التعليم فى ليبيا تركة تقصم الظهر

في الحرب قد تخسر أعز ما تملك، ولكن لا وجع يشبه الخسارة الفكرية والأخلاقية. وغياب بنية التعليم المتطور المتجدد فى ليبيا أول المعوقات التى أدخلت البلاد في النفق المظلم.
2016-06-06

أحلام البدري

كاتبة ومدونة من ليبيا


شارك
هاشم الطويل - العراق

في الحرب قد تخسر أعز ما تملك، ولكن لا وجع يشبه الخسارة الفكرية والأخلاقية. وغياب بنية التعليم المتطور المتجدد فى ليبيا أول المعوقات التى أدخلت البلاد في النفق المظلم.

كل المقارنات التى تحدث ويتحدث عنها المواطن الليبي الذى عاصر أيام التعليم الذهبي، قبل دوامة حكم القذافي الذي كان مهووساً بالتجارب والنصوص الثورية المبتذلة فأشبع بها الأجيال الأربعة إبان حكمه. فلم يحظَ التعليم في التصنيف الإقليمي أو الدولي بل حتى على مستوى تقييم محلي على نقطة مضيئة لصالح الطالب. بنية تعليم ضعيفة ومناهج تلقين ركيكة، بغياب بحوث ودراسات ووسائل تواكب عجلة التعليم المتطورة وتخرج العقول من ضيق الأفق.

غياب كبير ومخجل لسلاسة إتقان اللغات بطلاقة. فبقرار من أمين التعليم آنذاك، أحد أقوى أذرع النظام السابق التي ساهمت في استفحال الفساد ونشر "ثقافة الكتاب الأخضر"، صدر قرار بحرق مناهج اللغة الإنجليزية، لنستيقظ من الغيبوبة بعد ثلاثة أجيال ونجد الصفوف لا تجيد الحوار، فيما يشار لبعض من أبناء المسؤولين فى الدولة بالبنان حين رجوعهم من الدول الأوروبية وقد امتلأت جعبتهم بمصطلحات العم سام.

تأسست الجامعة الليبية في العام 1955، فرع جامعة طرابلس، التي سميت فيما بعد بجامعة الفاتح، وجامعة بنغازي التي سميت هي أيضاً بجامعة قار يونس ليعاد اسمها من جديد في المستندات الرسمية إلى جامعة بنغازي بعد شباط / فبراير 2011 ، وتخرجت منها أول دفعة في العام 1958. وتشجيعاً لهم، رُشحوا لبعثات دراسية للولايات المتحدة وبريطانيا في عدة تخصصات. ولا ننسى كيف كان حضور النساء قوياً، فالدستور الصادر في العام 1951 يكفل حقها في الدراسة والعمل والسفر وقيادة السيارة وحق الترشيح والانتخاب.

.. المحصلة في مجملها تلقين، وعدم توفر فرص في سوق العمل بعد التخرج معضلة إضافية تزيد من ارتفاع نسبة البطالة، مقابل غياب كبيرة للمعاهد الحرفية والمهنية.

من العهد الملكي وحتى أوائل السبعينات، كان التعليم يعتمد على ما يسمّى ب"معلمين بعقود" من العرب، مصر بنسبة كبيرة والعراق وفلسطين والسودان وسوريا.. ليدخل بعدها التعليم فى عنق الزجاجة بعد مشانق 1976 في قلب الحرم الجامعي، ثم الإلزام بالتدريب العسكري في المدارس الثانوية لكلا الجنسين، ليتم توقيف عدد كبير من الطالبات عن الالتحاق بالدراسة من قبل الأهالي فاتجهن لمعهد المعلمات أو معهد التمريض.

فساد منظومة التعليم في ليبيا يحتاج لبناء الجيل الجديد من مرحلة رياض الأطفال حتى يتم تدريس العلوم التطبيقية والاستعانة بمناهج من الدول التى خاضت تجارب لبناء قاعدة تعليمية تحظى بكفاءة وجودة عالمية .

والتعليم في ليبيا يتعطش لحصص عملية ونظرية لمادة الموسيقي والغناء والرياضة وعلب الألوان والرسم والخط ولخشبة مسرح حر ودور سينما مستقلة.. لكسر النموذج النمطي الذي يطبع حملة الشهادات الأكاديمية الذين نراهم اليوم في سُدّة الحكم، يقررون مصير ليبيا وهم في الأساس يفتقرون إلى قبول الآخر، والتفكير بعمق، وتغيب لديهم ميزة العمل الجماعي وسط فريق موحد.

الطلبة والمدارس والدراسة جميعهم أول من يعاني من تبعات الحرب. تستيقظ وتجد المدارس في مدينتك مكتظة بالنازحين، والفصول الدراسية  مفترشاً للنوم ومقاعد الدراسة تتحول إلى أرفف للمؤن ومخزن للأحذية.. ستشعر حينها وأنت تطالب بحقك في التعليم المحترم أنك لا تجيد التحدث إلا عن النزوح ورغيف الخبز والكهرباء المقطوعة وقذائف الحرب. 

مقالات من ليبيا

القاتل في ليبيا

2023-09-13

الليبيون يعرفون أن المشكلة تكمن في مكان آخر: تنبأ بها عام 2022 تقريرٌ كتبته إدارة ليبيّة شبحيّة: "يجب علينا بشكل عاجل صيانة وتقوية سدَّي درنة، وهناك حاجة إلى سدّ ثالث،...

للكاتب نفسه

رمضان في ليبيا

أثَّر تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب الحرب على قدرة المواطن الليبي على تأمين احتياجاته من الغذاء في شهر رمضان، وقد أصدرت الحكومة بطاقة للشرائح الاقل دخلاً لتتمكن من الحصول على سلة...