هرع الولد من آخر الشارع، وكان يخاله آخر العالم. استقبلته بذراعين مفتوحتين كشراع سفينة مقلعة للرحيل. خاطبها بصوته اللاهث: "إنهم يبكون، العميان يبكون مثلنا تماماً يا ماما"". كأنهم يتذكرون ويبكون.. يتذكرون لحظات لن تعود إلى عيونهم المطفأة، كاندحار الليل بشعاع الشفق أو انتفاخ الوجنات بضحك تفاؤلي يطرد اليأس إلى هجعته.. وغبطة الأولاد بقمصانهم الجديدة، والتدوينات المجازفة على جدران
حيرة العراقي بعد اثني عشر عاماً من الإطاحة بنظام صدام حسين كبيرة. أسئلة وجودية تتقاذفه من دون أن يجد لها أجوبة. والخيارات كلها مرّة، بين فاتورة الديموقراطية واستحقاقات الاستقرار والانسداد السياسي الذي يلفّ البلاد. ولكن الإحباط الذي يعيشه العراقيون منذ 2003، لم يكن كتلة جليد على ما يبدو، فقد تكشّفت سخونة تموز، تاريخ انطلاق أول شرارة للاحتجاج من البصرة، وحرارة آب اللهّاب، عن كرة نار
من يظن أن الأمر يقف عند حد قانون الإرهاب الجديد وقبله قانون التظاهر، وما بينهما من بطارية كاملة من التدابير الهادفة للقمع والضبط والصالحة لإدامة عمل القضاء، أبْطَل ظنه ما أعقب صدور هذا القانون الأخير، مما لا يبدو ذا صلة به، ولكنه من طينته. فقد اتخذ المجلس الأعلى للجامعات قراراً بمنع أبناء الأرياف من التسجيل للدراسة في بعض كليات جامعة القاهرة المرموقة. ولأنها أم الدنيا، فلزوم الشيء مقتضاه يدفع
شركة "سامير" توقف توزيع المحروقات وتجمد أسهمها بالبورصة. نزل الخبر كالصاعقة على الاقتصاد المغربي. ففي البلاد مصفاة وحيدة للنفط تزود الشركات ومحطات توليد الكهرباء والسيارات والشاحنات بالبنزين.. هذا هو الخبر الشرير الذي خصصت له الصحافة المغربية حيزا كبيرا رغم تزامنه مع موسم الانتخابات البلدية والمحلية. ثم جاء الخبر السعيد: سيتدخل رجل الأعمال السعودي محمد حسين العمودي، صاحب مجموعة
شيء ما يحدث في دولة السودان.. ويتمحور حول المحكمة الدستورية التي أصدرت منذ العام الماضي ثلاثة قرارات تلفت النظر. البداية كانت عندما نقضت تلك المحكمة قرارا لجهاز الأمن والاستخبارات الوطني بتعليق صحيفة "التيار" الى أجل غير مسمى، وهو القرار الذي استمر ساري المفعول لفترة عامين حتى نجحت جهود ناشر الصحيفة ورئيس تحريرها، عثمان ميرغني، في الحصول على حكم لمصلحتها من "الدستورية"،
كانت عروس بحرٍ غنّت لشاطئه فيروز، ثم صارت عجوزاً مثقلة بالحنين إلى ذكريات الصبا. كان جمالها يكمن في علاقاتها الودودة بأهلها وزائريها، كل بحسب ما يستحق. للزائر كرم الضيافة وأبهى المناظر، ولأصحاب المدينة حقوقهم في ملكية مساحاتهم فيها، حتى لو لم تكن مطلة على البحر، حتى وإن كانت آسنة في أوحال الشتاء القارص في غيبة حكومة تخدم مواطنيها وتشيّد مرافق حياتهم. تبدّلت الأحوال كثيراً، ونشبت العراكات بين
في غياب حركة مقاومة مسلحة قد تشغل إسرائيل أو تقارعها، وبينما الدول العربية والإسلامية المجاورة مشتبكة في حروب طائفية وصراعات إقليمية جعلت من "قضيتهم الأولى" أولويتهم الأخيرة، ومع انعدام عملية سياسية قد تختم 25 سنة من التفاوض والإقرار بمحدودية تأثير المقاومة السلمية الشعبية على المحتل، أصبحت حركة "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" (BDS) تمثل إحدى أبرز الأدوات المتاحة
مع استدامة الخراب المسلح في سوريا، يتصدع سعر صرف الليرة السورية، فتهوي قيمتها خاسفة بأسعار السلع والخدمات التي تباهت السلطة سابقاً بإبقائها مربوطةً بالمتوسط العام للدخول، فيما يطلّ مصرف سوريا المركزي بحياء من بين فجوجِ واجهته البيضاء في ساحة السبع بحرات على ترنّح عملة البلاد، يتّهم شططَ معادلة العرض والطلب على الدولار بإكمال المؤامرة الكونية، فيطرح في كلّ مرة تطيح بها أسعار السوق بسعر الليرة
رسخت في الفضاء الموريتاني عبر الزمن تراجيديا الإنسان "المستعْبَد" الذي لا يجد من متنفس له غير السَمر في الليل، مطلقاً العنان لحنجرته في أغاني يغلب عليها مديح النبي محمد. الغناء/المديح يتيح هنا وبكل "شرعية"، إفراغ المعاناة والتنفيس عن المكبوتات، وهو محاولة للسمو والخلاص ولو لهنيهة من ظلم الواقع المذل، فتختطف لحظات التبتل في محراب السيرة استراحة بعد عناء يوم غائر، تُفرض فيه
يتصاعد باستمرار منذ العام 2011 مؤشر الجريمة السياسية والجنائية في اليمن، فقد وصلت العمليات الإرهابية مرحلة غير مسبوقة بل اتسعت رقعة الضحايا لتصل إلى المستشفيات (كما حدث في مستشفى الدفاع بصنعاء كانون الأول/ ديسمبر 2013) وطالبات المدارس (كما جرى لـ 16 تلميذة سقطن بتفجير انتحاري وهنّ على متن الحافلة في طريق عودتهن إلى المنازل في ديسمبر 2014 بمدينة رداع وسط اليمن). وسقط آلاف القتلى والجرحى في حروب
فاض في العقود الأخيرة الحديث عن الحرية، قبل أن يتوثب جيل جديد من المضرجين بعطرها والمأخوذين بشفاعتها للموت في سبيلها، محاولين استنبات غراسها وأعزاقها وفسائلها، وريّهم بما لا يستوجب: دمهم. وأمست ملاذاً أخيراً لشعوب فقدت صوتها ولغتها وكرامتها.. وتكافح بدماء أبنائها وحناجرهم لاستردادهم بعدما أدركت بما يشبه اليقين، أنها وحدها من يتوجب عليه حكم أرضها - أرض البشر - وهي وحدها مسؤولة كذلك عن سباتها
الى مولانا أمير المؤمنين أبو بكر القرشي الحسيني البغدادي، حفظه اللهتحية عطرة وبعد،مولانا الكريم، يا حفيد الخلفاء الراشدين، يا ابن الظاهر بيبرس ومكمل طريق محمد بن عبد الوهاب. لا يساورنا الشك بأنه خلال بضعة أشهر سيبايعيك كل أطراف عالمنا الإسلامي من إباضية عُمان حتى اسماعيلية سوريا، من طهران الإثني عشرية حتى آخر الصوفيين في موريتانيا، وإن لم يبايعوك فلا مفر من القضاء عليهم
يُحكى أنه على طريق سيار، أوقف حاجز للدرك أربع سيارات بسبب تجاوز السائقين للسرعة المسموح بها، نزل السائقون وشرعوا يعرفون بأنفسهم لينجوا من أداء الغرامة، قال السائق الأول بالفرنسية انه كولونيل فحصل على عفو. قال الثاني انه كابيتان فتابع طريقه. ذكر الثالث انه كايد (قائد). وحين حل دور السائق الأخير قال: كُـعلِّم.لقد غير الرابع اسم مهنته، لما رأى أن المهن التي تبدأ بحرف الكاف أنقذت مخالفي