لم يكن التواصل مع النساء المعنفات بالأمر الهين، خاصة وأن ظروف الحجر الطبي جعلت منهن حبيساتِ البيوت مع معنفيهن، فكان التواصل غالباً متقطعاً وخلسة، تارة تبعثن تسجيلات وتحذفنها، وتارة تنتظرن مغادرة أزواجهن للبيت من أجل اقتناء المؤونة الغذائية.. تستصعب أولئك النساء "الفضفضة" أو الإفصاح عمّا يخالجهن في هذه البيئة غير الآمنة لهن.
أقيمت مخيمات النزوح بمبادرات ذاتية من النازحين، بينما غضت السلطات المحلية طرفها عن نشوء هذه التكتلات البشرية الهائلة على ضواحي المدن وضفافها المنسية، المكشوفة على مسارات السيول ومسارب الخطر.
كان النزاع المدمر على سوق النفط، ودور السعودية - وبخاصة محمد بن سلمان- في تأجيجه، مقامرة وحماقة في آن. فإن كانت السعودية تخسر 12 مليون دولار يومياً مقابل كل دولار ينخفض من سعر برميل النفط، فما بالك حين ينخفض سعر البرميل من 80 دولاراً فما فوق إلى 20 دولاراً فما دون؟
لطالما حلمتُ أن أجد معادلاً لمدينتي طرابلس (اللبنانية) داخل نماذج إيتالو كالفينو الخمسة والخمسين. قرأتُ "المدن غير المرئية" في كل الاتجاهات، بدءاً من أكثرها تفاؤلاً وحتى تلك الغارقة في الدمار والموت، وبالعكس. أخذتني لعبتي في حبائلها، فرحتُ أخشى أن تقع مدينتي، أو تلك التي تشبهها، في آخر الفصول السوداوية. بل تمنيتُ لو تعرّف كالفينو على طرابلس فتلهمه، ويضيفها إلى سجل مدنه كيفما شاء. ذلك أن المدينة إشكالية بحق، يتناقض ظاهرها...