هل تعرفون رينيه فوتييه؟ السينمائي الفرنسي الذي قاتل لتحرير الجزائر

توفي في الخامس من شهر كانون الثاني/يناير  السينمائي والمناضل الفرنسي رونيه فوتييه.  الرجل الذي حورب بل سجن في حياته وتعرّض للرقابة والمنع، انتزع الاعتراف بقيمته مع وفاته، فاذ بالصحف الفرنسية تتسابق على نعيه والاقرار بسينمائييته وبأهمية مواقفه، ومنها ما قالته
2015-01-05

مروان أندلسي

صحافي جزائري مقيم في كندا


شارك
| fr en
(من الانترنت)

توفي في الخامس من شهر كانون الثاني/يناير  السينمائي والمناضل الفرنسي رونيه فوتييه.  الرجل الذي حورب بل سجن في حياته وتعرّض للرقابة والمنع، انتزع الاعتراف بقيمته مع وفاته، فاذ بالصحف الفرنسية تتسابق على نعيه والاقرار بسينمائييته وبأهمية مواقفه، ومنها ما قالته صحيفة "ليبراسيون" بأنه "الرجل الذي ندين له بالانهاء الرسمي للرقابة السياسية على السينما في فرنسا بفضل 33 يوماً من الاضراب عن الطعام في العام 1973. 

****

 

غالباً ما تتعرض ذاكرة الشعوب للتحوير بفعلٍ من القادة السياسيين الفاسدين وبسبب خيانة النخب المرتدة. ومثال التاريخ الجزائري معبِّر في هذا المجال. إلا أنه ولحسن الحظ، وعلى الرغم من المعاكسات والمصاعب، وُجد أناس صانوا التاريخ ونقلوا وقائعه. ومن هؤلاء رينيه فوتييه. وفياً لنضاله ضد النازية، التحق هذا السينمائي الفرنسي بالمقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي منذ لحظتها الأولى. وكسينمائي شاب، أخرج عشية انطلاق حرب التحرير الجزائرية فيلماً وثائقياً يتناول العنف الهائل للغزو الفرنسي للجزائر. منعت الرقابة "الجزائر أمة" وحكم على فوتييه بجرم "الإساءة للأمن الداخلي للدولة". وحُبس وعُوقب لأنه صور ما رأى وما كان لا يروق للسلطات إظهاره. وعلى اية حال فالرجل صاحب أول فيلم فرنسي مناهض للاستعمار "أفريقيا 50".
في العام 1956، التحق فوتييه بالقواعد المسلحة الجزائرية عبر تونس، فكان يعطي بواسطة عدسة كاميرته وجهاً وطوتا للمقاتلين الجزائريين. وقد عَرّف فيلمه "الجزائر تشتعل" العالم كله على القضية الجزائرية. وقبل سنوات من توقيع "معاهدة ايفيان" بين الحكومة الفرنسية وجبهة التحرير الوطني الجزائرية (1962)، قال اندريه مالرو "رينيه فوتييه هو فرنسي رأى الصواب وكان محقاً قبل الآخرين".
وحين استقلت البلاد بعد 7 سنوات من الحرب الدامية، استقر فيها رينيه فوتييه متابعاً سرديته الجزائرية. وأخرج "شعب يسير" وهو أول فيلم في الجزائر المستقلة. وبقي في البلاد بضع سنوات كان فيها مسؤولا عن دُور السينما الشعبية. ولكي يُكمل هذه الحلقة، أخرج فوتييه في العام 1972 "أن تكون في العشرين في جبال الأوراس" وهو حاز على جائزة النقاد العالمية في مهرجان "كان" في السنة ذاتها. يروي الفيلم قصة مجموعة من الشبان الفرنسيين المسالمين حولتهم الحرب الجزائرية الى وحوش. ومن أجل كتابة سيناريو الفيلم، قابل المخرج عشرات الجنود العائدين من الجزائر، حاملين معهم صدمات وندوب ما عاشوه هناك. وبالرغم من مرور عشر سنوات على نهاية تلك الحرب، تسبب عرض الفيلم في قاعات السينما في فرنسا باضطرابات عامة، بل وقع اعتداء على إحدى الدور الباريسية. فالمتمسكون بنوستالجيا "الجزائر الفرنسية" كانوا ما زالوا يرفضون ان يتعرف الجمهور العريض على الفظاعات التي ارتكبها الجيش الفرنسي هناك.
نال رينيه فوتييه لقب السينمائي الأكثر تعرضاً للرقابة والحظر في تاريخ السينما الفرنسية بفضل التزامه المناهض للكولونيالية منذ عقد الخمسينيات من القرن الماضي. وحتى في العام 1997، حاول سياسي فرنسي يميني منع عرض فيلم "أن تكون في العشرين في جبال الأوراس" معتبراً أنه "استفزازي وخيانة وطنية". ومما لا شك فيه أن الأعمال الجزائرية لرينيه فوتييه قد أثرت في الضمير الفرنسي. وقد قالت مجلة Télérama المختصة بشأن أعمال السينمائي بمناسبة إعادة ترميم فيلمه ذاك عام 2012، أن "الإدانة لم تفقد شيئاً من قوتها، وهي بعد 50 عاماً ما زالت ضرورية بشكل فاضح".
وخوفاً من ضياع أفلام فوتييه الجزائرية، أصدرت هذا العام تعاونية سينمائية فرنسية (Les Mutins de Pangée) تلك الأفلام الـ 15 في مجموعة DVD، وبعضها لم يسبق عرضه. واعتبر اوليفييه أزام أحد النشطاء في تلك التعاونية ان رينيه فوتييه هو "تشي غيفارا السينما الفرنسية" بسبب التزامه المناهض للكولونيالية وبسبب تماسك عمله. وبنظره، ففوتيه مناضل وفنان بكامل المعنى في آن، أخرج أو ساهم في أكثر من 180 فيلماً من كل الفئات والأنواع. وبإصدار هذه المجموعة بات محبو السينما كما المؤرخون والطلاب يمتلكون وثيقة أساسية.

 

مقالات من الجزائر

للكاتب نفسه

العمامة وكرة القدم والفساد

مرة جديدة، تهتزّ ولاية كيبيك الكندية بسجال حول الملابس الدينية. سجال حرّكته قصة شاب من الهنود السيخ، يلعب كرة القدم في أحد النوادي الرياضية. وشاءت الصدفة أنّ الفتى يرتدي العمامة...

مصائر مهاجرين عرب في كندا

كان أيمن خبيراً في المعلوماتية، أما اليوم فأصبح وكيل عقارات. كان علي مصمِّماً هندسياً، لكنه اليوم يعمل في غسيل السيارات. كان جمال يدرّس الرياضيات، إلا أنه يعمل حالياً في مركز...