مصر: مسألة الهجرة واللجوء من منظور قانوني

التفاصيل القانونية المحيطة بمسألة الهجرة غير النظامية عبر مصر.. علاوة على الواقع القائم: حال السودانيين والسوريين وقصة أبناء بلدان أفريقية يتسللون الى إسرائيل عبر سيناء.
2018-08-23

أشرف ميلاد

محامي مختص باللجوء، من مصر


شارك
| en
سمعان خوّام - سوريا

تم دعم هذه المطبوعة من قبل مؤسسة روزا لكسمبورغ. يمكن استخدام محتوى المطبوعة أو جزء منه طالما تتم نسبته للمصدر.

يلجأ إلى مصر مواطنو ما يزيد عن 38 دولة بحسب إحصائيات مفوضية الأمم المتحدة للاجئين. لا يأتي معظم هؤلاء الى هنا ترفاً أو طمعاً فى فرصة إعادة توطينهم فى الولايات المتحدة الأمريكية أو أستراليا أو كندا، ولكن لأنهم قد يواجهون الموت أو الاعتقال فى بلادهم. هناك بالطبع العديد ممن يوصفون بالمهاجرين الإقتصاديين، ولكن ذلك لا ينفي أن السواد الأعظم من اللاجئين إلى مصر أتوا هرباً من الإضطهاد في بلدانهم الاصلية.

ويبلغ تعداد اللاجئين الموجودين تحت حماية مفوضية اللاجئين بالقاهرة 228 الفاً و941 إنساناً وفق تقرير مفوضية اللاجئين بالقاهرة (حزيران/ يونيو 2018)، منهم حوالي 130 ألفاً من السوريين، وما يربو على 37 ألفاً من السودانيين، بالإضافة إلى أعداد أقل من الأثيوبيين والإرتريين والصوماليين والعراقيين واليمنيين. حماية هؤلاء اللاجئين (وهو التزام مشترك بين المفوضية والحكومة المصرية وفقا لمذكرة تفاهم أبرمت بين الجهتين فى شباط/ فبراير 1954) قد يخضع للتغيرات السياسية على الساحة، ومدى علاقة مصر بالدولة الأم، وهو ما يظهر جلياً فى التعامل مع اللاجئين من السودان مثلاً، والذي تراوح ما بين الترحيب والترحيل.

إلتزامات مصر القانونية تجاه اللاجئين

مصر وتركيا هما الدولتان الوحيدتان فى الشرق الأوسط اللتان ساهمتا فى صياغة اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين، واتفاقية اللاجئين الخاصة بمنظمة الوحدة الإفريقية 1969. كما صادقت مصر على الاتفاقيات الخاصة بمناهضة الإبادة الجماعية، واتفاقيات جنيف الأربعة، واتفاقية مناهضة التمييز العنصري، واتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة، والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، واتفاقية مناهضة التعذيب، وأخيرا البروتوكول الاختياري الأول والثاني لاتفاقيات جنيف الأربعة. المادة 91 من الدستور المصري تنص أنه "للدولة أن تمنح حق اللجوء السياسي لكل أجنبي اضطهد بسبب الدفاع عن مصالح الشعوب أو حقوق الإنسان أو السلام أو العدالة. وتسليم اللاجئين السياسيين محظور، وذلك كله وفقاً للقانون".

قد تخضع حماية اللاجئين للتغيرات السياسية على الساحة، ومدى علاقة مصر بالدولة الأم، وهو ما يظهر جلياً فى التعامل مع اللاجئين من السودان مثلاً، والذي تراوح ما بين الترحيب والترحيل.

لا يوجد أي تشريع فى مصر يقونن وضعية اللاجئين باستثناء المادة الفضفاضة فى دستور 2014 والتى تجيز - ولا تلزم - قبول اللاجىء ولا تحيل إلى المعاهدات الدولية.

من هم اللاجئون السودانيون؟

هناك عدة موجات من لجوء السودانيين إلى مصر، بلغت أوجها فى أعقاب انقلاب البشير أواخر ثمانينات القرن الماضي. وكانت مصر دولة عبور (ترانزيت) بالنسبة لآلاف السودانيين الذين نزحوا من أرجاء السودان الأربعة (مشكلات النوبة فى الشمال بسبب سد "كجبار"، والحرب الأهلية مع الجنوب، ومشكلات قبائل "البجا" فى الشرق، بالإضافة إلى أزمة "دارفور" في الغرب التي تفجرت في العام 2003).

حينذاك، تمكن 80 في المئة ممن حصلوا على اللجوء في مصر من الاستفادة من فرصة إعادة التوطين بإحدى الدول الثلاث (الولايات المتحدة، استراليا، كندا). ثم وبحلول 2004، أقدم مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين على حزمة من الإجراءات تمثلت فى تطبيق اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية 1969 التي توسعت فى تفسير حالات اللجوء. وأدى هذا إلى ارتفاع نسبة المقبولين كلاجئين فى مصر مع التقليل من فرص إعادة التوطين. مع ظهور أولى إرهاصات المصالحة بين شمال وجنوب السودان، جُمّدِت مقابلات تحديد صفة اللاجىء (Refugee Status Determination) لأبناء السودان، علاوة على التقارب بين النظامين المصري والسوداني والذي أعقبه تعاون أمني شديد وتضييق على المعارضين والنشطاء السودانيين بمصر، مما أدى إلى حالات التسلل إلى الحدود الإسرائيلية والى ظهور عصابات من بعض القبائل بالسودان وبعض البدو السينائيين، ليتطور الأمر من التهريب إلى الخطف وطلب الفدية، أو الإتجار بالأعضاء البشرية. بالنسبة للاجئي السودان، فإن مصر تعتبر وجهة سهلة وقريبة لهم (حيث يشترط القانون الدولي أن يكون اللجوء الى أقرب بلد آمن بالنسبة للاجىء ما لم يكن هناك ما يحول دون ذلك)، وذلك لسهولة التنقل عبر الحدود الشاسعة بين البلدين وبعضها مناطق تصعب السيطرة عليها من قبل حرس حدود الدولتين. تنص المادة 31 من اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين على عدم معاقبة طالبي اللجوء إذا دخلوا بلد اللجوء بشكل غير نظامي، وتقوم مفوضية اللاجئين بالقاهرة بالتواصل مع ادارة الهجرة والجوازات المصرية لتقنين إقامات من دخلوا البلاد تسللاً عبر الحدود.

يتجمع كثير من السودانين فى منطقة "عزبة الهجانة" حيث عمل العديد من أسلافهم في الجيش المصري ("كتيبة الهجّانة" أي راكبي الجمال). ولكثافة تجمع السودانيين في هذه المنطقة توصف أحياناً وبشكل خاطئ بـ"مخيمات اللاجئين السودانيين بمصر".

ولاجئو السودان هم من مختلف القبائل والأقاليم السودانية، وكان هناك العديد من المعارضين الشماليين ومن أبناء الجنوب (قبائل الدينكا والشلوك والزاندي والباري والبلاندة، إضافة إلى جبال النوبة) نزحوا الى مصر فى أعقاب الحرب الأهلية 1983، كذلك أبناء شرق السودان من قبيلة البجا (أعضاء في حزب سياسي بإسم "مؤتمر البجا"). وبدءا من آذار/ مارس عام 2003، نزح إلى مصر الآلاف من أبناء إقليم "دارفور" فراً من عمليات القتل الجماعى والنهب المنظم التي قامت بها القوات الحكومية بمساعدة ميليشيات "الجنجويد". وحتى عام 1995، كانت عملية نزوح السودانيين الى مصر تتم بشكل لا يستلزم دائما التقدم الى مفوضية اللاجئين، حيث كان المواطنون السودانيون معفيون من شرط الحصول على إقامة. ولكن فى أعقاب محاولة اغتيال الرئيس مبارك فى أديس أبابا 1995، ألغي هذا الإعفاء ووُضعت قيود على إقامة السودانيين بمصر، مما استلزم تقدمهم للحصول على اللجوء خوفاً من الترحيل القسري الذي كانت تقوم به السلطات المصرية للسودانيين الذين لا يحملون إقامة فى البلاد.

وباستثناء منطقة عابدين التي تقع فى قلب القاهرة، فإن أبناء السودان عموماً يتجمعون فى أطراف المدينة. ومنطقة عابدين تاريخياً هى منطقة مفضلة لأبناء النوبة من السودان ومصر حيث عمل العديد منهم فى قصر عابدين الشهير في أيام الملكية حين كانت مصر والسودان تتبعان التاج الملكي المصري.. إلى أن حصلت السودان على استقلالها عام 1956. يتجمع العديد من السودانين فى منطقة "عزبة الهجانة" أيضاً حيث عمل العديد من أبناء السودان في الجيش المصري (كتيبة الهجّانة، أي راكبي الجمال). ولكثافة تجمع السودانيين في هذه المنطقة توصف أحياناً وبشكل خاطئ بـ"مخيمات اللاجئين السودانيين بمصر" (كما أثناء زيارة انجلينا جولي للمنطقة!).

ويواجه اللاجئون عموماً، والسودانيون على وجه الخصوص، تحديات جمة. فلا يمكنهم الاعتماد على الدعم المقدم من الشركاء التنفيذيين لمفوضية اللاجئين بالقاهرة، بسبب نقص الموارد. كما أن الأزمة الاقتصادية العاصفة بالبلاد، والتعسف الأمني، والبيروقراطية، والموازنات السياسية.. تحول جميعاً دون توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية للاجئين وطالبي اللجوء فى مصر. حتى أن بعض رجال الشرطة لا يعترفون ببطاقة الاقامة وقد حدث أن مزقها رجل الشرطة مطالباً اللاجئ بجواز السفر. والأصعب من ذلك هو أن يُطلب من اللاجئ خطاب من سفارة بلده الأم لاستخراج تصاريح الزواج. وفى مجالات أخرى، كالصحة، لا يستطيع اللاجىء محدود الموارد توفير 50 في المئة من تكلفة علاجه، بما أن شركاء مفوضية اللاجئين يتكفلون بالباقي. وفى مجال العمل، لا يحصل اللاجىء على أية امتيازات بل يعامل معاملة الأجنبي في الحصول على تصريح العمل.

الهجرة غير النظامية

تزايدت حالات الهجرة غير النظامية الى اوروبا من شواطىء فى جنوب البحر المتوسط، لعل أهمها تلك التي تقع فى مصر وليبيا. وهذه الاخيرة هي أكبر قاعدة لانطلاق مراكب الهجرة غير النظامية، حيث أنه بعد 2011 أصبحت الميليشيات تحصل على الأموال مقابل السماح للسفن التي تحمل المهاجرين بالإنطلاق شمالاً إلى شواطىء إيطاليا. وقد شجع ذلك العديد من المهاجرين على التسلل من مصر إلى ليبيا عن طريق الحدود البرية (مدينة السلّوم) ثم الإنطلاق لأوروبا بمخاطر أقل، لأن السلطات المصرية وخفر السواحل أكثر تشدداً في منع انطلاق هذه الرحلات. وفى مصر، بدأت موجات الهجرة غير النظامية فى التزايد منذ صيف 2013 منطلقة من مرافىء مدن بورسعيد، وكفر الشيخ، ودمياط، والأسكندرية ومرسى مطروح والبحيرة.

حدثت عدة حوادث غرق لهذه السفن غير المجهزة لحمل تلك الأعداد الكبيرة من المهاجرين، بلغت أوجها بغرق مركب "رشيد" الشهير فى أيلول/ سبتمبر 2016 حيث توفي 204 مهاجر من أصل 500 على متن المركب المنكوب، مما حدا بالسلطات المصرية الى إصدار "قانون الهجرة غير الشرعية" والذي صادق عليه البرلمان المصري بالإجماع.

يتم غالباً ترحيل المهاجرين المقبوض عليهم، وقد يكونون ممن تقدم بطلبات لجوء لمصر. وفي هذه الحالة، تقوم مفوضية اللاجئين بمخاطبة السلطات المصرية للإفراج عن المحتجزين، عملاً باتفاقية 1951 التي تحظّر تسليم اللاجئين أو طالبي اللجوء إلى بلدانهم الأصلية.

بدأت السلطات المصرية والمنظمات الدولية العاملة في مصر برصد التنامي المطرد لأعداد الذين يحاولون مغادرة البلاد عن طريق البحر بشكل غير نظامي. وفي آب/ أغسطس 2013 قامت السلطات المصرية بالقبض على طاقم وركاب مركب كان يغادر أحد موانىء مدينة الأسكندرية، ثم توالت حالات القبض على المهاجرين.. كانت حالة الفوضى والإنفلات الأمني منذ ذلك التاريخ فرصة للمهربين، ناهيك عن محاولات العديدين الهرب من مصر فى تلك الظروف، وخاصة من بين اللاجئين السوريين الذين أدركوا خطورة الموقف في البلاد فعرضوا مبالغ كبيرة على المهربين لإخراجهم من مصر إلى أوروبا عن طريق البحر. وقد أفادت التقارير الدولية لمفوضية الأمم المتحدة للاجئين والمنظمة الدولية للهجرة بأن السلطات المصرية قد احتجزت في الفترة من آب/ أغسطس 2013 إلى تشرين الاول/ اكتوبر 2014 ما يربو على 6800 مهاجر غير نظامي عبر الموانىء المصرية تعود اصولهم إلى سوريا وغزة والسودان والعراق والصومال واريتريا، بالإضافة بالطبع إلى عدد من المصريين. وهؤلاء الاخيرين يفرج عنهم من النيابة فور عرضهم عليها، ولكن الأمر يختلف بالنسبة لذوي الجنسيات الأخرى الذين يتم احتجازهم لفترات قد تطول إلى عدة أشهر بحسب الإجراءات المصرية التى تفرض، فى حالة القبض على الأجانب، العرض على الأمن الوطني وإدارة الجوازات. وقد ينتهي الأمر بترحيل الشخص المقبوض عليه، بل وفي بعض الأحيان يتم ترحيل أشخاص تقدموا بطلبات لجوء لمصر. وفي هذه الحالات تقوم مفوضية اللاجئين بمخاطبة السلطات المصرية للإفراج عن المحتجزين، عملاً باتفاقية 1951 التي تحظر تسليم اللاجئين أو طالبي اللجوء إلى بلدانهم الأصلية.

وحتى الآن، وعلى الرغم من احتجاز ما يزيد على عشرة آلاف مهاجر من غير المصريين لفترات قد تصل لعدة شهور، إلا أن الأعداد التى استطاعت الوصول إلى شواطىء أوروبا قد قدرت بـ100 ألف شخص على مدى خمس سنوات، هذا عدا حالات الغرق التي طالت 1200 شخص قبالة السواحل المصرية فقط.

ماذا بعد الوصول الى ايطاليا وباقي شواطىء اوروبا؟

وفقاً للقانون الدولي، فإن السلطات الأوربية - بعد إتمام عمليات الإنقاذ - تقوم بتجهيز مأوى مؤقت لهؤلاء المهاجرين، إلى أن يتم اتخاذ الإجراءات القانونية معهم لجهة استجوابهم أو إجراء مقابلات تحديد الوضع، والتى تقصد تبيّن ما إذا كانوا بالفعل طالبي لجوء أو مهاجرين إقتصاديين.

تعمل السلطات الأوروبية قدر الإمكان على تجنب وصول هؤلاء المهاجرين إلى شواطئها كي لا تجد نفسها أمام الأمر الواقع والتزاماتها الدولية والإنسانية التى تحتم استقبالهم. في عهد القذافي، تدفقت ملايين اليورو لـ"تقوية الأسطول الليبي" الذى كان يحول دون عبور هؤلاء الفارين من بلادهم عبر السواحل الليبية الى اوروبا. ويقول أحد المقبوض عليهم في إحدى هذه الرحلات أن قائد المركب، عندما يصل الى المياه الإقليمية لإيطاليا، يرسل اشارة استغاثة. يُلقى القبض على قائد المركب لأنه لا يتمتع بالحماية القانونية التى قد يتمتع بها المهاجرون، وهو بالتأكيد ليس طالب لجوء. وقد بدأت دول أوروبا فى عقد اتفاقيات مع دول جنوب المتوسط، مثل مصر، من أجل استيعاب المهاجرين الذين تتم إعادتهم اليها بعد رفضهم كلاجئين، كما في دعم مصر من اجل تغليظ العقوبات على القائمين على هذه الهجرة من المهرّبين، حيث يتوسع القانون الذي صودق عليه في 2016 فىي توصيف حالات الهجرة غير النظامية. وتصل العقوبات في حال الإدانة إلى غرامات توازي عشرات الآلاف من الدولارات والسجن لفترات طويلة مع إمكان مصادرة المركب.

يذكر انه لم تتم حتى الآن حالات إعادة مهاجرين إلى مصر، ويعتقد انه سيتم فقط اعادة الحالات غير معروفة الجنسية، حيث يعمد الكثير من المهاجرين غير النظاميين إلى تمزيق جوازات سفرهم كي لا تتعرف السلطات فى بلد الوصول على جنسية المهاجر فتعيده إلى بلاده فى حالة ثبوت عدم انطباق شروط اللجوء عليه. وهي مهمة عهدت بها دول الإتحاد الأوروبي الى وكالة انشأتها وهي Frontex (The European Border and Coast Guard Agency)، التي تحقق مع المهاجرين المرفوضين بغية التعرف على بلادهم لإعادتهم إليها.

التسلل إلى إسرائيل

بدأ التسلل من مصر الى اسرائيل عبر صحراء سيناء فى العام 2004، وهو تزامن مع الإحباط الذي اصاب العديد من اللاجئين بسبب تقليص برنامج إعادة التوطين، وتطبيق اتفاقية 1969 للاجئين التي لا يستتبعها اعادة توطين خارج مصر، فضلاً عن تجميد مقابلات السودانيين بسبب مباحثات السلام بين شمال السودان وجنوبها. كانت حالات تسلل قد بدأت بشكل بسيط ثم بلغت أوجها فى 2005، ومعظمها من جنوب السودان واثيوبيا واريتريا وعدد قليل من الصوماليين بالإضافة لجنسيات أفريقية أخرى من ليبيريا وسيراليون وساحل العاج.

بدأ التسلل من مصر الى اسرائيل عبر صحراء سيناء فى العام 2004، والمتسللون ليسوا من جنسيات عربية. سرت شائعات عن تورط مسئولين في هذه الهجرات التي أصبحت أكثر انتظاماً. فالطريق الى سيناء يمر بعدة نقاط تفتيش، وسيارة محملة بالأفارقة تثير الريبة.. ما لم يكن المهرِّب شخصاً نافذاً.

ويجمع هؤلاء جميعاً أنهم ليسوا عرباً ولا تهمهم مسألة الصراع القائم مع إسرائيل. وقد سرت شائعات عن تورط مسئولين كبار في هذه الهجرات التي أصبحت أكثر انتظاماً. وعزز الشائعات كون الطريق الى سيناء يمر عبر عدة نقاط تفتيش، وبالتأكيد فإن سيارة أو باصاً محملاً بالأفارقة مثير للريبة ما لم يكن المهرب شخصاً نافذاً. وفي حالات كثيرة يصل المهاجر بمساعدة البدو الى النقاط الحدودية ثم يغامر بالمرور فى المناطق القريبة من صحراء النقب حيث يتواجد حرس الحدود المصري، والذين لديهم أوامر باطلاق النيران على المتسللين. وقد قتل منهم حوالى 230 شخصاً حتى عام 2013. أما عدد الذين وصلوا الى الجانب الاسرائيلي فيقدر بـ20 ألفاً. وقد رفضت اسرائيل معظمهم لأنهم كانوا قد قدموا طلبات لجوء في مصر، البلد الذي وصلوه أولاً.

وقامت القاهرة فور تنامي هذه الظاهرة بتغليظ العقوبات التى تطبق على حالات التسلل، فعدل قانون الأجانب 89 لسنة 1960 بالقانون 88 لسنة 2005 الذي ضاعف عدة مرات العقوبة والغرامة المالية. وكانت اسرائيل قد أعربت فى أكثر من مناسبة عن "خيبة أملها" من الجانب المصري "الذي لم يحرك ساكناً للحد من هذه الظاهرة". وقد وُقِّع اتفاق بين القاهرة وتل أبيب لإعادة جزء من هؤلاء المتسللين إلى مصر.

محتوى هذه المطبوعة هو مسؤولية السفير العربي ولا يعبّر بالضرورة عن موقف مؤسسة روزا لكسمبورغ.

مقالات من مصر

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.