آلية الإفشال كانت متضمَنة في اتفاقية رعتها الأمم المتحدة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، واشترطت استئناف مفاوضات الصلح بين الفصائل برعاية مصرية، وتشكّيل ما سٌمي "حكومة الوحدة"، والتزام الأطراف الدولية بما تعهدت به في مؤتمر القاهرة في 2014 من وعود (لم يُلتزَم بها) بضخ 5.4 مليار دولار لإعادة الأعمار. والبند الثالث جعل الإشراف على أعمال البناء حكراً على السلطة الفلسطينية وحدها.
استطاع تحالف يضم السلطة ورجال أعمال شرهين وطبقات حديثة الغنى ومتواطئة ومطوّرين عقاريين ولاسيما من الإمارات، قتل أي معارضة محلية تقف أمام شهيته، عبر التخويف. إبان عهد مبارك، استطاعت المعارضة المدنية كبح التوحش الدولتي وعرقلة العديد من المشروعات. يختلف الوضع أمام سلطة ترتدي الكاكي في الوقت الحالي. وتكسي السلطة والجيش مشروعاتهما بالسرية، ويخفيانها وراء ستار الجهة السيادية المنفِّذة.
بعكس البيوت التي يبدو أنّ الدهر أكل عليها وشرب، تنضح أطياف الشارع بالفتوة. ينتشر في الأزقة وعلى السلالم أطفال يلهون بألعاب لا يعرفها أقرانهم ممّن لا يمضون أوقاتهم في الشارع.. نحن في أكثف المجالات السكنية في طرابلس، حيث يبلغ تعداد السّكان نحو 50 ألف نسمة. تشعر بهيمنة البؤس منذ النظرة الأولى على شكل مبان سكنية وبيوت تتشابك وتتدرج على تلّةٍ طبقاتها متداخلة متكسرة وفوضوية ومتزاحمة.