذي يفعله في المعتقلات أناس من أمثال شاعرنا وأحمد دومة أو قبلهما علاء عبد الفتاح (أطلق أخيراً) ومعهم من يقال انهم 26 ألف معتقل بتهمة "مخالفة قانون التظاهر"... الذي سُنّ ما إن انتهت المظاهرة المليونية الكبرى في 30 حزيران/ يونيو الماضي، التي مهدت للتغيير اللاحق عليها بعد ثلاثة أيام بحجة الضرورة الداهمة: أن يتدخل الجيش لدرء خطر وقوع انشقاق وطني وتصادم أهلي. فعُزل مرسي وظُهِّر الجنرال السيسي.
والمفارقة الثانية أن قرار طرد عمر من عمله اتخذه بكل تعالٍ إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية التي بُنيت لتكون صرحاً عالميا يستحضر المكتبة التي احرقها الرومان ويقدم وجها حضاريا معاصرا لمصر. والدكتور سراج الدين (خريج هارفرد ولديه 22 دكتوراه فخرية!) من أعمدة نظام مبارك البائد، كما كان قبلا، ولسنوات، نائبا لرئيس البنك الدولي في واشنطن... وهو ملاحق أمام المحاكم المصرية بتهم إهدار المال العام (يُحكى عن 20 مليون جنيه بحسب لائحة الاتهام)، والفساد المالي والإداري، بينما تؤجل جلسات محاكمته من سنة إلى أخرى بقدرة قادر. سراج الدين صرف عمر من الخدمة بحجة التظاهر، علما بأن لوائح المكتبة تحدد "الجرائم التي تخل بالشرف" (ومنها السرقة!) كسبب وحيد مجيز للصرف.
ثمة قشة تقصم ظهر البعير. نقطة تُطْفح الكيل. تفصيل صغير يفضح الابتذال. مصر تستحق مكتبة الإسكندرية ولا تستحق هذا الهزل المقيت الجاري فوق سطحها.
إفتتاحية
هل تعرفون عمر حاذق؟
لو لم يُعتقل عمر حاذق، الشاعر المصري الشاب، ابن الإسكندرية، إثر وقفة احتجاجية نهاية العام الفائت أمام محكمة كانت تنظر في التصفية التي تعرض لها صديقه خالد سعيد قبل ثلاث سنوات، مع بدايات الثورة، لربما كان بقي فحسب في عداد الشعراء المميزين من أبناء جيله، حيث بدأ يحوز نجومية وجوائز في مهرجانات عربية وعالمية. ولو لم يُطرد من عمله قبل أيام، لربما كان بقي في عداد المعتقلين والمعتقلات (هو محكوم
للكاتب/ة
حوار مع نهلة الشهال: بوصلتنا الاستمرارية في «البحث وسط الخراب عما ليس خرابًا»
نهلة الشهال 2025-11-14
في الحوار مع «الفيصل» تكشف الشهال عن مسار طويل من الالتزام الفكري والسياسي، يمتد من تجربة اليسار الجديد في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، إلى تأسيس منصة «السفير العربي» التي صارت...
صون شعاع الأمل المتجدِّد
نهلة الشهال 2025-11-06
هذا صراع عنيف وشرس، لم يتوقف يوماً، منذ فجر التاريخ وإلى اليوم. ينتصر الخير أحياناً، وينتكس في أحايين أخرى، وينهزم مرات. وحين ينتصر، يُصاب البشر بالنشوة، وحين ينهزم يهبطون إلى...
العبودية الجديدة
نهلة الشهال 2025-10-06
لم تولد بشكل مفاجئ هذه الحال، التي تعيشها البشرية اليوم في كافة الميادين، السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والفكرية. لم تولد مع الحرب الإبادية على غزة، الدائرة منذ عامين بوحشية نادرة....

