كانت مدن شمال العراق وغربه صامتة، وشبابها كانوا يحدِّثون إحصائية القتلى والجرحى على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي. أما إجابة السواد الأعظم من سكان تلك المحافظات "السنيّة" على عدم خروجهم في التظاهرات الشعبية فكانت: سيقولون "عاد الدواعش".
من شرّع الحدود وأزاح متاريس الطوائف وكيف؟ الفقر والذل والسخط والتعب قدر على ذلك. طرابلس مثلاً تهتف "يا ضاحية، نحن معاك للموت" و"صور، صور، كرمالك بدنا نثور"، وأن سنوات طويلة من التجييش والحشد والتخندق والحقن الطائفي بين "نحن" و"هم" قد انهارت في يوم وليلة، وتلك معجزة، لا أقلّ.
تندّر السياسيون على دعوات الشباب للتظاهر قبل انطلاقها بساعات. عاملوهم على أنّهم قاصرون. أطلقوا عليهم لفظ "العوام": لا يستطيعون تنظيم أنفسهم، غارقين في الجهل، يصعب فهم لغتهم التي يروّجون فيها لأفكارهم. حقّروهم ووبّخوهم. لم يعتقد أحدٌ بأن هؤلاء "العوام" يمكنهم القيام بما قاموا به، وأنّهم باستطاعتهم تشخيص العلّة الأساسية التي يعاني منها العراق: فساد النظام، وعدم قدرته على الاستمرار.
دَخَل الى العراق من إيرادات النفط أكثر من تريليون دولار منذ عام 2003 وحتى العام الماضي. ولكن سلطاته لم تعمل على إقامة مشاريع تنموية حقيقية تخدم المجتمع. لقد بددت جميع هذه الأموال على مشاريع وهمية، ومعاشات و...
كان الدمار في بيروت "اختيارياً" خلال الايام الثلاثة الماضية، يقول للسلطة: لم يعد هناك أملاك عامة لهذا الشعب سوى مساحة جسد كل متظاهر فوق الشارع. وكلّما زاد بطشكم سيزداد غضبنا. ولأن لا شيء لنا، من الهواء وصولاً إلى الخبز، فسيتم تدمير كل ما تبقّى للسلطة من واجهة.
كل شيء تَغيّر بعد 57 عاماً على استقلال الجزائر.. ما عدا الإقصاء الاجتماعي، وقرينه، الإقصاء المجالي. مُساءلة العشوائيات تتعلق بالتفاوتات الاجتماعية – أي ب"اقتصاد الفقر". وفي 2007، قُدِّرعدد المواقع السكنية العشوائية في العاصمة الجزائر بـ569 موقعاً، مما يعني مئات الآلاف من الأشخاص.