عادت النفايات تتكدّس في شوارع بيروت بطريقة مدهشة. وما زالت الكهرباء منقطعة عن أحياء مدن العراق وقراه، كما تنهش البطالة أهل مصر، وما زال السوريون يغادرون بالملايين بلادهم المنكوبة بفعل فاعل، وأما الجزائريون فيعرفون مبلغ الفساد ويبلعون الموس مخافة الأعظم، وهناك ما يقرب من ثلث السعوديين يدانون خط الفقر.. ولكنهم محجوبون. ويمكن الاسترسال لوصف الوضع في كل بلد، بالخصوصيات العائدة لكل مكان وفي الوقت نفسه بسمات مشتركة وأولها تشابه "الملفات": فعلى الكهرباء والماء المفقودين أينما كان، وعلى البطالة المعممة، فلا تعليم ولا صحة عامين.. ويُفتقَد لسائر الحاجات الأساسية. الأخطر أن السلطات لا تمتلك تصورات وطنية عامة، بل يسود مزيج من انعدام مريع للكفاءة، واستهتار بالشأن العام، واستسهال النهب بشكل علني أو يكاد، بينما يطغى انشغال أهل السلطة في كل مكان من المنطقة بتعزيز بقائهم في السلطة، ويختصرون بها "اللعبة" السياسية، بكل ما تتضمنه من تناحرات ومن تلاعبات في آن. استُثمِر في الانقسام المذهبي في بعض الأماكن، أو في "الحرب على الإرهاب" في أخرى، وغالباً في كليهما معاً. واستُثمِر ــ وبكل الوسائل ــ في دفع الناس إلى استبطان العجز والرضا بأشكال الموت المتنوعة، المباشرة وغير المباشرة، البطيئة والسريعة.
هكذا تُختصر مسألة الحكم بالإمساك بالسلطة، وتُختصر مسألة السلطة بإدارة "دنيا" لشؤون المجتمع، وهي دنيا إذ تتميز بالفشل التام تجاه كل الشؤون العامة، وباللجوء إلى القمع بالرصاص إذا لزم الأمر، وبكمّ الأفواه. نموذج لبنان معبِّر للغاية. طواف النفايات في كل شوارع بيروت (وهي على ما هي عليه من رمزية تجسيدها لبشاعة الموقف)، كان متوقعاً قبل أشهر من حدوثه، ولكنه تُرك يقع بلا اكتراث. ثم تركت النفايات تتراكم لأسابيع وأسابيع لأن أطراف السلطة كانت متخاصمة حول نسب أرباح الشركات المستزْلِمة عندها.. ثم نُقلت النفايات إلى مكان وُصف بالمؤقت، ثم عادت تتراكم كما من قبل. وأحاط بكل ذلك إجراءات متخبطة، جدارٌ ينشأ ويُفك، وفض عروض ثم إلغاؤها، وقبلهما رصاص ومسيل للدموع منذ اليوم الأول، على تظاهرة سلمية تماماً، ثم اتهامات للحراك وللقائمين به تتضارب بشكل مضحك: السلطة وسيلة للحصول على الثروة، والثروة تتأتى من النهب. هكذا وباختصار..
إفتتاحية
باختصار..
عادت النفايات تتكدّس في شوارع بيروت بطريقة مدهشة. وما زالت الكهرباء منقطعة عن أحياء مدن العراق وقراه، كما تنهش البطالة أهل مصر، وما زال السوريون يغادرون بالملايين بلادهم المنكوبة بفعل فاعل، وأما الجزائريون فيعرفون مبلغ الفساد ويبلعون الموس مخافة الأعظم، وهناك ما يقرب من ثلث السعوديين يدانون خط الفقر.. ولكنهم محجوبون. ويمكن الاسترسال لوصف الوضع في كل بلد، بالخصوصيات العائدة لكل مكان وفي الوقت
للكاتب نفسه
الوحش الكاسر... الوحوش!
نهلة الشهال 2024-09-26
لا يفعل "نتنياهو" الحرب الوحشية الممتدة لينقذ رأسه من المحاكمة والسجن. هذه فكرة ليست ساذجة فحسب، بل غبية.
كنيساً يهودياً في باحة "الأقصى"
نهلة الشهال 2024-08-29
تتجسد معاني "خروج الحسين"، لمواجهة الطغيان، هو وأهله وكل من يخصه - مع معرفتهم المؤكدة بما يقال له اليوم في اللغة السياسية الحديثة "اختلال موازين القوى" لغير صالحه - في...
الكذب بوقاحة مضاعَفة إذ تَدّعي البراءة
نهلة الشهال 2024-08-08
يتصرف هؤلاء كما لو أن اختيار "السنوار" جاء من عدم، بل وكدليل على جنوح الحركة إلى التشدد، وإلى المنحى العسكري والقتالي، مع أن "حماس" نفسها قالت إنه ردّها على اغتيال...